أيديولوجية العنف الدموي في الرياض

 

استحوذت تفجيرات المحيا في الرياض في نوفمبر الماضي على اهتمام وسائل الإعلام الرسمية والمحلية بمختلف أنواعها. وقد ترافق مع الحدث (توبة) شيخين معتقلين كانا ينظران الى العنف ويمنحانه شرعيته، وهما علي الخضير وناصر الفهد، جاءت بهما وزارة الداخلية ليعترفا بخطئهما علانية أمام كاميرات التلفزيون. أيضاً أُلحق بالحدث الأساس، دعوة جاءت عبر قناة الجزيرة من الشيخ سفر الحوالي ومحسن العواجي للتوسط بين دعاة العنف والحكومة. ثلاثة أمور كانت إذن مدار بحث الصحافة المحلية، وكلّها تصبّ في موضوعة العنف المزمن في المملكة.

لقد نوقشت مسببات العنف المرة تلو الأخرى، وقد جاء التركيز طاغياً على الجذور الفكرية للعنف، وهناك اتفاق بأن التطرف الفكري منتج محلّي (من السلفية) وهي المذهب الرسمي للدولة. وهناك اتفاق بأن التطرّف الفكري جاء بتشجيع من الدولة قبل أن يصل الى حريمها ويهدد شرعيتها. وهناك إتفاق بين الكتاب بأن العنف سيتستمر لمدة أطول، وأن لا حلول (أمنيّة) له. وأخيراً هناك اتفاق بأن العنف يشكل خطراً كبيراً ليس فقط على المجتمع ومنجزاته بل على قواعد الدولة وبقائها.

في استعراض الحلول، القليل خصّص أو تطرّق الى (الإصلاح السياسي) أو معالجة الدولة لأوضاع البلاد الإقتصادية والإجتماعية، وهي أوضاع حرجة تعزّز دعوات العنف، ومع ذلك لم تنل هذه الموضوعات تحليلاً واهتماماً كافياً، فيما كان التشديد يدور حول (تجفيف المنابع الفكرية) والتي تشمل كل ما لدى السعوديين من أفكار منتشرة في وسائل التعليم والإعلام والمساجد وغيرها.

بالطبع هناك من كتب عن مشكلات الفتيا، حيث المتصدين لها كثر ومن مختلف التوجهات. فالفوضى في الإفتاء (رغم وجود مفتي) سهلت خروج من أفتى بكفر الدولة وحربها. وهناك من الكتاب من عالج الموضوع الفكري من جهة أن المتسببين في العنف (خوارج) في التفكير والمنهج، وأكثر الكتاب ألمحوا الى هذا التشابه. وهناك من أراد أن يلقي باللائمة على الخارج، سواء كان دولة مثل العراق التي جاءت بالسلاح أو أفغانستان التي تطور في حضنها تفكير السعوديين باتجاه العداء للدولة، أو كان واسطة إعلامية كقناة الجزيرة التي حمّلها (بل وهددها) السعوديون بحرب، لأنها تحرّض على العنف المحلي!

استغرق موضوع الحوار (مع الإرهابيين) الكثير من صفحات الجرائد وعلى مدار أسابيع.. وتبين أن الأكثرية تبنّت الخطّ الرسمي، أي رأي وزارة الداخلية، الذي يقول لا حوار مع من مارس العنف، ولكن مع من لم يمارسه. وطفحت الصحافة بمقالات تهاجم الحوالي والعواجي وتعتبرهما الجناح السياسي الإنتهازي لدعاة العنف وأنهما يساومان الوطن على أمنه واستقراره، بغرض المزيد من (طلبنة) الدولة.

أما (توبة) الخضير والفهد، فكان هناك احتفاء بها، وكأنها نصر للدولة على دعاة العنف، أو أن العنف سيتوقف. ولكن ما لبث أن أعيدت قراءة المشهد من جديد، فخرجت معظم الكتابات لتقول بأن العنف سيستمر وأن التوبة لن تفيد كثيراً وإن كانت جيدة. كما أن التوبة لن تلغي الحكم الشرعي الذي سيصدر بحقهما. وقد انتقدت مقالات عدة تضخيم (الإنتصار) الحكومي على رموز التطرف المعتقلين، واعتبرت ذلك جزء من مشكلة البلاد المغالية يميناً ويساراً، بل وعدت الإحتفاء بالخضير مؤدياً لمزيد من العنف.

 

 

 

التطرف والسؤال المغيب

عبدالعزيز الخضر

 

ليس السؤال الآن لماذا ينحرف الشباب الجاهل ويتجه للتطرف والعنف؟ وإنما السؤال الأكثر تعقيداً: لماذا ينحرف طالب العلم والشيخ ومن عاش سنوات في تعلم الشريعة ثم يتجه للتطرف في آرائه ولغته باسم الدين، ويخطئ السلوك الصحيح؟! لا توجد موجة تطرف وعنف ديني إلا وأمامها أسماء علمية.. نطلق على بعضهم (المدعو) في حالة الغضب منه أو (الشيخ) في حالة الرضا عنه! نحن لسنا أمام نماذج شاذة تحدث كل نصف قرن مرة، وإنما كل بضع سنوات، وهذا يوجب إعادة التفكير بهذه القضية حتى لا يتحول الدين إلى ألعوبة، والمجتمع إلى محطة تجارب يصدم بين فترة وأخرى بمثل هذه الموجات الصدامية وخلق الأجواء المتوترة... ثم التراجعات العلنية أو المبطنة، وما يترتب عليها من تغرير بأجيال من الناشئة، وصعوبة إعادتهم للحالة الطبيعية.

الوطن 26/11/2003

***

الحوار المرفوض والحوار المفروض

محمد علي الهرفي

 

أتفق مع كل الذين قالوا إن الحوار مع من ارتكبوا جرائم شرعية لا يصح مطلقا وهو حوار مرفوض.. أما الحوار المفروض فهو مع من لم يرتكب جناية وإن كان يحمل أفكارا مشابهة لأفكار أولئك، لأن مبدأ الحوار لا يكون إلا مع المخالف، هذا أولا؛ وثانيا لأن الهدف ألا تتكرر مثل تلك الأفعال التي تسيء لمجتمعنا. فإذا كان الحوار يوصل إلى مثل هذا الهدف فما المانع منه؟ ثم إن مجرد التفكير في جريمة أيا كانت ثم ترك هذا التفكير بعد ذلك يعد حسنة ومزية، لأن الإسلام لا يعاقب على الأفكار وإنما على الأفعال.

الوطن 25/11/2003

***

الإرهاب الفكري المتجذر: المزيد من الأبطال!

قينان الغامدي

 

إذا أردنا الخروج من نفق التكفير وما ينتج عنه من إرهاب فإن علينا أن نتجاوز الفرح العارم بتراجع الشيخين (الخضير والفهد) عن فتاواهما التكفيرية، إلى ما هو أهم، فالخضير، والفهد نقطتان في بحر الإرهاب الفكري الواسع، الذي يضرب بجذوره العميقة في مجتمعنا. لا شك أن تراجعهما جيد ومفيد، لكن التعويل على هذا التراجع في اجتثاث بذرة الإرهاب من جذورها يعد وهماً كبيراً قد يقودنا إلى ما هو أفظع وأشنع. وأود هنا أن أقول تابعوا الفتاوى والأفكار التي يتحدث بها علماء وفقهاء سعوديون عبر الفضائيات والصحف لتعرفوا مدى عمق وخطورة ما أقصده، وتعلموا أن تراجع الخضير والفهد قد يذهب سدى في ظل هذا التيار المتجذر الذي يحيط نفسه بحصانة وقدسية وهمية.

الوطن 25/11/2003

***

(السؤال) المسكوت عنه

زياد بن عبدالله الدريس

 

السؤال هو: الأدلة والبراهين التي أوردها الخضير والفهد في الموقف من تكفير المسلمين وقتل المعاهدين وطاعة ولي الأمر ليست جديدة علينا نحن البسطاء، فنحن نعرفها ونعهدها كثيراً، فكيف تكون جديدة على الشيخين؟! هذا التيار كان يبني فتاواه التكفيرية على أدلة وبراهين لا تقلّ عدداً عن الأدلة والبراهين التي يسوقها الآن في تراجعاته ونقض مبادئه السابقة، ولأننا نعلم أن (النص) حمّال أوجه فما الذي جعله يؤمن الآن بالوجه التسامحي للنص بعد أن كان يؤمن بنقيضه من قبل! إننا نطرح هذا السؤال المتداول لأننا لا نريد من الشيخين وغيرهما نقضاً للفتاوى فقط، بل نريد نقضاً لآليات تلك الفتاوى، نريد أن نعرف كيف ينساق هؤلاء إلى الفتاوى التحريضية المشتعلة، هل هي ضغوط الحزبية، أم ضغوط المشيخة والجماهير، أم ضغوط الظروف الفردية؟!

الوطن 24/11/2003

***

مدمن مخدرات أو مدمن أيديولوجيا

مجاهد عبدالمتعالي

 

اليد الأمنية قوية ولكن الإشكال في يد الأيديولوجيا. هؤلاء ليسوا سوى بقايا الخوارج. كلنا نعلم أن أزمة العدل متمثلة في عقول الخوارج على أساس أرضية ميثولوجية مزمنة، تستطيع جذب أي شخص ذا طبيعة ساخنة، وخصوصا شباب المناطق الجبلية. عندما يخنق الشاب ولا يتاح له توجيه طاقته يبحث عن خلاص ومتنفس لكن بمواصفات متسامية على القانون والعرف، وعندها فالأيديولوجية الوحيدة التي تقدم له هذا الخلاص هي ما يجده في فكر الخوارج منتقما في حقيقته للكبت الذي عاناه وخلاصا متساميا لحياته المخنوقة. الغريب أننا نفترض في شبابنا القفز لمرحلة الرشد الأربعينية مقدمين لهم ضغوطا مؤدلجة لكبسهم، مما يجعلنا ننتج أحد صنفين، إما مدمن مخدرات أو مدمن أيديولوجيا، ولهذا فنحن نخرج أجيالا حدية كحدة أفكارنا التي لا تقبل سوانا، فدواخلنا لا نسمع من خلالها سوى صوت نحن ونحن فقط.

الوطن 23/11/2003

***

(التوبة) هل ستنزع فتيل العنف؟

عبدالرحمن محمد اللاحم

 

زلزال إعلامي أحدثه التلفزيون السعودي بعرضه لقاءً مع أحد رموز الفكر التكفيري وكبير منظريه علي الخضير. الغريب أن بعض المتفائلين صنف ما حدث على أنه بداية لمغيب شمس التطرف! لأننا للأسف تعودنا أن نختزل العنف الفكري بأشخاص وراهنا على زوال الظاهرة فور تراجع أو توبة أولئك الأشخاص دون الالتفات إلى معين (التطرف) الذي لا يريد أن ينضب. ماكينة الإعلام لم تتحرك إلا عند وصول الخطر إلى المناطق المقدسة من تكفير الدولة ومؤسساتها ورموزها أما ما دون ذلك فيبقى الأمر متاحاً وملعباً مفتوحاً للهواة والمحترفين من حملة أفكار التطرف. لم يحرك الإعلام ساكناً لأن المعركة كانت بعيدة عن الحصون الرسمية كما أن مثل تلك الفتاوى لم تجد لها حيزاً في اهتمام المؤسسة الدينية التقليدية المنشغلة في إصدار فتاوى لا تقل تطرفاً.

الوطن 23/11/2003

***

 

أفغانستان مصدر الشرور!

على الخشيبان

 

أفغانستان لم تكن سوي تجربة قاسية مررنا بها جميعا ولعبت السياسة العالمية فيها دورا كان أوله حرب على الشيوعية وأوسطه حرب داخلية وآخره فكر طالباني نما في كنف جماعة من المكفرين. ماذا جنينا من أفغانستان؟ الفكر الذي نما في مجتمعنا حول الظاهرة الأفغانية لم يكن سهل الاجتثاث بمجرد انتهاء الحرب واتضاح الحقائق، إن ما لم ندركه هو ذلك الكم الهائل من تأصيل المنهج الأفغاني في عقل المجتمع الذي خلا من متاريس التحصين الفكرية وصار المجتمع ينقاد خلف خطبة أو رسالة أو شريط وينسى أن لديه عقلا يفكر فيه. إن فكرا سياسيا لديه الرغبة في الثورة والقتل هو أحد أهم الشرور التي نجنيها من أفغانستان التي وجد فيها الفكر الخارجي مرتعه الجديد بعد أن تم القضاء عليه في صبح التاريخ الإسلامي.

الوطن 21/11/2003

***

 

الخيار الأمني ليس حلا

حمزة قبلان المزيني

 

الحل الأمني ليس الأمثل في المدى الطويل. علينا أن نعالج الجذور التاريخية التي كانت هذه الهجمات الإرهابية ثمارا مرة لها. فهذه الهجمات هي النتاج الحتمي للأدلجة التي تعرض لها مجتمعنا لأكثر من أربعين سنة. كانت الخطوة قصيرةً جدا بين هذا الغلو الأيديولوجي غير المتسامح والعمل على تغيير الوضع بالقوة إلى ما يتماشى مع هذا الغلو. وقد تطور هذا الغلو ليصل إلى تكفير أو تفسيق المخالفين ثم إلى تكفير الدولة وهو ما يسوغ الخروج عليها. البديل طويل الأمد للحل الأمني، هو العمل على تفكيك بنية الغلو التي تنتج الشخصية القابلة للانخراط في سلك التفجير والمفجرين.

الوطن 20/11/2003

***

حول مسألة الحوار

عادل بن زيد الطريفي

 

كثيرون تحدثوا بعد الهجمات عن مسألة الحوار، والذين رفضوا الحوار كانت حجتهم واضحة: كيف لنا أن نحاور من يقتلنا غيلة؟ وإذا ما أردنا الحوار فمع من نتحاور؟ مع من لا نراه إلا بآثاره التدميرية؟ وبعض الشيوخ الصحويين والسلفيين الذين كان خطابهم وقودا لهذه المعركة انطلقوا ينتقدون من لا يرغبون بالحوار، واصفين إياهم بالذين يحظرون حرية الرأي، ويهددون بالمقابل بأن ذلك قد يقود إلى جزائر أخرى. هم صادقون في ذلك ولكن السبب ليس كما يقولون بأنه ناتج عن عدم الحوار مع هؤلاء، بل في أن هذه الجماعات الإرهابية هدفها قلب المجتمع الجاهلي وإعادته إلى ما يعتقدونه الصواب (الإسلام الحق).

الوطن 19/11/2003

***

يا أهل الحل والعقد: حددوا طبيعة المرض

عبدالله ناصر الفوزان

 

لا تهمني تلك الاستنكارات ولغة الشجب الغاضبة. قد يُقنع لو كانت المسألة لحال شاذة قوامها شخصان أو خمسة أو حتى عشرة، ولكننا نرى أن مئات من شبابنا، وربما آلاف منهم، سلكوا هذا المسلك الخطير لوجود أرضية صالحة، ووسائل مقنعة لهم، وأسلوب ومكان للتجنيد الفكري، ومرجعيات وبيئة خصبة تسمح بذلك، ولا يمكن أن يكون مقنعا لأي متأمل أن يقال له إنهم ضلوا أو أن الشيطان أغواهم، فنحن نواجه ظاهرة واضحة لا بد من أن تكون لها أسباب قوية، ومن المفروض أن نحلل هذه الظاهرة، ونتتبع أسبابها بطريقة مقنعة. كيف أصبح شبابنا صيدا سهلا لمصائد التجنيد، ولماذا تكاثرت الخلايا المنحرفة لدينا تكاثر الأرانب، وتفجرت على ذلك النحو المروع، وما هي المراجع الدينية المكتوبة التي استقى منها ويستقي هؤلاء الشباب أفكارهم، وأين هي يا ترى؟ وهل يعقل، أن تكون هي الأخرى شيطانية، لا وجود لها إلا في عقول الشياطين؟. ثم ألا يفترض أن تكون كثيرة ومنتشرة بمقدار تكاثر الشباب المنحرفين وانتشارهم؟.

الوطن 17/11/2003

***

ما يطلبه المجاهدون!

زياد عبدالله الدريس

 

الفرق كبير بين مفهومي: الحوار والتفاوض، إذ الحوار نسق عقلي والتفاوض نسق مادي. فالأخير يستدعي تقديم تنازلات والخضوع أحياناً لابتزازات غير مستحقة، بينما الحوار نسق فكري يتكئ على الاستدلالات والبراهين العقلية التي لا تخضع لدونية التفاوض. يقوم بعض دعاة الحوار بتقديم نموذج تفاوضي مشبع بالتنازلات والابتزازات، فيقوم دعاة القوة كرد فعل طبيعي، لا برفض هذا النموذج الملتبس فحسب، ولكن برفض فكرة الحوار برمتها! الدعوة هنا للحوار مع المتطرفين وليست مع الانتحاريين، ويبقى سؤال موجه إلى الذين يدعون إلى إغلاق باب الحوار، ما هو البديل؟ لقد تكررت مقولة (الحديد والنار) كبديل عن الحوار، لكننا لم نفطن إلى أننا نهدد بالحديد والنار أناساً مدعوين من لدن الضفة الأخرى إلى الانتحار والموت.. بالحديد والنار أيضاً! سيناريو عجيب: فهؤلاء الملوثون فكرياً إن تمكنت منهم المؤسسة الرسمية عاملتهم بالموت عقاباً، وإن تمكنت منهم المؤسسة الإرهابية دعتهم إلى الموت انتحاراً. أي إن الصورة الموجزة للتهديد هي: إن فكرت في الانتحار فسأقتلك! إذا كان الذي تريد أن تخيفه وتهدده بالموت هو نفسه يلعب بالموت، فما الذي يبقى أن تخيفه به؟

الوطن 17/11/2003

***

الفتوى أساس البلوى!

خالد صالح السيف

 

هذه الاقترافات الإجرامية قد سبقتها فقهيات تكفير ذات عقلية احترابية، تنزع إلى الأحادية وتحترف موبقات التصادم! وتستشرف مجتمعات ملائكية وتصر قولا وفعلا أنها تمارس الوصاية هدى واستقامة على بقية الخلق! ولا تجد غضاضة في أن تسفر عن يقينيتها بأنها تتحدث بالإنابة عن الله تعالى! هذه الفقهيات التكفيرية ليس لها أدنى أثارة من علم شرعي معتبر! غير أنها تجاسرت إذ توسلت بـ: القراءات الخاطئة لنصوص يتم اجتزاؤها بإجرائية تسويغية! صنعها العقل الباطن فيما بيت عمله سلفا!. الافتقار للفقه الراشد بآلياته الفاحصة، أوجد مناخا هشا من شأنه أن يهيئ لفهوم معوجة، اشتغلت على إجابات متعجلة لجملة كبيرة من أسئلة يترتب عليها مصير أمة. وأحسب أني ضامن في اجتثاث هذه الفهوم المعوجة متى ما تجاسرنا كلنا وبتنا نتكاشف بشفافية وكسرنا صنميات هالات التقديس.

الوطن 17/11/2003

***

لعبة الموت

سليمان الهتلان

 

هكذا هي لعبة الموت في بلادي: اقمع كل الأصوات التي تحاول كشف فكر التطرف وثقافة الكره. كفر كل من يختلف معك. عزز خطاب التجهيل وكرس برامج التخلف. أصدر فتاوى التكفير ضد الدولة وكل من في محيطها. اعزل الناس عن النور طويلاً كي تصبح رؤية النور ضرباً من ضروب الكفر البواح والخروج عن الملة ومبررة للفتك بالأبرياء. اجعل حياة الناس ظلمة وكآبة. حاصر المجتمع بأسوار من الشك والريبة حتى في إنسانيته وبراءته. حول الحياة إلى سجن كبير من المحاذير والتحريم وفتاوى التكفير. ثم إن رأيت أو سمعت من يحاول الخروج من قفص التحريم والتجهيل، ألبسه إحدى التهم الظالمة وأدخله في قفص التصنيفات الجاهزة: (علماني وليبرالي وحداثي وعصراني وماسوني ورافضي).. وكلهم في جهنم خالدون إلا أنت وحدك وقلة من عصبتك. وحينما يقتلنا فكرك ويسفك دماءنا من تغذى على ثقافتك.. فليس عليك إلا أن تمد حبل تبريراتك: فهؤلاء (شباب ضلوا طريقهم) وأولئك (قلة اجتهدت وأخطأت) وهم جميعاً (يريدون الجنة ونعيمها)!

الوطن 16/11/2003

***

هل بقيت لنا خصوصية مزعومة؟!

مازن عبد الرزاق بليلة

 

أحداث العنف الأخيرة، في مجمع المحيا، بالرياض، أثبتت لنا بما لا يقبل الشك، أننا طبيعيون، وأننا بشر، وأن ما كنا نقوله عن الخصوصية السعودية، لنقنع أنفسنا أننا غير البشر، أمر غير موجود، وأنها، أي هذه الخصوصية، وهم، وزال، إننا بشر، ويجب أن نعيش في مجتمع بشري، فيه كل المتناقضات: فيه مسالمون وفيه قتلة، فيه طيبون وفيه مجرمون، مجتمع يحمل في طياته استعداداً بشرياً، للخير وللشر. الشر، للأسف، قد ينجرف في تيار يؤدي لممارسة سلسلة أخطاء لا نهاية لها، أخطاء تقود إلى جرائم لا تختلف عما يحصل من حمامات دم في الجزائر، أوفي جنوب إفريقيا، أو في الشيشان، فإلى أين ستقودنا أحداث المحيا؟

الوطن 15/11/2003

***

من زرع حصد

قينان الغامدي

 

نحن الآن مع الإرهاب نحصد ما زرعه صمتنا، وطيبتنا، بل غفلتنا على مدار أكثر من عقدين من الزمن، فهؤلاء القتلة والانتحاريون بلا مبرر ولا منطق ولا عقل هم تلاميذ أولئك الذين استغلوا عباءة (الدعوة) و(تدثروا بمسوح الصحوة)، وأخذوا يهزون أعواد المنابر، ويصدرون الكتيبات والأشرطة التي تحمل أحكام التكفير وتهم الزندقة والعلمنة والمروق من الدين، ونجحوا في تقسيم المجتمع إلى قسمين: إسلاميين، وعاديين.الإسلاميون هم الفرقة الناجية التي حرّمت على غيرها التفكير فيما تقول، منطلقة من وهم صدقته وروجت له بأن الإسلام في خطر وحوله مؤامرات داخلية تحاك بالليل والنهار، حتى أصبح المجتمع كله موضع اتهامها، ورفعت سلاح الدين المسيّس، وأخذت تنفخ في (الشباب) بالونات الحماس والفداء والجهاد: (أنتم العلماء، أنتم القادة، أنتم جند الله في الأرض، أنتم دولة الخلافة القادمة، أنتم، وأنتم... إلخ) فصدق هؤلاء ما سمعوا ولم يعد يتراءى أمام أعينهم سوى رؤية تلك الأماني التي وعدهم بها أشياخهم أو تلك النعوش الملائكية التي تنقلهم بعد كل جريمة تفجير أو انتحار إلى جنان الخلد في رحاب الصحابة والشهداء.

الوطن 15/11/2003

***

الإفاقة المتأخرة

علي سعد الموسى

 

فرغت للتو من تصفح السواد الأعظم من مقالات كتابنا وردود علمائنا وأئمة منابرنا وجل رموزنا الثقافية على أحداث ليلة السبت الدامية. لم يبق أحد إلا ونثر قارورة حبره كاملة هذه المرة وهي ظاهرة وإن كانت صحيحة إلا أنها تبرز شجاعة لم تأت للأسف في وقتها المبكر. هل كنا نحتاج لهذه الصفعات المتتالية لنعترف أن هذا الخلل نابع من ثقافة بيننا؟ وهل كنا في حاجة لأن تراق دماء الأطفال والنساء من المسلمين في سكن (عربي) خالص في قلب العاصمة لنصحو على الواقع المر الذي كنا نهرب منه؟ حينما جاءت أحداث 11/9 حوصر صوت العقل.. كنا في عالمنا حتى على المستويات الرسمية المسؤولة نتنصل عن دور لأبنائنا في هذه الأحداث. كان همنا حديث المؤامرة. ثم جاء 12/5 ففتحنا فقط نصف العين وأغمضنا عيناً ونصفاً عن باقي الحقيقة المؤلمة وكلنا أغلقنا الأفواه طالما الضحية لا يحمل هويتنا ولا جواز سفرنا: كلنا سكتنا إذ لا بأس أن تذهب روح واحدة بريئة في مقابل السحنات الشقراء المذنبة. هذه هي الحقيقة لكل الإخوة الذين لم يفزعوا إلا على أطلال الكارثة الجديدة.

الوطن 14/11/2003

***

مجتمع حبيس الأحادية المذهبية

علي الخشيبان

 

ها نحن نحصد ثمن سكوتنا عن فئات اختطفت مجتمعنا منذ أكثر من عقدين وها نحن نعيد تساؤلنا الملح الذي رسم سذاجة صمتنا الطويل، من صنع الإرهاب في مجتمعنا؟ الكل مسؤول عن عدم مراقبة ذلك النزف الهائل لفكر تغلغل في العقول، إنها مسؤولية السياسي قبل الاجتماعي، لقد كان المجتمع وأفراده يقادون إلى جلاد جديد ففرضت الضرائب الفكرية وتم تهديد المخالفين وحلت التبعية وانتفت الاستقلالية في الفكر والمنهج، لقد استنزف هذا الفكر عقولنا ثم تحول إلى جيوبنا ليعود إلينا برموزه التي تساوم المجتمع على استقراره وأمنه، إن موقفنا الصامت هو من دعا هؤلاء للحديث والمناورة باسم المجتمع. هل نحن مجبرون لنكون حبيسين لمذهب أو فكر محدد يجد فيه غيرنا أداة تقوض موقفنا؟

الوطن 14/11/2003

***

خيار الإنتهازية: الطلبنة أو العنف

عبدالرحمن اللاحم

 

المثير للاستغراب أن اثنين ممن ساهموا في ترسيخ ثقافة العنف هذه وبدلاً من أن يكفِّروا عن أخطاء الماضي انبروا لتقديم مشروع وساطة مع من تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء مع أن أولئك المفاوضين الأشاوس ما زالوا يدعون إلى تكميم الأفواه ومصادرة حريات الناس بالأدوات نفسها وبالخطاب الإقصائي ذاته وكأنهم أصبحوا أوصياء على هذا المجتمع الذي لا نعلم متى يبلغ سن الرشد حتى يتخلص من هذه الوصاية المقيتة. أين تلك المبادرات السلمية يوم صدرت بيانات التكفير في حق الرموز الفكرية؟ وأين جهودهم السلمية هذه وهم يرون موجة الغلو تجتاح البلد وتهدد مقدراته؟ للأسف فإنهم ركبوا تلك الموجة ولم يصدوها بل ساهموا في زيادتها. ومع أن الوضع الديني السائد في السعودية متشدد في كثير من جوانبه، إلا أنه لم يشف غليل دعاة العنف وذراعهم السياسي فهم يطالبون بمزيد من التشدد وبالتالي بمزيد من العنف. وأنا لا أجد في تلك المبادرة سوى إخراج لطرف السكين ووضع المجتمع أمام خيارين إما الطلبنة أو العنف.

الوطن 13/11/2003

***

العنف يعلّق على مشجب (الجزيرة)!

علي سعد الموسى

 

أعتقد أنها وسيلة خطيرة وأداة إعلامية ساهمت ببشاعة في التحريض على العنف والتشجيع عليه في الشارع السعودي واعتبرها أيضاً أداة تضليل مؤثرة في نقل الحركة الاجتماعية والسياسية السعودية تحديداً. هذه القناة ساهمت في مشروع الإرهاب الذي يتعرض له المواطن السعودي عبر التحريض والتجييش واستضافة العشرات من هواة الإرجاف العرب. لست مبالغاً إن قلت إن (الجزيرة) وضيوفها الجوعى كانوا أكثر المحتفين والفرحين بأحداث الرياض. إن تأثير هذه القناة علينا وعلى شبابنا في حملاتها الإعلامية الكاذبة المضللة لا يمكن مقارنته مطلقاً بتأثير منظومة الإعلام الغربي.

الوطن 12/11/2003

***

المطلوب: معالجة ومراجعة الحالة الدينية

عادل بن زيد الطريفي

 

لا يمكن القول أن الحالة الدينية اليوم في السعودية متسامحة وعصرية، فالأحداث الإرهابية هي نتاج غلو ديني اشتركت المذهبية الدينية السلفية السائدة والأيديولوجيا الصحوية في صنعها في المقام الأول. ومظاهر التشدد الديني تُلمَس كل يوم في خطب الجوامع وأدعية القنوت، والفتاوى المتشددة، والخطاب الديني بمجمله مغرق في التزمت بعيد كل البعد عن حال التسامح واليسر. الحالة الدينية تحتاج إلى إعادة النظر على جميع المستويات، لتحديد الموقف الذي سيسلكه البلد في إطار علاقته مع العالم. إن دعوى الاعتدال الديني غير واضحة اليوم على مستوى المفهوم، أو مرئية على مستوى الممارسة. الغالبية يجب أن تعي أن رفض الإرهاب يجب أن يصاحبه تغيير للطريقة التي يتم التعامل بها مع الأفكار والطوائف أو الأديان بوصفها كافرة أو مبتدعة أو علمانية. ليست هناك مساحة لمثل هذه الأوصاف في مجتمع مدني متسامح وإيجابي يسعى للتعاون مع دول العالم. وينبغي أن ينظر إلى نقد وتقييم المناهج والمؤسسات الدينية وإصلاحها بالطريقة العصرية والحد من تضخم الأدلجة الإسلاموية بمثابة الحل الضروري للأزمة. هذا النوع من الإصلاح يجب أن يقوم جنباً إلى جنب مع الإصلاحي السياسي والاقتصادي.

الوطن 12/11/2003

***

علمت أميركا ولم نعلم نحن

وفاء عبدالله الرشيد

 

تنبأت أمريكا مسبقا بتفجيرات الرياض الأخيرة قبل حدوثها. نصدم في الساعة الثانية عشرة والربع من ليلة الأحد أن بوش ورجاله كانوا على حق وكانوا يعلمون شيئا نحن حرمنا من معرفته أو لم نعلمه أصلاً. هم دائماً يعلمون ويدعون أنهم لا يعلمون عندما يريدون بعكسنا نحن الذين لا نعلم وندعي أننا نعلم دائماً. البلاد تعيش تحديا كبيرا، فإن كانوا يعلمون لماذا لم يوقفوا الحدث قبل حدوثه، ولماذا يحذر الأجانب ولا يحذر أهل البلد أو هل أصبح مواطنونا اليوم بدرجة أقل إنسانية من الرعايا الأجانب. إننا مطالبون اليوم بصحوة حقيقية ووقفة موضوعية للتعامل مع النفس والمستجدات لتجديد الخطاب الداخلي وتنقية الأجواء بطرح موضوعي يدعو لتقليص العوامل والممارسات المسببة لحالة الغليان التي تعيشها البلاد، والتي هي مستفزة لكل من هو محروم منا. فسياسة العزل لا تولد إلا الجفو والإحساس بالغربة واللا انتماء.

الوطن 11/11/2003

***

التراجع والمراجعة

عبد العزيز الجار الله

 

علينا أن نبدأ في التراجع والمراجعة لمسلكنا كأشخاص ومؤسسات وهيئات ومراكز ونعيد تقويم أنفسنا بعد تجربة عشنا فيها بعزلة عن محيطنا المتغير ونحن نعيش كما يقال ونقول خصوصيتنا، التي أعطت منتجاً غير مقبول. لقد فشلنا في تقويم أنفسنا ولم نعطِ الفرصة للآخرين في تقييمنا وتشخيصنا.. ورفضنا كل الأصوات الوافدة أو مكاتب الاستشارات ومراكز الأبحاث التي تشير إلى الخلل الذي نعانيه.. والتركيبة الذهنية وطريقة التفكير التي لا تقود إلا إلى المنتج الذي بين أيدينا الآن. خصوصيتنا المميزة بين شعوب الأرض كانت حاجزاً ما بيننا وما بين المكاشفة التي كنا نحتاجها والتي لو حصلنا عليها في زمن مبكر لأمكننا أن نتجاوز عقبات ما نجنيه هذه الأيام من تصادم وتضاد في الفكر والتوجهات.

الرياض 19/11/2003

***

كل شيء حرام إلا الفتيا!

هيا عبد العزيز المنيع

 

هل الفتاوى تدخل المعامل ليثبت صحتها من عدمه؟ اصبح الكل يفتي بل ويوزع فتاويه عبر منشورات او اشرطة دون ان يخضع للمحاسبة او المساءلة وكأن ذلك فقط هو المباح في البلاد دون ضوابط؟ مع العلم انه اخطر في تأثيره من رواية او ديوان شعر تمنعه وزارة الثقافة والاعلام بحجة او اخرى. علينا الآن ان نرفض انتشار تلك الفتاوى المنفردة والمتطرفة في مجالها وليس فقط في مجال الارهاب بل في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والتي اعتمدت مبدأ سد باب الذرائع.

الرياض، 22/11/2003

***

جذور العنف متعددة

أحمد بن محمد العيسى

 

تتابع الأحداث واكتشاف مزيد من الخلايا النشطة ومزيد من الأسلحة والمتفجرات ثم تنفيذ التفجير الإرهابي الأخير، أكد ان الأمر أكبر من مجرد حدث عارض وأن التهديد أصبح حقيقياً. هذه الظاهرة هي تعبير عن أزمة في التربية.. كما أنها تعبير عن أزمة في الفكر والتنمية.. بل هي تعبير عن تخلف حضاري تراكم عبر السنين فانفجرت شظاياه في كل اتجاه. لقد نتجت عن تراكم الأخطاء خلال عقود من الاستبداد والتزييف السياسي والمتاجرة بالدين من قبل حكومات وأحزاب وجماعات وعلماء دين. كما أنها نتيجة لتسييس الدين ومحاولة تطويعه لخدمة أغراض شخصية أو مطالب اجتماعية أو برامج سياسية. بل هي نتيجة لثقافة سياسية سطحية غوغائية. هي تعبير عن غضب عارم يعتمل في صدورنا منذ سنوات ولكنه لم يجد القنوات الصحيحة للتعبير عنه فانفلت عقال شباب متهور ليعبروا عن هذا الغضب بأبشع أنواع التعبير. كما انها نتيجة لغياب النقد الحكيم وغياب الشورى والحوار الجاد.

الرياض 25/11/2003

***

العراق مصدر الإرهاب

عبد العزيز السويد

 

غريب أمرنا نقبض على ثلاثة آلاف متسلل من العراق إلى بلادنا خلال ثلاثة أشهر ولا نسمع حساً ولا خبراً في هذا الشأن، وسلطات احتلال العراق ومن ينوب عنها يلقون التهم على بلادنا بألسنة طوال حداد كلما حدث تفجير في العراق المحتل. ماذا نتوقع من سوق للسلاح في العراء طوله أكثر من ثمانمائة كيلومتر، السلاح في العراق برخص التراب، فمن المتضرر إذن، وعلى من يقع اللوم، الا يقع على الذي حل حرس الحدود والجيش العراقيين؟

الرياض، 12/11/2003

***

الإصلاح السياسي هو الحل

عبد العزيز السويد

 

يجب ألا تؤثر مثل هذه الأحداث (العنفية) على سير حركة الإصلاح في بلادنا بل إنها تحث على السرعة والعمل الدؤوب في هذا الاتجاه، ويجب ألا نلتفت لمن يريد عرقلة هذه الجهود بالتهوين منها أو نسبها رد فعل لما حدث، بل إن مشاهدة ثمار الإصلاح رأي العين يقطع الطريق على العابثين والمشككين، فما يجب أن نفكر فيه هو الواقع الذي نعيشه، وإلى أين سنتجه؟.. وإذا كنا شاهدنا وعشنا ما حدث في دول عربية شقيقة قبل سنوات طويلة ولم نستفد منه في مواجهة الإرهاب، رغم أنه يكرر نفسه، فالأولى في الوقت الراهن ألا نكرر الخطأ الجسيم في قضية الإصلاح.

الرياض 15/11/2003

***

العنف يختطف الإصلاحات

عبد الله القفاري

 

لم يبق لدعاة الإصلاح الحقيقيين من مهلة لاكتشاف أن هذه الممارسات (العنفية) ستعطل حتماً كل دعوى إصلاحية حقيقية تستهدف نقل المجتمع من حالة الاختناقات والاحتباسات التي تثقب جدرانه إلى مستوى العمل الكبير والفاعل لادراك أن أي محاولة للتبرير أو السكوت أو التغاضي أو التشفي إنما هو تدمير لمشروعهم الإصلاحي. المتضرر الأكبر، هي عملية الإصلاح ودعاتها الناشطون، الذين سيجدون انفسهم في العراء أمام قوى الظلام. من المهم أن يدرك الناس أنه في أجواء المخاوف التي تصنعها هذه النشاطات، ستخفت اي مشروعية للحديث عن الاصلاح ومواجهة اختناقات الحاضر لصالح تقوية الجهاز الأمني الذي يحمل مشروعية التضخم في هذه الحالة. المهم أن يتم صناعة خطاب وطني رافض لهذه اللغة الدموية، ومدرك لخطورتها على مستقبله.. وفي نفس الوقت يدفع باتجاه الإصلاحات الحقيقية والفاعلة التي تصبح بذاتها خير رد على محاولات التغلغل إلى نسيج الوطن وتفتيت وحدته.

الرياض، 17/11/2003

***

السلفية مخزن الظاهرة الإرهابية

محمد بن علي المحمود

 

الظاهرة الإرهابية ستبدأ في الضمور، وهذا ما سيعطي انطباعاً مغلوطاً بانحسارها، وانتهاء أمدها. لكنها في حقيقة الأمر لن تلفظ أنفاسها على المدى المنظور، مهما تلاشت مظاهرها، وتراجعت رموزها، وتغيرت قناعات منظريها، فما دام المخزون الاستراتيجي الفكري لها يحظى بالإمداد المتواصل، فإنها سوف تكفل لها الاستمرار. وقد لا تكون إعادة الإنتاج على هذه الصورة التي رأيناها، لكنها ستظهر على نحو ما، بأوجه متعددة، قد تكون أكثر بشاعة. السلفية التقليدية غير قادرة على تقديم الحلول لإشكالية التطرف/ الإرهاب، فالإرهاب يتكىء على مقولاتها، ويصدر عن وعيها. وفي حقيقة الأمر فإن السلفية تنطوي على تأزمات مزمنة تجعل من تموضعها في الواقع الراهن مصدر إشكال، لا حلاً له. إذا كانت السلفية تطرح خطاباً ترويضياً، بوصفه حلاً لإشكاليات التطرف الراهن، فإن ما يتراءى حلاً في المدى الزمني القريب، هو ما سيكون أحد مسببات الإرهاب في المستقبل، إذ ليس بوسعك أن تلغي الحراك الاجتماعي، وإنما أن تقدم الحراك البديل، فتملأ الفراغ، والسلفية لا بديل لديها، فهي في الحقيقة لا تحل الإشكاليات التي يعاني منها المجتمع المعاصر، وإنما تميت إحساس المجتمع بإشكالياته، وبهذا فهي لا تحل الإشكال، وإنما تؤجله إلى حين. السلفية التقليدية بطبعها أحادية الرأي، تسفه الآخر المختلف، وتبدعه، وتضلله، وأحياناً تكفره. وبهذا، فهي مهما أظهرت من مرونة، ومن تسامح، فهي تنطوي على جذر إرهابي، ينفي الآخر، فأنساقها الكامنة أنساق حادة، لديها القابلية الفائقة للإرهاب. السلفية التقليدية تطرح نفسها بوصفها البديل الوحيد لكافة أطياف التنوع الموجود ولا شك أن الوعي الذي يلغي الآخر المختلف وعي اقصائي في استراتيجيته العامة، سيولد الإرهاب ولو بعد حين.

الرياض 27/11/2003

***

الفرحة.. والعودة!

جهيّر بنت عبدالله المساعد  

 

آمل الانتباه إلى أننا نواجه فكراً منحرفاً لا أشخاصا، هذا الفكر وليد مناخ عام من سماته الإفراط في قبول الغلو والتطرف. إن التطرف الإعلامي بعودة التائبين يعود بنا إلى (مناخ) نسعى جميعاً للتخلص منه. إن تحويل المذنب إلى عظيم، والتائب إلى إمام، والطالب إلى عالم، والفرحة إلى مغالاة.. بذور جديدة لنماء الغلو والتطرف. إن الإعلام في فرحته الغامرة وتسمياته الهوجاء.. وتحويله المخطئ إلى معصوم والتائب إلى زعيم.. كأنه يقول لمن هم على درب الدعوة ولم يتجرأوا على الفتوى ولم يبتدعوا ولم يبتكروا.. كأنه يقول لهم افعلوا حتى تصبحوا أبطالاً كغيركم.. تتصدر أسماؤكم افتتاحيات الصحف وتبرز جهودكم في عيون الناس!

عكاظ 25/11/2003

***

أين الطريق؟!

عيسى الحليان  

 

الاحتفالية الصحفية التي صاحبت تراجع الشيخ علي الخضير عن فتاواه التكفيرية.. تدل بوضوح على مدى عمق الأزمة وتجذرها. مثل هذا التراجع وما صاحبه من تغطية إعلامية صاخبة يدفع باتجاه قفزة على حاضنة فكرية بكل تضاريسها المعقدة، كفيلة بإنتاج طبعات مختلفة للشيخ الخضير.. لا يضيرها من يتوب أو يتراجع. إبتسار الأزمة والتعامل فقط مع (منتجها النهائي) لن يصب إلا في إطار تكريس الأزمة وإطالة أمدها. فأعمال العنف نمت في أحضان خطاب اقصائي هادر.. حفل بكل مفردات التكفير والتحريض.. وهذه التفجيرات ليست أفدح منتجاته.. بل أكثرها دموية.. فيما نحتاج إلى وقت طويل لندرك مدى خطورة (المنتجات الأخرى) التي شوشت على فكر العامة وأصابتهم بلوثة فكرية مزمنة. أخطر مظاهر الأزمة اختزالها بهذه التفجيرات.. وأن يكون منتهى طموحنا الحيلولة دون تكرارها.. وتجاوز حصاد حقبة زمنية أطيح من خلالها بأحلام وردية للنهوض بعد تكريس روح الكراهية وشيوع ثقافة الخرافة وتغييب صوت العقل.

عكاظ 21/11/2003

***

دوافع التفجير والعنف

غازي عبداللطيف جمجوم  

 

ما الذي يدفع هؤلاء المجرمين إلى تبني هذه الحرب العشوائية؟ أقرب ما يتبادر إلى الذهن هو اقتناع مرتكبي هذه الحوادث بفكر الخوارج. وهذه الفرضية أقرب إلى التصديق من فرضيات أخرى مثل الخواء الفكري أو الفراغ أو البطالة واليأس بين الشباب. كيف نشأ هذا الفكر في بلادنا؟ هل فشل تعليمنا في تدريب كثير من الشباب على التفكير المستقل والنظرة الشاملة؟ هل فتحنا باب الفتوى أكثر من اللازم؟ هل قصّرت مؤسساتنا في التعريف بالحقوق العالمية للإنسان؟ هل أهملنا دراسة النواحي الفكرية والاجتماعية للحضارات الأخرى وبالغ البعض في تهميش إنسانيتها أو ذهب إلى معاداتها استناداً إلى منطلقات دينية؟ هل قادت طريقتنا في التعبير عن شعورنا بالظلم الواقع على المسلمين إلى عداوة مطلقة لكل الحضارات الأخرى؟ هل بالغت بعض مؤسساتنا في تمسكها برأيها وتهميش الآراء المخالفة؟ هل تأخرنا كثيراً في تعليم شبابنا أسلوب الحوار ومعنى احترام الرأي المخالف؟ هل حققنا ما سعينا إليه من خلال مناهج التربية الوطنية في تعليم شبابنا حقوق الوطن ومعنى المواطنة؟

عكاظ 16/11/2003

***