تقرير منظمة مراقبة حقوق الانسان

المملكة العربية السعودية

إن انتهاكات حقوق الإنسان واسعة الانتشار في المملكة العربية السعودية التي تعتمد نظام الملكية المطلقة. ورغم الضغوط الدولية والمحلية لتنفيذ الإصلاحات، فقد كان التحسن بطيئاً جداً وغير كافٍ. وقد بعث تولي الملك عبد الله العرش بعد وفاة الملك فهد في أغسطس/آب أملاً بمزيدٍ من الإصلاحات في أوساط المواطنين السعوديين. وسرعان ما أصدر الملك عبد الله عفواً عن ثلاثة إصلاحيين بارزين كانوا قد حُكِم عليهم بالحبس لمدد طويلة لمجاهرتهم بانتقاد الحكومة، كما أعلن عن قانون جديد للعمل يعد بزيادة حقوق النساء والعمالة الوافدة. لكن الوضع العام لحقوق الإنسان في المملكة مازال سيئاً.

لا يوفر القانون السعودي حمايةً لكثيرٍ من الحقوق الأساسية. فالحكومة لا تسمح بالأحزاب السياسية، وهي تضع قيوداً صارمة على حرية التعبير. كما يظل الاحتجاز التعسفي وإساءة معاملة المحتجزين وتعذيبهم، إضافةً إلى تقييد حرية الحركة والافتقار إلى المحاسبة الرسمية، موضع قلقٍ كبير. وقد نفذت المملكة حوالي 73 إعداماً حتى نهاية شهر سبتمبر/أيلول 2005، وهو أكثر من ضعفي عدد الإعدامات في عام 2004 بأكمله (32 إعداماً). ومازالت النساء السعوديات يعانين عقباتٍ جدية أمام مشاركتهن في الاقتصاد والسياسة والإعلام والمجتمع. كما يتعرض كثيرٌ من العمال الوافدين إلى شروط عمل استغلالية، وغالباً ما تتعرض النساء الوافدات للعمل كخادمات إلى الاحتجاز على مدار الساعة من قبل أرباب العمل مما يجعلهن عرضةً للإساءة الجنسية وغيرها من أشكال سوء المعاملة. كما واصلت الحكومة مضايقة المدافعين السعوديين عن حقوق الإنسان والحيلولة دون تمكنهم من إنشاء جمعيات مستقلة لمراقبة حقوق الإنسان.  
 
العنف السياسي والأمن الداخلي  
أدى هجومٌ على قنصلية الولايات المتحدة بجدة في 6 ديسمبر/كانون الأول 2004 إلى مقتل تسعة أشخاص. وقد ادّعى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب مسؤوليته عن الحادث. كما وقعت سلسلة من الهجمات بالسيارات المفخخة ضد المنشآت الأمنية السعودية في الرياض في 29 ديسمبر/كانون الأول 2004. وفي أواخر يونيو/حزيران 2005، أصدرت الحكومة قائمةً بستةٍ وثلاثين مطلوباً سعودياً وأجنبياً ممن يشتبه بأنهم إرهابيون. وخلال عام 2005 قامت قوات الأمن السعودية بعددٍ من الغارات فقتلت واعتقلت عدداً من المطلوبين كان من بينهم خمسةٌ من المشبوهين الواردة أسماؤهم في قائمة يونيو/حزيران 2005، إضافةً إلى جميع من وردوا في قائمة ديسمبر/كانون الأول 2004 (عدا واحداً) التي ضمت 26 مشتبهاً. ولم تدلِ الحكومة بأية معلوماتٍ عن الأشخاص الذين اعتقلتهم. وقد قال وزير الداخلية الأمير نايف في فبراير/شباط أن القتال بين قوات الأمن وأفراد الجماعات المقاتلة أدى إلى مقتل 221 شخصاً خلال العامين الماضيين ومنهم 92 من المشتبه بهم. وفي أبريل/نيسان، أعدمت الحكومة السعودية في الجوف ثلاثةً من أعضاء الجماعات المقاتلة المحكوم عليهم؛ وهي أول إعداماتٍ تجري بسبب جرائم سياسية طبقاً لما قاله المسؤولون.  
 
وهناك ما لا يقل عن عدة مئات من السعوديين الذين أفادت الأنباء بأنهم سافروا إلى العراق للمشاركة في المقاومة. وقد قالت الأسوشيتد برس أن السلطات السورية قد أبعدت في 30 مايو/أيار 2005 أكثر من ثلاثين سعودياً زُعم أنهم حاولوا الانضمام إلى المقاومة العراقية. ومنذ أوائل 2005، اعتقلت دوريات الحدود السعودية 36 سعودياً حاولوا دخول العراق بشكلٍ غير شرعي.  
 
وفي أغسطس/آب 2005، أطلقت الحكومة السعودية سراح خمسة سعوديين كانت الولايات المتحدة تحتجزهم في خليج غوانتانامو ثم سلمتهم إلى المملكة العربية السعودية في مايو/أيار 2003. وفي يوليو/تموز، سلمت الولايات المتحدة السعودية ثلاثة سعوديين آخرين من غوانتانامو، ومازال واحدٌ منهم على الأقل، هو صالح العوشان، محتجزاً حتى الآن. وفي شهر أكتوبر/تشرين الأول كانت الولايات المتحدة تتفاوض مع المسؤولين السعوديين على تسليم بعض، أو جميع السعوديين الباقين في غوانتانامو والبالغ عددهم 121 شخصاً.  
 
الإصلاح السياسي  
ركزت حركة الإصلاح السياسي السعودية جهودها عام 2005 على إطلاق سراح ثلاثة من دعاة الإصلاح الدستوري البارزين الذين كانوا رهن الاحتجاز منذ مارس/آذار 2004، وذلك بعد رفضهم توقيع تعهد بالامتناع عن جميع أشكال النشاط العام. وكانت محكمةٌ سعودية قد حكمت في 15 مايو/أيار 2004 على هؤلاء الثلاثة (وهم متروك الفالح وعبد الله الحامد وعلي الدميني) بالحبس لمددٍ تتراوح من ست سنواتٍ إلى تسع جراء مطالبتهم بالملكية الدستورية والانتخابات البرلمانية. وقد اعتقل محاميهم عبد الرحمن اللاحم في 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2004 بعد أن صرح علناً بأن محاكمتهم غير منصفة. وفي أغسطس/آب 2005، أصدر الملك عبد الله عفواً عن الأشخاص الأربعة، إضافةً إلى الدكتور سعيد بن مبارك الوزير الذي اعتقل منذ أبريل/نيسان 2004 بسبب ما قاله عبر قناة الجزيرة. كما اجتمع الملك مع عددٍ منهم في وقتٍ لاحق.  
 
الانتخابات البلدية  
جرت أول انتخابات منذ الستينات لشغل نصف مقاعد المجالس البلدية في المملكة، وذلك على ثلاثة مراحل امتدت من فبراير/شباط إلى أبريل/نيسان 2005 بعد تأجيلها في عام 2004. وتفيد الأنباء أن الحكومة قد عينت من يشغلون المقاعد الباقية؛ لكن المجالس لم تبدأ عملها بعد. وقد منعت الأنظمة الانتخابية المرشحين من الترشيح ضمن قوائم انتخابية وقصرت الدعاية الانتخابية التي دامت أسبوعين على المواد المطبوعة والاجتماعات في البيوت. وقد أثارت الانتخابات جدلاً عنيفاً بين المحافظين والليبراليين، وخاصةً بعد أن تبنى كلٌّ من مشايخ السنة والشيعة جماعاتٍ بعينها من المرشحين دُعيت باسم "القوائم الذهبية"، وقد جرى تداولٌ واسع لهذه القوائم عبر الرسائل القصيرة بالهاتف الجوال في خرقٍ للأنظمة الانتخابية.  
 
حقوق المرأة  
لازالت المرأة في المملكة تعاني تمييزاً حاداً في مكان العمل والمنزل والمحاكم، كما تعاني من القيود على حريتها في الحركة واختيارها لشريك حياتها. وتفرض الشرطة الدينية فصلاً صارماً بين الجنسين كما تفرض على النساء نظاماً للباس الخروج يغطي الجسد من الرأس إلى القدمين. ولم يُسمح للنساء بالتصويت أو الترشيح في الانتخابات البلدية. كما تستبعد النساء من المجلس الأسبوعي حيث يصغي كبار أفراد الأسرة المالكة إلى شكاوى المواطنين السعوديين واقتراحاتهم.  
 
ولا تستطيع المرأة العمل أو الدراسة أو السفر دون إذنٍ صريح من أحد الأقارب الذكور. ويمثل القانون الذي يمنع المرأة من قيادة السيارة قيداً إضافياً على حرية الحركة. وفي حين قالت الأنباء أن قانون العمل الجديد الذي أقر في أواخر سبتمبر/أيلول 2005 يوسع المجالات المهنية التي يمكن للمرأة أن تعمل فيها، فإن المرأة لا تزال ممنوعةً من الأعمال التي تعتبر "غير مناسبةٍ لطبيعتها".  
 
العمال الوافدون  
يشكل العمال الوافدون، الذين يقدر عددهم بحوالي 8.8 مليوناً ومعظمهم من جنوب وجنوب شرق آسيا ومن البلدان العربية، ثلث سكان البلاد طبقاً لوزير العمل غازي القصيبي. ويعاني كثيرٌ من هؤلاء شروط عملٍ استغلالية من قبيل وقت العمل الذي يمتد ست عشرة ساعة، وعدم وجود استراحات أو أوقات مخصصة للطعام أو الشراب، إضافةً إلى احتجازهم غالباً في مهاجع مقفلة خارج أوقات العمل. وقد أبعدت قوات الأمن عشرات الألوف من المهاجرين غير الشرعيين في عام 2005. ويتعرض العمال الأجانب المعتقلون إلى التعذيب والاحتجاز الانفرادي لمددٍ طويلة.  
 
وقد وثقت المنظمات غير الحكومية في عددٍ من بلدان آسيا، إضافةً إلى البعثات الدبلوماسية لتلك البلدان في السعودية، مئات الانتهاكات بحق العمال الوافدين إلى المملكة، مثل عدم دفع الأجور، وساعات العمل الطويلة، والإساءات الجسدية والجنسية. كما أن عزلة العاملات المنزليات في المنازل الخاصة، وانعدام الحماية القانونية لهن، يجعلهن عرضةً لإساءاتٍ خطيرة. فعلى سبيل المثال، وفي أبريل/نيسان 2005، كادت الخادمة الاندونيسية سونياتي بنتي نيباران سوجاري تموت بسبب الحروق التي ادعت أن رب عملها قد سببها لها. ولا يكاد النظام القضائي السعودي يقدم أي عون في هذه القضايا؛ ففي حين بقي رب العمل طليقاً، احتُجزت الخادمة في المستشفى أولاً، ثم في السجن، ثم في مركزٍ لإصلاح النساء، ثم أطلق سراحها لتكون في عهدة الملحق المكلف بالعمال لدى السفارة الإندونيسية.  
 
وقد علقت إندونيسيا إرسال العمال غير المهرة إلى المملكة العربية السعودية من مارس/آذار حتى أغسطس/آب حين توصل البلدان إلى اتفاقٍ ثنائي بشأن عقد عمل قياسي يتضمن إجازات أسبوعية وسنوية وحداً أدنى للأجر. وقد أصدرت المملكة قانون عملٍ جديد في سبتمبر/أيلول 2005، لكنه مازال يستبعد العمال المنزليين رغم أن أحد ملاحقه يعد بتنظيم علاقتهم بأرباب عملهم. ويمنح القانون العمال الوافدين غير المنزليين يوم راحةٍ أسبوعي وواحداً وعشرين يوم إجازةٍ في السنة. وفي 24 يوليو/تموز، أعلنت وزارة العمل عن إنشاء مديرية جديدةٍ تختص بحماية العمال المنزليين وتتلقى الشكاوى وتفرض العقوبات. وقد حذر نائب الوزير أحمد الزامل من أن الوزارة ستمنع أرباب العمل من استخدام العمال الوافدين إذا ما خرقوا القانون، ومن احتمال تعرضهم للملاحقة القضائية. ولم تتوفر أية معلومات بشأن كيفية تطبيق الحكومة هذه العقوبات.  
 
المدافعون عن حقوق الإنسان  
قامت المباحث باحتجاز واستجواب عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان خلال عام 2005. وقد أجبرت السلطات هؤلاء الناشطين على التعهد بالامتناع عن التحدث إلى وسائل الإعلام أو منظمات حقوق الإنسان وبالكف عن مناصرة حقوق الإنسان، وذلك كشرطٍ لإطلاق سراحهم. كما تواصل الحكومة حظر سفر عدد من نشاطي حقوق الإنسان.  
 
ولم يؤد اهتمام الإعلام الدولي (وخاصةً الأمريكي) بالإصلاحات السعودية ومبادرات حقوق الإنسان إلى تغييرٍ في الممارسات التقييدية أو إلى زيادةٍ كبيرة في إمكانية نفاذ الناس إلى المعلومات المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان. وقد بدأت جمعيةٌ وطنية غير حكومية لحقوق الإنسان عملها عام 2004، لكنها تفتقر إلى الاستقلال والخبرة والتصميم على التحقيق في الانتهاكات الحساسة لحقوق الإنسان وإشهارها. وقد زارت الجمعية السجون ومراكز الترحيل، لكنها امتنعت عن مراقبة محاكمة الإصلاحيين الثلاثة المذكورين أعلاه. وتبقى الجمعية معتمدةً على استعداد أفراد الأسرة المالكة لمد يد العون. وفي سبتمبر/أيلول 2005، أعلنت الحكومة عن تشكيل هيئة حكومية لحقوق الإنسان تكون مسؤولةً مباشرةً أمام رئيس الوزراء (وهو منصبٌ يتولاه الملك)، وتكون مكلفةً بجعل ممارسات حكومة المملكة العربية السعودية منسجمةً مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.  
 
الأطراف الدولية الأساسية  
تعتبر الولايات المتحدة حليفاً أساسياً للمملكة العربية السعودية، وهي شريكٌ تجاريٌّ كبير لها. وفي عام 2005، تراجعت كثيراً حدة التوتر الذي شاب العلاقات الثنائية في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001. ويبدو أن ما يحتل مركز الصدارة في علاقة الولايات المتحدة بالمملكة العربية السعودية هو خفض أسعار النفط الخام وتعزيز التعاون لمحاربة الإرهاب وفتح الأسواق السعودية أمام البضائع والاستثمار الأجنبي من خلال انضمام السعودية إلى منظمة التجارة العالمية، وهو ما حدث في شهر نوفمبر/تشرين الثاني.  
 
وقد امتدح المسؤولون الأمريكيون الانتخابات البلدية في السعودية. وفي أبريل/نيسان، زار الملك عبد الله (الذي كان ولياً للعهد آنذاك) مزرعة الرئيس بوش في تكساس. وقد ناقشا الإصلاحات التعليمية إضافةً إلى أسعار النفط والتعاون في ميدان محاربة الإرهاب. كما زارت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس الرياض في يونيو/حزيران حيث أثارت مسألة احتجاز الإصلاحيين الدستوريين. وقد زارت كارين هيوز، معاونة وزيرة الخارجية للدبلوماسية العامة، الرياض في سبتمبر/أيلول وأثارت قضية منع النساء السعوديات من قيادة السيارات.  
 
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2005، أشار التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية بشأن الحريات الدينية في العالم إلى السعودية بوصفها "بلداً يثير قلقاً خاصاً"، وذلك للعام الثاني على التوالي. وفي يونيو/حزيران، خفّض التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية بشأن الإتجار بالبشر السعودية من المرتبة الثانية إلى الثالثة (أي إلى مرتبة البلدان التي "لا تحقق معايير الحد الأدنى الخاصة بإزالة الإتجار بالبشر، والتي لا تبذل جهداً ملحوظاً لتحقيق تلك المعايير"). ورداً على هاذين التقريرين، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس بوش قرر عدم فرض عقوبات على المملكة العربية السعودية.

31-12-2005