هل يعاد الإعتبار لها في الإصلاحات القادمة؟

نظرة المرأة السعودية الى دورها السياسي

 

منيرة عبد الرزاق

التناظر المتصاعد حول حق المرأة السياسي ناخبة ومرشحة فلق الساحة الى مؤيد ومعارض، وكلاهما في موقفه يتوسل بما في تراثنا الديني وارثنا التاريخي من أدلة وشواهد أو حتى مؤشرات غامضة قابلة في مناخ انقسامي لأن توظف في خدمة موقف يراد شرعنته ونسبته الى الوحي.

في الواقع، هذا التناظر يعيد كشف التحصينات الاستدلالية التقليدية والموروثة حول ما يجب وما لا يجوز، كما يخضع تلك الاساسات المؤدلجة التي تموضع الاشياء وفق رؤية قدّر لها أن تستحوذ على النص لتصنع سلطة تحتكر حق تفسيره بطريقة محددة وقذف أي تفسير آخر في مربع الحرام ووضع أهله في قائمة أهل النار.

إن ما يدعو للدهشة حقاً هو الميل المتعاظم لدى قسم من أهل العلم المؤدلجين لجهة تقسيم حقوق الانسان (في الاسلام) على أساس تفسير النص الديني الموحي خارج سياقه التاريخي وظرفه الاجتماعي. فهناك قائمة من الروايات التي طالما شهرها المناهضون للحق السياسي للمرأة كالحديث "ما أفلح قوم ولّوأمرهم امرأة" و"ما ولي قوم أمرهم امرأة الا ذلوا". هذه الاحاديث خضعت لقراءة خارج البيئة التاريخية التي انطلقت منها دون الالتفات الى: المناسبة التي ذكرت فيها؟ ولمن قيلت؟ وما أسباب قولها؟ ثم هل تمثل حكماً عاماً أو موقفاً في حادثة؟  فماذا عن باقي الاحاديث الاخرى في المرأة؟ ثم ما هو التوافق بين ما سبق والقرآن؟.

المسألة الاخرى، أن ثمة اصراراً لا مبرر له على تعميم النص الديني الخاص بحادثة مخصوصة على باقي الحوادث. كالاصرار على الاشتقاق من عدم قيمومة المرأة في الحياة الاسرية وسحبها الى القيمومة السياسية، بحجة أن الله الذي قرر "الرجال قوّامون على النساء" في هذه الوحدة الاجتماعية الصغيرة (الاسرة) فكيف يعكس المعادلة في المجتمع الكبير. وفات هؤلاء أن تلك القوامية هي عبء على كاهل الرجل وليس قيداً للمرأة، لما فيها من التزامات مالية ومسئولية دينية واجتماعية. ثانيا، إن الاخذ بهذا الاحتجاج يواجهنا باحتجاج مماثل: اذا كان للمرأة نصف الرجل فلماذا لم يقم الخلفاء الراشدون بتقسيم الفيئ والخراج على المسلمين بنفس الطريقة "فللذكر مثل حظ الانثيين" وسحب موضوع الارث الى موضوع تقسيم الفىء قياساً. ولكن سيقولون لك المتحصنون خلف تلك الترسانة النصيّة أن هذا التقسيم في الارث خاضع للنص للثابت. ونقول اذن هناك اجتهاد وهنا نص، فكيف جعلتم النص كالاجتهاد في منزلة سواء.

إن هذا التقسيم في الخطاب الديني العمومي قد يغري أولئك المتهاجسين من الشراكة السياسية للمرأة التي تصورها لغتنا الدينية وكأنها مخلوق حقير خاضع لجبروت الرجل الاسمى شأناً والاعلى رتبة. وها نحن  نعيد انتاج الخطاب الجاهلي ولكن هذه المرة نصوغه في مفردات دينية.

أما الاسلام كما تجلّيه آياته الواضحات فليس فيه ما يشير الى نوعين من الخطاب، خطاب للرجال، وآخر للنساء،  فقد جاء في سورة التوبة قوله تعالى (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)، وقال تعالى في سورة الحجرات (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) وفي سورة النساء (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء..) وفي حديث نبوي:( النساء شقائق الرجال).

يتبين من هذه النصوص، ونصوص أخرى مستفيضة أن المرأة مخاطبة مع الرجل سواء بسواء بتعاليم الاسلام وتكاليفه وتشريعاته، سواء فيما يرتبط منها بمسائل شخصية كالزواج والطلاق، واكتساب المال والتصرف فيه، أو تعلقت بالشؤون العامة كالامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وليس هناك ثمة تفاضل على اساس النوع والعنصر فقد حدد القرآن معياراً ثابتاً واضحاً (إن أكرمكم عند الله اتقاكم).

وثمة اجماع بين علماء الاصول والتفسير والفقه على أن خطاب التكليف يستوي فيه الرجال والنساء، بل قالوا بأن النصوص الاسلامية التي يوجه فيها الخطاب للرجال هي في ذات الوقت موجهة للنساء ايضاً ، في كل الاحكام والتكاليف والعظات، ما لم يأت ما يقيد الخطاب مما يتعلق بالخصائص التكوينية للرجال أو للنساء، ومما لم يصرح به الخطاب بأنه خاص بالرجال دون النساء أو العكس. وفي رواية عن عبد الله بن رافع قال كانت ام سلمة تحدث أنها سمعت النبي (ص) يقول على المنبر وهي تمتشط:"أيها الناس" فقال لماشطتها كفي رأسي (أي اجمعي اطرافه) فأجابت الجارية: إنما دعا الرجال ولم يدع النساء. فقالت ام سلمة: إني من الناس.

وقد برزت طائفة من النساء العالمات المبلغات، فقد روى البخاري ومسلم عن ابي سعيد الخدري قال: جاءت امرأة الى رسول الله (ص) فقالت: يا رسول الله ، ذهب الرجال بحديثك، فاجعل لنا من نفسك يوماً نأتيك فيه، تعلمنا مما علمك الله، قال: اجتمعن يوم كذا وكذا، فاجتمعن، فأتاهن النبي(ص) فعلمهن مما علمه الله.. وقد تبادرن النساء الى مجالس الرسول الخاصة بهن، وقد أثنى رسول الله (ص) عليهن ودعا لهن فقال:"رحم الله نساء الانصار لا يمنعهن حياؤهن أن يسألن عن أمور دينهن".

فالمرأة حكمها كحكم الرجل في الايمان والكفر، والطاعة والمعصية، والثواب والعقاب، فهي مخلوق مكلّف، وتكليفها ناشيء عن تأهيلها، كونها: أولاً عاقلة تدرك خطابات التكليف، وتدرك الحق والباطل، والخير والشر، والمفاسد والمصالح، والقبح والجمال، وثانياً: مالكة لارادة حرة يناط بها التكليف، وثالثاً: حائزة على المكنة الجسدية والنفسية والفكرية المطلوبة لاداء اوامر التكليف ونواهيه. وبناء على ذلك كانت المرأة كالرجل متى اعلنت اسلامها عصمت دمها ومالها الا بحق الاسلام. واذا تجاوزنا مرحلة اعتناق الاسلام، الى مرحلة الانغماس في التكاليف الدينية الفرعية نجد أن قاعدة التسوية بين المرأة والرجل تضطرد في جميع التكاليف الاسلامية الا فروقاً محددة في الفقه الاسلامي تستدعيها الخصائص التكوينية الجسدية والنفسية للمرأة .

ذاك في مجال التكليف، أما في مجال الحقوق التي يفرضها الاسلام للمرأة فهي ايضاً تكاد تتساوى فيها مع الحقوق المفروضة مع الرجل،  وقد عالج الشيخ محمد عبدة هذه المسألة انطلاقاً من وجهة النظر التي ترى بأن الاسلام قد ساوى بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات مساواة حقيقية ويمكن تصنيف تلك الحقوق على هذا النحو:

الحقوق الشخصية والاجتماعية

فقد ساوى الاسلام بين الرجل والمرأة في الاحكام المتعلقة بالتصرفات المالية والشخصية، فللمرأة وفق التشريع الاسلامي، أن تنجز لنفسها عقود البيع والرهن والاجارة والصلح والشركة والمساقاة والمزارعة بحرية كاملة للرجل، كما أنها تهب وتوصي وتتصدق وتعتق العبيد وتقف الاوقاف، ثم هي تعقد زواج نفسها بحرية تامة ولها حق القبول والرفض.

وكل هذه التصرفات تتولاها المرأة بنفسها، أو من توكله عنها للقيام به، دون وصاية أو حجر من أحد عليها مادامت مستوفية لشروط الاهلية المذكورة سلفاً.

وهناك نقطة هامة تتعلق بالحياة الزوجية للمرأة، فثمة اعتقاد بأن زواج المرأة من الرجل يفضي الى مصادرة حقها واستقلالها بما تملك، وهذا اشتباه عظيم، فزواج المرأة من الرجل لا يفقدها شيئاً من حقوقها أو من شخصيتها المدنية ولا من أهليتها، فأموال المرأة في التشريع الاسلامي هو ملك لها، وليس لأحد أن يعتدي عليها في شيء منه، فلها حق التملك واجراء العقود من بيع وشراء وهبة ونقل ملكية وغيره، فكان الاسلام في هذا اسبق من غيره، بل يكاد ينفرد به عن غيره، فقد جاء في المادة (217) من القانون المدني الفرنسي ما نصه:"أن المرأة المتزوجة لا يجوز لها أن تهب ولا تنقل ملكيتها ولا أن ترهن ولا أن تملك بعوض أو بغير عوض بدون اشراك زوجها في العقد أو موافقته عليه موافقة كتابيّة).

الحقوق السياسية

ويندرج في اطار الحقوق السياسية للمرأة في الاسلام مطلبان رئيسيان:

1 ـ المشاركة العامة في الحياة السياسية.

2 ـ حق المرأة في الولايات العامة بما في ذلك رئاسة الدولة.

وفي المطلب الاول، نجد أن حظ النساء في المشاركة السياسية العامة لم يكن بأقل من حظ الرجال، بل كان لهن مثل نصيبهم، ويرد في هذا الصدد موضوع البيعة في الاسلام بما يشمل العمل بدستور الاسلام، والبيعة على السمعة والطاعة للقيادة الاسلامية، أي الالتزام باطاعة من اخترن للقيادة.

وقد صار ثابتاً بأن الرجال والنساء سواسية في المبايعة على الاذعان للسلطة الزمنية وفق احكام الشريعة الاسلامية، وقد قال تعالى (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزاً حكيماً) وقد اشترك النساء في المبايعة على التسليم بالسلطتين الدينية والزمنية في عهد الرسول (ص) فبايع المؤمنات رسول الله (ص) على مثل المبايعة التي كانت للرجال باستثناء الالتزام بالقتال في سبيل الله. وهكذا ضمن الاسلام للمرأة حق الترشيح والانتخاب تماماً كالرجال، وقد سارت الدول الاسلامية التي التزمت النظام الانتخابي هذا المبدأ، فقد شاركت المرأة المسلمة في ايران في انتخاب رئيس الجمهورية وممثلي البرلمان (مجلس الشورى).

أما المطلب الثاني: وهو مشاركة المرأة المسلمة ليس كناخبة وإنما منتخَبة، فقد وقع الخلاف بين الفقهاء وأهل العلم من المسلمين، وكان الخلاف عائداً الى تفسير الآية المباركة(الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم)( النساء ـ34) والحديث النبوي (ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) وقد جرت مناقشات محدودة لمعالجة هذه الاشكالية، ورغم انعقاد الاجماع بين علماء الفقه السلطاني على منع الولاية العامة (الامامة = رئاسة الدولة) عن المرأة استناداً الى الاية والحديث المتقدمين، الا أن مثل الماوردي ( ت 450هــ ) لم يذكر في كتابه ( الاحكام السلطانية) شرط الذكورية في شروط اهل الامامة السبعة، كما أن ابا يعلى الفراء الحنبلي خوّل للمرأة تولي منصب القضاء، وفيما قيّد ابو حنيفة قضاء المرأة فيما تصح فيها شهادتها ، جوّز ابن جرير الطبري قضاء المرأة في جميع الاحكام.

وفي منصب الولاية العامة فقد ذهب بعض فرق الخوارج مثل الشبيبية الى جواز امامة المرأة اذا قامت بأمورهم وخرجت على مخاليفهم، وقالوا بأن غزالة ام شبيب كانت اماماً بعد موت شبيب. واشتهرت في التاريخ الاسلامي نساء اخريات في ميدان السياسة منهن الحرة الصليحية التي حكمت مواطن من اليمن مدة تزيد على اربعين سنة من القرن السادس.

وقد ناقش علماء المسلمين الولاية العامة للمرأة، فاستند المجيزون لامامة المرأة الى عدم وجود تقييدات صريحة في هذا الصدد، بل أن عموميات النصوص الاسلامية تؤكد على المساواة بين الذكر والانثى، وأن حديث ( ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) ورد في حادثة مخصوصة، وهي أنه لما ورد على النبي (ص) أن كسرى فارس مات وأن قومه لّوا ابنته مكانه، قال عليه السلام ذلك القول تعبيراً عن سخطه على قتلهم رسوله اليهم، فالحديث إذن جاء في مورد خاص، وقد قال علماء الاصول (تخصيص المورد لا يخصص الوارد) فما كان حكماً عاماً  حتى يصح اطلاقه وتعميمه. أما الآية المباركة فكان ابو الاعلى المودودي أول من استند عليها لمنع المرأة من الولاية العامة.

وقد ناقش عدد من علماء المسلمين المعاصرين موضوعة القوامة الوارد ذكرها في الاية الكريمة، يقول الشيخ يوسف القرضاوي "هناك من يستدلون على منع المرأة من الترشيح للمجلس النيابي بأن هذه ولاية عامة على الرجال وهي ممنوعة منها، بل الاصل الذي أثبته القرآن الكريم أن الرجال قوامون على النساء، فكيف نقلب الوضع وتصبح النساء قوامات على الرجال. وأود أن أبين هنا أمرين:

الاول: أن عدد النساء اللائي يرشحن للمجلس النيابي سيظل محدوداً وستظل الاكثرية الساحقة للرجال، وهذه الاكثرية تملك القرار وهي التي تحل وتعقد فلا مجال للقول بأن ترشيح المرأة للمجلس سيجعل الولاية للنساء على الرجال.

الثاني: أن الآية الكريمة التي ذكرت قوامية الرجال على النساء انما قررت ذلك في الحياة الزوجية فالرجل هو رب الاسرة وبدليل قوله تعالى (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من اموالهم) فقوله (وبما انفقوا من اموالهم) يدلنا على أن المراد من القوامة على الاسرة ، وهي الدرجة التي منحت للرجال في قوله تعالى (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة) أما ولاية بعض النساء على بعض الرجال خارج نطاق الاسرة فلم يرد ما يمنعه، بل الممنوع هو الولاية العامة للمرأة على الرجال) ورد القرضاوي اعتراض القائلين بخلو التاريخ الاسلامي من مشاركة نساء في ميدان الولايات العمومية قال (وما يقال من أن السوابق التاريخية في العصور الاسلامية لم تعرف دخول المرأة في مجالس الشورى، فهذا ليس بدليل شرعي على المنع، وهذا مما يدخل في تغيير الفتوى بتغير الزمان والمكان. والشورى لم تنظم في تلك العصور تنظيماً دقيقاً لا للرجال ولا للنساء).

كما رد الشيخ حسين علي المنتظري على القائلين بأن القوامة تتجاوز اختصاص قوامية الرجل على زوجته، الى الحكومة والقضاء، وقال بأن (شأن النزول وكذا السياق شاهدان على كون المراد قيمومة الرجال بالنسبة الى أزواجهم. إذ لا يمكن الالتزام بأن كل رجل بمقتضى عقله الذاتي، وبمقتضى انفاقه على خصوص زوجه له قيمومة على جميع النساء الاجنبيات. ولو سلم الشك ايضاً فصرف الاحتمال يكفي في عدم صحة الاستدلال). وقد ذهب المنتظري (وثبت ايضاً في دستور الجمهورية الاسلامية الايرانية ) الى أن المرأة والرجل يتمتعان بحماية القانون بصورة متساوية كما يتمتعان بكافة الحقوق الانسانية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية مع مراعاة الموازين الاسلامية، وهو ما أصله بعمق ورصانة استدلالية المرحوم العلامة الشيخ محمد مهدي شمس الدين في كتابه حول ولاية المرأة السياسية.

ومن الناحية العملية، لحظنا انخراط النساء في دائرة المشاركة والفعل في الشؤون العامة في ايران، ولهن حصة هامة في مجلس الشورى الايراني، وهاهي تتنافس كيما تتبوأ المناصب العليا في الدولة الايرانية دونما معوقات أو محظورات من الشريعة الا ما فرضها الاسلام وفقاً للخصائص التكوينية للمرأة، ومن اللازم هنا الالتفات الى تسنم ثلاث نساء على الاقل الولاية العامة في كل من تركيا وباكستان وبنجلادش، ولم نسمع عن خروج مظاهرة تطالب باقالة أي منهن بدعوى أنها انثى. مما يعني أن غياب مشاركة المرأة في العصور الاسلامية القديمة ليس عائداً  لقصور في الشريعة الاسلامية ، بقدر ما هو قصور الظروف السياسية والاجتماعية التي عاشها المسلمون لبلوغ المقاصد الحقيقية والواقعية لأحكام الشريعة، وهي ظروف شملت المرأة والرجل سواء بسواء.

المرأة في الاصلاحات السياسية القادمة

سواء أخذت الاصلاحات السياسية المنتظرة شكلاً ومضموناً متقدمين ام محدودين فإن الدور المركزي للمرأة لم يعد يحتمل الانكار او المماطلة او المساومة او حتى التخفيض. فالترصيف الضحل للأدلة المانعة لمشاركة المرأة من شأنه شق المجتمع الى من هم مع المرأة او ضدها في الحقل السياسي، وفي الغالب سيصنّف التيار الديني المتشدد ونقصد به السلفي حصراً على انه صاحب الراية المناهضة لحق المرأة.

وبصرف النظر عن مقولات اقطاب هذا التيار والتحصينات الاستدلالية التي يتخندق فيها، فإن مسئولية الدولة والتيار العريض من ابناء المجتمع تتمثل في ضمان السهم العادل للنساء في هذا البلد، سهماً يتحقق فيه معنى المشاركة السياسية الحقيقية للمرأة سواء في جهاز الحكومة او مجلسي الشورى او المناطق.

ندرك طبيعة التجربة المحدودة للمشاركة السياسية في هذا البلد ونرى ان الوقت قد حان كي تتخلص الدولة من قيودها المتوهمة باسم التقاليد والاعراف بغرض اضاعة الحقوق وتفويتها، كما ندرك تماماًَ تحفظات التيار الديني وهي تحفظات لا تستند على قواعد شرعية صلبة مع تقديرنا لمجهودهم الاجتهادي.