العدد 17 يونيو 2004

 

لا حل أمني لظاهرة العنف

 

لقد قلت ولازلت أردد أن العنف حين يبدأ لا يمكن لأحد التنبؤ بنهايته بشكل جازم، لأنه يطوّر نفسه بشكل تلقائي حتى يفقد السيطرة عليها في النهاية، وعبر التاريخ والواقع فإن العنف لا يلبث أن يفقد بوصلته حتى يبدأ في الضرب خبط عشواء وكيفما اتفق، وتبدأ شهية الدم التي انفتحت عنده في الطمع بالمزيد، وليس صعباً حين تستبد الشهوة المرضية بالشعور أن تصنع لنفسها المبررات التي تقنعها بالاستمرار واستهداف المواقع الأكثر سهولة، وما نخشاه حقاً أن يصل العنف لدينا لمثل هذه المرحلة المتقدمة من الانحراف، حتى يصبح كل المواطنين وكل المنجزات الوطنية هدفاً مشروعاً لمثل هذه الأعمال العبثية المجنونة. ما لا ينبغي أن يغيب عنا حين نحاول قراءة ظاهرة العنف لدينا هو التركيز على أفكار العنف من جهة ومن جهة أخرى على البيئة التي أخرجته أو استطاع أن يتنامى فيها حتى يبني لنفسه كياناً مستقلاً ذا فاعلية تبلغ حد القسوة والجنون، فمن هناك نستطيع تلمس الخيوط الأولى لمواجهته وإيجاد الحلول الناجعة في وأده والقضاء عليه. إن السؤال الذي يثور هنا هو أن ظاهرة بهذا الحجم لا يمكن أن تواجه بحل أمني فحسب. إن الخلل الاجتماعي الذي أنتج مثل هذه الظاهرة يجب أن يوضع بكل صراحة تحت المجهر الفاحص والناقد رغبة في الإصلاح وإعادة الأمن والاستقرار.

عبد الله بجاد العتيبي

الرياض، 31/5/2004