أين الأمراء الأحرار؟!

 وجود أمراء يطالبون بالإصلاح ويتخندقون مع نخبة الشعب في سبيل تحقيقه يحمل ـ لو حدث ـ دلالات ذات أهمية بالغة. فهو سيكشف مدى التسامح والحرية النسبية داخل العائلة المالكة خاصة وأن عددها يزيد عن العشرين ألف نسمة. وهو من جانب آخر (استثمار!) سياسي لا يجعل العائلة المالكة تضع بيضها كلّه في سلّة واحدة في مواجهة التغيير. أضف الى أن ذلك ـ لو حدث ـ سيخفف كثيراً من النظرة الشعبية تجاه أفرادها كأعداء مطلقين بقضّهم وقضيضهم لكل ما هو إصلاح وتغيير.

كثيرون راهنوا على الأمير طلال بن عبد العزيز.. ولكن الأمير هذا الذي تحدث عن الإصلاحات حين كان الصمت سائداً، تراجع حين جدّ الجدّ، وأصبح مثلهم، والآن لا صوت له ولا دعوة، اللهم إلا ما يقوله للصحافة الأجنبية، في حين كان مؤملاً منه أن يجرّ معه قطاعاً من الأمراء فيخرج العائلة المالكة من غربتها الشعبية، ويحفظ مكانتها الوطنية عبر الإصرار على منهج التغيير والإصلاح وعدم الإستفراد بالسلطة.

المدهش أن أميراً من الدرجة الثالثة، المقصود أميراً من الجيل الثالث، هو سلطان بن تركي بن عبد العزيز، أي ابن نائب وزير الدفاع السابق الذي أقيل عام 1978 بسبب زواجه من هند الفاسي، أراد أن يجد له مكاناً تحت الشمس، فلم يجد غير وسيلة الإعتراض على نهج أعمامه. فألقى بتصريحات وأحاديث تلفزيونية كان آخرهما بيانان، طالب فيهما بإيقاف الفساد الملكي! واتهم عمّه وزير الدفاع بأنه (أقدم وأفسد وزير في العالم). ووصف الامير سلطان في بيان له (الصمت عن سلسلة عمليات السرقة والنهب تلك بأنها نماذج مخيفة للفساد مع غياب المسئولية عن هذا الفساد ستؤدى إلى فقدان الثقة في مؤسسات الدولة وبالتالي تعريض مصير البلاد والاسرة الحاكمة إلى مستقبل مجهول إن لم يكن مستقبلا بالغ السوء).

ومع احترامنا لكل المخلصين المطالبين بالإصلاح، نخشى أن تكون الصراعات والطموحات الشخصية بين الأمراء باعثاً للمعارضة والإعتراض. قال أحدهم: بأن مناصب الدولة لم تعد كافية للأمراء، ولم يتركوا للشعب سوى منصب المعارضة، وحتى هذا يريد الأمراء أن يحتكروه!