نماذج تحولات المناخ الإعلامي السعودي

 نفتتح قراءة صحافة هذا الشهر بتقييم قدمته الدكتورة أميرة كشغري للصحافة السعودية والمناخ الذي تتطور فيه وتقييمها لما هو موجود وما يمكن أن يكون في المستقبل. تكتب في صحيفة الوطن (20/1/2004):

المراقب للساحة الثقافية في المملكة يرى بوضوح أن هناك بدايات حراك اجتماعي حقيقي يتمثل في حيوية ما يطرح من موضوعات وفي تعدد الرؤى حولها وفي وضوح أكبر في تناولها حيث تسمى الأشياء ضمن هذا الطرح بمسمياتها وتوضع النقاط على الحروف - أو على أغلبها - على أقل تقدير وتنزع المعالجة نحو تشخيص القضايا دون اللجوء إلى التورية المفرطة. كما بدأت تنتشر في الأفق مفاهيم جميلة وجديدة كالحوار والتعددية والسلم الاجتماعي والتسامح وقبول الآخر.

ولعل هذه الظاهرة الصحية، إذ تدب الحياة ببطء شديد في المفاصل الذهنية للمجتمع، هي ما يمكن أن يطلق عليه بحق "الصحوة الثقافية الأولى" فهي صحوة مجتمعية عامة تتمتع بقدر من هامش الحرية لم يكن قبلها متاحا للعموم. وفي إطار هذه الصحوة الثقافية، خرج النقد من الدهاليز الخاصة وكواليس السرية والتوجس والريبة إلى نقاء الهواء الطلق وحرارة أشعة الشمس وأصبح كل فرد يمارس ضمنها حقه في الحياة والاختلاف دون مصادرة لحق الآخرين في ذات الحياة.

وبالنظر إلى حداثة هذه التجربة وإلى المخاض العسر الذي تتخلق من خلاله فإن من الأمانة الاعتراف والتأكيد أن لغة الكتابة الصحفية في أغلب ما ينشر، وعلى الرغم من تباين المشارب، هي - بحمد الله - لغة معتدلة ومسؤولة في مجملها وإن كان التحليل والطرح يميلان ميلا أقرب إلى الاختزال منه إلى التعمق.

إلا أنه وعلى الرغم من هذا التفاؤل والإقرار بمعقولية أسلوب الطرح والمعالجة قياسا بتاريخه الحديث إلا أننا نجد في الوقت ذاته كتابات - وإن ندرت - لا تزال تتسم بذات الروح التي نسعى إلى تجاوزها، وهي كتابات تمت في أسلوبها - وليس في موضوعها - إلى مرحلة الطفولة في سيرورة التطور الفكري والاجتماعي وهي أساليب نحتاج حتما إلى تجاوزها في مقابلة الفكرة بالفكرة.

إن أبرز ما يميز هذه الأساليب هو الانتقال بساحة المعالجة من نقد الأفكار إلى ساحة تجريح الأشخاص، ومن مقابلة الفكرة بالفكرة إلى نسف الفكرة عبر كيل التهم لذات الشخص المخالف والطعن في نيته. لذا تبرز في تلك الأساليب عبارات تشي بالدخول في النيات أو تكيل الاتهام للآخر في أهدافه أو في وطنيته أو حتى - وهذا الأخطر - في معتقده. كما تلجأ إلى الهجوم الشخصي على من يتبنى فكرة مختلفة باستخدام لغة الاتهام تارة ولغة التهديد والتخويف تارة أخرى متكئة في ذلك على عموميات الطرح واجتزاء المفردات وشحن العاطفة وتغييب العقل.

ولعل أكثر ما يثير الأسى أن يتمكن هذا الأسلوب في معالجة قضايا الوطن الكبيرة من التسلل إلى كوكبة المثقفين ورجال العلم وذوي الخلق ونحن نخرج للتو من عرس اللقاء الثاني للحوار الوطني بتجربته الثرية وتوصياته الجريئة المتفائلة. ولكن لا شك لدي مطلقا أن هذه الظاهرة ليست نابعة من سوء سجية أو من نية مبيتة بقدر ما هي نابعة من حداثة التجربة الديمقراطية وحداثة تجربة الاختلاف والحرية لدينا. إننا بحق لا نزال في بدايات تجربة الحراك الاجتماعي الحر والمسؤول. ولا شك أن هذه التجربة هي في طور النضج والنمو فذلك هو ديدن الحياة.

 

 

 

 

صناعة المواطنة

 

 

علي الخشيبان

 

يعتبر التاريخ المحلي المناطقي أهم الركائز المؤثرة في تفعيل هذا الانتماء الوطني وبنائه، ومع ظهور التفسيرات الخاطئة للمناطقية كان الحذر من التركيز على البعد التاريخي الذي تحظى به كثير من المدن والقرى مما أضفى بعضا من الحساسية المفرطة وغير المبررة عند الحديث عن مكان دون آخر وهذا يعتبر في مسار مخالف لغرس روح الانتماء للوطن الأم. صناعة المواطنة عبر منهج يؤصل للكل عبر تأكيد لأهمية الجزء من خلال التاريخ المحلي للمجتمع. تاريخ مجتمعنا ورجاله في كل مدينة وقرية من هذا الوطن يجب ألا يكون تاريخا منسيا بل وعلي المجتمع ألا يفعل ذلك بدعوى المناطقية أو غيرها، فالوطن بأكمله تاريخ تصنعه أركانه المترامية الأطراف عبر أحداث غائرة في القدم، فصناعة المواطنة التي اكتشفنا ضعفها في مواطن كثيرة اختفت خلف مبادئ كنا نحذرها ولم نكن نقدم البراهين على عدم جدواها في مجال تأصيل الانتماء إلى المدينة أو القرية التي تشكل جزءاً من الكل، الوطن، ومن ثم المنطقة لنشكل في النهاية انتماءنا إلى الوطن بأكمله.

الوطن 30/1/2004

***

أين موقع المناطق الأخرى

 

محمد عبدالله الحميد

 

مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني خطوة إيجابية في الطريق الصحيح للإصلاح.. غير أننا نأخذ على المسؤولين عن إدارته تركيزهم على أسماء معينة من (الوسطى والغربية والشرقية) بينما اكتفت المناطق الأخرى والمدن والقرى النائية بالاستماع والفرجة على ما يدور. وهنا نقول للقائمين على إدارة المركز إن في بني عمكم رماحا.. وإن أمانة المسؤولية المناطة بكم توسيع دائرة الاختيار.

الوطن 25/1/2004

***

إفساد الإصلاح!

 

زياد عبدالله الدريس

 

الحجة الكبرى دوماً لدى المحافظين الذين يقفون ضد الإصلاح، ليس معارضة الإصلاح في حد ذاته أو الخوف منه، ولكن الخوف من أن قطار الإصلاح لن يتوقف عند محطته الصحيحة، بل سيتمادى في السرعة والتهور حتى يخرج عن طريقه الصحيح إلى مسارات مهلكة لركاب القطار جميعاً. ولذا فإن الليبراليين المتهورين هم أكثر من يقدم دعماً وحجة للمحافظين المتشددين لإيقاف الإصلاح. إن مداخلة متوترة أو صورة فوتوغرافية مستفزة لا تقدم إضافة نوعية إلى المشروع والخطاب الإصلاحي، قد تقدم دليلاً على طبق من ذهب لأولئك الذين يشككون دوما في نوايا الإصلاح، وأنه لن يتوقف عند التعددية والحوار، أو أنه سيتجاوز القوالب الجامدة، فقط، بل إنه سيقفز على القيم والتقاليد التي ينبغي للإصلاحيين العقلاء مراعاتها وتقييمها ضمن منظومة المصالح والمفاسد، بدلاً من أن يقحمها الطرف الآخر في منظومة سد الذرائع!.

الوطن 25/1/2004

***

تقسيم المجتمع

 

محمد الرطيان

منذ سنوات ونحن نحلم أن نحصل على حقوقنا الإنسانية. ولكن.. منذ سنوات طويلة جدا ولا نزال ونحن نشارك بانتهاك حقوق الإنسان!.. كنا، ولا نزال، نمارس التفرقة فيما بيننا: فهذا شمالي وهذا جنوبي، وهذا حجازي وهذا نجدي وهذا أسود وهذا أبيض، وهذا شيخ وهذا راعي غنم وهذا سني وهذا شيعي، وهذا قبيلي وهذا خضيري وهذا بدوي وهذا حضري، وهذا سعودي بالتجنس، وهذا سعودي أصل ومنشأ وهذا خط 110 وهذا خط 220 وهذا ينتمي إلى قبيلة درجة أولى، وهذا ثانية، وهذا التعيس قدّر الله له أن يولد في قبيلة درجة عاشرة.. وبناء عليه سيعامل على أنه "إنسان" درجة عاشرة! وطبعا هناك " طرش " بحر! هذه التقسيمات اللاإنسانية لم تأتنا من الخارج.. نحن الذين ابتكرناها، وجعلناها شيئا يشبه القانون يجب على الجميع تطبيقه، ومن خلالها قمنا بتوزيع الحقوق على بعضنا البعض.

الوطن 24/1/2004

***

الإسلاميون والليبراليون.. أجندات متقاطعة أم متقابلة؟

 

غازي المغلوث

 

التيار الإسلامي كان دائما ما يوجه أصابع الاتهام إلى رفيق دربه الليبرالي بأنه يسعى إلى غربنة المجتمع السعودي وتحلله من قيمه الدينية، وهناك طوفان من الكتب والكتيبات والأشرطة - تصب في هذا الاتجاه، وعلى الطرف الآخر التيار الليبرالي يمطر التيار الإسلامي بوابل من التهم المارثونية، من الرجعية والتخلف والماضوية، والاستقالة عن الواقع، وشرعنة للاستبداد السياسي والفكري والاجتماعي. وعلى عكس ما يقال هنا وهناك من التقارب والالتقاء، فلا يعدو أن يكون اتفاقا مرحليا على الحد الأدنى من المشتركات في ظرف إقليمي ودولي غاية في التعقيد والخطورة. التيار الإسلامي يتكئ على قاعدة شعبوية عريضة، والتيار الليبرالي يتكئ على قاعدة نخبوية كبيرة من المثقفين والمفكرين والأكاديميين وخريجي الجامعات الغربية، وثقافته هي ثقافة العصر، ولها قبول عند شرائح كبيرة، خصوصا ما يتعلق منها بالسياسي، وأصبحت مطلوبة بقوة من العديد من المنظمات الدولية، من ثم لا تستطيع أية دولة في العالم، التغاضي عن هذه المطالب، وتطعيم مجتمعاتها بشيء منها ولو دعائيا. الالتقاء والتقارب بين الإسلاميين والليبراليين ليس نتيجة تقاطع الأجندات بينهما، بقدر ما كان تقاطع التنازلات لكل منهما. وأحسب لو أتيح لأحد التيارين الانفراد بالساحة، وفرض أجندته الوطنية، لجعل أجندة الآخر في المتحف الوطني.

الوطن 24/1/2004

***

 

فكر الخروج السلفي

عبد العزيز الخضر

 

السلفية المعاصرة التي حاولت التخفيف من جرعة تكفير الأنظمة وفكرة الخروج على الحكام فشلت في جذب الجماهير لمدرستها. في مسألة تكفير الأنظمة عجزت السلفية المعاصرة عن تسهيل هذه القضية وازدادت تعقيدا على أيديهم وتعددت خلافاتهم، فمع كثرة النقولات وغياب أسس العقلانية السياسية غاب مفهوم الدولة المعاصر، مما أوجد ثغرات سهلت لفكر التكفير الانتشار بصورة لم يسبق لها مثيل في الساحة الإسلامية وبمقدمات سلفية محضة. فمرة يتعامل بعض أصحاب هذا التيار وكأن الدولة مختزلة في فرد وهو الحاكم فمجرد وجود ناقض من نواقض الإسلام أو مخالفة يرى أنها شرعية يسقط مشروعية هذه الدولة أو تلك، ومرة يصبح الفرد (الحاكم) دولة فتنطبق عليه أحكام الأنظمة. أما في مسألة الخروج على الحكام فحينما بدأت تحدث حوادث العنف نتيجة سهولة تكفير بعض الأنظمة، اشترط توفر القدرة مع شرط الكفر البواح، يقول شيخ سلفي: (إن كان في المسلمين قوة وفيهم استطاعة على مقاتلته وتنحيته عن الحكم وإيجاد حاكم مسلم فإنه يجب عليهم ذلك، وهذا من الجهاد في سبيل الله، أما إذا كانوا لا يستطيعون إزالته فلا يجوز لهم أن يتحرشوا بالظلمة والكفرة..) ملخص هذا الفكر ومضمونه أنه يرى مشروعية الانقلاب مع القدرة.. هذا الفكر الذي يعرض في فتاوى يبدو في مضمونه محرضاً على تأجيل الخروج حتى تحين فرصة القدرة، وليس موقفا لأصل الخطأ، وليس مناسباً لتأصيل المعالجة والإصلاح للأنظمة المعاصرة التي أوجدت وسائل تجاوزت فيها فكر الانقلابات والخروج المسلح بحكم أنه فعل بدائي للتغيير يناسب دولة الماضي البعيد.

الوطن 21/1/2004

***

تجربتنا السياسية الجديدة

 

سليمان العقيلي

 

أفهم أحياناً دوافع الإصلاحيين وحرصهم على تطور بلادهم وعلى تقدم مجتمعهم. غير أنه ينبغي ألا يغيب عن أذهان هؤلاء أن مجتمعنا الذي ظل لعقود طويلة بسمتٍ أحادي الطابع وبثقافة انكفائية يشوبها الحذر والتوجس من المستقبل. قد لا يهضم التغييرات الديمقراطية دفعة واحدة. وهذا الكلام لا يقال من أجل تبرير البطء في تنفيذ الإصلاحات وفي الأقل من حجمها المنتظر، بل هي حقيقة واقعة، ينبغي ألا تغيب عن الليبراليين بوجه خاص. صحيح إن هناك وعياً متزايداً في مجال الثقافة السياسية لكن الحفاظ على نسيج اجتماعي متماسك هدف ينبغي ألا يغيب عن أذهاننا أبداً. إن الحراك السياسي شيء جديد علينا، وينبغي ونحن نحقق مكاسب معينة فيه ألا نخطئ بحق أنفسنا، فنتجه إلى التكتل السياسي أو الاستقطابات الفكرية، أو انتهاج أسلوب صراع المعارضة، فنخسر أنفسنا والتجربة.

الوطن 18/1/2004

***

شرعية الدولة ليست قائمة على الوهابية

 

حمزة قبلان المزيني

 

اشتكى أتباع الدعوة التجديدية السلفية بمرارة من الإقصاء؛ وهو ما يوجب عليهم أن يكونوا أولى الناس بالشعور بمرارة الظلم الذي يقع على الآخرين بسبب إقصاء الاجتهادات الإسلامية الأخرى بسببهم، وأن يكونوا أولى الناس بالامتناع عن ممارسة ما كانوا ضحاياه من قبل. أما القول بأن شرعية الدولة السعودية تتوقف على تبني هذه الدعوة وإقصاء ما عداها فقولٌ مردود. بل ربما يكون تبني الدولة في الوقت الحاضر لتفسير معين للإسلام على حساب التفسيرات الأخرى التي تعتنقها بعض شرائح المجتمع السعودي سببا في عواقب لا نريدها لوطننا. صحيح أن الدعوة التجديدية كانت الرسالة التي انتهجها الملك عبد العزيز لجمع الناس في كيان واحد أثناء توحيد المملكة؛ لكن استمرار هذه الدعوة بهذا الدور بعد مرحلة التأسيس كان سببا في وضع العراقيل أمام اندماج فئات المجتمع السعودي المتنوع مذهبيا والمتعدد إقليميا. ولم تستطع الجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة تحقيقَ هذا الاندماج بشكل كامل لأن كثيرا من المواطنين يرون أن هذا الاندماج يعني القضاء على انتماءاتهم المذهبية. شرعية الدولة السعودية لا تتوقف على تبنيها تفسيرا معينا واحدا للإسلام، كما تزعم هذه الفقرة من البيان؛ بل إن تبني هذا التفسير المعين ونفي ما عداه ربما يمثل خطرا على الوحدة الوطنية. ومن أهم الأسباب التي توجب عدم استئثار تيار واحد بتمثيل الإسلام في المملكة الآن أن الدولة الحديثة تتميز بأنها دولة لكل مواطنيها دون تمييز في اللون أو العرق أو الدين.

الوطن 15/1/2004

***

 (إتاوات) لبعض الصحفيين العرب؟

 

عبدالله ناصر الفوزان

 

كان يقال إننا ندفع لصحفيين من بعض العواصم العربية وغير العربية وإن ما يدفع لهم ليس بمئات الآلاف ولكن بالملايين.. وكنت لا أصدق ذلك. فوجئت منذ يومين أن الأستاذ تركي السديري قد كتب ما غير انطباعي. كتب الأستاذ تركي: (كانت لنا أغرب علاقة مع صحف في دول عربية أخرى.. وحتى الآن.. يتقاضون ثمن الاشتراكات والمعونات السنوية وهم لا أهمية لهم إطلاقاً في بلادهم فكيف في العالم العربي) وهكذا يفهم مما قاله الأستاذ تركي أن هناك صحفيين عرب ما زالوا حتى الآن يتقاضون إعانات سنوية، أي إننا كنا وما زلنا ندفع لهم. كان من المفروض أن يكون الدفع مقابل تبني بعض المواقف والدفاع عنا أمام الحملات المغرضة فلماذا يا ترى لم نجد لها الأثر المتوقع؟. هذا السؤال يجيب عليه الأستاذ تركي فهو يقول إن أولئك الذين يستلمون الإعانات منا (لا يكتبون عنا حرفاً واحداً تكذيباً ومواجهة لما يبثه الإعلام الغربي من حملات وكأنهم يتلقون المؤازرة لكيلا يكتبوا هم ضدنا.. أي ثمن السكوت). أي إنه بصراحة مثل تلك الإتاوات التي تقبض لكف الأذية ليس إلا.. بل إن بعضهم ينشر مقالات بأسماء مستعارة ضدنا. فيا للأسف.. ويا للفجيعة!

الوطن 14/1/2004

***

هيئة الصحفيين وصراع الإرادات

سليمان العقيلي

 

الصحفيون يوجهون حملة ضارية على ترشيح رؤساء التحرير لأنفسهم للسيطرة على مجلس الإدارة، ورئيس تحرير عكاظ وخمسة رؤساء تحرير آخرين يعلنون انسحابهم. الهيئة تعلن تأجيل الانتخابات إلى 6 محرم. أخشى ما يخشاه الصحفيون أن يكون انسحاب رؤساء التحرير (لي ذراع) من قبلهم للصحفيين الذين تعودوا في الماضي على مصع الآذان والقرارات التعسفية بحقهم. وبدؤوا اليوم من خلال الهيئة يرفعون عقائرهم ويطالبون بأن يكون لهم رأي ونفوذ في الهيئة المفترض أنها أنشئت لحمايتهم، وليس لتقنين القرارات المتعسفة الموجودة في النظام المؤسساتي لتأخذ شكلاً وطنياً. الصراع المتفجر عند أعتاب الهيئة الوليدة هو صراع إرادات بين المحررين ورؤسائهم. وهي طبيعة العمل النقابي في كل مكان. طموحنا أن تكون الهيئة مصهرا لتطرف رؤساء التحرير وتدجين قسوتهم. بدل أن تكون معقل معارضة للنظام الأبوي السائد حالياً. كما أننا نطمع في الاستفادة من تأثير ونفوذ الرؤساء في الدفاع عن الصحفيين من مظالم المجتمع وسوء ظن بعض مسؤولي الدولة. إن مجلس إدارة يكون مزيجاً بين رؤساء تحرير نافذين وصحفيين محترفين وكتاب مستقلين، هو الأمثل لانطلاقة ناجحة لهيئة الصحفيين.

الوطن 10/1/2004

***

توصيات الحوار الوطني الأخير متى تطبق؟

غازي المغلوث

 

توصيات المؤتمر كانت تكرارا حلزونيا لكل خطابات الإصلاح الماراثونية التي رفعتها معظم التيارات الفكرية إلى سمو ولي العهد، خلال السنتين الماضيتين، واجترارا كلاسيكيا لكل طروحات المثقفين والكتّاب السعوديين، ولم يكن ثمة من داع لإعادتها لأنها أصبحت من البدهيات والجاهزيات للمشروع الإصلاحي في السعودية. التوصيات افتقرت الآليات والإجراءات حتى تكون موضع التنفيذ، فهل كنا ننتظر من المتحاورين الفضلاء بعد أسبوع أن يصدروا توصية بانتخابات مجلس الشورى والمناطق أو المطالبة بخفض الدين العام أو تطوير مناهج التعليم، ثم لا شيء؟ فما الجديد في ذلك؟ أين الآليات والخطوات والمراحل التي اجترحها الحوار الوطني كيما يتم تنزيلها من التجريد إلى التنفيذ، ومن الإنشاء إلى الفعل، ومن الفكر إلى العمل. هذه التوصيات خلت من أي سقف زمني لتنفيذها، فكم تحتاج من فترات زمنية لتنفيذها على أرض الواقع يا ترى؟، أم هي مفتوحة زمنيا إلى يوم الدين؟ كما أن التوصيات وقعت في إشكالية أخرى، لأنها حيادية إلى حد كبير، فهي فضفاضة وهلامية، وليس فيها أيّ إلزام لأي طرف من الأطراف. لا نريد توصيات ونصوصاً فقط في دورة الحوار المقبلة. نريد أجندات واضحة للتنفيذ والتطبيق ولو بعد نصف قرن.

الوطن 10/1/2004

***

المجتمع والظاهرة الإسلامية: الثقة بمن؟

عبدالعزيز الخضر

 

استمر المجتمع السعودي في فقد مقومات بناء فكره وثقافته وقنوات التوجيه للتعايش الطبيعي مع المتغيرات التاريخية التي يمر بها، فلم يحافظ على الأصول التي يتطلبها الصراع الفكري بين التيارات في أي مجتمع. في الصراعات الفكرية ليس المهم من ينتصر ولكن كيف جاء هذا الانتصار حتى يكتسب مشروعية وجوده وأحقيته في البقاء، وأي استعمال لأسلحة غير مقننة سترتد عليه وعلى المجتمع في النهاية. تحطم المجال الثقافي وقنواته نتيجة صراع لم يحسم حول مشروعية هذه القنوات كالمسرح وغيره، وحتى الحوار والصراع الثقافي عبر الصحافة اختنق وانتهى بموقعة الحداثة والذي أدى إلى هز الثقة بأغلب الرموز الأدبية والثقافية، وأصبح الأديب والمثقف في نظر العامة متهماً حتى تثبت براءته. في تلك السنوات والمجتمع يفقد قنواته الطبيعية للحوار والاختلاف واحدة بعد الأخرى، كان المجتمع على موعد مع تمزق للفكر الديني وظهور انشقاقات مختلفة على السطح أطفآ بريق الصحوة، وهزا الرؤية للمؤسسة الدينية، وتعرف العامة والجمهور لأول مرة على بعض الخطوط التي تميز بين الإسلام الرسمي ورموزه وإسلام الصحوة وقياداته. إنها النهاية المفهومة والمتوقعة لانفراد الديني والسياسي في الساحة.. واختفاء قوى اجتماعية وفكرية أخرى، وكان لا بد أن تأتي هذه اللحظة لمن يريد إلغاء الآخر حيث سترتد هذه الأسلحة عليه بالأدوات نفسها التي استعملها يوما ما التيار الديني بلا تقنين علمي. ها هو سلاح الاتهام المعتقد وسلامته يرتد على هذه الرموز ويتذوق الجمهور مدى قسوة هذه التهم.. ليتأمل العاقل مدى وقعها على الآخرين حيث بالأمس القريب تعرضت رموز ثقافية وأدبية وإعلامية لمثل هذه المجزرة العقائدية والتهم المتسرعة في الديانة!.

الوطن 7/1/2004

***

الفواتير وكبار الشخصيات

 

علي سعد الموسى

 

شركة الاتصالات تطالب الوزارات الحكومية وكبار الشخصيات بمديونية هائلة تناهز تسعة مليارات ريال ومنذ سنين طويلة وهي تصارع من أجل تحصيل هذا المبلغ وكل ما استطاعت قبضه كان أقل من عشر المديونية الضخمة المستحقة. لنفترض أن هذه المليارات التسعة هي قيمة ثرثرة كبار المسؤولين وكبار الشخصيات في عقد من الزمن فأين نتاج تسعة مليارات من الدقائق التي صرفها هؤلاء من أجل التنمية إذا افترضنا أن الفواتير تمت لمصلحة العمل كما يقتضي القانون الورقي. ما هو التفسير اللغوي لمصطلح "كبار الشخصيات" في فوترة وزارة الاتصالات وشركتها الموقرة وما هي الطريق التي يجب أن نسلكها لنكون أيضاً من كبار الشخصيات لنضع فواتير الهاتف التي ترد إلينا سفرة للطعام.

الوطن 3/1/2004

***

بعد المصالحة الوطنية: من أين نبدأ؟

 

مازن عبدالرزاق بليلة

 

الحوار الصريح، والنقد الذاتي، بدون مراقبة، وبدون حجر على الفكرة، وبدون مقص وزارة الإعلام، له إيجابيات، أولاً: أنه أثبت أن المواطن هو محل الثقة، وأنه يعرف ماذا ينتقد، ولماذا ينتقد، وما هي حدود هذا النقد، وثانياً: أنه لن يهدم المجتمع، بقدر ما سوف يزيد التماسك فيه، وثالثاًً: لن يهز من مكانة الدولة، بقدر ما يزيد الثقة بها وبالمسؤولين فيها، ورابعاً: وهو الأهم، أنه سيعفي المخلصين من كتابة مذكرات الإصلاح، لولاة الأمر، مرة تلو الأخرى، لأن ما ستقوله المذكرات، ويوقع عليه المتحمسون والمخلصون للإصلاح السياسي، سوف يصدر في توصيات هذه اللقاءات، وسوف يصل بين يدي ولاة الأمر بالقنوات الشرعية المفتوحة. مركز الحوار الوطني، ولد في رحم الأحداث المفاجئة، أحداث العنف، والقتل والدمار، لذلك فالعيون عليه، والمسؤولية، عليه أكبر، لخروج من المأزق الاجتماعي، الذي تمر به المملكة، ولو كانت اللقاءات تتم فيه لمجرد، التنفيس، وإصدار التوصيات الرنانة لنقول للناس إننا نعمل، فسوف نجعل الشباب يكفرون بكل قنوات الإصلاح الجديدة، وسيعود العنف لنقطة اللاعودة، ولن يصدقنا أحد، أننا ننوي الإصلاح. يجب ألا يكتفي بإصدار التوصيات، بل يجب أولاً أن تكون توصياته، محددة، وقوية، ومرتبطة بجدول زمني للتنفيذ.

الوطن 3/1/2004

***

قانون المحاسبة والرأي العام

عبد العزيز الجار الله

 

 

سيبقى المسؤول عن قطاعات خدمية في مأمن مهما اختلس من أموال إذا لم تتم مساءلته ومحاكمته وكف يده عن العمل والتشهير به.. هناك بعض المسؤولين لديهم تجاوزات مالية، والموظفون في قطاعاتهم يعرفون جيداً حجم التجاوزات المالية والإدارية ومدى التفافهم على البنود المالية وتحويلها إلى معاملات إدارية مشروعة وإجراءات مالية لا يجوبها أي شك بالتواطؤ مع الإدارة المالية والقانونية. لا أطالب أن تتم مساءلة الوزير عن ما يملكه قبل الوزارة وبعد الوزارة، أو أن يكون لكل وزير أو مسؤول ملف مالي يظل مفتوحاً حتى انتهاء الوزير من أعمال وزارته، لكن هناك ضرورة لمساءلة المسؤول عن التجاوزات، وجعل الوزير مسؤولاً عن كل التجاوزات التي تحدث في وزارته.

الرياض 24/1/2004

***

 

 حوار الجامعات الوطني

عبدالعزيز الجارالله

 

الذين نادوا بحوار الجامعات في ذلك الزمن الماضي لحقتهم التهمة والتشهير ووصفوا بالمرجفين والحاقدين والحاسدين، وصفوا بأنهم محرضون، وأن لديهم رغبة في انقسامات المجتمع وتفكيكه وإحياء النعرة الطائفية والعرقية.. كان البعض من الأكاديميين يطالب بأولويات وأبجديات الحوار وهو الانتخابات الداخلية على الأقل رئاسة الأقسام لنخرج من دائرة التعيين والمزاج الشخصي الأوحد. نحن الآن بلا ثقافة حوار.. وبلا تجارب حوار، إلا تجربتين يتيمتين واحدة انتهت انتخاباتها بالعقال والشتائم وتشابك الأيدي والشجار وإصابات على أبواب المرشحين. والتجربة الثانية انتهت بشراء أصوات ودفع وبخاشيش وشيكات وشراء ولاء وانتماءات. أضعنا علينا وقتا طويلا بتعطيل انتخابات الجامعات، والآن جئنا طواعية أو على خلفية الحادي عشر لنصنع حوارا وطنيا بلا أرضية بلا ثقافة حوار بلا ركائز مشحونين، إما بعاطفة أو رغبة في التعبير أو فرحين بالرياح الجديدة وأجواء التغيير.

الرياض، 10/1/2004

***

المـواطـنـة والـثـقـافـة الـوطـنـيـة

محمد محفوظ

 

 

ثمة علاقة في المضمون بين مفهومي المواطن والمواطنة. حيث إننا لا يمكن أن نحقق مواطنة بمعنى المشاركة وتحمل المسؤولية النوعية في الشؤون العامة، بدون مواطن يشعر بعمق بحقوقه وواجباته في الفضاء الاجتماعي والوطني. فلا مواطنة بدون مواطن، ولا مواطن إلا بمشاركة حقيقية في شؤون الوطن على مختلف المستويات. حيثما كانت هناك ديمقراطية حقيقية ومشاركة سياسية نوعية، كان هناك الأمن والاستقرار. وبغياب الديمقراطية والمشاركة السياسية، تغيب الكثير من العوامل التي تساهم بشكل مباشر في الاستقرار السياسي والأمن الاجتماعي.. وعليه فإن الإصلاح السياسي المتواصل، هو الضمان الحقيقي للأمن والاستقرار. واستقرار المجتمعات المتعددة الأيدلوجيات والثقافات، لا يتحقق إلا من خلال مواطنة متساوية، تسمح للجميع وبدون استثناء المشاركة الحقيقية في الحياة السياسية والعامة. لذلك فإن مفهوم المواطنة لا يخص أو لا يتوجه فقط إلى الأقلية في مقابل الأكثرية، بل هو يستوعب الجميع، بصرف النظر عن المعطيات الدينية أو المذهبية أو القبلية أو العرقية. إن المواطنة بقيمها وحقوقها، وواجباتها ومسؤولياتها، هي الحجر الأساس لتطوير النظام السياسي وصيانة حقوق الإنسان وتجديد الحياة السياسية والثقافية وتنمية مقومات السلم الاجتماعي وعوامله وتعزيز الوحدة الداخلية.

الرياض، 20/1/2004

***

انتخابات 

د.حمود أبو طالب  

 

 

ترشيح.. شعار انتخابي.. بيان.. حملة انتخابية.. هذه المصطلحات التي لم تتعود عليها أذن الإنسان ولا عينه في مجتمعنا أصبحنا نقرأها بشكل شبه يومي منذ أن خرج علينا كيان اسمه هيئة الصحفيين، قررت أن تمارس الديموقراطية وتجاري الأمم المتحضرة في آلية تشكيل إدارتها وليتقدم نفر من الصحفيين بترشيح أنفسهم. إن تلك المفردة (انتخاب) كانت شبه محذوفة من قاموسنا، بل إنها كانت تعتبر مفردة مريبة لا أحد يتلفظ بها، وسوف تجلب علينا الوبال إذا سمحنا حتى بتداولها على الألسن.. ومع أن العالم كله كان ينتخب، من الزبالين إلى النواب، ومن مجاهل افريقيا إلى صقيع اسكندنافيا، ألفنا إذ ذاك المضي في دوراننا خارج الزمن، حتى جاء اليوم الذي نكتشف فيه أن ممارسة كهذه ليست ضارة كما كنا نتخيل.. ماذا حدث في المجتمع، وما الذي صار حين اتخذت هيئة الصحفيين مبدأ الانتخاب؟! هل انقلبت الأمور رأساً على عقب، أو حدث زلزال اجتماعي وأخلاقي؟.. لا شيء من ذلك أبداً.

عكاظ 20/1/2004

***

من الحوار إلى التشريع والتنفيذ 

 

د. غازي عبداللطيف جمجوم  

 

لابد من مراجعة حقوق المواطنة من وجهة النظر الإسلامية وحقوق الإنسان من وجهة النظر العالمية ومن تصحيح النظرة المتطرفة إلى أسلوب التعامل مع غير المسلمين والتي تحث على النظر إليهم بطريقة متوجسة لا تخلو من العداء. فليس من المتوقع أمام هذه النظرة إلا أن يتم النظر إلينا بطريقة عدائية مشابهة. وليس من المعقول أن تحتوي مناهجنا التعليمية على نصوص تذكي الروح العدائية نحو من يخالفنا في الرأي من المواطنين أو من يخالفنا العقيدة من غير المسلمين. ولابد من التقريب بين وجهات النظر المختلفة والوصول إلى الاعتدال والمحافظة على الوحدة الوطنية. وقد تطرق المحور السياسي إلى أهمية تسريع عملية الإصلاح السياسي توسيع المشاركة الشعبية. هذه المشاركة لا تتحقق إلا بطريقة واحدة تعرفها دول العالم أجمع وهي الانتخابات. وقد أقرت الدولة إجراء انتخابات المجالس البلدية قريباً. ولكن لقاء الحوار الوطني أوصى بانتخاب أعضاء مجلس الشورى ومجالس المناطق وهو جانب أساسي في توسيع المشاركة الشعبية وتنظيمها.

عكاظ 11/1/2004

***

العصبية.. والتحديث 

 

عيسى الحليان  

 

في هذه الأيام لا صوت يعلو فوق صوت الإصلاح السياسي والمشاركة الشعبية وبناء المجتمع المدني والتعددية الفكرية.. وفي غمرة هذا المخاض.. وانشغالنا بقضايا العنف والتطرف التي توشك على استنزاف مخزوننا الفكري والثقافي ثمة قيم اجتماعية تبدو خارج اطار الدائرة الحوارية.. ينبغي حرث قاعها وإعادة تسويتها.. في الطريق إلى بناء مؤسسات المجتمع المدني وممارسة التعددية الفكرية على أرض صلبة.. فهناك جانب مُهمّش في نظامنا الاجتماعي شكّل قاسماً مشتركاً لكل أفعالنا وسلوكياتنا بل وردود أفعالنا أيضاً.. جانب يسمى (العصبيّة). فالعصبية بكل ألوان طيفها نظام قيم مضاد لقيم المجتمع المدني والتعددية الفكرية وهي مكون رئيس في بنية المجتمع بكل نسيجه القيمي والثقافي والسلوكي. فالعصبية وإن كانت وسيلة بدائية لبقاء النوع فقد ظلت جيناتها مكوناً رئيسياً وخلفياً للنظام الاجتماعي التقليدي. فالمجتمعات الفئوية التي لم تأخذ بيد أفرادها نحو القيم الكبرى المشتركة وضخّت في دمائهم بدلاً من ذلك ما يتناقض مع أبسط مبادئ المساواة التي تدعو لها قيم التعددية وتُبنى عليها مؤسسات المجتمع المدني.. سوف تتعرض طروحاتها لاختبار شديد عندما تتمثل على أرض الواقع.

 

عكاظ 11/1/2004

***