حكايات من مملكة الزيت والعنف

 فيصل الزامل

 علاوة مكافحة الإرهاب

 تحت هذا المسمّى قررت الحكومة السعودية رفع رواتب العاملين في سلك المباحث وأجهزة وزارة الداخلية الأخرى التي تتولى مكافحة العنف، وتبلغ الزيادة 25% من الراتب. والمعلوم أن وزارة الداخلية أكبر موظف بين أجهزة الدولة، نظراً لتعدد مهماتها الأمنية والمدنية (تعليم ـ حج ـ إعلام ـ البطالة ـ حدود) الخ. وقدرت كلفة الزيادة بأكثر من مليار ريال شهرياً، أي نحو 12 مليار ريال سنوياً تضاف كأعباء على ميزانية الدولة.

ويعتقد كثير من المراقبين ان هذه الزيادة ما هي إلاّ محفّز لأجهزة الأمن لكي تقوم بدورها الأمني في هذا الظرف العصيب، وهو دور لم تكن تتوقعه، وليس لها من الإمكانيات والتدريب ما يكفي لتتولاه. فجماعات العنف أثبتت أنها أقوى تنظيماً وأكثر قدرة على الإيذاء، ولم تكن الأجهزة الأمنية مهيّأة لهذا النوع من التحدي.

المسألة الثانية التي تطرحها الزيادة، هي أننا بصدد توسّع لأجهزة الأمن، الأمر الذي يلقي بظلاله على مستقبل البلاد السياسي واستقرارها الأمني. فبحجة العنف، ستكون اليد الطولى ـ وهي كذلك الآن ـ للجهاز الأمني ورجاله، ولا يعتقد بأن هناك فرصة حتى للتفكير في المعالجات غير الأمنية لظاهرة العنف كالإصلاحات السياسية والإقتصادية والإدارية. وقد كان ذلك متوقعاً، وكتب عنه في الصحافة وردده كثير من الإصلاحيين.

ان توسع العنف، يفسح المجال لمقاومي الإصلاح ان ينتهزوا الفرصة ليوسعوا سلطانهم، وليلغوا أية مشاريع سياسية إصلاحية.

وتأسيساً على هذه الحقيقة، تنبئ الزيادة في الرواتب، على أن البلاد مقبلة على عنف أكبر، ليس من قبل السلفيين فحسب، بل الأهم هو من قبل الدولة.. فقد بدأت دورة العنف والعنف المضاد تأخذ مكانها بوتيرة متسارعة وستصيب بدون أدنى شك كل مجالات الحياة العامة، وسيزداد الإختناق في حرية التعبير اكثر مما هو عليه اليوم.

كان يمكن مواجهة العنف او التخفيف منه، بوضع هذه المليارات في موضعها الصحيح، وهو بناء قاعدة اقتصادية تحل الكثير من الأزمات الإقتصادية للمواطنين.. لقد توجه الأمراء الى معالجة الظاهرة العنفية، وليس الى جذورها، وكان يمكن لتلك المبالغ أن تحدث نقلة حقيقية في التخفيف من ضغط البيئة المولدة للعنف.

 زيادة الفائض في الميزانية تذهب للداخلية

 كان فائض ميزانية عام 2003 نحو 42 مليار ريال، وسبب الفائض هو زيادة سعر برميل النفط.

عشرة مليارات منها طارت! واختفت في جيوب الأمراء، ولا توجد في إضبارات وزارة المالية ما يوضح المسألة ومن الذي يقف وراءها من الامراء!

32 ملياراً احتوشتها وزارة الداخلية جميعاً، وبينها بالطبع ابن الوزير وأمراء آخرين.

ثمانية مليارات منها (من الـ 32 مليار) وضعت تحت تصرف الأمير نايف شخصياً للحاجة.

ومنها ملياران، اشتريت بهما معدات أمنية، بعضها بتوصية من الإف بي آي لمواجهة العنفيين. والملياران يغطيان زيادة أعداد رجال الأمن ـ المباحث ـ وتكاليف شركات التدريب على مقاومة الإرهاب!

حين أعلن وزير المالية ان وزارته استطاعت التخفيف من الدين العام والذي يصل الى نحو 600 مليار ريال فقط! وذلك بمقدار يزيد قليلاً عن الـ 15 مليارا من الريالات، تصور بعض الإقتصاديين المحليين أن الـ 15 مليار جاءت من الفائض، ولكن تبيّن انها جاءت من حصة الحكومة حين خصخصت وزارة الهاتف!

اما الـ 25 مليار ريال، وهي فائض ميزانية 2002، فذهبت مع الريح ولم تعد، بل زاد الدين العام أيضاً بحجة الأمن!

نحن أمام بلاعتين عسكرية وأمنية، باسمهما تسرق الأموال وتنتهب الميزانية، وهي سرقات من العيار الثقيل، وكأن لا أزمة في البلاد، ولا بطالة ولا مشاكل ولا تردي في الخدمات الحكومية.

لقد قرأنا مؤخراً عن مئات الملايين التي تنتهب باسم صفقة اليمامة ودور الأمير تركي بن ناصر بن عبد العزيز آل سعود وآخرين في ذلك. وها هي اليمامة تجدد نفسها بمليار دولار، تقدم على طبق من ذهب لبريطانيا.

صفقات السلاح وسيلة لأمرين: النهب الملكي، وشراء موقف بريطانيا ودول الغرب الأخرى، وكأن صفقة السلاح مجرد تسديد فواتير من أجل حماية النظام!

  العدد السادس عشر - مايو 2004