الوطنية والعمالة لأميركا: تهمة توجه لمن؟

 

في كل الأحاديث عن المعتقلين الإصلاحيين يبرز الحديث عن دور أميركا! لم يمانع بعضهم من اتهام المعتقلين بكل ما هو دسيسة وخسيس. لم لا؟ ولكن يجب ان ندرك بأن من بين المعتقلين من سجنوا سنين طويلة بتهمة الشيوعية!، وبينهم من اعتقل سابقاً بتهمة التطرف الديني ضد أميركا!، وهاهم اليوم يوضعون في السجون بتهمة ممالأة أميركا!

لقد أصبح اليساري والناصري والإسلامي عملاء اميركان! وجيء برد فعل الخارجية الأميركية ليكون دليلاً!

كان الحامد والقصير والشيخ الرشودي متطرفين دينيين حين اعتقلوا في التسعينيات، متطرفين ضد أميركا والنظام الصديق الحليف القابع في الرياض. اليوم أصبحوا عملاء، ويحركهم الأجانب!

الطيب الذي اعتقل في اواخر الستينيات وبداية السبعينيات، في ظل الحرب على الحركة القومية والناصرية، وفي ظل التحالف السعودي الأميركي لتصفية الوجود الروسي في المنطقة، صار اليوم اميركياً!

لم لا؟ سبحان مغير الأحوال والقلوب!

اما الدميني الأقرب الى الفكر اليساري، واعتقل في بداية الثمانينيات الميلادية من القرن الماضي، فصار بين ليلة وضحاها أميركياً!

صارت التهمة لأميركا عنوان الإعتقالات، وصار العملاء الجلادون قمة الوطنية وقمة الوحدوية!

بالأمس كانوا هم ـ وبين كل زعامات المنطقة ـ رأس الحربة للأميركيين في حروبهم وسياساتهم. كانوا يد أميركا الباطشة بعد اسرائيل.. كانوا من واجه المد الثوري.. كانوا من باع النفط ولا يزال يباع اليوم بسعر أقل للأميركيين.. كانوا من مول حروب اميركا حتى في فيتنام كما اعترف تركي الفيصل. كانوا من دجن نظام السادات ونظام سياد بري. وكانوا وكانوا، وكانوا..

كان الأميركيون حماتهم، يدافعون عنهم، مقابل تصدير رساميل النفط، عبر شراء الأسلحة، والمستهلكات الفارغة. وكانوا النظام المعتدل، أصحاب الإسلام المعتدل، والسياسة المعتدلة.. كانوا الصديق الحليف الذي أمنه جزءٌ من الأمن القومي الأميركي كما قال كارتر. هؤلاء الكبار الذين باعوا الوطن وثرواته ومستقبله من أجل رضا اميركا صاروا قمة الوطنية بعد احداث 11/9. ومع ان هؤلاء لازالوا يخطبون ودها ويعرضون خدماتهم، ويحاولون اقناع الحلفاء الأميركان بأنهم هم هم لم يتغيروا، فإنهم يريدون كسب الشارع بإشاعة هذا أو ذاك عميل لأميركا! انه توظيف للغضب الشعبي العربي والإسلامي ضد اميركا لمقاومة الإصلاح.

هل يريد قادة هذا النظام ان يقنعونا بأنهم تغيّروا وصاروا ضد أميركا!، وتخلّوا عن التحالف معها، وأنهم اليوم يقطرون وطنيّة وإخلاصاً وإسلاماً؟!

من حرق أصابعه العشر، ومعهم الوطن ومستقبل أجياله لصالح الغرب وأميركا، أجدر بأن يتهم في وطنيته، وفي مواقفه. أما كتاب النظام ومرتزقته فنطالبهم بأن يوجهوا التهمة لكبارهم في الرياض. فهم أولى بها وأحق.