تقطيع الزمن

 

كأنّ ما يجري من تحولات داخلية نفسية وسياسية وثقافية واقتصادية مجرد أمر عابر يستلزم الجمود لا الإستجابة.

وكأنّ النُـذُر العاصفة التي تطلّ بقامتها على بلادنا، وتشرف بلهيبها على بيوتنا زوبعة في فنجان، لا تتطلّب الحيطة والإستعداد.

كأن حرباً لن تقوم، فهناك من لديه حاسّة سادسة تعميه عن رؤية الوضع على حقيقته.

وهناك من يصدّق بأنه لازال الطفل المدلّل للعمّ سام، أو أن تضخّمه الذاتي يدفعه الى الإعتقاد بأنه يقف على أرض صلبة، لا يحتاج معها الى دعم شعبي أو سياسة جديدة تنتهج لتفادي الأخطر.

الزمن.. عليه تعقد الرهانات السياسية السعودية. والضحيّة التي تقطّعها سكاكين الجمود والعجز عن المواجهة.

الزمن، ملجأ العاجزين، ومهرب الطاغين والمستبدين.

غداً تعود حليمة الى عادتها القديمة.

غداً تهدأ الأوضاع كما اشتعلت.

وغداً تعود خفافيش التغيير الى أقبيتها المظلمة.

لا حاجة الى مبادرة إصلاح داخلي. ولا خطأ في ممارسة مضت. ولا داعي لترتيب الأوراق الداخلية. فكل شيء على ما يرام ويسير الى ما يرام.

المراهنة على الوقت تسويفاً وتأجيلاً وهروباً الى مستقبل يعيد إنتاج الماضي، أضحت أكثر من ممارسة بل أصبحت هواية.

الزمن مفتوح للهاوين، والعالم عليه أن ينتظر.

والشعب (صبورٌ) ومن طبعه الصبرُ، كما قال الشاعر.

لينتظر عقداً أو عقوداً، ولنبدأ معه حينئذ من أولى درجات السلّم السياسي.

الأزمة الإقتصادية قابلة للتأجيل أيضاً. ماذا يعني أن لا يجد الناس قوتاً، أو عملاً، أو كرسياً في مدرسة أو جامعة؟ ماذا سيحدث؟ لا شيء‍‍. سيتعودون على الوضع‍. أما مخرجات الأزمة فيمكن مقاومتها بتوظيف أعداد جديدة في جهاز الأمن.

الستينيات مثل التسعينيات الميلادية. والقرن العشرين كما القرن الواحد والعشرين سواء بسواء. يمضي السابقون ويأتي اللاحقون في صفّ انتظار طويل. نحن أحفاد السلف، وهم أحفاد الأباطرة والأكاسرة. أجيالنا تنتظر، وأجيالهم تعدُ وتخلف.

يقولون أن السخط المتراكم يؤدي الى انفجار. ولكن الأباطرة لا يصدّقون، ومعهم حقّ في ذلك.

على الأقل حتى الآن.