الحوار الوطني السعودي

 

كان الحدث الأبرز في الشهر الماضي (يونيو) هو انعقاد مؤتمر الحوار الوطني/ الفكري الذي عقد في الرياض، بحضور نخبة تمثل أطياف التنوع المذهبي في المملكة (شيعة، إسماعيليون، صوفيون، سنّة من مذاهب مختلفة، إضافة الى السلفيين ـ الوهابيين). وتبع هذا لقاء آخر أخذ صفة سياسية عقد في مدينة جدة بإشراف أمير مكة عبد المجيد بن عبد العزيز، ضمّ نخبة أهل الحجاز ومثقفيه وقواه الوطنية، وتمحور حول الإصلاح السياسي والمالي والقضائي. كلا اللقائين كانا مهماً. الأول تضمن اعترافاً بحقيقة التعدد الفكري والمذهبي في المملكة، وهو اعتراف ضروري لتحقيق العدالة الإجتماعية والمساواة في المواطنة.. واجباتها وحقوقها، وخطوة أساسية تقوم عليها لبنة الإنفتاح الفكري والتعددي الثقافي والسياسي، كما أنه خطوة تحصينية ضرورية لتطويق الفتنة الطائفية الراسخة في المملكة منذ نشأتها، والتي سببت في الآونة الأخيرة صداعاً شديداً لمسؤولي الدولة كما نخب المملكة الوطنية والتي ترى أن الإنشقاق الطائفي غير المضبوط بالثوابت الوطنية قد تعدّى الخطوط الحمراء وصار مدخلاً للفتنة الداخلية وتدخّل الأجانب الذين يرومون تقسيم المملكة وتهديد وحدتها السياسية.

أما الإجتماع الثاني، إجتماع جدة، فإنه وإن كان استمزاجاً لرأي النخبة في أحد وجوهه، فإن الرسالة التي أوصلوها للعائلة المالكة كانت واضحة صريحة بأن لا بديل عن الإصلاح السياسي والإنتخابات وترشيد مسلك العائلة المالكة أو (غربلتها) كما اقترح أحدهم.

هناك اتفاق بين الكتاب السعوديين على أهمية اللقاءين، المذهبي ـ السياسي في الرياض، والسياسي ـ المناطقي في جدّة، فهما أكدا على ثوابت الوحدة الوطنية والإصلاح والتعددية والقضاء على الفساد وإصلاح الأجهزة الحكومية بما فيها القضاء وغير ذلك من مفردات صارت معلومة لدى الجميع. وهناك اتفاق أيضاً، بأن الحوارات الوطنية، يجب أن تستمر، وأن تصل الى عمل على الأرض وبأسرع وقت، خاصة وأنها جاءت متأخرة كثيراً، بل أن البعض اعتبرها متأخرة أربعة عقود على الأقل.. واتفقوا بأن الحوار المذهبي على أهميته، يجب أن يكون منطلقاً للحوار الوطني الشامل المؤسس على أرضية سياسية بحيث تعالج القضايا التي تواجه المملكة شعباً ودولة وحكومة.

بالطبع هناك عوائق، وهناك من يشكك في نجاح هكذا نوع من الحوارات، إما على خلفية طائفية، أو لقناعة لدى البعض بأن ما جرى لا يؤشر حتى الآن الى جديّة لدى العائلة المالكة في الإصلاح السياسي. لكن أكثرية الكتاب والصحافيين وأصحاب الرأي ترى بأن ما جرى مكسب للوطن وأهله، ومكسب للأمير عبد الله ولي العهد، ومكسب لدعاة الإعتدال والتعايش والتسالم الإجتماعي بمختلف توجهاتهم الدينية واللبرالية.

===============-

 

 

نحو مؤسسة وطنية تمثل تيار الإصلاح السعودي

 

جمال أحمد خاشقجي

 

كل أخبار مؤتمر الحوار الوطني طيبة، ولكن أطيبها أنه خط طريقا لتيار وطني معتدل ووسطي، يمثل كل فئات الشعب وطبقاته ومذاهبه واتجاهاته، يحده الولاء لله والوطن ويفخر بتعدديته ومواطنته معا. قد قيل إننا في حاجة لفعل مؤسسي يخرج الأغلبية الصامتة عن صمتها، ويفعلها في مشاركة شعبية صحيحة، وهاهي أولى لبنات أول مؤسسة لهذه المشاركة توضع، وما على القوى الفاعلة في المجتمع إلا العمل والمشاركة في مشروع الدولة والشعب الإصلاحي ،لتكتمل آلية المؤسسة وتتضح تفاصيلها ووظائفها.

هاهم طليعة تمثل الوطن اجتمعوا في النور و بعلم ورعاية ولي الأمر، واستحضروا رحابة الصدر وسعة الأفق، واختطوا هذا المنهج الذي تلي في مجلس سمو ولي العهد بكل ما يحمل من صراحة وشفافية بل حتى نقد للأداء الحكومي، وأحسب أنه لو نزل هذا البرنامج إلى الشعب السعودي في استفتاء لحاز أغلبية صريحة، ولا بأس أن تختلف عليه أقلية، وترفضه أقلية أخرى فهذه هي التعددية التي تتقوى بتدافعها السلمي المجتمعات.

لقد حصل "الفرز" فور الإعلان عن مشروع " مؤتمر الحوار الوطني والفكري "فهناك من عرف بداية قدراته وآفاقه، وأنه لن يحتمل الاعتدال والوسطية والنزول برضا عند رأي الأغلبية، ولا يزال يحمل بعناد نظرية" رأيي صحيح لا يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ وسيبقى كذلك". فابتعد عن اللقاء فأراح واستراح، وهناك من حاول أن يحدد من يرضى عنهم فيحاورهم ومن يحرمهم من دائرة الرضا فيقاطعهم، فكان الرد حاسما أن هذا لقاء جامع، سقفه المواطنة وأرضه الولاء ، وحقا تكفي المواطنة شرطا للعضوية.

الوطن، 30/6/2003

***

سنة أولى حوار

 

عبد الله القفاري

 

من حق أي مثقف سعودي أن يبتهج بلقاء كهذا. ومن حقه - بغض النظر عن التحفظات التي قد يبديها حول التنظيم وادارة الحوار وعناصره - أن يعتبر مثل هذه الخطوة معلما على الطريق الصحيح.. حتى لو بدا ان مشهد الحوار ضيق أو مقنن أو مقتصر على شرائح من مثقفين وعلماء نكن لهم كل الود والتقدير. على المثقف السعودي الحر، أن يخرج من صمته، وأن يعتبر هذا المشهد عيداً للوطن.. ألا يكفي انه يكسر حاجز بغيضاً بين فئات من المجتمع ومن المواطنين السعوديين بينهم من روابط الدين والانتماء ما يضعف أمامه أي مسائل خلافية غير جوهرية.. إثارتها والعيش في ظلها وتضخيمها لا يصنع أكثر من ان يهدد لحمة مجتمع.. ويثير خصومات مفتعلة تستغل من قوى لا يعنيها مستقبل وطن ولا علاقات مجتمع ولا وحدة كيان.

ان القيادة السعودية، تستشعر حقيقة ان ثمة مخاوف من استغلال تلك العلاقة الملتبسة بين الطوائف أو المذاهب في المملكة، أكثر بكثير من احساس او استشعار بعض المثقفين الإسلاميين التقليديين، الذين برع بعضهم في شن حملات غير مبررة على فكرة الحوار، ناهيك عن امكانية الالتقاء على مسائل تعزز من لحمة الوطن ونسيج المجتمع. إن دعوة سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز لهذا اللقاء الفكري ليست من أجل الالتفاف حول مسائل سياسية آنية.. انها جزء من رؤية وطنية أكثر شمولا، تستهدف تمتين الوحدة الوطنية وتأسيس علاقات مختلفة أو غير ملتبسة على الاقل بين فئات المجتمع السعودي.. وهذا يستدعي انتاج خطاب وطني مختلف وغير قلق وغير محاب.. فالحفاظ على هذا الكيان الكبير وتعزيز وحدته التاريخية وتكريس المبادئ التي قام عليها، أولوية في أي مشروع سعودي. الوطن فوق الفرز أو التهميش أو محاولة اسقاط الآخر بحجة انه مختلف، المهم ان تؤسس فكرة الحوار للاحترام المتبادل، وتعظم عائد المشتركات الكبرى.. وان تنمي الإحساس بأن الناس شركاء في الوطن، لهم حقوق المواطنة وعليهم واجباتها.. اما مذاهبهم واجتهاداتهم فهي مسألة محترمة ضمن حدود الخاص، الذي لا يجب أن يهمش العام.

نحن بحاجة حقيقية لتربية وطنية جديدة.. ليس على طريقة المناهج الوطنية التي تقدم لنشئنا اليوم، حيث تضعف فيها المفاهيم الوطنية الفاعلة والمؤثرة في عقل النشء وسلوكه.. التربية الوطنية الحقيقية هي التي تربي ايضاً النشء على قبول الاختلاف.. دون النزوع لحمل الحجر في وجه المختلف مادام يلتزم بشروط الاختلاف ويحترم خصوصية الآخر ولا يتجاوز الثوابت الكبرى ولا يهدد السلام والأمن الاجتماعي. من المؤكد ستواجه فكرة الحوار، جملة عوائق، منها ما كان ضمن اجندة ثقافية يعمل عليها البعض، ممن يقفزون على حقائق الوطن وشروط المواطنة وعلاقات العالم من حولنا.. حتى يتراءى لهم انهم يعيشون في عالم من صنعهم.. وهؤلاء لا يدركون حتما المخاطر التي تتهدد أي كيان يترك الفرصة ملائمة للعبث بالوحدة الوطنية من خلال اذكاء الكراهية للآخر أو الدعوة الى عزله أو تهميشه.. وليس لهم من الوعي السياسي ما يمكنهم من فرز الأولويات، وليس لديهم من مناهج البحث ما يطرون به ادواتهم في القياس والتحليل.. انهم في الغالب مستهلكون شرهون لكل افكار التعصب والتقوقع على الذات، يعيدون انتاجها من خلال ادبيات معروفة، لا تستهدف شيئا اكثر من براءة الذات واتهام الآخر وتعطيل فكرة أي حوار منتج أو فعال.

الرياض، 23/6/2003

***

حوار الوطن في بيت الأمير

عبدالله صادق دحلان

 

اللقاء الصامت أو الحوار من طرف واحد لا يحقق الأهداف التي نسعى لها وتتطلبه المرحلة القادمة في حياة وطننا الغالي. ولهذا طالبت بالحوار الوطني بين ممثلي الوطن وقيادته.. وإن كان هناك بعض من الحوار في الماضي من خلال اللقاءات والمؤتمرات والندوات لكنها لم تكن تمثل قاعدة عريضة من شعب هذا الوطن ولم تكن بالصراحة والوضوح والشفافية التي نتطلع لها. وكانت بعض هذه اللقاءات محددة بخطوط حمراء لا يمكن تجاوزها لا بالقلم أو اللسان. مبادرة ولي العهد في فتح حوار ديمقراطي مع فئات مختلفة من شرائح المجتمع كانت بمثابة نقطة تحول في تاريخ الديمقراطية في بلادنا وهذا لا يعني بأنه لم يكن هناك حوار سابق... لكنه لم يكن حوارا بمعنى الحوار الوطني، الذي تبناه ولي العهد، وبكل شفافية وأمانة وبدون رعب أو خوف أو تخويف.

كانت الخطوة الأولى للحوار في قصر أمير منطقة مكة المكرمة الذي وجه الدعوة لشريحة منتقاة من المواطنين في منطقة مكة المكرمة للحضور والمشاركة في الحوار الوطني وأسسه. شاركت برأيي مركزا على: إن أساس الحوار الديمقراطي ينبغي أن يكون من خلال مؤسسات المجتمع المدني باعتبارها الممثل الرسمي لفئات المجتمع بتخصصاته. إن أساس الديمقراطية هو التمثيل الشعبي في إبداء الرأي، وأساس التمثيل الشعبي يأتي من قبل ممثلي الشعب في البرلمان أو مجلس الشورى أو مجالس المناطق، وشرعية ممثلي الشعب تأتي من خلال (الانتخاب).

الوطن، 29/6/2003

***

بداية وليست نهاية

 

سليمان العقيلي

 

فكرة اللقاء الوطني للحوار الفكري وتمخض عنه بيان تجمعت فيه القواسم الوطنية والدينية، هي بداية وليس نهاية. فمن الواضح أن فكرة اللقاء الأول بدأت بحلحلة العلاقات الدينية بين الشرائح والطوائف الاجتماعية التي أجمعت على كلمة سواء لتعزيز الوحدة الوطنية. وعلى الرغم من أهمية البيان الذي عبر عن موقف المشاركين الذين يمثلون تيارات متعددة، إلا أنه ليس بالضرورة يمثل ـ وخاصة في التفاصيل ـ جميع آراء ألوان الطيف الوطنية . ومن المؤمل أن يستمر الحوار الوطني لتشارك فيه تيارات سياسية وفكرية واجتماعية أخرى، تعالج ما يندرج في المشاغل الوطنية العامة وخاصة القضايا الاقتصادية والسياسية والفكرية. البيان الذي أصدره اللقاء الوطني للحوار الفكري ميزته أنه وحد كلمة الطوائف الدينية، ووضع عناوين عامة لمتطلبات المرحلة المقبلة، وهي عناوين تحتاج إلى استفاضة في النقاش والجدل حول أبعادها وتفاصيلها، وآليات تنفيذها، وهو ما يحتاج إلى ندوات متعددة في الحوار الوطني. لا ينبغي أن نخجل من اختلافنا الذي أكد عليه بيان اللقاء وأمن عليه، سواء كان هذا التنوع دينياً أو فكرياً أو حتى سياسياً، فالوطن يستوعب فكر جميع أبنائه.

الوطن، 25/6/2003

***

الحوار الوطني: ليته سكت!

 

زياد عبدالله الدريس

 

سعدت كما سعد الكثيرون قبلي بمبادرة اللقاء الوطني للحوار الفكري، وهي مبادرة تدفع كل واحد منا إلى تقديم قائمة من الشكر والامتنان إلى الأطراف التي صنعت هذا الإنجاز، وهو فعل يستحق أن يسمى (إنجازاً) بكل جدارة، في زمن ذابت فيه هيبة الإنجاز! تشوّق الناس أن يسمعوا عن محصلة هذا اللقاء ونتائجه المنتظرة، تشوقوا للاطمئنان على الحالة الصحية للحوار وأنه لم يكن حواراً عقيماً، بل منجباً لكثير من التوصيات الإجرائية الفعلية، التي ستقترب بآمالنا في تحقيق الوحدة الوطنية الشاملة المؤمنة بالاختلاف والتنوع والتعددية، لكن تحت سقف شرعي وإنساني ووطني واحد. خرج البيان بتوصيات - باستثناء توصيتين أو ثلاث من الاثنتين وعشرين توصية - عامة فضفاضة ذات لغة "وكالة أنبائية" لا تتناسب في أهميتها ودهشتها مع أهمية ودهشة انعقاد اللقاء. كانت بإيجاز توصيات عادية للقاء غير عادي!

الوطن، 25/6/2003

***

المطلوب ميثاق وطني

يوسف مكي

 

انعقاد مؤتمر الحوار الوطني بالرياض، خطوة أكيدة على طريق تحقيق الإصلاح ومشاركة الجميع في بناء الوطن. إن الأمانة تقتضي القول إن ذلك وحده غير كاف إذا ما أريد للحوار الوطني أن يكون فاعلا وشاملا. لا بد أن يكون مؤتمر الحوار الوطني معبرا حقيقيا عن مكونات النسيج الاجتماعي لهذا البلد وممثلا لتطلعات وأماني مختلف الفعاليات والأطياف فيه. ويجب أن يجري التركيز، بشكل أفقي ومتساو، على مختلف المشكلات التي يمر بها مجتمعنا. ومما لا شك فيه أن حواراً بناء وهادفا يجب أن ينطلق من فهم مشترك، وأرضية يدور حولها الحوار. وأعتقد أن الظروف مواتية لصدور مسودة ميثاق وطني، يطرح من أعلى الجهات المخولة، وقد يكون مفيدا أن يكون ذلك بإرادة ملكية، بعد الاستئناس بآراء النخب الفاعلة في المجتمع والمعبرة عن آماله وتطلعاته، وأن يجري بعد ذلك حوار وطني معمق لا يستثني أحدا من الأطياف الاجتماعية والسياسية، ويتم في نهاية المطاف اقتراع شعبي على نصوصه. والمهم في هذا الصدد أن يتم التفاعل بين مختلف القوى الوطنية في القمة والسفوح.. من أصغر وحدة في المجتمع إلى أعلى مراكز اتخاذ القرار في البلاد، دون مصادرة أو إقصاء لرأي أو مجموعة، ووصولا إلى تحقيق اتفاق ملزم مشترك، يضمن الأمن والبناء والنمو والرخاء والوحدة للجميع ويؤمن مستقبل الأجيال، ويسد أبواب التشرذم والفرقة، ويمنع اختطاف آمال الناس وحقهم في الحياة الحرة الكريمة.

الوطن، 25/6/2003

***

 

الحوار الوطني إلى أين؟

 

محمد علي الهرفي

 

كان أول مقال حاولت نشره (في الوطن) يدور حول أهمية الحوار بين السنة والشيعة في بلادنا، ويومها حجب هذا المقال وكان مبرر الحجب واهياً في نظري، فالقوم كانوا يريدون القول إنه لا حاجة لمثل ذلك الحوار لأن المجتمع ـ بحمد الله ـ قوي ومترابط وخلق متماسكاً فما الداعي لمثل تلك الدعوة. وكنت أعتقد جازماً أنهم يتظاهرون بمثل هذا الكلام وكانوا ـ هم أنفسهم ـ يدركون ذلك من أنفسهم ولكنه الكبرياء الفارغ الذي ندعيه لأنفسنا ولمجتمعنا من كوننا متميزين عن غيرنا بخصوصيات لا ندري كنهها ولا لماذا حبانا الله بها دون سائر خلقه. مشكلتنا للأسف الشديد أننا لا نتحرك لإصلاح مشاكلنا قبل أن تقع هذه المشاكل، والمشكلة الأسوأ أننا لا نحب الاعتراف بوجود مثل هذه المشاكل كي نعمل على حلها أو التقليل منها فتبقى هذه المشكلات تنمو وتتزايد حتى تنوء كواهلنا بحملها ويراها القريب والبعيد فنبدأ عندها بالحديث عنها بعد أن تكون قد أنهكتنا وأتعبتنا وهذا ما حصل فعلاً في موضوع الحوار الوطني الذي كنا ننادي بأهميته منذ سنوات طويلة ولكن ما من مجيب.

أما وقد بدأ مثل هذا الحوار، فينبغي أن نتعاون جميعاً على إنجاحه، وأول طرق الإنجاح أن نتحدث عنه بصدق ووضوح وأن تكون النوايا صادقة للخروج برؤية واضحة تجمع الشتات وتوحد بين أبناء الوطن الواحد. حديثنا عن الحوار الوطني ينبغي ألا يخرج عن إطار ـ الحوار ـ ومقتضى مفهوم المحاورة هو محاولة فهم كل طرف لما عند الطرف الآخر، هذا الفهم قد يقود إلى نوع من التقارب في المفاهيم وليس بالضرورة أن يكون هناك اتفاق تام في كل المفاهيم التي تطرح للمحاورة فمعلوم أنه سيبقى لكل طرف خصوصياته. ستبقى للسنة خصوصياتهم وكذلك للشيعة والإسماعيلية، فالحوار لن يقلب السني إلى شيعي ولا العكس وإنما سيجعل هذه الطوائف تقترب بعضها من بعض، لأن نقاط التلاقي ستتضح بالحوار وهذا هو المطلوب. في حوارنا ينبغي أن نتجاوز النظرة الطائفية البحتة وكذا المذهبيات والتعصب لها، وينبغي أن يكون البحث عن الحقيقة أولاً وعن مصلحة الوطن وما يدعم هذه المصلحة ثانياً هو هدف المتحاورين وأعتقد جازماً أن تحقيق العدالة في المجتمع سيحقق هذه الآمال وسيجعل موضوع الوحدة الوطنية قوياً في نفوس الجميع، والعدالة التي أتحدث عنها أن تنظر الدولة إلى كل أفرادها على أنهم متساوون في الحقوق وفي الواجبات وأنهم أمام الشرع المطبق على حد سواء.

الحوار الوطني يقوي الانتماء للوطن ونحن بحاجة إلى مثل هذه القوة. انظروا إن شئتم كيف استغل الأمريكان الفرقة في الصف الأفغاني وكذا العراقي فاحتلوا هذين البلدين.. ونحن لسنا أفضل من غيرنا ولذا وجب على عقلائنا أن يدركوا خطورة الفرقة وأهمية الوحدة، هذا الإدراك ينبغي ألا يتوقف عند جماعة معينة أو ننتظر من الدولة وحدها أن تقوم به بل ينبغي أن تتعاون كل طوائف المجتمع وطبقاته على تحقيقه، وواجب الدولة ومؤسساتها أن تشجع عليه وتتبناه وألا تقف دون تحقيقه.

الوطن، 24/6/2003

***

 

الإصلاح وحوار النخبة في الرياض

 

 

سليمان الهتلان

 

لا يكفي أن نحتفي بمبادرة الحوار الوطني لجمع كل التيارات الفكرية والمذاهب الدينية في مجتمعنا من أجل بدء حوار وطني حول قضايا المجتمع وإشكالاته. إن الواجب يحتم علينا أن نؤكد أهمية تأصيلها بمشاريع أشمل وأكبر لكيلا تبقى هذه الخطوة حركة "نخبوية". هي خطوة مهمة لكنها - ولا بأس أن نعترف - جاءت متأخرة جداً. كان يجب أننا قد ناقشنا قضايا الاختلاف الفكري والمذهبي والمناطقي منذ أربعين عاماً أو أكثر. كم هو محزن أن تشتت جهود التنمية الحقيقية وتحديات الاقتصاد وإشكالات البطالة وقضايا المستقبل الملحة ونحن ما زلنا نحتفي بلقاء ضم نخبة مفكرة في غرفة صغيرة تناقش بسرية تامة قضايا خلافية بين المذاهب والأفكار. صحيح... إنها خطوة في طريق التصالح الاجتماعي - نرجو أن تكون كذلك - لكن من الخطورة أن يعتقد المتحاورون أن الفكرة هي محاولة لإقناع أهل المذهب المختلف أو الرأي المختلف أن يتنازلوا (بالطيب أو بابن عمه) عن أفكارهم ومذاهبهم. هل اقتنع المشاركون - أو بعضهم - بأهمية تنوع الأفكار والتجارب وتعدد المذاهب الرؤى والمدارس الفكرية وأن في هذا التنوع غنى ثقافياً وتوازنا اجتماعياً وسياسياً؟

إن على مثقفينا - من كل التيارات - أن يدركوا أن واحدة من مسؤولياتهم هي تهيئة مجتمعهم لقبول الحقائق المغيبة في مجتمعهم والتعايش معها: فمثلما أن في مجتمعنا أغلبية سنية - بتنوع مدارسها وأفكارها وتجاربها الاجتماعية والثقافية وتعدد أقاليمها - فإن في مجتمعنا أيضاً شيعة وإسماعيلية وصوفية وربما آخرين. هذه الأقليات يجب ألا تعامل في مواطنتها وحقوقها وواجباتها من منطلقات مذهبية أو إقليمية. وهذه الجماعات لم تهبط على الأرض من كوكب آخر، ومثلما تعايشت كل فئات مجتمعنا مع بعضها البعض في عهد أجدادنا وعهد آبائنا فإن من حقها جميعا أن تتعايش مع أجيال اليوم وأجيال الغد. يجب ألا نبالغ في احتفائنا وفي توقعاتنا بهذه الخطوة، بل من الملح أن نؤسس لمبدأ الاختلاف عن طريق المؤسسات التي يجب أن يتم تفعيل أدوارها كي تهيئ أجيال المستقبل لقبول الرأي الآخر والتعامل معه بأريحية. إن واحدة من خطوات الإصلاح الحقيقي الذي ننشده تأتي في حماية كل الأصوات في مجتمعنا من أي محاولة للإسكات وسوف تثبت الأيام أن الحوار الصريح والصادق الذي لا يصادر الرأي المختلف على حسابات إقليمية أو مذهبية أو فكرية هو أحد وسائل صيانة وحدتنا الوطنية وتأكيدها.

الوطن، 21/6/2003

***

البحث عن عقل في حمولة السفينة

 

علي الخشيبان

 

إن إعادة فكرة الحوار هي التي سوف تنقذ العقل من دائرة المحن وتخرج المجتمع من أساطير المؤامرات والهزائم والإرجاف، فالعقل وحده هو الذي يحمل في رأسه عيوناً كثيرة ويستطيع أن يرى في كل الاتجاهات.. ولكن عقلاً مزيفاً يجوب أسواق الفكر في أمتنا ليس له سوى عينين في هامته، فهو لا يرى أسفل منه أو حتى أمامه. إن الحوار تحت مظلة القدرة على الاتفاق وتحجيم الخلاف يتطلب إعادة هيكلة المادة من شكلها الصلب إلى المرن الذي شكلها على مر العصور وإلا سيظل الفكر هارباً إلى ماضيه والعقل مفقوداً في حمولة السفينة أو تم رميه بالقاع.

 

الوطن، 20/6/2003

***

 

قراءة في مؤتمر الحوار الوطني

 

عبد الله القفاري

 

اليوم، ثمة نقلة نوعية في مشروع الحوار الوطني، مهما بدت صغيرة في جوانب، إلا انها كبيرة في جوانب أخرى.. يكفي انها جمعت طيفاً مهماً من مثقفين وعلماء على مائدة حوار يسودها الوئام دون حزازات أو تحفظات مسبقة. يكفي انها عملت على صياغة أدبيات تعترف بالآخر وتقر له بالتنوع ضمن الثابت الديني والوطني.. يكفي انها نصت على حقوق معتبرة كحق التعبير وحق المواطنة وحق المشاركة.. من المؤكد أن ثمة أسئلة كثيرة حول تلك الحقوق.. ناهيك عن طرق ووسائل تفعيلها.. إلا أن الدعوة لإنشاء مركز للحوار الوطني وتطوير فكرة الملتقى، هي مسألة ضرورية.. كما يجب أن تتطور الفكرة لتوسيع طيف المشاركة وتعزيز حضور المثقف السعودي.. والانتقال بالحوار من فكرة الجلسات المغلقة والضيقة إلى آفاق الجلسات المفتوحة.. ومن حدود القول في عموميات وتأكيد جملة ثوابت وحقوق إلى مستوى التفصيل في مشكلات وطنية ملحة لا تحتمل التأجيل.

الرياض، 30/6/2003

***

 

 

كيف نبني دائرة الحوار الوطني ونوسعها؟!

كلمة الرياض

 

 

نحتاج أن يمتد الحوار الوطني ليكون أحد أهم التطورات في معالجة قضايانا الحساسة إذ لا يوجد تطور بدون وعي، ولا تنمية بدون استقرار، ودواعي الحوار تفرضه مرحلة تاريخية في غاية التعقيد، حيث نواجه هجمة عالمية بعد أحداث 11سبتمبر أرادت تصنيفنا ضمن الداعمين والراعين للإرهاب، ثم حدث جدل من متطرفين أمريكيين، مرة بتجميد أموال السعوديين، ومرة بتقسيم المملكة مع مطالب أخرى تدخل في صلب الاستقلال الوطني، اضافة إلى مشاكل داخلية تتعلق بتطور الأجيال داخل البناء الاجتماعي، وتفاوت تفكيرها، ونسب وعيها، وسلوكياتها، ونشوء فكر آخر، لا يحاور وإنما يريد احتكار الحقيقة من خلال التطرف والرؤية الضيقة، إلى جانب معمار هائل من المناطقية، والقبلية والإقليمية، والتي أخذت اعتقادات خاطئة بالاستئثار بالوظيفة، والوجاهة الاجتماعية، في وقت ندرك أننا شركاء مصير في البناء، والهدم، لأن المواطنة لا تستورد مع علب حليب الأطفال، والتربية لا تؤخذ من خلال جملة وصايا ودعوات لا ترتبط بالسلوك العام وحاجاته، وترجمته إلى المواطنة بالاندماج وإشهار الهوية الواحدة كدلالة وحقيقة في عقدنا الاجتماعي.

 

الرياض، 22/6/2003

***

 

كيف نؤسس حواراً من أجل الوطن؟!

 

كلمة الرياض

 

نحن مجتمع توحّد نتيجة قناعة عامة بأننا أبناء جغرافيا واحدة، وأصول وثقافة وتراث لا توجد فيه تمايزات، ولدينا تباينات مذهبية وقبلية، وإقليمية تحتاج إلى حوارات واقعية تؤمن بالخلاف لكن لا تسعى إلى القطيعة، وعلى هذا الأساس يمكننا استيعاب التعددية بغير ضرر لوحدتنا وتماسكنا الوطني.. فالزمن الذي نعيشه أدخلنا مرحلة التحديات الكبيرة، في الوعي، والتنمية، وفهم الآخر والتعامل معه وفق المصالح المشتركة، لا العداء، والحدية في الرأي، والانعزال الفكري.. نحتاج في حوارنا الوطني إلى الشجاعة دون تهور، أو إخلال بحق أي طرف. نحن في الدورة الفلكية الراهنة نواجه العداء، والهجوم علينا نتيجة خلل في قصور بعض أبنائنا ممن احترفوا الانغلاق، والعنف. قد تكون المرة الأولى التي تشهد لقاءً بهذا الحجم من الحضور، على أن تصبح بداية للارتقاء بمفاهيمنا الوطنية بما فوق الإقليمية، والمذهبية وتوابعهما، وهي حلقة في الشورى خارج المجلس الرسمي.

الرياض، 17/6/2003

***

 

الإحتواء العقدي عبر الحوار!

 

نورة السعد

 

اللقاء الوطني للحوار الفكري بين العلماء والمفكرين والمثقفين كأنما هو طاقة للضوء والدفء وشمس الوضوح كي تحدث تعزيزاً لمنظومة القيم العقدية التي بني عليها مجتمعنا وتأسست عليها أركان الدولة، وتوحدت مناطقها.. واحتواء فكري واجتماعي للارتقاء بكيفية وسائل الوقوف أمام هذه الهجمات الشرسة التي تواجه مجتمعنا وتنصب على أغلى مكتسباته العقدية وتعاليم دينه ثم وحدته الوطنية. إذا كانت القواعد الدينية التي بنيت عليها الدولة كانت هي تصفية العقيدة من الشوائب التي مرت بها سابقاً وكانت دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب يرحمه الله هي الصفحة البيضاء التي وضعت عليها جدولة عمليات التوحيد والبناء المؤسساتي لهذا المجتمع.. فإن الحفاظ على هذا المسار هو المطلوب وهو الذي سيحدث المزيد من التعزيز لعوامل التماسك والترابط في لحمة هذا المجتمع.. وبما أن إحدى توصيات هذا اللقاء كانت تحث على (التوصية بتقوى الله سبحانه وتعالى في السر والعلن والعودة الصادقة الى الله والانكسار بين يديه لأن ما يصيب الأمة من نوازل انما هو بسبب بعدها عن الله وعن كتابه ومنهاج رسوله محمد صلى الله عليه وسلم في القول والعمل).. فإن إلزام تطبيق هذه التوصية هو (الآلية الحقيقية) لنجاح هذا اللقاء والحوار.

الرياض، 29/6/2003

 

***

 

بلا حوار حقيقي: حراثة في البحر

 

عبد الله الطويرقي

 

جاءت خطوة الحوار الداخلي مع قوى المجتمع ونخبه هنا من قبل الأمير عبدالله كجزء من برنامج إدارة أزمة العلاقة بالولايات المتحدة الأمريكية وتهيئة الشارع من الداخل لاستيعاب حجم وطبيعة ما يجري للبلد من تبعات الهجمات على نيويورك وواشنطن.. واكتشفنا مع الوقت، أن لدينا مشكلة أخرى تضاف إلى إرث إشكالاتنا الاجتماعية المحلية هي أننا نفتقد أصلاً لثقافة الحوار وأن لدينا أكواماً من القضايا والهموم المحلية التي أجلنا التحاور فيها لنجد أنفسنا في ورطة مزدوجة ونحن لم نحسم أولويات الشأن المحلي وما هو السائد والغالب في مقابل الشاذ أو لنقل النادر والخارج على المألوف مثلاً.

أقول لم تكن ربما مشكلتنا فحسب أن المواطن هنا لم يتعود على الانخراط في أدوار تخدم القرار السياسي الوطني بشكل مباشر ربما لأن الدولة أبقت على كل منافذ العمل السياسي بأقنيته الدبلوماسية في علاقتنا بالآخر ضمن تخوم رسمية صرفة، وربما لأن الشارع السعودي بطبيعته إلى ما قبل أزمة اغسطس 90 وحرب الخليج الثانية لم يكن مُسيّساً.. ولربما نحن كمجتمع أصلاً أغفلنا مسألة الحوار هذه من حياتنا على مدى أخطر السنوات في مشروعنا التنموي وكنا دوماً وأبداً نراهن على متغيرات الوقت.

إن تغييبنا للحوار من نسيجنا الاجتماعي بوعي أو بلاوعي كانت ضريبته قاسية جداً هذه المرة في تنامي وتطور كرة الجليد الموجهة نحونا. نحن فعلاً بحاجة للتعاطي بجدية هنا والآن مع حوار الداخل وانطلاقاً من مسؤوليتنا الاجتماعية كدولة ومؤسسات إعلامية وفكرية وثقافية نستزرع أولويات وأصولاً ومساحات التحاور في همومنا وحسمها بعيداً عن مواقف متشنجة لا تخدم نمونا ولربما وقفت عقبة كؤوداً في كل الجهود الرسمية للدولة في علاقات ومصالح البلد مع مرحلة العولمة وعصر الحروب الذرائعية اقتصادياً وثقافياً. اننا بحاجة كمؤسسات وأفراد اليوم في ظل مواجهات قد تسبب لا سمح الله في حدوث انقسامات وطنية نحن في غنى عنها أو في رسم صور تخدم أعداءنا قبل أصدقائنا. أقول اننا معنيون برسم خارطة للحوار في الكثير من همومنا وقضايانا المحلية القائمة والنائمة وخلق مواقف عامة تعبر عن السائد والخارج عن المألوف لتكوين رأي عام نابه ومسؤول.

من المهم جداً أن نوسع دوائر الآراء والأفكار وفق معيار المسؤولية الاجتماعية تجاه ما يطرح وسقوف ما يطرح، على أن نوسع في الوقت نفسه من شروطنا الداخلية بدءاً من صدورنا، ونهاية بمسائل العيب الاجتماعي والأخلاقي وأكوام الموانع الرسمية والشعبية التي ما انفكت تعطل كل تجربة وكل مشروع وكل فكرة لصالح المجتمع تحت مظلة المحاذير التي لا تنتهي.

الرياض، 27/6/2003

 

***

 صورة طيّبة

 

محمد رضا نصر الله

 

نقل إلي الشيخ حسن الصفار، أحد أبرز علماء القطيف، صورة إيجابية عن أجواء اللقاء الفكري المنعقد في مكتبة الملك عبدالعزيز.. كان سعيداً على وجه الخصوص، بحفاوة الشيخ سلمان العودة، وطلبه اجتماعاً مطولاً للتعارف، وتبادل وجهات النظر، ولم يكتف الشيخ العودة بهذا، وإنما خطا بسماحة غير معهودة، نحو تكسير أوهام الصمت، وحواجز العزلة، داعياً الشيخ الصفار لمرافقته في سيارته الخاصة لحضور اللقاء، جذلين بروح التآخي وفضيلة التسامح.. وداعب الشيخ الشيعي زميله الشيخ السني قائلاً: يا ترى لو التقطت لنا صورة، ووزعت عبر موقع الإسلام اليوم.. واطلع عليها شباب المذهبين من المغالين والمتعصبين، ألن تُحدث هذه الصورة أثرها الحميد، في تنفيس الاحتقان النفسي، المزمن بتركة من التصورات المقلوبة، والأحكام الجاهزة الجائرة المغلوطة؟. لم تقف إيجابية اللقاء عند هذا الحد التعارفي الودي.. بل تجاوزته الى حيوية في الخطاب، حين تم الاعتراف بإسلامية الأطراف المدعوة الى مائدة الحوار.

الرياض، 18/6/2003

***

الحوار الوطني

هيا عبد العزيز المنيع

 

الحوار الوطني يعتبر بداية لانفتاح فكري فاعل، وإن كنت ممن يعتقدون أنه جاء متأخرا فإنني ايضا ممن يؤمنون بفلسفة أن يتأخر الخير أفضل من أن لا يأتي.. الشيء الآخر اتمنى أن يكون الحوار أكثر اتساعا لن أقول أن تشرك المرأة فيه بل أن يشارك فيه جميع المواطنين لأن أحد أهداف الحوار كما أتصور هدف تربوي ألا وهو أن نعتاد الخلاف في الرأي واحترام الرأي الآخر. وأتمنى أن تكون نوافذ الحوار مستقبلا أكثر اتساعا. أعتقد أن تعميم فكرة الحوار الوطني يمكن أن تحقق اهدافها أكثر إن لم نحصرها في مركز واحد بل إن الوقت الحالي يتطلب توسيع المساحة لنجد ان الحوار الوطني انتقل إلى مدرجات الجامعة على سبيل المثال. توسيع مساحة الحوار من شأنها أن تعمق فينا جميعا قيمة التعبير الحر مع تأكيد الاحساس بالمسؤولية الوطنية. إن كنا اليوم نسعى لتأكيد الوحدة الوطنية عبر الحوار فلا بأس أن نعتبر ان ذلك جاء متأخراً جدا لأن الوقت الآن يفترض اننا قد أذبنا جميع الأسوار والحواجز ولكن للأسف الآن نكتشف ان الأسوار طالت حيث نحتاج لهدم بعضها لنستطيع بناء الوحدة، الأكيد أن ذلك ليس تشاؤماً ولكنه حرص على تعجيل حركة المراجعة والتصحيح.

الرياض، 28/6/2003

***

 

 

التنوع الاجتماعي والوحدة الوطنية

 

محمد محفوظ

 

الوحدة الوطنية لا تأتي عبر إلغاء الحقائق التاريخية والاجتماعية والثقافية، وإنما عبر احترام هذه الحقائق، والعمل على تهيئة الظروف الموضوعية التي تؤهل تلك الحقائق إلى إبراز مضمونها الوحدوي والتعايشي. إن التنوعات التاريخية والحديثة بما تمتلك من عمق تاريخي واجتماعي، هي أحد الروافد الأساس التي تثري مفهوم الوحدة وحقائقها في الإطار الوطني. ولا ريب أن اللقاء الوطني للحوار الفكري من الأطر والأوعية المهمة التي ينبغي أن تستمر وتتواصل وتتطور في حواراتها وتعارفها الفكري والاجتماعي لبلورة الرؤية والسلوك الاجتماعي وإنضاجها. ويرتكب حماقة بحق تاريخه ومجتمعه ووطنه، ذلك الإنسان الذي يعتقد أن التنوعات التاريخية ليست هويات مثمرة، وإن التمسك بها يعد تفريطاً بالمكاسب الأيدولوجية والسياسة المعاصرة. وذلك لأن التجربة التاريخية وواقع الحال أثبتا أن التنوعات التاريخية المتوافرة في مجتمعنا إذا أحسن التعامل معها، وتبلورت الرؤية الوطنية للاستفادة من حالة التنوع والتعدد، فإن هذه التنوعات من الهويات المثمرة، التي تساهم بشكل نوعي في حماية الوطن ومكاسبه، والدفاع عن عزته وثوابته أمام مخاطر الداخل والخارج. والمبادرة الوطنية التي استهدفت توفير مناخ مفتوح من الحوار والتواصل بين مختلف المذاهب والتعبيرات المتوافرة في مجتمعنا، جاءت لتؤكد أهمية أن يتصالح المجتمع مع نفسه، بطريقة سلمية وحضارية، تتجسد في نظام أخلاقي معاش على أرضية الواقع. وتعلن بصوت عال وعقل ناضج، ضرورة أن نتجاوز معاناتنا الطويلة، بالوعي الكامل لتحديات راهننا، وآمال مستقبلنا.

الرياض، 24/6/2003

***

لا حوار بدون حرية ولا حرية مع الخوف

 

د. وليد أحمد فتيحي   

 

تحت ضغوط الظروف الحالكة على أمتنا، أدركت مجتمعاتنا حتمية فتح باب الحوار الوطني فبدأت بالفعل سلسلة حوارات وطنية، وقد دعيت للحوار الذي دعا إليه أمير منطقة مكة المكرمة يوم الثلاثاء الموافق 24 ربيع الثاني 1423هـ وعنوانه (الأسس العلمية للحوار)، وافتُتحت الجلسة بتأكيد أن الحوار مطلب شرعي ووطني واجتماعي، وكيف أن الحوار أصبح أكثر إلحاحاً نظراً للمتغيرات التي تحيط بنا، وتضمن الحديث أسس الحوار الوطني وثوابت هذا الحوار ومحاوره. إن قدرة الأفراد على ممارسة الحوار في مجتمعاتهم وجني ثمار هذا الحوار، والتي منها تحقيق معنى الوطنية، تعتمد اعتماداً وثيقاً على الحيز المتاح من الحرية للفرد من توفير الحماية له ولحقه في إبداء رأيه. فلا حوار بدون حرية إبداء الرأي.. ولا حرية مع الخوف من غير الله.

عكاظ، 1/7/2003

 

***

حوار لا يؤسس على (الصدمة)

 

عيسى الحليان  

 

(إن الاختلاف والتنوع الفكري سنة كونية وحقيقة تاريخية لذا لا يمكن إلغاؤه أو تجاوزه (....) وإن إدراك الاختلاف والتنوع الفكري واقع مشاهد في حياتنا الطبيعية.. إلخ). هذا النص الجميل.. هو بعض ما جاء في إعلان الحوار الفكري الوطني.. وأهمية مثل هذا الطرح لا تكمن بقيمته.. قدر ما تكمن بمدى الاعتراف به.. ولا ندري لماذا لا يتم الاعتراف بهذه الحقائق إلا عند الصدمات.. فأضعنا وقتاً طويلاً ودفعنا ثمناً باهظاً للوصول لهذه البدهية. إلى متى ستظل الأزمات هي طريقنا للاعتراف بالحقائق الغائبة؟ ينبغي أن نعترف بأن سيادة تيار فكري أُحادي أدى إلى تغييب الحوار الفكري الوطني عقوداً طويلة من الزمن، وأن آثار هذا الإقصاء لا تزال مترسبة في البنية الفكرية والاجتماعية.. وبالتالي فإن النتائج المترتبة قد تفاجئنا على هيئة موديلات متنوعة ومختلفة.. هناك استحقاقات وفواتير يبدو أن لا مناص من سدادها في مواعيدها.. وفقاً لأجندة التاريخ.. إن أي حوار فكري يدور في مناخ مأزوم لا بد أن يكون حواراً استثنائياً فحسب.. وليد مرحلة طارئة..

لكن الحوار الذي نريد لا بد أن يكون حواراً فكرياً يتجاوز الأزمة ولا يؤسس على الصدمة.. وأن لا يكون مجرد حوار انتقائي لا يستوعب كل الرؤى والأفكار.. ينبغي أن نتدبر.. ففي كل أزمة تقفز مسلمات جديدة.. تكون في عداد المحرمات قبل بداية الاحتقان ولكنها لا تلبث أن تعود كمسلمة طبيعية عندما تدلهم الخطوب.. للأسف لا يزال هناك مصطلحات مفخخة لا تراعي التفاعل الجدلي بين عوامل الاستمرار وعوامل التغيير.. وهناك قضايا شائكة ومرحلة قد يؤدي وضعها على الرف إلى تآكل مكتسباتنا الوطنية برمتها. من هنا ينبغي التأسيس لمبدأ الاختلاف من القاعدة وليس من النخبة فقط.. وأن ندشن مرحلة من الحوار الحقيقي الذي لا يصادر الرأي المخالف على حسابات مذهبية أو فكرية أو إقليمية.. أما توصيات هذا الحوار الفكري فهي تحتاج إلى آليات واضحة لكي تأخذ طريقها من الملفات والمحاضر إلى أرض الواقع.

عكاظ، 30/6/2003

 

***

مخلصون ومتربصون

 

هاشم عبده هاشم  

 

قبل ان نتحاور مع الآخرين.. أكدت الاحداث والتطورات.. اننا بحاجة الى حوار مع الذات. حوار يرتقي الى مستوى المسؤولية والظرف.. حوار دافعه الاول والاخير هو الحفاظ على هذه البلاد.. قوية.. عزيزة.. منيعة.. وغير قابلة للاختراق.. حوار يهدف الى مواجهة النفس ومحاسبتها ومراجعة الكثير من انماط التفكير والحياة بهدف اصلاحها. البداية الطبيعية لاي اصلاح.. تكون بتوفر الارادة والتصميم على معالجة اوجه الخلل. الانسان او المجتمع الذي يكابر.. ويرفض.. مبدأ الاقرار بوجود اخطاء.. او مشاكل.. او فجوات.. فإنه يسمح باستمرارها. ان مجرد الشعور بأننا بحاجة الى الحوار.. يمثل حالة صحية تؤكد رغبتنا في ان نصلح احوالنا.. ونطور انفسنا.. وننظف مجتمعنا من كل الشوائب.. وفي النهاية فان المستفيد من هذا هو الوطن..  وان المستحق لهذه الفائدة هو المواطن.

عكاظ، 28/6/2003

***

 

نعم لمساحة أكبر للحوار الوطني

 

مازن عبد الرزاق بليلة

 

طرح حوار جدة أهمية الانتخاب، والانفتاح الصحفي، والسماح بمزيد من الحريات الفكرية، وإزالة كل المتناقضات الاجتماعية، ذات طبيعة الكيل بمكيالين، وأهمية تطبيق الإصلاح الإداري، من أعلى الهرم للقاعدة، وإيجاد وسائل للمحاسبة، ذات أثر إيجابي وفعال، مع التركيز على أهمية تبني حسن الظن والثقة، فيما يقال ويطرح، من حوار مهما كان صعباً ومباشراً وناقداً، طالما توفر حسن النوايا، والثقة المتبادلة، وهناك أهمية لإعادة هيكلة التعليم، بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل، وتخفيف حجم البطالة، وإيجاد صيغ مرنة، للتعامل مع القضاء التجاري، ونظام المرافعة والمحاماة، وتوفير دور أكبر وفعال للمرأة في المجتمع، والمشاركة في الشأن العام، ونشر الثقافة السياسية، والوعي السياسي، بين صفوف الشباب.

منتديات الحوار، تمهد لولادة متعسرة لمجالس سعودية أكثر فعالية، تشكل نواة لبرلمانات، مختلفة، عن السابق، برلمانات حرة في الشكل والمضمون، تتوفر فيها درجة كبيرة من الصراحة والشفافية، وتتجاوز الرسميات، وتعبر عن نبض الشارع، وبرلمانات تحقق الهدف من وجودها، وهو توسيع المشاركة في الشأن العام، وأعتقد أن تجربة الشورى، ومجالس المناطق، وأنظمة الحكم، التي مضى عليها الآن ما يقارب 15 عاماً، جديرة بالمراجعة والتقييم، والتطوير، ومن المهم أن تكون هذه المنتديات، وأسلوب الحوار الجدي والمباشر، من أبرز معالم المرحلة المقبلة للتخطيط السياسي في السعودية. نحن لسنا بحاجة إلى مراكز متخصصة للحوار الوطني، قد تزيد فجوة العزلة مع نبض الشارع، بل نحن بحاجة لتوسيع رقعة وتعميق مساحة الحوار الوطني، بين المسؤول والمواطن، وبين المواطن والمواطن.

الوطن، 28/6/2003

***

 

الحوار الوطني.. التعامل مع الضرورة

 

حمد الباهلي 

 

التقت ثنائية الفهم لضرورة الحوار الوطني بين الامير عبدالله ومن نادوا واقترحوا هذا الحوار. وعندما تتقاطع رغبة الادارة السياسية مع ضرورات التطور المجتمعي وضرورات الانخراط في المنظومة العالمية تشرع كل الابواب للابداع السلمي الذي يحقق الهدف ويحول دون انفلات نزوات الضرورة الشريرة التي قد تنمو في اجواء انعدام الشفافية او محاولة اختزال الاسباب. بلادنا ليست المبتلاة الوحيدة بشيوع القراءات الفردية الخاطئة لتعاليم الاسلام السمحة وما نجم وينجم عن هذه القراءات الخاطئة من قتل للابرياء ودمار للممتلكات وتفش لمشاعر الحقد ونمو لنوازع العنف.. العزاء هو ان الجميع هنا شعبا ودولة قد تنبهوا لخطورة الوضع وبدأوا الحوار الوطني.. السؤال هو في كيفية تفعيل ما جاء في عناوين المشروع والاصرار على ضخ الحيوية في توصياته من خلال المساهمة المباشرة والشجاعة في العمل والتعقيب على هذه التوصيات واغنائها بالاضافة والاقتراح. واذا كان التساؤل مشروعا عن كيفية الاعداد لهذا اللقاء ومدى مصداقية صفته التمثيلية، فان المسئولية الوطنية تقتضي الاعتراف بجوهر الامور وواجب المساهمة في تعضيد هذا المشروع العظيم. ما العمل؟ العمل هو في المزيد من العمل وفي المزيد من حرية التعبير واحترام الرأي الآخر لتفعيل توصيات هذا المؤتمر النواة.

اليوم، 19/6/2003

***

 

قواعد منهجية في الحوار الوطني

محمد محفوظ

 

بالحوار نستطيع أن نفهم بعضنا، وبه تتكرس قيم التواصل والتفاهم، ومن خلال تقاليده وآدابه ونتائجه نتخطى واقع الانقسام وحالات الجفاء والتباعد. وبالتالي فإن الحوار الوطني المستديم، هو الذي يمد واقع الوحدة الوطنية بالمزيد من الحيوية والفاعلية. وذلك لأن الحوار المفتوح على كل القضايا والأمور والذي يدار بشفافية ونزاهة، يساهم في تجلية حقائق الوحدة الوطنية، ويجعلها على قاعدة صلبة من الوعي والمعرفة والإيمان. المنهجية السليمة للحوار، تقتضي أن لا نطلق الأحكام على بعضنا البعض جزافا، وإنما نحن بحاجة بشكل دائم إلى المعرفة والتعارف، وإلى الفهم والتفاهم القائم على الوعي والعلم.. فالحوارات العلمية المرتكزة على القواعد العلمية الدقيقة، هي التي تطور مستوى المعرفة المتبادلة، وتخرجنا من دهاليز الريبة وسوء الظن. والتحديات الداخلية والخارجية، تلزمنا جميعا إلى تعميق خيار الحوار والتواصل في أجوائنا الداخلية، وهو الطريق الحضاري لتعزيز مفهوم الوحدة الوطنية، وتجاوز كل المخاطر التي تواجهنا. من هنا فإن الحوار الوطني، لا يستهدف فقط التعارف بين مدارس المجتمع وتوجهاته المتعددة، بل يستهدف أيضا صوغ برنامج وطني متكامل، يتبنى العيش المشترك والسلم الأهلي واحترام حقوق الإنسان وتطوير الحياة الاجتماعية والاقتصادية. لذلك كله فإننا نرحب بكل مبادرة وطنية للحوار والتواصل، ونتطلع إلى أن تسود ثقافة الحوار والتسامح كل محيطنا وفضائنا الاجتماعي والثقافي. وإننا اليوم بحاجة إلى جهود حقيقية لتعزيز هذا الخيار وتجاوز كل ثقافة ونهج استئصالي، لا يؤدي بنا إلا إلى المزيد من الإرباك والضياع. ويخطئ من يتعامل مع مبادرات الحوار بعقلية الخاسر والرابح أو الغالب والمغلوب. وذلك لأن الوطن كله هو الرابح حينما تسود لغة الحوار وتتكرس تقاليد التواصل، وحين ننبذ جميعا داء الاستئصال والعنف.

الرياض، 1/7/2003

***

نريده مؤتمراً وطنياً مستمراً

محمد رضا نصر الله

 

هذه المبادرة تشير الى استعداد قوانا الاجتماعية، بتبني قضايانا الوطنية، وعرضها على مائدة النقاش.. فقد استوت مشاكلنا ونضجت أسئلتنا.. وهذا ما يدفع العلماء والمثقفين وذوي الرأي والمعنيين بالشأن العام، الى المطالبة بتمديد هذا اللقاء الأول، الى لقاء ثانٍ وثالث يُدعى إليه أكاديميون ومثقفون ونشطاء اجتماعيون؛ بحيث يكون مؤتمراً وطنياً منعقداً على الدوام، لاستقبال جملة القضايا المعلقة.. وقد أصبحت عائقاً دون اندماجنا في المجتمع العالمي.. وحسناً أنه بدئ بلقاء العلماء: سلفيين من نجد، وصوفيين من الحجاز، وشيعة من القطيف والأحساء، والمدينة المنورة، وإسماعيليين من نجران.. فهذا اعتراف بحالة التعدد المذهبي في المملكة، الذي هو إثراء للخطاب الإسلامي العام، وتحريك لشخصيتنا الوطنية وتعميق هويتها، متى ما تم الحوار بين هؤلاء على أسس من احترام وجهة النظر الأخرى، وتقديم المصلحة الوطنية العليا على أي اعتبار، خاصة في هذا الظرف، الذي تواجه فيه بلادنا الغالية حصاراً من التحديات، سوف نكسر طوقه بتوحيد موقفنا الوطني، وإصرارنا المتفاني على الوحدة.

الرياض، 17/6/2003