أسلوب العرائض تجاوزه الزمن

تحريك الشارع قبل إقناع العائلة المالكة

 

ظاهر الأمر أنها عريضة ككل العرائض، فمطالبها ليست جديدة في مجملها، وصياغتها تتسم بالإعتدال، والموقعون عليها من الشخصيات الوطنية المعروفة، تكررت أسماؤهم ومطالبهم في عرائض سابقة على مدى عقد من الزمن. العريضة الجديدة حافظت أيضاً على المسافة المعتادة بين المُخاطِب وبين المُخاطَب (قيادة العائلة المالكة) وهو ما يعتبر من ثوابت العرائض القديمة والحديثة.

والعريضة الجديدة لا تختلف عن سابقاتها في طريقة إيصالها (البريد الممتاز!) حين يعزّ الوصول الى (الأبواب المفتوحة) المزعومة أو الى إقناع مقربين من الدائرة الصغيرة لصناع القرار بإيصالها. إضافة الى ذلك هي لا تختلف من جهة تعاطي الأمراء معها، ولا في وسائلهم الإلتفافية عليها: وعود معوّمة ترحّل الى المستقبل البعيد.

هذا ما حدث هذه المرّة، كما في المرّات السابقة.

حتى الآن حافظت النخب الإصلاحية على وسائلها التقليدية، مفضّلة (التفاهم) و (النصيحة) وغير ذلك من عبارات تكشف عن قدرٍ من الخوف على الذات، مع أن كثيراً من الموقعين دخلوا السجون وتعرضوا للمنافي. في حين أن الإصلاح يتطلّب تضحية أكبر من هذه النخبة، فتحقيق التغيير له ثمن يجب أن يُدفع أو يستعد لدفعه.

أسلوب العرائض غير مجدٍ وقد تجاوزه الزمن، اللهم إلاّ إذا تطوّر بصورة أخرى: كأن يحشد للعريضة المقدّمة أكبر قدرٍ من الموقعين من النخبة ومن عامّة الشعب (مائة ألف شخص مثلاً). أو أن لا توجّه عريضة الى العائلة المالكة، بل يتقدم الإصلاحيون بخطاب الى الشعب نفسه يطالبونه فيه بدعم مطالبهم الإصلاحية، ويوجهون عبره رسالة غير استجدائية الى العائلة المالكة تكون قوية وحاسمة ومؤدبة.. رسالة تدعوها الى التنازل حفاظاً على الإستقرار وعلى وحدة البلاد. على أن يكشف الخطاب الى الإعلام الخارجي، حتى يشكّل رديفاً في الضغط.

حتى الآن، فإن النخبة الإصلاحية تكرّر الماضي، ولا يدور بخلدها تحريك الجمهور، وهي قادرة على فعل ذلك إن أرادت. بدون أن يدخل الشارع ساحة الضغط، فإن النخبة بعرائض الإستجداء لا تستطيع إقناع صقور العائلة المالكة بمطالبها. وهذا ما يجب أن يتغيّر في المستقبل القريب، وإلاّ مضى التسويف الى عقود أخرى.