شؤون سعودية مجلة شهرية سياسية تصدر
 عن التحالف
الوطني  من أجل الديمقراطية
 (في السعودية)
 

 

 


 

كيف نعلم أطفالنا الولاء للوطن آراء وكلمات

 

د. حمود ضاوي القثامي

 

إذا ما حلت بالأمة أزمة تمس كرامتها ومكانتها وأمنها ووحدتها، فإن الولاء للوطن، يصبح المقياس الذي يقيس مقدار تحضر الأمة ونجاحها في تنشئة الأجيال على حب الوطن، وترسيخ الوطنية في نفوسهم منذ الطفولة فقد عشت في أمريكا أطول فترة قضيتها خارج وطني، دون افتخار بتلك الميزة إذا ما اعتبرها البعض ميزة. ومهما كانت أخطاء السياسة الأمريكية إلا انه يجب الاعتراف للمجتمع الأمريكي بالوطنية والتحضر والروعة في تقديم مصلحة الوطن على النفس والمال. ومع هذا يبقى الكمال لله، فالعنصرية في أمريكا موجودة، وتفضيل الجنس الغربي أو ما يسمونه العالم الديمقراطي، على جميع الأجناس البشرية الأخرى، من أهم عيوب تلك الديمقراطيات. وهذه النظرة المتعالية أتت بسبب تلقين الأبناء منذ الصغر لمفاهيم خاطئة، اقتنع الطفل بها ورسخ في ذهنه على أن أمريكا هي الأمة التي لا تنحني ولا تهتز ولا تغلب ولا تقهر. ولا توجد أمة تماثلها في ديمقراطيتها وحريتها وتمتع مواطنيها بما لا يتمتع به أي مواطن آخر. وهذا ما كان يدرسه أطفالي السبعة أثناء وجودهم بالمدارس الابتدائية الأمريكية، حيث تعلموا محبة أمريكا واقتنعوا بما تعلموه من عبارات كانوا يرددونها بالمنزل لاعتقادهم بصدقها، لأن تلك المبالغات التي تمجد أمريكا وتضعها فوق الجميع ليست كلها صحيحة. مثل تعليم الطفل الصغير بأن عليه الافتخار والاعتزاز بنفسه لمجرد كونه أمريكياً. وقولهم بأن العلم الأمريكي إذا ما رفرف على أي أرض، فإن هذا يعني الحرية والديمقراطية والحضارة والقوة وغير ذلك من العبارات المبالغ فيها بشكل مفرط! ومن خلال هذا التلقين المبالغ فيه، والموجّه لعقول الأطفال، أصبحت أمريكا بلد النظام، وبلد الوحدة والاتحاد، وحب الوطن. وبكل أمانة لا اعتقد انه يوجد مجتمع آخر يماثل المجتمع الأمريكي في حبه لوطنه وطاعته للأنظمة وتنفيذه لها بكل دقة، وعدم القبول بالمساس بكرامة الوطن مهما كانت النتائج. وأكبر دليل على هذا الكلام ما شاهده العالم، بعد حادثة نيويورك وواشنطن، عندما وقف أغلب الشعب الأمريكي خلف الرئيس الأمريكي الذي لم ينتخبه كل الشعب الأمريكي. ومع هذا وقف الجميع تقريباً مع رئيس البلاد وقائدها الذي سيقودها إلى النصر حسب اعتقادهم. وفي الوقت نفسه لا يجوز أن ننفي على العرب شعورهم الوطني، ودفاعهم بحماس عن حقوقهم المشروعة، ولكنه حماس تراجع عن ما كان عليه في الماضي، للظروف العالمية التي جعلت الكثير من الشعوب تؤمن بما يعرف بالعولمة. والاقتناع بقيادة القطب الواحد لا يريد لأحد أن ينافسه أو يخالفه أو يحرك المشاعر الوطنية التي يجب أن تذوب في جليد العولمة!

المدينة، 24/2/2003