متى الإصلاح؟

 

نقطة البدء التي ننتظرها بشأن الإصلاح السياسي قد تأخذ وجهين: الوجه المباشر الأول، بحيث يعلن عن تاريخ محدد لإجراء الإنتخبات البرلمانية، بعد أشهر أو سنة مثلاً، ويتم خلال هذه المدة تهيئة الأرض باتجاه ذلك من خلال الإنفتاح الإعلامي والسياسي، وإطلاق سراح السجناء السياسيين، وما أشبه. والوجه الثاني، أن يجري انفتاح إعلامي رسمي يأخذ صفة قانونية يؤدي بشكل مباشر الى تعبير واقعي عن طموحات ومطالب وانتقادات وتوجهات المواطنين بشكل عام. وقد تطول فترة (لبرلة) الإعلام وصدور الصحف الجديدة والمجلات، الى أن تتبلور مؤسسات المجتمع المدني ـ السياسية بالتحديد، بحيث تكون الإنتخابات فيما بعد تحصيل حاصل بعد أن تتبلور الآراء والرؤى الفكرية للتيارات وتعلن عن نفسها إعلاميا وثقافياً وقيادياً.

في الوقت الحاضر هناك بعض ملامح انفتاح في المجال الإعلامي غير المقنن، أي أنه لم يتحول الى إصلاح مقنن، ويمكن الإرتداد عليه، وهو ما حصل بطرد عدد من الصحافيين ورؤساء تحرير الصحف (خاشفجي، عبد الله العتيبي، وأيمن حبيب مثالاً).. كما أن هذا الهامش من الحرية لم يتسع لإصدار صحف ومجلات جديدة، ولم تخف قبضة وزير الداخلية واجهزة الأمن على مفاصل الإعلام والصحافة، وكأن كل ما يجري مجرد فسحة إعلامية من الناحية الزمنية مسيطر عليها ضمن الضوابط الإعلامية القديمة، وبالتالي تفقد قيمتها من جهة أنها لا تصلح لأن تكون قاعدة ينطلق منها خيار الإعلام الحر واللبرالي.

وفي المجال السياسي، لم تتضح حتى الآن أية مؤشرات على تثبيت أصل التوجه الحكومي. أي أننا لا نعلم على وجه اليقين ما إذا كان الأمراء قد حسموا موضوع الإصلاحات كيفما كان شكلها، أم أنهم يرفضونها ولكنهم يفسحون أو غير قادرين على منع انطلاق الحديث عنها. مضت أشهر على وثيقة الرؤية، وتوقف حديث الأمراء عن ضرورة الإصلاح، فيما يدور الكلام عن إصلاح تدريجي قد لا يأتي بانتخابات التي تعتبر الفاصل بين الإصلاح وعدمه.

مهما تعددت السبل باتجاه الإصلاح السياسي في البلاد، فإننا نطالب بنقطة بداية نعرف من خلالها الى أين تسير البلاد في المستقبل.