لمملكة العربية السعودية

من هم الإسلامويون؟

 
ملخص تنفيذي

تمر المملكة العربية السعودية بمرحلة حرجة سواءً في كفاحها ضد الإرهاب أو في ترددها فيما يتعلق بالإصلاح، والإسلام هو في جوهر هاتين المسألتين. إن نجاح أو فشل الإسلامويين المعتدلين في إيجاد حلول للمشاكل السياسية والاجتماعية والدينية التي تعصف بالمملكة سيحدد، على الأرجح، مثل أي شيء، المصير النهائي لخصومهم المتطرفين([1]).

مساء يوم 15 آذار 2004 قتلت قوات الأمن السعودية خالد الحاج، القائد المزعوم لتنظيم القاعدة في السعودية ومنسق حملة العنف التي بدأت في أيار 2002. وفي اليوم التالي ألقت الشرطة القبض على أحد عشر مثقفاً من الإصلاحيين البارزين بمن فيهم عدد من الإسلامويين الذين كانوا يحثون على إجراء إصلاحات سياسية ويحاولون تأسيس منظمة مستقلة لحقوق الإنسان. تمثل هذه الأحداث وجهين للإسلام في الحياة المعاصرة في السعودية: وجه عسكري عنيف مكرس لزعزعة الاستقرار في المملكة ودفع مسانديها الأجانب إلى الهرب، ووجه آخر تقدمي معتدل يدعو إلى تشجيع إصلاحات سياسية واجتماعية ودينية. وفي حين أن الوجه الأول قد هيمن على معظم العناوين الرئيسية فإن الوجه الثاني ينطوي على إمكانيات أكبر لإعادة تشكيل المملكة.

في تقرير سابق حول كيفية مقاربة السعودية لموضوع الإصلاح خلصت ICG إلى الاستنتاج التالي:

إن المعلومات التي تم التوصل إليها في هذا الإيجاز والتي تبحث عن جذور التجمعات الإسلامية المتنوعة في السعودية، والتي استندت إلى عشرات من المقابلات تمت في المملكة بين آذار وأيار 2004، تدعم بقوة الاستنتاج المشار إليه أعلاه.

طورت الإسلاموية السعودية عبر عقود عديدة، ورغم التأثير الوهابي الشامل، طائفة متنوعة من الفئات تشمل وعاظاً متطرفين يُدينون ما يعتبرونه انحرافاً للنظام عن مبادئ الإسلام وخضوعه للولايات المتحدة، وإصلاحيون اجتماعيون مقتنعون بالحاجة لتحديث الممارسات التعليمية والدينية ويتحدون الفئة الإسلامية المتزمتة التي تهيمن على المملكة، وإصلاحيون سياسيون يعطون أولوية لقضايا مثل المشاركة الشعبية وبناء المؤسسات وجعل النظام الملكي دستورياً وإجراء انتخابات، والناشطون الجهاديون الذين تم تنظيم معظمهم في أفغانستان والذين طوروا تدريجياً كفاحهم ذو النفوذ الغربي –خصوصاً الأمريكي- في بلادهم.

بحلول أواخر التسعينات من القرن الماضي أصبحت الساحة الإسلامية مٌستقطبة، بشكل متزايد، بين فئتين رئيسيتين: الفئة الأولى في أوساط ما يسمى الإسلامويون الجدد، حيث سعى الإصلاحيون السياسيون لتشكيل أوسع تحالف وسطي ممكن يغطي التوجهات الدينية والفكرية ويشمل الإسلامويين التقدميين السنة والليبراليين والشيعة، وسعوا مؤخراً إلى أن يشمل هذا التحالف أيضاً عناصر من مجموعة (الصحوة) ذات الشعبية الواسعة والتوجه الأكثر محافظة والتي تتكون من شيوخ وأكاديميين وطلاب دراسات إسلامية، والتي كانت قد برزت قبل عقد من الزمن عندما شجبت عدم التزام الدولة بالقيم الإسلامية والفساد الواسع الانتشار والتبعية للولايات المتحدة. قام الإسلامويون الجدد بصياغة عريضة رفعوها إلى الأمير عبد الله، ولي العهد والحاكم الفعلي للسعودية، تضمنت مطالب بتحرر سياسي اجتماعي. وقد دفعت قدرتهم المدهشة على حشد طائفة متنوعة من الاتجاهات الحكومية –التي كانت قد اتخذت موقفاً استرضائياً مبدئياً- إلى إرسال إشارة واضحة لهم، من خلال الاعتقالات المذكورة أعلاه، بأن لتسامحها حدوداً.

الفئة الثانية، الوجه الجهادي للإسلاموية السعودية، أظهرت نفسها بشكل بارز جداً منذ أوائل عام 2003 عندما بدأت شبكة من المقاتلين الإسلامويين المتمرسين تسمى "القاعدة في شبه الجزيرة العربية" بحملة من العنف استهدفت المصالح الغربية، وخصوصاً مصالح الولايات المتحدة. قوضت العمليات الإرهابية واسعة النطاق والعنف على مستويات متدنية ضد الأفراد الغربيين الإحساس بالأمن الشخصي في أوساط العمال المغتربين مما دفع بأعداد غير معروفة منهم إلى مغادرة المملكة. خلال هذه العمليات أصبح المقاتلون وجهاً لوجه ضد الحكومة وقواتها الأمنية. ورغم أن النتيجة النهائية لا زالت غير واضحة فإن هناك مؤشرات قوية بأن الحكومة كسبت اليد العليا، فبغض النظر عن الهجمات البارزة في أيار وحزيران 2004 فإن المقاتلين، فيما يبدو، قد تكبدوا هزائم شديدة جعلتهم أضعف عمليا ومهمشين سياسياً على حد سواء. النواة المقاتلة المتبقية ربما بقيت لها فرصة جيدة في استغلال نقاط الضعف في قدرات أجهزة الأمن ومقاومة الإرهاب السعودية، ولكنها لا زالت بعيدة عن أن تشكل نذيراً بتمرد إسلامي واسع النطاق أو تهديداً لاستقرار نظام الحكم.

إلا أن النصر على "القاعدة في شبه الجزيرة العربية" لا يعني هزيمة العنف الإسلاموي الذي يتغذى على الاستياء السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي سبق نشوء تلك المجموعة والذي سيبقى، دون شك، بعد اختفائها. إن التفاعلات التي تجري في الساحة الإسلامية، والقوة المتنامية لتوجه "إصلاحي" تقدمي، والهوّة التي تزداد اتساعاً بين الناشطين الذين يتبنون العنف والذين يتبنون اللاعنف، كل ذلك يوفر فرصة هامة لمعالجة جذور السخط الأساسية المبينة أدناه.

يتعين على نظام الحكم أن يقوم بما يلي تجنباً لعدم إضاعة تلك الفرصة:

* بناء جسور بين التحالفات الوسطية مع السماح للإسلامويين التقدميين بالتعبير عن آرائهم بصورة أكثر علانية بما في ذلك استخدام المؤسسات الوطنية للإذاعة والتلفزيون.

* العمل فوراً على إطلاق سراح الإصلاحيين الذين تم اعتقالهم في حملة شهر آذار 2004.

* مواصلة الحوارات الوطنية التي بدأت عام 2003 وتوسيعها لتشمل عدداً كبر من الإصلاحيين الإسلامويين وبدء مناقشات جادة حول انفتاح سياسي تدريجي يؤدي إلى ملكية دستورية، بما في ذلك توسيع صلاحيات المجلس الاستشاري المعين (المجلس) ؛ و

* دمج بعض الخطوات السياسية مع جهد مستدام لمكافحة الفساد والفقر والاستثناءات (خصوصا في المناطق البعيدة الأقل تطورا مثل عسير) باعتبار ذلك أفضل ضمان ضد العنف ودعما لاستقرار طويل المدى.

عمان/ الرياض/ بروكسل، 21 أيلول 2004

 


دراسة في الإسلاموية السعودية([2])

أ.        الوهابية

يشير تعبير "الوهابية" إلى الحركة التجديدية الدينية التي بدأت في نجد (أواسط الجزيرة العربية) في أوائل القرن الثامن عشر على يد محمد بن عبد الوهاب الذي شجب الانحرافات التي حاقت بالإسلام عبر القرون وانحدار المجتمعات الإسلامية مجدداً إلى أحوال الجاهلية التي سادت الجزيرة العربية قبل الإسلام، ودعا إلى العودة إلى التوحيد (عبادة الله الواحد) والممارسات الأولى للسلف الصالح([3]). وقال بأن العلاج يكمن في ترك الموروث القانوني والتفسيرات اللاهوتية للإسلام التي تراكمت عبر القرون، والاعتماد بدلاً من ذلك على القرآن والسنة وإجماع السلف الصالح. كان ذلك يعني، عملياً، القضاء على جميع صيغ الإسلام الشائعة بين الناس، بما في ذلك الصوفية، وتقديس الأولياء والتشييع وفرض التزامات متشددة على المؤمنين([4]).

وجد محمد بن عبد الوهاب، في سعيه لنشر الدعوة، حليفاً يدعى محمد بن سعود وهو زعيم بلدة صغيرة تسمى الدرعية (قرب الرياض اليوم). وقد شكل تحالفهما عام 1744 الأساس ليس فقط للدولة السعودية الأولى([5])، بل أيضاً لمؤسسة دينية محلية عُهد إليها بمهمة تطوير ونشر آراء محمد بن عبد الوهاب. بعد عقود من الحكم الذاتي النسبي تراجعت المؤسسة الدينية إلى منزلة ثانوية، وأصبحت مهمتها اليوم، في غالب الأحيان، المصادقة العمياء على القرارات الرسمية وإصدار الأحكام الدينية لإضفاء شرعية على مواقف النظام الرسمية([6]). من الأمثلة على ذلك الفتاوى التي تسمح بوجود قوات أجنبية (عام 1990)([7])، والسلام مع إسرائيل (1993)([8])، والتي أفقدت المؤسسة كثيراً من مصداقيتها لدرجة أن كثيراً من السعوديين ينظرون إليها الآن باعتبارها مجرد امتداد لنظام الحكم. مع ذلك، فهي لا زالت توفر شرعية لا غنى عنها لحكم آل سعود وتعمل كحارسة للمذهب الوهابي الرسمي في البلد.

يمتد نفوذ الوهابية لمدى أبعد بكثير من الدور الرسمي للمؤسسة الدينية، فمنذ تأسيس الدولة صاغت الوهابية ثقافتها الدينية والتعليم والقضاء([9]). نتيجة لذلك فقد كان لها –بدرجة أو بأخرى- تأثير على جميع الاتجاهات الإسلامية السُنّية في المملكة.

ب. الأصول المتعددة للإسلاموية السعودية

1. الجماعة الإصلاحية: الصحوة الإسلامية

يشير تعبير (الصحوة الإسلامية) إلى تفاعل النشاط الديني والحماس الذي هيمن على الجماعات السعودية في سبعينات وثمانينات القرن الماضي ولكن جذورها تمتد إلى أعماق أبعد من ذلك. فمنذ الستينات وما تلاها توسعت اتصالات السعودية مع العالم الخارجي مما أتاح لمواطنيها إمكانيات التحاور السياسي الأوسع في زمن ساد فيه التطرف الإقليمي والتسييس. إضافة لذلك فقد وفر النظام السعودي ملاذاً لعدد كبير من الإخوان المسلمين من مصر وسوريا الذين كانت تلاحقهم الأنظمة الناصرية والبعثية في بلدانهم. كانت الاعتبارات العملية لذلك أحد الأسباب: فالسعودية كانت بحاجة ماسة لمهنيين مدربين في عهد من التحديث السريع الذي دفعت إليه الوفرة النفطية. أصبح الإخوان المسلمون يلعبون دوراً رئيسياً في الإدارة الجديدة والموسعة خصوصاً في مجال التعليم حيث قاموا بإعداد المناهج في المدارس والجامعات وشكلوا الجزء الأكبر من الهيئات التدريسية فيها.

السياسات الإقليمية كانت سبباً آخر: فقد استخدمت الرياض النسخة المسيسة للإسلام التي يتبناها الإخوان المسلمون كسلاح في نزاعها العقائدي – السياسي مع جيرانها الناصريين والبعثيين. وطبقاً لإسلاموي سعودي كان طالباً في تلك الأيام فإن "معظم الكتب الموجودة في المكتبات في السبعينات من القرن الماضي كانت من تأليف أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين"([10]). مع ذلك فإن بعض المثقفين السعوديين يميلون لتضخيم دور الإخوان المصريين والسوريين في المملكة في تسييس الإسلام السعودي([11])، والذي نتج أيضاً عن نشاطات إقليمية أوسع.

من ناحية عقائدية تبنى شباب الصحوة الإسلامية مزيجاً من وجهات النظر الوهابية التقليدية (حول القضايا الاجتماعية بصورة رئيسية) والتوجهات الأحدث للإخوان المسلمين (خصوصاً حول القضايا السياسية). وهم يميزون أنفسهم عن المؤسسة الوهابية بإبداء استعدادهم لبحث قضايا معاصرة جوهرية بدلاً من التركيز على النقاش العقائدي المجرد. كما أنهم، خلافاً لنظرائهم في المؤسسة الرسمية، كانوا منفتحين على التكنولوجيا الحديثة مثل أجهزة التسجيل التي أصبحت بسرعة وسيلتهم الرئيسية الاتصال.

كان الاستيلاء على الحرم النبوي في مكة عام 1979 من قبل الناشط المتحمس جهيمان العتيبي –والذي كان سببه إلى حد كبير السخط على الفساد الأخلاقي المعروف عن العائلة المالكة- نقطة التحول في تطور الصحوة. فقد عمد النظام إلى تعزيز المؤسسة الدينية وإنفاق مزيد من الأموال على المؤسسات الدينية كوسيلة.

ودعم شرعيتها بدلاً من انتهاز هذه الفرصة للبدء في تغيير سياسي واجتماعي طال أمد الحاجة إليه. أدى ذلك بشكل غير مقصود إلى تقوية جماعة الصحوة والتي استخدمت وجودها القوي في القطاع التعليمي للاستفادة من الإمكانات المالية المتزايدة.

أخذ رجال الدين من جماعة الصحوة يشاركون بشكل متزايد في المناظرات العامة واتخذوا مواقف معارضة لكل من الليبراليين، باعتبارهم متهمين بتقويض المجتمع السعودي من خلال العلمانية([12])، والمؤسسة الوهابية، التي انتقدوا عدم اهتمامها بالقضايا المعاصرة وتأييدها غير المشروط لنظام الحكم، مع أن النقطة الأخيرة تم التعبير عنها بشكل مبهم. في التسعينات تطورت مواقف رجال الدين فأخذوا يشجبون عدم التزام الدولة بالقيم الإسلامية وتفشي الفساد والتبعية للولايات المتحدة، وفي نفس الوقت أدانوا رجال الدين التابعين للسلطة لصمتهم إزاء الأمور المشار إليها أعلاه. أكثر وعاظ الصحوة شهرة والذين برزوا في أواخر الثمانينات هم سلمان العودة، وصفر الحوالي، وعايض القرني، وناصر العمر.

إلا أننا إذا نحينا النقاط المشتركة البارزة بين وعاظ الصحوة فإنهم لم يستطيعوا تشكيل جبهة موحدة. كانوا، منذ البداية، يمثلون تيارات مستترة متنوعة بعضها أقرب إلى الوهابية وأخرى إلى الإخوان المسلمين، مع تفرع الموالين للأخيرة إلى ما يسمى "أتباع البنّا" و"أتباع قُطب"([13]). اليوم أصبحت هذه الانقسامات ظاهرة في المواقف المتضارب من قضايا مثل العلاقات مع الليبراليين الإصلاحيين أو الشيعة أو الصوفية، والمواقف من تنظيم القاعدة والإسلامويون الآخرون الذين يتبنون العنف([14]).

2. الإسلامويون الرافضون

كان الإسلامويون الرافضون (الذين يشار إليهم أحياناً بالسلفيين الجدد) في الغالب إما مهملين من قبل المحللين أو يتم الخلط بينهم وبين جماعة الصحوة. إلا أنهم، خلافاً لإصلاحيي الصحوة، كانوا يؤكدون على الإيمان الفردي، والأخلاق، والممارسات العبادية بدلاً من القضايا السياسية والثقافية والاجتماعية الأوسع نطاقاً. كما كانوا معادين لمفهوم الوطن – الدولة ولا يسعون لإدخال تعديلات عليه بل الانفصال عنه، غالباً بعدم التعامل معه، ولكن أحياناً من خلال التمرد عليه. وفي حين كان الإصلاحيون يهيمنون على المدارس والجامعات فقد تجنب الرافضون التعليم الرسمي برمته وسعوا إلى نشر التعاليم الدينية في أماكن أخرى.

بيد أن من الخطأ اعتبار أن الرافضين يشكلون حركة متجانسة اجتماعياً وسياسياً. الواقع أنه كان هناك تنوع في أوساطهم من حيث أسلوب العمل والهيكل التنظيمي أكثر بكثير مما لدى جماعة الصحوة. لقد تمثلت الجماعات الإسلاموية الرافضة في السعودية بأشكال متنوعة منها تنظيمات مثل تلك التي كان يقودها جهيمان العتيبي والتي سيطرت على الحرم النبوي في مكة عام 1979، وجماعات هامشية متطرفة انسحبت عادة من المجتمع وتبنت طريقة حياة متحفظة ومتزمتة للغاية، وأوساط فكرية دينية غير رسمية رفضت كلاً من وهابية المساجد وتعاليم الصحوة المنطلقة من المدارس والجامعات على السواء.

كانت أبرز الحركات الرافضة وأكثرها تنظيميا هي (الجماعة السلفية المحتسبة) والتي نشأت في المدينة في أواسط سبعينات القرن الماضي. كانت تستمد بعض تعاليمها من آراء المفكر السوري ناصر الدين الألباني (1909-1999) وترفض جميع المذاهب الفقهية، بما فيها الوهابية، التي تتضمن قدراً من الاجتهاد الإنساني، وتلتزم بدلاً من ذلك بحرفية الحديث النبوي باعتباره المصدر الوحيد للحقيقة الدينية([15]). كان الخلاف مع المؤسسة الوهابية يدور مبدئياً حول مسائل تتعلق بالعبادات، إلا أن الجماعة السلفية المحتسبة تحولت بمرور الزمن إلى حركة احتجاج سياسية اجتماعية ناضجة ولكن المراقبين استهانوا كثيراً بمدى أهميتها.

يتضح هذا جزئياً من كارثة انتفاضة عام 1979 التي استولى فيها فصيل متطرف من الجماعة السلفية المحتسبة بقيادة جهيمان العتيبي على الحرم المكي. وقد تم قتل أو سجن العتيبي وأصحابه مما حدا بالبعض إلى مقارنة الجماعة السلفية المحتسبة بمجموعة عابرة عديمة الأهمية نسبياً وهامشية من المسيحيين المتطرفين. الواقع أن الجماعة السلفية المحتسبة، ورغم اختفائها كمنظمة بعد حادث مكة، فإن معظم أفكارها الأساسية، وخصوصاً تلك المتعلقة بنقد الفساد الاجتماعي والانحدار الأخلاقي، والتي وردت في كتابات العتيبي، قد بقيت بعد رحيله([16]). لقد أساء الناس غالباً فهم أهمية الاستيلاء على المسجد الحرام، ففي حين أن بعض أتباع جهيمان كانوا مقتنعين بأن رفيقه محمد القحطاني كان هو المهدي المنتظر (ما يعادل المسيح من وجهة نظر إسلامية) وأن عملية مكة ستكون نهاية العالم، إلا أن آخرين شاركوا في العملية للتعجيل في إحداث تغييرات سياسية واجتماعية متطرفة([17]).

لجأت بقايا الجماعة السلفية المحتسبة في ثمانينات القرن الماضي إلى الكويت واليمن والمناطق الصحراوية في شمال السعودية([18]). بعد عقد من تلك الأيام كان لا يزال بالإمكان العثور على مجموعات من الشباب الإسلامويين يطلقون على أنفسهم "طلبة العلم" ويعتبرون أنفسهم ورثة مباشرين للجماعة السلفية المحتسبة، يبحثون عن بقايا أصحاب جهيمان بين بدو الصحراء. هجر هؤلاء المساجد والجامعات وشكلوا جماعات تدريس علوم إسلامية في بيوتهم([19]). ورغم أنهم كانوا يعيشون عادة في الرياض، في شقق مشتركة غالباً، إلا أنهم عملياً كانوا قد انسحبوا من مجتمع اعتبروه خاطئاً ومن جميع المؤسسات المتفرعة عنه. كانوا يعتبرون الدولة فاقدة للشرعية، والصحوة همها السياسة، والجهاديون جاهلين للشؤون الدينية.

3. الجهاديون

يمكن تتبع نشوء الحركة الجهادية إلى مشاركة آلاف من السعوديين – بتشجيع نشط وتسهيلات من نظام الحكم آنذاك- في الحرب الأفغانية ضد الاتحاد السوفيتي. إضافة للمساعدة اللوجستية والمالية التي كان النظام يوفرها للمجاهدين المحتملين – مثلاً تذاكر سفر مدعومة إلى الباكستان- فقد أعلن النظام رسمياً بأن القتال في أفغانستان (فرض كفاية) على المسلمين([20]). كانت المشاركة رمزية بالنسبة لمعظم المشاركين –من المراهقين عادة - فلم تكن الرحلة تتجاوز العطلة الصيفية إلا في حالات نادرة والعديد منهم لم يغادروا الباكستان أبداً إلى أفغانستان. على أن التجربة بالنسبة للذين بقوا أحدثت تحولاً عميقاً في نفوسهم حيث أصبحت جزءاً من الثقافة الرومانسية للمقاومة العنيفة التي ازدهرت في أوساط المجموعات العربية المشاركة في الحرب الجهادية الأفغانية.

ترتب على ذلك نتيجتان: الأولى، أن هؤلاء المقاتلين طوروا نظرة إلى العالم تتسم بالميل الشديد للعنف والقتال. والثانية أنهم تذوقوا طعم صحوتهم السياسية الأولية خارج بلدهم. جاء الجهاديون السعوديون إلى أفغانستان بأفكار سياسية متواضعة وأجندة محلية أو أسس عقائدية بسيطة فيما يتعلق بمعارضة نظام الحكم السعودي. كان خطابهم ونشاطهم يكاد يتشكل ويتوجه كلياً بتأثير الساحة الدولية. تبعاً لذلك، لم يكن لديهم سوى اتصال محدود مع نُظرائهم الإصلاحيين والرافضين. على النقيض من ذلك، كان المقاتلون الإسلاميون في بلدان أخرى مثل مصر مسيّسين في الداخل، مما جعلهم يطورون برنامجاً سياسياً يركز على الشؤون المحلية، مع أنهم قاتلوا فيما بعد في أفغانستان([21]). وخلافاً أيضاً لنظرائهم في مصر وسوريا وبلدان أخرى –حيث كانت المشاركة في الحرب في أفغانستان تعني حرق جميع الجسور مع أوطانهم- فقد كان الجهاديون السعوديون أحراراً تماماً في السفر خارج بلادهم والعودة إليها في سنوات التسعينات([22]). تبعاً لذلك فقد احتفظوا بقاعدة محلية، وكانوا في وضع يتيح لهم التأثير على الشباب السعودي لدى عودتهم. لقد لعبت حرية سفر وعودة الجهاديين السعوديين دوراً هاماً في سنوات التسعينات وسنوات العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

مع انتهاء الحرب في أفغانستان ضد الاتحاد السوفيتي كانت ثقافةٌ جهادية دولية قد تفشت في أوساط إسلامية سعودية عديدة، ولكن الشباب السعوديين استمروا في السفر خارج بلدهم بحثاً عن تدريب عسكري وخبرة قتالية طيلة سنوات التسعينات، خصوصاً بعد أن أسست القاعدة بنية تحتية لمعسكر تدريب في أفغانستان في أواسط التسعينات([23]). من الصعب الحكم على دوافع أولئك الذين التحقوا بهذه المعسكرات، رغم أنهم لم يكونوا مدفوعين، فيما يبدو، بمشروع سياسي خاص أو معتقدات دينية معينة([24]). الأصدقاء والمعارف السابقون يصفون المجاهدين، حين يعودون بذكرياتهم إلى تلك الأيام، بأنهم أفراد "نافذو الصبر" لا "يستطيعون الجلوس لقراءة كتاب" أو "أحداثٌ جانحون أو هاربون من المدارس تجذبهم فكرة حمل مسدس"([25]). الإصلاحيون والرافضون على السواء يبذلون كل ما في وسعهم لبيان اختلافهم عن أولئك الذين يشيرون إليهم "بالجهاديين"([26]). مع ذلك، وكما سنوضح فيما بعد، فقد حدثت حالات انجذاب لرافضين نحو أوساط الجهاديين ونشاطاتهم وبوتيرة متزايدة منذ أوائل التسعينات وما بعدها.

4. الإسلامويون الشيعة

يقدر عدد الشيعة في السعودية، رغم عدم توفر إحصاءات دقيقة، بحوالي 10% من مجموع السكان، حيث يتركزون في المنطقة الشرقية التي توجد فيها أيضاً معظم موارد النفط. وقد شكى الشيعة، منذ دمج المنطقة في الدولة السعودية، من عدم السماح لهم بممارسة طقوسهم الدينية بحرية ومن أنهم يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية.

بدأت المنظمات الإسلاموية الشيعية بالبروز في المنطقة الشرقية خلال سنوات السبعينات ولكن العملية تسارعت مع قيام الثورة الإيرانية عام 1979. وبدافع من غضبهم على وضعهم السياسي والاجتماعي وحماس أوحته تلك الثورة، قام آلاف من الشيعة بالاحتفال بذكرى عاشوراء([27])، رغم الحظر الرسمي. ردت الحكومة على ذلك بقوة مما أدى إلى مواجهات عنيفة وثورة سحقتها قوات الحرس الوطني بقسوة([28]). لم يبق في السعودية سوى قليل من الناشطين الشيعة، والذين بقوا أخرسهم النظام. معظمهم فروا إلى سوريا وإيران وبريطانيا والولايات المتحدة، وبحلول أواخر الثمانينات كان العديد منهم قد اعتدلوا في آرائهم ونأوا بأنفسهم عن الأجندات التي تنهج خط الخميني وأخذوا ينادون بمبادئ الديمقراطية والتعددية السياسية([29]). وفي عام 1993 توصلت الحكومة إلى اتفاقية مع الناشطين المنفيين عاد على أثرها الكثير منهم([30])، وقد توخوا، حتى عهد قريب، البقاء نسبياً في الظل.

ج. تأثيرات حرب الخليج (1990-1996)

كانت حرب الخليج الأولى (1990-1991) أهم الحوادث على الإطلاق في تاريخ الإسلاموية السعودية والعامل الذي يساعد في تفسير سياسات محلية لاحقة. لقد ردت الرياض على غزو العراق للكويت في آب 1990 بدعوة قوة متعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة للتمركز في أراضيها، وهو قرار أدى إلى زعزعة التوازن الداخلي الهش أصلاً في المملكة ودفع إلى مزيد من التسييس والتطرف لجماعة الصحوة. لم يعد وعاظ الإصلاحيين يقصرون انتقاداتهم على المثقفين الليبراليين أو المؤسسة الوهابية بل بدأوا بالاستهداف المباشر للدولة ومؤسساتها.

قام الواعظان في جماعة الصحوة سلمان العودة وصفر الحولي بإلقاء خطب حماسية تنتقد الدولة لسماحها لجيش من الكفار بدخول الأرض السعودية. تصاعدت إثر ذلك شعبية هذين الواعظين وأخذت أعداد هائلة من أشرطتهما بالانتشار في سائر أنحاء البلاد([31])، وفي تحد علني للنظام استغلا السخط الشعبي وحظيا بمصداقية شعبية تفوق بكثير تلك التي يتمتع بها رجال الدين التابعين للنظام. أصبحت الجامعات –التي كانت معاقل لجماعة الصحوة منذ البداية- أرضاً خصبة لتجنيد المعارضين السياسيين. كان المثقفون يتجمعون في مجموعات صغيرة ينظمها الأساتذة الإسلامويون لبحث شؤون الوطن([32])، وفي آذار 1991 قام عدد منهم بصياغة "مذكرة مطالب" وقعها، في نهاية المطاف، ما يزيد على 400 من المثقفين الدينيين –بينهم أفراد من المؤسسة الرسمية وجميع الوعاظ الإصلاحيين البارزين- وأرسلوها إلى الملك فهد. وفي أيلول 1997 أعد 107 من المفكرين الدينيين "مذكرة نصيحة" مماثلة. أعد الإسلامويون مجموعتين من المطالب: الأولى حول سيادة القانون والمشاركة السياسية واحترام حقوق الإنسان (طبقاً لمفهوم الشريعة)، والمجموعة الثانية تختص بتعزيز رقابة المؤسسات الدينية على الدولة والمجتمع.

أدى قرار الإسلامويين عام 1993 بتأسيس "لجنة الدفاع عن الحقوق المشروعة" إلى إجراءات صارمة من الدولة بلغت أوجها عام 1994 باعتقال الحولي والعودة. وأدى رد فعل أتباعهم –مظاهرة صاخبة في مدينة بريدة([33])، التي ينتسب لها العودة- إلى موجة أخرى من الاعتقالات. تم سجن معظم أعضاء لجنة الدفاع عن الحقوق المشروعة في حين فر اثنان منهم وهما محمد المسعري وسعد الفقيه إلى لندن حيث أسسا فرعاً للحركة في المنفى.

أثرت عملية التسييس هذه على الساحة الإسلاموية ككل وخصوصاً الرافضون الذين كانوا قد تجنبوا إلى حد كبير التدخل في السياسة في سنوات الثمانينات([34]). إلا أن أزمة الخليج جلبت السياسة المحلية والدولية إلى عقر دارهم فأصبح من الصعب جداً عليهم الالتزام بعزلتهم والموقف السياسي الذي فرضوه على أنفسهم([35]). أثار قمع الحكومة لجماعة الصحوة نقاشاً سياسياً في أوساطهم([36]), تركز، طبقاً لعضو سابق في حلقة بحثية رافضية في الرياض، على ما إذا كانت نواحٍ معينة من سلوك الدولة تسوغ تكفيرها. بعد أن رفعت جماعة الصحوة "مذكرة النصيحة" عام 1992 تركز النقاش على ما إذا كانت العائلة الحاكمة كافرة أم لا([37]). وقد امتد السؤال عام 1994 –بعد بريدة- إلى القضية الخلافية حول ما إذا كان المفكرون الدينيون التابعون للدولة قد تصرفوا بطريقة غير إسلامية. الأعضاء الأشد تطرفاً في الحلقة البحثية، والذين قرروا بأن أولئك المفكرين تصرفوا فعلاً بسلوك غير إسلامي، انفصلوا عن جماعتهم الرافضية وانضموا إلى صفوف الجهاديين في أوائل عام 1995([38]). وكان من بين الذين ساعدوا في تسييس بعض الرافضين عصام البرقاوي (المعروف أيضاً باسم أبو عصام المقدسي) وهو عقائدي إسلامي متطرف من أصل أردني([39])، كان يتخذ من بيشاور في باكستان قاعدة له ويقيم علاقات مع بقايا حركة جهيمان ويزور المملكة العربية السعودية بصورة منتظمة([40]).

كان الجهاديون – خصوصاً قائدهم بلا منازع منذ الثمانينات أسامة بن لادن- قد تأثروا بشدة بحرب الخليج. في البداية كان بن لادن، عقائدياً، يؤمن في أعماق نفسه بجماعة الصحوة الذين كان الحولي هو الذي يصوغ وجهات نظرهم([41]). ولكن غزو الكويت - ورفض الحكومة السعودية لاقتراحه بدعوة المجاهدين للدفاع عن البلد ضد العراق- ثم بشكل خاص، نشر القوات الأمريكية، كل ذلك شكل صدمة ثلاثية ودعوة للتنبه. ومع تصاعد نقده للنظام السعودي وتحالفه مع الولايات المتحدة فقد هاجر للسودان عام 1991 وفي عام 1994 أسقطت عنه جنسيته السعودية. كان بن لادن يسلك اتجاهات بعيدة للغاية عن توجهاته الأولية في جماعة الصحوة، وأصبح يرى في الولايات المتحدة العائق الرئيسي في إحداث تغيير سياسي في المنطقة، بل وتهديداً عسكرياً مباشرا للأمة الإسلامية. لم يعد يكتفي بنقد أنظمة الحكم، وفي أواسط التسعينات توصل إلى استنتاج مفاده أن هناك حاجة لقيام مواجهة عالمية مباشرة ضد الولايات المتحدة([42]). باختصار، أطلقت حرب الخليج عملية اصبح فيها الجهاديون أكثر نقداً للنظام السعودي واكثر علانية في العداء المفتوح للولايات المتحدة.

ظهرت الإشارات الأكثر إثارة للعنف الإسلاموي في أواسط التسعينات عند وقوع هجمات على أهداف أمريكية، ففي 13 تشرين ثاني 1995 انفجرت سيارة مفخخة في منشأة للحرس الوطني السعودي في قلب مدينة الرياض نتج عنها مقتل خمسة أمريكيين وهنديان وإصابة 60 آخرين بجروح. وفي 22 نيسان 1996ظهر أربعة من المشتبه بهم على التلفزيون واعترفوا بمسؤوليتهم عن الهجوم حيث تم إعدامهم بعد شهر من ذلك. كان ثلاثة منهم من الجهاديين الذين كانت لديهم خبرة قتالية في أفغانستان والبوسنة، أما الرابع فقد كان رافضياً سابقاً تحول ليصبح جهادياً بعد أن ترك حلقة دراسية رافضية في أواخر عام 1994([43]). لم يدع أحد منهم بأنه كان عضواً في مجموعة أو منظمة معينة ولكنهم قالوا بأنهم تاثروا بأبو محمد المقدسي وأبو محمد المصري وبن لادن. لا يوجد حتى الآن دليل مؤكد على تورط بن لادن في ذلك الهجوم، ويبدو أن الافتراض الواسع النطاق بأن القاعدة كان لها ضلع في الموضوع كان يقوم أساساً على حقيقة أن بن لادن كان قد أشاد، في مقالات لاحقة، بأولئك المقاتلين.

كانت تفجيرات حزيران 1996 في المعسكرات الأمريكية في الخبر والتي قتل فيها 19 أمريكياً وأصيب ما لا يزيد على 400 شخصاً من جنسيات مختلفة، محاطة بغموض أكبر. فرغم أن السلطات السعودية ادعت بأنها قد أصدرت أحكاماً بحق عدة أفراد لهم علاقة بتلك التفجيرات إلا أن هوية مرتكبيها لم تُعرف أبداً، وهناك جدل كثير حول ما إذا كانت قد تمت من قبل أفراد ينتمون للقاعدة أم من قبل مجموعات شيعية برعاية إيران.

إلا أنه ليس هناك سوى القليل من الشك في أن كلا الحادثين شكلا علامات بارزة في منحى التطرف الذي اتخذه السخط الإسلاموي منذ بداياته في حرب الخليج عام 1991([44]).

د. السجن والمنفى (1996-1999)

كسبت السلطات السعودية معركتها ضد الصحوة باستخدامها استراتيجية مزدوجة المسارات تقوم على القمع والتفرقة. في أواسط عام 1995 كان جميع القادة الأشد تأثيراً في جماعة الصحوة قد سُجنوا أو أرغموا على المغادرة إلى المنفى في بريطانيا. احتفظت "المعارضة المستقرة في لندن" ببعض النفوذ في توجيه السياسات وقامت بتوزيع المنشورات والكتب من خلال شبكة سرية، إلا أنها عانت، بمرور الوقت، من خصومات داخلية ومن بعدها عن المملكة، وفي عام 1996 انشق أبو محمد المصري عن الفقيه وأسس "حركة الإصلاح الإسلامي في المملكة العربية السعودية". من الصعب تقييم نفوذ تلك المعارضة اليوم في حين أن مدى تواجدهم داخل البلد مسألة تثير الخلاف([45]). أياً كان الأمر، فإن السلطات السعودية قد اتهمت المعارضة السعودية التي تتخذ من لندن قاعدة لها بأن لها صلة بالحملة الإرهابية الحالية، وطلبت من الحكومة البريطانية مراراً تسليم كلا القائدين لها.

سعى نظام الحكم السعودي في أوائل التسعينات لشق صفوف جماعة الصحوة عن طريق تشجيع حركة (المدخليه) نسبة للشيخ ربيع المدخلي، حيث تعكس وجهات نظر هذه الحركة مبادئ المؤسسة الوهابية المتمثلة في الإطاعة التامة للسلطات الدينية والسياسية وإدانة فقهاء جماعة الصحوة المسيَّسين وذوي البدع. إلا أن (المدخليين) استعاروا أساليب جماعة الصحوة فأخذ تابعوهم يستخدمون أشرطة التسجيل وعقد المؤتمرات، ثم المواقع الإلكترونية على الشبكة فيما بعد، لنشر أفكارهم وبذلك قاوموا خصومهم بفعالية أكثر من المؤسسة الدينية. وقيل بأن (المدخليين) كانوا بحلول عام 1994 قد حولوا عدداً من جماعة الصحوة السابقين إلى صفوفهم بما في ذلك في معقلهم القوي بُريده([46]). رد الرافضيون بطريقة مختلفة على إجراءات السلطة. البعض انسحبوا كلياً، مرة أخرى، من النشاطات السياسية وعادوا لتركيزهم الأصلي على المحافظة الاجتماعية والتزمت الديني. الرافضيون الأبرز والأكثر تسييساً عمدوا غالباً، عند إطلاق سراحهم، إما للالتحاق بالجهاديين في أفغانستان أو أصبحوا لاعبين أساسيين في الحركات الإسلامية الليبرالية الأكثر اعتدالاً التي نشأت في أواخر التسعينات. أخيراً فإن العديد من الجهاديين، مع احتفاظهم بشبكة للتجنيد وجمع التبرعات في السعودية([47])، قد اختاروا النفي الاختياري في أفغانستان التي كان بن لادن قد عاد إليها عام 1996 لإنشاء معسكرات تدريب، ولم يعودوا إلى السعودية إلا في أعقاب سقوط نظام طالبان في تشرين ثاني 2001.

هـ. إعادة تشكيل الساحة الإسلاموية (1999 - )

في إطار توجه تحرري – وإن كان متواضعاً - لنظام الحكم، تم في أواخر التسعينات إطلاق سراح معظم السجناء الإسلامويين إصلاحيين كانوا أو رافضيين بما في ذلك كلاً من الحوالي والعودة عام 1999. وقد تم تخفيف القيود على الإعلام والسماح بإدخال الإنترنت وعادت المناقشات السياسية العلنية التي كان قد تم حظرها في أواسط التسعينات إلى الظهور بشكل تدريجي. تزامنت هذه التطورات مع إعادة تشكيل الساحة الإسلاموية.

أخذ عدة رافضيين (مثل منصور النقيدان ومشاري الزيدي) وإصلاحيين (بمن فيهم عبد العزيز القاسم وعبد الله الحامد) يناقشون علناً وينتقدون أفكارهم القديمة مع اقتراح تفسيرات أكثر تحرراً للنصوص المقدسة في إطار عملية (مراجعة). ورغم بروز اختلافات جوهرية فقد شكلوا توجهاً "إسلاموياً جديداً".

أخذ كل من العودة والقرني والحوالي، وجميعهم من القادة السابقين في جماعة الصحوة، بالتقليل من انتقاداتهم للحكومة وأخذ النظام ينظر إليهم بطريقة أكثر تسامحاً. الواقع أنه في الوقت الذي فقدت فيه المؤسسة الدينية الرسمية الكثير من مصداقيتها فقد لقي تعاون جماعة الصحوة تقديراً كبيراً من حكام في أمس الحاجة لشرعية دينية.

برز توجه إسلاموي متطرف جديد – يشار إليه غالباً بالسلفي الجهادي([48]) - على يد مفكرين سابقين في جماعة الصحوة مثل ناصر الفهد، حمود الشعيبي، وعلي الخضير، الذين يتخذون من بريده مقراً لهم بصورة أساسية ولكنهم اجتذبوا أتباعاً من الشباب الجهاديين والرافضين، وحظي كبيرُ مُنتظريهم، الفهد، بشهرة واسعة.

عارض السلفيون الجهاديون تحول قادة جماعة الصحوة إلى الاعتدال، ووسموا العديد من القادة الليبراليين السعوديين بالكفر، ودعوا إلى الجهاد ضد "اليهود والصليبيين"، ومدحوا وبرروا هجمات 11 أيلول، وأيدوا استخدام أسلحة الدمار الشامل ضد (الكفار). وقد سعى النظام لإسكاتهم خلال الفترة بين 2002-2003 عندما أخذت انتقاداتهم تتحول ضده بشكل محدد.

وقعت أحداث 11 أيلول عندما كانت هذه التطورات قد قطعت شوطاً لا بأس به ولكن أحداث 11 أيلول زادت في تسارعها وكثافتها. وجد كل توجه سبباً إضافياً للاستمرار في النهج الذي يسير عليه: "الإسلامويون الجدد" توصلوا إلى استنتاج مفاده بأن قراء أكثر "استنارة" وتقدمية للنصوص المقدسة أصبحت أكثر ضرورة من أي وقت آخر، وواصل قادة جماعة الصحوة السابقين تصميمهم على التوسط بين نظام الحكم والإسلامويين المتطرفين، أما وعاظ السلفيين الجهاديين فقد رأوا في هجمات 11 أيلول وما تلاها مبرراً أكبر للغة تتوخى العنف ضد الغرب ولهجمات متجددة، عندما يحين الوقت، ضد أهداف غربية في المملكة العربية السعودية.

 

2. الإسلاموية والإصلاح

 

أ. الإسلامويون الجدد

كان الإسلامويون الجدد –الذين يسمون أيضاً بالإسلامويين الليبراليين- يعملون منذ أواخر التسعينات بنشاط متزايد سياسياً وإعلامياً على السواء. ويمكن بشكل عام تقسيمهم إلى فئتين:

1. الإصلاحيون الاجتماعيون

الإصلاحيون الاجتماعيون، في غالبيتهم، هم رافضيون سابقون تحولوا إلى النقد الحاد للتقاليد الاجتماعية والدينية المحافظة. وقد استطاعوا بمرور الزمن الوصول إلى صحف محلية نافذة مثل (الوطن) و(الرياض). ولمع اسم أكثرهم شهرة وهو منصور النقيدان في الولايات المتحدة بمقال ظهر له في شهر تشرين ثاني 2003 في (نيويورك تايمز) جعله ملاحقاً من القضاء السعودي بسبب آرائه "المضادة للإسلام". وهو يرى أن الوهابية قد كانت حاضنة لتطرف ديني خطير وأنها مسؤولة بشكل مباشر عن ثقافة القمع وعدم التسامح التي عمت المملكة العربية السعودية([49]). وتتجاوز اتهاماته المؤسسة الرسمية لتشمل نظيراتها غير الرسمية مثل جماعة الصحوة التي يتهمها بتشجيع فهم مغلق ومتزمت للإسلام بدلاً من التفسير العصري والأكثر انفتاحاً الذي اقترحه الإصلاحيون الإسلامويون في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.

في أيار 2003، وبعد أيام قليلة فقط من الهجمات في الرياض، نشر خالد الغنامي -وهو إصلاحي اجتماعي آخر ذو ماضٍ إسلاموي- مقالاً يشجب فيه الإيماءات الدينية للفكر الجهادي وموجهاً النقد بشكل خاص لابن تيمية، وهو مصدر رئيسي للفكر الوهابي([50]). وأصبح مشاري الزيدي، فيما يقال، أبرز الإصلاحيين الاجتماعيين –وأكثرهم استفزازاً- متخذاً لنفسه مواقع مثيرة للجدل في عموده الأسبوعي في جريدة الشرق الأوسط.

التركيز على التغيير الاجتماعي بدلاً من السياسي أمر حيوي بالنسبة لهؤلاء المعلقين، وحجتهم في ذلك أن الإصلاح السياسي في غياب اعتدال ديني واجتماعي ستكون له عواقب وخيمة. ويقول النقيدان، الذي يعارض انتخابات وطنية مبكرة، موضحاً: "السعودية غير ناضجة ثقافياً لتجربة كهذه. الانتخابات اليوم سيكون من شأنها فقط تعزيز الوهابية والقبلية"([51]). ويقول مشاري الزبيدي حول نفس الفكرة موضحاً:

لا أرى في المشاركة السياسية خطوة أولى، وهذا هو السبب في أني لست متحمساً للانتخابات... لقد حصل نوع من الانفتاح السياسي ولكن مجتمعنا لا يزال يفكر على أساس قبلي وديني. لم يتطور الوعي السياسي للمجتمع بعد إلى الدرجة التي ينتخب فيها أكفأ المرشحين([52]).

في الوقت الذي حظيت فيه آراء الإصلاحيين الاجتماعيين بتغطية واسعة في الغرب فإن تأثيرها داخل السعودية أقل يقيناً بكثير. ليس من شك في أن اختراق الحظر على النقد الموجه للوهابية كان خطوة هامة، إلا أن مقابلات متعددة توحي أن هذه الآراء لا تتمتع بتأثير اجتماعي ذي شأن، ربما باستثناء تأثيرها في أوساط النخبة المثقفة. حتى في أوساط كهذه فإن كون هؤلاء الكتّاب شباباً (معظمهم في الثلاثينات) ومستواهم التعليمي البسيط نسبياً يضع حداً لمصداقيتهم، وهناك عدد غير قليل من مواطنيهم كبار السن يساورهم الشك في أنهم إنما يبحثون فقط عن شهرة سريعة في الغرب، مقلدين ما تتلهف الولايات المتحدة بشكل خاص لسماعه([53]). وُجهت تهم كهذه ضد مشاري الزبيدي عندما بدا أنه يدعم القانون الفرنسي الذي لقي استياءً واسعاً بسبب حظره للرموز الدينية البارزة (والذي يمنع تبعاً لذلك النساء المسلمات من ارتداء غطاء للرأس) في المدارس الرسمية([54]). ورغم أن الإصلاحيين الاجتماعيين يواصلون الالتزام بالعقيدة الإسلامية وأنهم كانوا دائماً يهاجمون الوهابية انطلاقاً من وجهة نظر إسلامية – فقد اصبح من الصعب بشكل متزايد إقناع الرأي العام بذلك واصبح الكثير من هؤلاء الإصلاحيين يعتبرون الآن خونة في نظر الغالبية العظمى من الإسلامويين السعوديين([55]). بل إن الشخصيات الإسلامية الأكثر اعتدالاً التي كانت لها صلات وثيقة بهم ذات يوم مثل القاسم أخذت تميل الآن لعدم الثقة بهم([56]). مع إحساسهم بالعزلة المتزايدة، أخذ الإصلاحيون الاجتماعيون يبحثون عن صلات مع مفكرين أكثر تحرراً مثل تركي الحمد الذي طور منذ عدة سنوات نقده العلماني الخاص به للنظام الاجتماعي السائد ولكن ذلك أدى فقط إلى تعميق الشكوك الإسلاموية([57]).

كانت العلاقات مع نظام الحكم مشوبة بالغموض منذ البداية. ورغم أن الإنترنت وفرت للإصلاحيين درجة من الاستقلال فإنهم يعتمدون على وسائل الإعلام للفت الانتباه إليهم وبذلك يبقون إلى حد كبير تحت رحمة الصحافة التي تسيطر عليها الحكومة. ثمة منطق في الموقف المعتدل نسبياً للنظام: بوسع الإصلاحيين الاجتماعيين أن يكونوا ناقدين مؤثرين لوجهة النظر الجهادية التي كانوا قد احتضنوها ذات يوم؛ بوسعهم إيجاد توازن مع نفوذ المؤسسة الوهابية (أو على الأقل استخدامهم تكتيكياً لمنع المؤسسة الدينية من تحدي النظام)؛ كما أنهم يعتبرون أقل خطراً من أولئك المفتونين بإجراء تغيير سياسي([58]). (الواقع إن أكثر أفراد العائلة المالكة تعاطفاً مع الإصلاح –بما في ذلك ولي العهد ووزير الخارجة- يعتبرون، حسبما يقال، أن انفتاحاً سياسياً سريعاً هو بمثابة "انتحار وطني"([59]). رغم ذلك فهناك خطوط حمراء تجلب، في حالة تجاوزها، عقوبات فورية: منصور النقيدان، مثلاً، مُنع من الكتابة ثلاث مرات بعد أن نشر مقالات اعتُبرت استفزازية([60]).

2. الإصلاحيون السياسيون

كان معظم الإصلاحيين السياسيين يتبعون أساساً لجماعة الصحوة، مع أن هناك عديدين منهم كانوا من الرافضيين. كان كلاً من عبد الله الحمد وعبد العزيز القاسم من الشخصيات البارزة في حركة الاستياء الإسلامية منذ التسعينات، وبعد إطلاق سراحهم من السجن، المرة الأولى عام 1995 والثانية عام 1997 أخذوا يطورون نظرية إسلامية أكثر تقدمية تقوم على أساس المجتمع المدني والمشاركة الشعبية والديمقراطية – وجميعها بالطبع ضمن سياق الشريعة الإسلامية([61]). وفي سعيهم للتوفيق بين السيادة والشعبية واحترام الشريعة فقد حثوا أيضاً على إدخال إصلاحات دينية لتخفيف بعض المتطلبات الشرعية الوهابية الأكثر تشدداً وإفساح المجال للتفسير عندما يكون النص غامضاً (اجتهاد). كما أنهم أيدوا الإصلاح الاجتماعي، ولكن مع بقايا محافظة قوية، خصوصاً فيما يتعلق بقضايا المرأة([62]).

شكل هؤلاء المصلحون السياسيون الإسلامويون، بالاشتراك مع ليبرالييين مثل محمد سعيد الطيب ومتروك الفالح إضافة لشيعيين مثل جعفر الشايب، تحالفاً وسطياً متنوعاً عام 2002. برزت هذه الشبكة الفضفاضة من الإسلامويين التقدميين السنة والليبراليين والشيعة على رأس لوبي العريضة المرفوعة للسلطة([63])، منطلقين من الدعوة إلى تحول سياسي تدريجي في إطار الإسلام والحكم الملكي. وصفت وثيقة شهر كانون ثاني 2003 رزمة من الإصلاحات تشمل إقامة ملكية دستورية وحكم القانون وبرلمان منتخب ومجتمع مدني مؤثر، واحترام لحقوق الإنسان وإنهاء التمييز وخصوصاً ضد الشيعة([64]). حافظ معدو العريضة على توازن دقيق محددين مطالبهم بعناية وفي سياق ديني بدءاً من إشارات متكررة لنصوص مقدسة إلى ضرورة التزام الإصلاحات بالشريعة الإسلامية.

كان هذا التحالف مع الإسلامويين التقدميين اساسياً في نظر بعض الليبراليين:

إنه يمكننا من الخروج من حالة الجمود التي وجدنا أنفسنا فيها دائماً، ويوفر لنا المؤهلات الإسلاموية التي كنا نفتقر إليها. إضافة لذلك، فما المشكلة في أن نعمل معاً؟ إننا جميعاً، في نهاية المطاف، مسلمون وطنيون.([65]).

ليس الجميع متفقين في ذلك. هنالك أقلية تخشى من أن يتظاهر الإصلاحيون السياسيون بالالتزام بالأفكار الليبرالية بينما يبقون في الواقع ملتزمين بنموذج الدولة الإسلامية([66]). على النقيض من ذلك، فبعض الإسلامويين –خصوصاً الأعضاء الأكثر تطرفاً في جماعة الصحوة- يعتقدون بأنهم "يوفرون شرعية دينية لمشروع غير إسلامي"([67]).

حدثت تحولات في العلاقة مع النظام، ففي كانون ثاني 2003 التقى الأمير عبد الله ولي العهد مع موقعي العريضة كإشارة لتقبله لوجهات نظرهم حول الاعتدال السياسي. كما كانت خطوات أخرى –مثل عقد اجتماع حوار وطني وإعلان إجراء انتخابات محلية- دلالة على انتهاج أساليب كثر انفتاحاً([68]). إلا أن موقعي العريضة، وقد أحبطتهم الوتيرة البطيئة للتغيير، أخذوا يتشددون في مطالبهم، وفي كانون أول 2003 رفعوا وثيقة يطلبون فيها إجراء عملية لصياغة دستور والعمل به خلال ثلاث سنوات. كان هذا الطلب الأكثر تطرفا،ً إضافة للخوف من قيام تحالف بين الوسطيين وجماعة الصحوة وتصاعد أعمال العنف دافعاً للنظام للرد بشكل أكثر شدة([69])، فقد استدعى وزير الداخلية المعروف بالتشدد الأمير نايف بن عبد العزيز الموقعين على العريضة إلى مكتبه واتهمهم بأنهم غير وطنيين وهددهم بالسجن، وقال أحد المشاركين موضحاً:

كنت مقتنعاً في الساعات التي تلت عودتي للبيت أن الشرطة كانت في طريقها لاعتقالي. لم يكن بوسع أي شخص شاهد الغضب في وجه الأمير نايف أن لا يعتقد بغير ذلك([70]).

بثت النشاطات المتجددة للوسطيين الإصلاحيين في آذار 2004 –خصوصاً الخطط المتعلقة بتأسيس منظمة حقوق إنسان مستقلة- الخوف في قلب النظام من أن ذلك كان يعني اتخاذ الخطوات الأولية نحو تأسيس حزب سياسي([71]). تم اعتقال حوالي اثني عشر شخصاً بمن فيهم ثلاثة من اشد الناشطين الإسلامويين في التحالف وهم عبد الله الحامد وتوفيق القصيري وسليمان الرشودي([72]).

ب. الصحوة والإصلاح

1. الاعتدال والتعاون

خفف معظم قادة جماعة الصحوة السابقين من التشدد في آرائهم، كما أسلفنا، بعد إطلاق سراحهم من السجون في أواخر التسعينات، بل إن بعضهم انضم إلى صفوف النظام، مثل عايض القرني الذي تولى دوراً رسمياً في جمع ثلاثة من الوعاظ المتشددين (وهم ناصر الفهد وعلي الخضير وأحمد الخالدي) وجعلهم يتراجعون، على شاشة التلفزيون الوطني، عن فتواهم التي كانت تحث المواطنين السعوديين على عدم مساعدة السلطات في القبض على جماعات الميليشيات المطاردة إضافة لسحب اتهامهم للحكومة بالردة عن الإسلام. وهناك آخرون مثل العودة حافظوا على إبقاء مسافة بينهم وبين نظام الحكم ولكنهم شاركوا في مؤتمر الحوار الوطني الأول الذي رعاه ولي العهد. خلال الحرب على العراق عام 2003 رفض متبنو كلا التوجهين السابقين الدعوة إلى الجهاد وحثوا الشباب السعوديين على تجنب أي أعمال قد تعكر الأمن الداخلي([73]). كان هناك توجه ثالث لجماعة الصحة تبناه الحولي اتسم بالنقد الشديد للنظام- ولكن ضمن حدود – ورفض حضور مؤتمر الحوار الوطني لمشاركة الشيعة فيه، وتناوب تفهم دوافع الجهاديين تارة وشجب أعمالهم تارة أخرى.

كان بدء الهجمات الإرهابية في أيار 2003 إيذاناً رئيسياً بإعادة توحيد صفوف وعاظ جماعة الصحوة سياسياً والانقسام الواضح في صفوف الإسلامويين، فقد أرغمت الإسلامويين على الانحياز لهذا الطرف أو ذاك واستعانت بالشواهد الدينية لإدانة موقف الجهاديين إدانة مطلقة([74]). أعطى ذلك شرعية دينية لإجراءات النظام بطريقة لم تعد المؤسسة الشرعية تستطيع توفيرها([75]).

2. مقاومة الإصلاح الاجتماعي

من المهم الإشارة إلى أن العديد من وعاظ جماعة الصحوة قد تخلوا (حالياً على الأقل) عن الآمال التي راودتهم في أوائل التسعينات بأن يكونوا طليعة حركة إصلاح سياسي. أخذت مواعظهم تتجنب المواجهات المباشرة ضد النظام خصوصاً حول مواضيع حساسة مثل الفساد أو الافتقار للتمثيل أو غياب الحقوق المدنية. عوضاً عن ذلك يبدو أنهم حريصون للغاية على حماية الوضع القائم من الضغوط لإدخال إصلاحات اجتماعية، وهو مسعى وجدوا في المؤسسة الدينية الرسمية حليفاً طبيعياً لهم. على سبيل المثال، بعد أن أوصى المؤتمر الثاني للحوار الوطني بتحديث المناهج التعليمية "لضمان بث روح التسامح والاعتدال وتطوير القدرات الإدراكية"، قام 156 مفكراً دينياً، وخصوصاً قضاة وأساتذة جامعات من جماعة الصحوة، بإصدار بيان يشجبون فيه ذلك باعتباره "يناقض التوجه الذي دعت إليه الدولة والذي تحتاج إليه أكثر من أي وقت مضى: تعزيز الولاء لمتطلبات الإيمان"([76]).

على نحو مماثل، اتسم رد وُعاظ جماعة الصحوة بالفزع تجاه اقتراحات بضرورة إعادة مراجعة أوضاع النساء. وكان حضور لبنى العليان (أغنى وأبرز سيدة أعمال سعودية) لمؤتمر جدة الاقتصادي دون نقاب، والذي يشبه كثيراً الصور التي نشرتها جريدة عكاظ فيما بعد وتظهر فيها 27 سيدة مشاركة دون حجاب، إيذاناً بانطلاق ردود فعل عصبية من المؤسسة الدينية الرسمية وجماعة الصحوة([77]). وقد دفع انعقاد المؤتمر الثالث للحوار الوطني، المكرس للمرأة، وعاظ جماعة الصحوة إلى إصدار تحذيرات متكررة، وكانت النتيجة ظهور مجموعة من النساء الإسلامويات المقربات من وعاظ جماعة الصحوة وأبرزهن نورة السعد واللواتي دافعن عن الحجاب والفصل بين الجنسين.

تبدو جماعة الصحوة- في تناقض صارخ مع التسعينات- في موقف دفاعي وتلوذ بالصمت إزاء الإصلاح السياسي وتعارض التغيير الاجتماعي بشدة. إلا أن الجماعة لم تكن منسجمة تماماً في موقفها، حيث حذر العودة من التغييرات في المناهج "بوحي غربي" ولكنه رفض الانضمام إلى الشخصيات المائة وستة وخمسون الذين اصدروا بيان الشجب، كما أنه منفتح على الحوار مع الشيعة، وهو موقف يميزه- مع آخرين عديدين يرون إمكانية حقيقية في التحالف السياسي مع الوسطيين/ الإصلاحيين- عن أعضاء جماعة الصحوة الأكثر تزمتاً([78]).

3. اتفاق محتمل مع تحالف الوسط؟

على النقيض من عريضة كانون الثاني 2003، كانت عريضة كانون الأول 2003 موقعة من حوالي عشرين من أفراد جماعة الصحوة أبرزهم محسن العوجي وهو عضو سابق في "لجنة الدفاع عن الحقوق المشروعة" والذي كان ذات يوم وثيق الصلة بالحولي، ويقال بأن العودة أيضاً قد أيد الوثيقة ضمنياً([79]). كان هناك ثمن لمشاركتهم، فقد دعت الوثيقة المصادق عليها بالإجماع إلى إصلاح سياسي واسع ولكنها صيغت بنبرة دينية إلى حد بعيد. بالنسبة للوسطيين، الذين لا يحظون سوى بتأييد شعبي محدود، كانت هناك فائدة واضحة من التحالف مع وعاظ جمعية الصحوة ذوي المصداقية والتحول من مجرد مثقفين إلى حركة اجتماعية([80]). وبالنسبة لجماعة الصحوة كانت هناك فائدة محتملة تسمح لهم باستئناف النشاط السياسي وفي نفس الوقت إضفاء سمة من الاعتدال على صورتهم في الأذهان، وهو هدف كان يشغلهم منذ هجمات 11 أيلول([81]). قيام تحالف بين الوسطيين وأعضاء معتدلين في جماعة الصحوة كان موضع اهتمام واضح من قبل النظام الذي يقال أن رده الحاد على عريضة كانون الأول 2003 كان مرده العدد الكبير من تواقيع أعضاء جماعة الصحوة.

ج. الإسلامويون الشيعة

يتخذ الإسلامويون الشيعة منهجاً ذو مسارين، فهم، من ناحية، يُعبّرون بين فترة وأخرى عن مظالم طائفتهم، ففي نيسان 2003 على سبيل المثال، وبعد ثلاثة أسابيع من سقوط النظام البعثي في العراق انضموا إلى 450 ناشطاً شيعياً في التوقيع على رسالة موجهة إلى ولي العهد يطلبون فيها إنهاء التمييز الديني ضدهم وتأسيس سلطة دينية شيعية لتنظيم شؤونهم في المملكة العربية السعودية([82]). من ناحية أخرى فهم يبذلون ما في وسعهم لتأكيد ولاءهم للوطن ورفضهم لأي تحالف مع قوة خارجية، و - في محاولة لتبديد قلق واضح لدى النظام - تصميمهم على عدم استغلال الوضع في العراق([83]). البعض منهم ينكرون بوضوح وجود "مسألة شيعية" إلا بالقدر الذي "تؤثر فيه المشاكل الواقعة على الشيعة على الشعب السعودي ككل"([84]).

بتبني هذا الموقف الوطني الواضح استطاع حوالي 15 مثقفاً شيعياً، إسلاموياً بصورة رئيسية، الانضمام إلى التحالف الوسطي الذي أصدر عريضة كانون ثاني 2003. كان من بينهم جعفر الشايب، وهو ناشط منذ أمد طويل في مجال حقوق الشيعة، ومحمد المحفوظ. ورحب حسن الصفار، قائد الحركة الإسلاموية الشيعية السعودية منذ زمن طويل، بالمبادرة([85]). حتى عندما تردد بعض الليبراليين إزاء عريضة كانون الأول 2003 من باب نبرتها "الإسلاموية" الزائدة ووجود موقعين سنة بارزين من جماعة الصحوة عليها، فقد ثبت الإسلامويون الشيعة على موقفهم. يمثل ذلك تحولاً جوهرياً في الإسلاموية السعودية من حيث أن جماعة الصحوة والإسلامويين الشيعة كانوا تقليدياً يعتبرون أنفسهم أعداءاً لبعضهم البعض ويتجنبون التعاون في أي مشاريع سياسية.

يبدو أن النظام، الذي يشعر بالقلق إزاء الوسطيين ولكنه أشد خوفاً بكثير من إمكانية انفصال شيعي، ينظر إلى التقارب الوسطي/ الشيعي باعتباره أهون الشرين. هذا يفسر سبب غض النظام النظر عن الإسلامويين الشيعة خلال الإجراءات التي اتخذها مؤخراً: فلم يجر اعتقال أي من قادتهم، والشيعي الوحيد الذي بقي في السجن، علي الدمياني، هو ناشط ليبرالي لم يسبق له أن قدم مطالبه السياسية في إطار شيعي.

تُجمع معظم الروايات على أن قادة الطائفة الشيعية من أمثال حسن الصفار اقنعوا الأغلبية العظمى في الحركة الشيعية بحكمة هذا الأسلوب التصالحي. الفصائل الأكثر تطرفاً تم فعلياً إخراسها. ربما كانت إنجازات الطائفة الشيعية متواضعة –أبرزها الحق في الاحتفال بذكرى عاشوراء بحرية نسبية والذي حصلت عليه في شهر آذار 2004([86]) - ولكنها عززت مكانة الصفار والقيادة المعتدلة وفي الوقت نفسه كسبت بعض بقايا المتشككين.

د. حالة الإصلاح الإسلاموي

أبرزت الإسلاموية السعودية، منذ أواخر التسعينات، مجموعتان قويتان ونشيطتان من الإصلاحيين المعتدلين. لجأ الإصلاحيون السياسيون لرفع العرائض وأشكال أخرى من الضغط الجماهيري للتحرك نحو نظام دستوري أكثر انفتاحاً وكانوا يهدفون من وراء ذلك إلى تكوين تجمع تعددي عريض من الشرائح الفكرية والدينية. وقد نجحوا في ذلك إلى حد كبير واستطاعوا حشد شخصيات ليبرالية وشيعية هامة، وستكون هناك أهمية كبيرة لأحدث جهودهم –وهو اجتذاب قادة من جماعة الصحوة مثل العودة- لأن ذلك سيكون إيذاناً بتحولهم إلى حركة شعبية. وقد تعين عليهم، في سعيهم لتحقيق هذا الهدف التحدث بلغة أكثر إسلامية، على الرغم من أن مطالباتهم الأساسية بقيت دون تغيير منذ كانون ثاني 2003، والأرجح أن نجاحهم والخوف من تحالف موسع قد أديا إلى تصلب موقف النظام في أواخر عام 2003. وقد أدى احتجاز ثلاثة قادة – عبد الله الحامد ومتروك الفالح وعلي الدميني - إلى إعاقة الحركة بشدة.

يؤكد الإصلاحيون الاجتماعيون، الذين يعارضون انفتاحاً سياسياً سريعاً، على الحاجة إلى ضبط وإصلاح الوهابية، وقد وجدوا حلفاء لهم في هذا التوجه في أوساط الدوائر الفكرية في الرياض بل وبعض أفراد الأسرة المالكة أيضاً. إلا أن خصومهم في المؤسسة الدينية ومعظم جماعة الصحوة لا يقلون عنهم نفوذاً. بعبارة أخرى فإن فرص الدعم السياسي لهم محدودة، كما أنهم قد يثيرون ردود فعل غير ودية تجاههم: فكلما زاد ضغطهم لتحقيق إصلاح اجتماعي (كلما كان هذا الضغط أكثر استفزازاً) كلما ازدادت شدة معارضة جماعة الصحوة لهم، وازدادت احتمالات تحالف هذه الجماعة مع المؤسسة الوهابية وكلما ازدادت الاستقطابات اللاحقة في السياسة الوطنية.

 

3. العنف الإسلاموي

 

أ. تسلسل زمني لأعمال العنف

شكل اندلاع الهجمات الإرهابية مؤخراً تصعيداً في حملة الميليشيات الإسلاموية التي انطلقت في أوساط عام 2003. وفي حين أن أعمال العنف ليست شيئاً جديداً فإن تواصل هذه الموجة متبوعة بمواجهة مباشرة بين السلطات والمتمردين هي الشيء الجديد. ورغم الهجوم الذي وقع في الرياض عام 1995 وهجوم الخبر عام 1996 إضافة إلى حوادث العنف المتفرقة في التسعينات وبدايات العقد الأول من القرن الحادي والعشرين فقد كانت الميليشيات الإسلاموية السعودية تركز نشاطاتها عموماً وحتى عام 2003 خارج المملكة العربية السعودية([87]).

هناك عدة عوامل تفسر هذا التركيز المحلي الجديد الذي تكمن جذوره المباشرة في عودة المئات من أفراد الميليشيات من أفغانستان بعد سقوط طالبان عام 2001، وبعضهم، فيما يبدو يحمل أوامر من بن لادن لإعداد هجمات ضد أهداف أمريكية في الأراضي السعودية. الواقع أن هناك دلائل بأن تحضيرات عملياتية قد بدأت في وقت مبكر يعود إلى عام 2002([88]). كما أن المقاتلين العائدين من أفغانستان وجدوا إلهاماً وشرعية في الآراء المتطرفة والجريئة لمفكري السلفية الجهادية مثل ناصر الفهد وعلي الخضير. وقد وفّر الإعداد للحرب ضد العراق والتصعيد على الجبهة الفلسطينية – الإسرائيلية وقوداً سياسياً ودينياً وعاطفياً إضافياً ساعد، على الأرجح، في عمليات التجنيد. وقد تكون إجراءات النظام السعودي ضد المتطرفين الإسلامويين في شباط وآذار 2003- والتي صُممت لتكون ضربة وقائية ضد أعمال عنف محتملة من قبل الميليشيات خلال الحرب على العراق- الدافع وراء قرار تلك الميليشيات القيام بعملياتها تحت اسم "القاعدة في شبه الجزيرة العربية".

هجمات 12 أيار 2003: في 18 آذار 2003 انفجرت قنبلة قبل الموعد المحدد لها في منزل في الرياض مما أدى إلى كشف مخبأ هائل للأسلحة([89]). وفي 6 أيار قامت الشرطة بغارة على منزل آخر في الرياض تطورت إلى معركة مسلحة مع أفراد الميليشيات الذين فروا. وفي اليوم التالي نشرت السلطات أسماء وصور تسعة عشر من أفراد الميليشيات المطلوبين للعدالة. وفي يوم 12 أيار قام اثني عشر مفجراً انتحارياً بثلاث هجمات متزامنة تقريباً على مجمعات سكينة في الرياض مستخدمين سيارات محملة بالمتفجرات مما أدى إلى مقتل 30 شخصاً وإصابة حوالي 200 شخص آخر. كان هذا الهجوم أكثر عمليات العنف أهمية في التاريخ السعودي الحديث وإيذاناً بمواجهة شاملة بين السلطات وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

أيار – تشرين أول 2003: وقعت خلال الستة أشهر التالية مصادمات واسعة النطاق بين الشرطة والميليشيات في سائر أرجاء البلاد. وفي حين لم يتضح عدد القتلى والمعتقلين من أفراد الميليشيات فإن مراجعة لنشاطات الشرطة توحي باحتمال تدمير عشرة خلايا أو أكثر –معظمها تكون من 5-20 فرداً في كل خلية تتخذ لها بيوتاً آمنة في مكة والمدينة (غرب) والرياض والقصيم (وسط) وجيزان (جنوب) ([90]). كان في كل بيت آمن تقريباً مخزون كبير من الأسلحة والمتفجرات والمعدات الأخرى، إلا أنه لم يُعرف عدد العمليات التي كان مخططاً لها من قبل الميليشيات. فقد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية العديد من مقاتليه متوسطي المستوى إضافة لقائدة آنذاك يوسف العيري الذي قُتل يوم 31 أيار 2003.

تشرين ثاني - كانون أول 2003. شنت الميليشيات هجومها الرئيسي الثاني يوم 8 تشرين ثاني 2003، حيث قام اثنان من المفجرين الانتحاريين يرتديان زي ضباط الشرطة ويقودان شاحنة (فان) مليئة بالمتفجرات باقتحام مجمع المحيا السكني وتفجيره. أدى الانفجار إلى مقتل 17 شخصاً وإصابة ما يزيد على 120. وقد قوبل الحادث باستياء جماهيري عام نظراً لأن العديد من الضحايا كانوا عرباً ومسلمين بما في ذلك عدة أطفال. بعد ذلك بأسبوعين استولت شرطة الرياض على شاحنة محملة بالمتفجرات محبطة بذلك هجوماً إجرامياً أكبر حجماً بكثير من الهجمات السابقة.

في كانون الأول أطلق فصيل يدعى ألوية الحرمين حملة جديدة تستهدف كبار المسؤولين الرسميين. وأفادت تقارير بإبطال مفعول سيارة متفجرة قرب مبنى قيادة جهاز الاستخبارات السعودي، وتعرض مسؤول كبير في مقاومة الإرهاب لإطلاق النار وأصيب بجروح. وطبقاً للإشاعات فقد جرت محاولة لاغتيال الأمير محمد بن نايف ابن وزير الداخلية، وفي 29 كانون أول انفجرت قنبلة صغيرة في سيارة مسؤول في جهاز الاستخبارات لم يكن فيها أحد عند وقوع التفجير.

كانون ثاني – آذار 2004. رغم استمرار القتال المسلح بين الشرطة والميليشيات إلا أن نمط الاعتقالات والمواجهات قد تغير. باستثناء صدام رئيسي واحد وقع في بيت آمن في الرياض يوم 29 كانون ثاني فنادراً ما تواجد أفراد الميليشيات في مجموعات تزيد عن ثلاثة أشخاص وكان يتم اكتشافهم على الطرق أكثر بكثير من اكتشافهم في منازل. حوادث واعتقالات كهذه حصلت غالباً في منطلقة الرياض، وفي يوم 15 آذار 2004 قتلت الشرطة خالد الحاج، الذي يقال بأنه القائد الجديد للمليشيات.

نيسان – حزيران 2004. شهدت الفترة منذ شهر نيسان 2004 ارتفاعاً في الاشتباكات المسلحة على الطرق ونقاط التفتيش وكانت الميليشيات هي التي تبدأ بإطلاق النار وبوتيرة متزايدة. وأفادت الشرطة بأن الميليشيات أخذت تستخدم أسلحة أثقل بما في ذلك ذات الدفع الصاروخي والقنابل اليدوية. في يوم 21 نيسان انفجرت سيارة مفخخة أمام مبنى إدارة السير وسط الرياض ونتج عن الحادث مقتل ستة أشخاص وجرح حوالي 150 آخرين. أبرزت العملية خلافاً متزايداً في أوساط الميليشيات حول مهاجمة أهداف رسمية محلية أم لا. وفي حين إن ألوية الحرمين أعلنت مسؤوليتها عن الحادث إلا أن قائداً في تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وهو عبد العزيز المقرن، أنكر التورط في هذه العملية وأصر على أن "اليهود والأميركيين والصليبيين عموماً" هم الذين يبقون الأهداف ذات الأولوية([91]).

وكما لو كان الأمر تأكيداً لرسالة المقرن، فقد تسلل أربعة من أفراد الميليشيات إلى مقر الشركة السويسرية ABB في ينبع (على الساحل الغربي) يوم الأول من أيار وقتلوا خمسة موظفين مما أبرز مخاوف من أن يكون تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية يقوم بتوسيع المنطقة الجغرافية لنشاطه ويستهدف صناعة النفط. بعد عملية ينبع وقعت عملية أخرى يوم 29 أيار حين تسلل أفراد الميليشيات إلى مجمع سكني في الخبر (الساحل الشرقي) وتجولوا في المباني يدخلون غرفة تلو أخرى يقتلون الغربيين ويستثنون المسلمين. عندما انتهت هذه الدراما بعد حوالي 24 ساعة كان هناك 22 قتيلاً في حين تمكن عدد من أفراد الميليشيات من الفرار. منذ أواخر أيار وما بعد ذلك أخذ الميليشيات يقتلون أفراداً غربيين حول الرياض، وقاموا بتصوير اغتيال أحد الأمريكيين في منزله ونشروا الواقعة على الإنترنت، وبعد بضعة أسابيع نشروا أيضاً على الإنترنت عملية قطع رأس أمريكي آخر هو بول جونستون.

حزيران – أيلول 2004. في يوم 19 حزيران 2004 قتلت الشرطة أربعة من كبار أفراد الميليشيات بمن فيهم قائدهم المفترض الجديد عبد العزيز المقرن، وبعد ذلك بأربعة أيام عرضت الحكومة عفواً محدوداً على كل من يسلم نفسه خلال شهر ووعدت بأنها لن تقوم بإعدامهم وستترك قرار محاكمتهم لعائلات الضحايا. رفض تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية هذا العرض ويقال بأن ستة فقط من أفراد الميلشيات، لا يشغلون مواقع هامة، قد سلموا أنفسهم([92]). توقفت موجة الاختطافات الوحشية والهجمات العنيفة لفترة قصيرة (ونسبية) في الأشهر التي أعقبت مقتل عبد العزيز المقرن. لم يتم الإبلاغ سوى عن ثلاث حوادث تبادل إطلاق نار بين الميليشيات ورجال الشرطة خلال شهري تموز وآب (اثنان منهما في 1 و20 تموز في الرياض والثالث يوم 11 آب في مكة) وتم خلالها قتل خمسة آخرين من أفراد الميليشيات. في 2 آب تم اغتيال مهندس أيرلندي في مكتبه في الرياض وهو أول هجوم من نوعه منذ أواسط حزيران.

ربما كانت فترة الهدوء المؤقت هذه مجرد فاصل استراتيجي لإتاحة الفرصة للميليشيات لإعادة التجمع. واصلت المجلات الجهادية مثل (صوت الجهاد) و(معسكر البتار) الصدور بنفس الوتيرة كما تم إصدار مجلات جديدة مثل المجلة الجهادية النسائية (الخنساء) مما يوحي باستمرار نشاط الميليشيات. كما زادت نشاطات الميليشيات مؤخراً بما في ذلك حادث إطلاق نار على سيارة دبلوماسي أمريكي يوم 30 آب وحوادث إطلاق نار في بريدة أيام 3 و4 و5 أيلول أسفرت عن مقتل خمسة من رجال الشرطة إضافة إلى انفجارين قرب بنوك غربية في جدة يوم 11 أيلول.

مع ذلك فهناك سبب للاعتقاد بأن فقدان البيوت الآمنة واعتقال أو قتل شخصيات رئيسية – قادة متعاقبون لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، رئيس تحرير (صوت الجهاد) عيسى العوشن، وكبير المنظّرين فارس الزهراني- قد تسبب في أكثر من مجرد ضرر مؤقت لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية ويقال أن القائد الجديد لهذا التنظيم صالح العوفي يحظى بتقدير أقل من أسلافه من حيث الخبرة والمهارات القيادية([93]).

ب. تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية

تتوفر عادة معلومات شاملة عن الميليشيات الإسلاموية السعودية ومعظمها مصدره أفراد الميليشيات أنفسهم الذين روجوا لقضيتهم من خلال المنشورات وأشرطة الفيديو ذات الجودة العالية، وكلاهما يتم نشرهما على الإنترنت([94]). كما أن السلطات السعودية أخذت تبدي استعداداً خاصاً لنشر معلومات عن أفراد الميليشيات (رغم أنه ينبغي النظر إلى هذا بعين الشك) في حين تم إفساح المجال للصحف المحلية لإجراء تحقيقاتها.

1. الهيكل التنظيمي

الهيكل التنظيمي لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية مخلخل حيث يعمل أفراد الميليشيات في مجموعات منفصلة ومعزولة إلى حد كبير ولكنهم يعتبرون أنفسهم جزءاً من حركة شاملة. ويتم إدامة وعيهم التنظيمي الجماعي عن طريق الروابط الأخوية القوية المكتسبة في معسكرات لتدريب في أفغانستان أو عن طريق الخبرات المشتركة بينهم كمطاردين ومتمردين في السعودية، وبحكم توجهاتهم العقائدية المشتركة التي تركز على الحاجة للقضاء على الوجود الأمريكي في شبه الجزيرة العربية، ووجود جهاز إعلامي متطور يوفر التماسك السياسي ويرفع معنويات العاملين في الميدان.

عمل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية منذ البداية على أساس نظام الخلايا الصغيرة. لم تكن قوات الأمن تجد عادة أكثر من 20 من أفراد الميليشيات، وغالباً أقل من ذلك بكثير، في بيوتهم الآمنة وبأسلحتهم ومعداتهم([95]). الأسماء المستخدمة من قبل الميليشيات – مثل سرية الفالوجة وسرية القدس وألوية الحرمين - تشير، في الأغلب الأعم، إلى خلايا أو مجموعات فرعية طورت بمرور الوقت هويات منفصلة واستراتيجيات وتكتيكات مختلفة قليلاً([96]). وفي حين أن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية يعتبر أسامة بن لادن وأيمن الظواهري بمثابة المرجع الإرشادي الأعلى له فإن خطوط الاتصال مع القيادة البعيدة قد تعطلت، على الأغلب، منذ زمن بعيد([97]). بمرور الزمن تعدد أفراد الميليشيات الذين اصبحوا قادة ولكن لا أحد يعرف بالضبط مقدار القيادة والسيطرة التي مارسها كل منهم على التنظيم. هناك بعض الأدلة التي تشير إلى أن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية يضم لجاناً متخصصة أو مجموعات فرعية تتولى مسؤولية التعليم/التدريب، والاستراتيجية/الإنتاج الإعلامي، والشؤون الدينية([98]).

رغم الإنكار الرسمي المتكرر فإن إفادات أفراد الميليشيا أنفسهم توحي بأنه توجد لدى تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية سبل للتدرب في معسكرات تدريب ومراكز تعليم في الأراضي السعودية، في مناطق نائية عموماً ولكن ليس دائماً. وقد تم، على الأرجح، اكتشاف وتدمير معظم هذه المعسكرات والمراكز خلال السنة الماضية([99]). أغلبية أفراد تنظيم القاعدة الأصليين شاركوا في دورات تدريبية في معسكرات القاعدة في أفغانستان في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، ولكن مع انهيار طالبان برزت الحاجة لإيجاد مواقع بديلة. وقد سعى الجهاديون –بقيادة يوسف العيري على الأرجح- لتأسيس معسكرات في المملكة قبل وقت طويل من أيار 2003([100]).

يبدو أن مكتب الإعلام ذو المستوى المهني الرفيع التابع لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية هو أحد أهم وحدات هذا التنظيم وأكثرها حماية، فرغم النكسات المتكررة التي منيت بها المجموعة وفقد أفرادها فقد واصلت منذ أواخر أيلول 2003 إصدار مطبوعاتها النصف شهرية (صوت الجهاد)، ومنذ كانون أول 2003 أصدرت مطبوعة نصف شهرية أخرى مختصة بالشؤون العسكرية هي (معسكرات البتار). صدر حتى الآن أربعون عدداً كل منها يضم حوالي 40 صفحة إضافة لفيلمين طويلين بمستوى جودة عالية([101]). ساعدت صوت الجهاد، بكل المقاييس، في إدامة الصلة بمسؤولين في الميدان وفي نفس الوقت استطاعت الإفلات من أجهزة الاستخبارات السعودية وهي ليست بالمسألة الهينة([102]). كما توحي الأدلة أيضاً على أن لدى المحررين أرشيفاً يثير الإعجاب من النصوص وأشرطة الفيديو والتسجيلات الصوتية لمواد تعود لعشرين سنة سابقة([103]). ورغم أنه من غير المعروف بشكل مؤكد أين يتم إعداد المجلات وطباعتها فالأغلب نه يجري تحريرها في أماكن منفصلة من قبل هيئتي تحرير([104]). وليس هناك سوى معلومات قليلة حول هوية أو تشكيل لجان التحرير([105]).

كما يؤكد أفراد الميليشيات على أهمية دور أئمة الدين في التجنيد والدعاية([106]). بعد اعتقال مفكرين سلفيين جهاديين بارزين مثل ناصر الفهد في أيار 2003، تحولت المنظمة، فيما يبدو، لشخصيتين أقل شهرة هما فارس الزهراني وعبد الله الرشود اللذين تم فيما بعد اعتقالهما أو قتلهما([107]).

ثمة أسئلة تدور حول علاقات دولية مزعومة لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، فطبقاً لبعض التقارير كان قد تم التخطيط لعدة هجمات من قبل أفراد القاعدة العاملين في إيران([108])، بينما اتهمت السلطات السعودية جماعات المعارضة المقيمة في لندن بذلك([109]). لقد مالت أوساط الإعلام السعودية والعالمية لاعتبار تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية كجزء أساسي من شبكة تنظيم القاعدة على المستوى العالمي بقيادة بن لادن والظواهري، ولكن لم تثبت صحة ادعاءات من هذا النوع. الاتهامات حول إيران والمعارضة في المنفى تأتي عادة من "مصادر استخبارية" غير محددة ويبدو أن وراءها دوافع سياسية. الارتباط بالقاعدة اكثر احتمالاً حيث أن معظم أفراد ميليشيا تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية مروا من خلال أفغانستان ومن المحتمل جداً أنهم التقوا بكبار قادة القاعدة قبل أواخر عام 2001. الأرجح أن أفراد هذه الميليشيات يرون أنفسهم، كما يتضح من تسمية تنظيمهم، جزءاً من حركة القاعدة العالمية وهناك مؤشرات بأن تنظيم القاعدة قد شجع في أواخر عام 2001 على شن هجمات داخل السعودية من قبل المقاتلين العائدين من أفغانستان. ولكن الانجذاب العقائدي، وحتى الشخصي شيء، والتعاون العملياتي شيء آخر. إن من المشكوك فيه جداً أن تكون لقيادة تنظيم القاعدة علاقة مع أفراد ميليشيات تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وأنها تملي عليها القيام بعمليات محددة.

2. الحجم

تختلف التقديرات حول حجم الميليشيات الإسلامية الناشطة وذلك لاسباب تتعلق بالسرية وباختلافات تتعلق بتحديد طبيعة نشاط هؤلاء الأفراد (أي هل تشمل التقديرات المقاتلين فقط أم أيضاً أولئك الذين يوفرون الدعم اللوجستي والسياسي). تشمل القائمتان اللتان تضمان أسماء المطلوبين للسلطات السعودية والتي تم نشرها في كانون أول 2003 ما مجموعه 40 شخصاً قُتل أو اعتقل 30 منهم. ولكن مصادر مقربة من الاستخبارات السعودية تقر بوجود قائمة سرية وتوحي بأن عدد الأسماء فيها ربما يقترب من 500([110]). في أيار 2003 حددت مصادر أمريكية وسعودية، كلاً على حدة، عدد المقاتلين الفعليين بين 200-400([111]). إذا جمعنا عدد المقاتلين الذين ذكرتهم السلطات السعودية أو مطبوعات الجهاديين أنفسهم خلال السنة الماضية فإن الرقم يتراوح تقريباً بين 140-150، وهناك من يعطي تقديرات أكثر. ومع ذلك يبقى عدد المقاتلين الناشطين فعلاً مسألة أخرى، ويعود إلى مدى فعالية العمليات السرية السعودية (زعمت المصادر الرسمية في أواسط عام 2004 بأن حوالي 70% من أفراد ميليشيات تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية الناشطين فعلاً قد قتلوا أو أسروا) ومدى كفاءة جهود التجنيد لدى الميليشيات.

3. العقيدة والاستراتيجية

انفرد تنظيم القاعدة عن التفكير الجهادي المألوف بالتركيز بصورة رئيسية على "العدو البعيد" –"اليهود والصليبيين"- وخصوصاً في الولايات المتحدة. ورغم أن "العدو القريب" –الأنظمة المحلية في العالم الإسلامي- تعتبر فاسدة وقمعية وغير إسلامية، وبالتالي يجب الإطاحة بها، إلا أن "القوة التي دعمت هؤلاء الحكام غير الشرعيين ودنست الأرض المقدسة في الجزيرة العربية.. هي الهدف المفضل"([112]). على النقيض من ذلك فإن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية([113])، وفي الوقت الذي يعتبر فيه نفسه جزءاً من نفس الحركة الدولية ويعلن إعجابه بالقيادة التاريخية لتنظيم القاعدة([114])، فإنه يمثل ردة نسبية للتركيز على المستوى الوطني. فمطبوعات هذا التنظيم، مثلاً، تركز بصورة أساسية على قضايا محلية. إن مطبوعات (صوت الجهاد) و(معسكر البتار) تأتي على ذكر فلسطين والشيشان وأفغانستان وكشمير ولكن بطريقة عابرة غالباً([115]). مع ذلك، فإن التركيز على السعودية بقي حتى الآن لفظياً بلاغياً أكثر منه عملياً من حيث أن الميليشيات –باستثناء ألوية الحرمين- لا تزال تركز هجماتها على أهداف أجنبية. وكما مر معنا –فإن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية سعى لتحديد الهجمات ضد أهداف سعودية- وهي مسألة انقسم حولها الجهاديون.

برزت التطورات حول الأجندات المحلية والدولية بأوضح صورة في المسألة العراقية. فالعديد من الميليشيات الإسلاموية ترى أن مقاومة الاحتلال الأمريكي هناك قضية أجدى بكثير –وأسلم من ناحية دينية- من قتال الشرطة السعودية في الرياض. واتهم البعض تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية بتقويض جهود الإسلامويين عن طريقة تحويل الاهتمام عن العراق، ويبدو أن بعض أفراد عدد من الميليشيات السعودية قد اختاروا القتال هناك. ودفع النقاش الكتاب في (صوت الجهاد) للمحاججة بشدة بأنه –بالنسبة للسعوديين على الأقل- فإن قتال الأمريكيين محلياً له الأولوية على الالتحاق بالجهاد في العراق([116]).

4. نبذة عن الأعضاء([117])

تشير الدلائل إلى ثلاث موجات لمقاتلي تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية: المقاتلون في الحرب الأفغانية في ثمانينات القرن الماضي، والمشاركون في معسكرات تدريب القاعدة –خصوصاً في أفغانستان- بين عامي 1996و 2001. بالنسبة للأعضاء في قلب التنظيم فالخاصية المشتركة الأهم التي تميزهم والتي تعتبر أيضاً المدخل لفهم هذا التنظيم هي التجربة الأفغانية المشتركة، أما كمجاهدين أو في معسكرات التدريب([118]). هذه التجربة تركت لديهم توجهاً أيديولوجياً مشتركاً وثقافة عسكرية وخبرة فنية([119]). إلا إن من الصعب معرفة ما إذا كان يمكن توريث هذه المكتسبات للمجندين الجدد وبأي درجة.

معظم أفراد الميليشيات ذوي مستوى تعليمي بسيط، إذ يبدو أن الأغلبية قد تركوا المدرسة بين الخامسة عشرة والعشرين من أعمارهم، وقليلون فقط هم الذين لديهم، فيما يبدو، شهادات جامعية. كان ترك المدرسة أحياناً يأتي نتيجة لقناعة عقائدية أو ضغوط اجتماعية وليس بسب قصور في الذكاء([120]). معدل أعمار أفراد الميليشيات في القائمة الحكومية مرتفع نسبياً (حوالي الثلاثين) ولكن المجندين الجدد والأصغر سناً قد لا يكونون مشمولين، على الأغلب، في هذه القائمة([121]). ومع أن معظم الأعضاء هم من الرجال الذين تركوا وراءهم زوجات وأطفالاً فإن (صوت الجهاد) أولت اهتماماً بالنساء، بل إن هناك مقالات عدة بأقلام نسائية([122]).

أخيراً، ورغم التخمينات التي كانت سائدة حول الزيادة النسبية لأعضاء الميليشيات الذين ينتمون لمناطق مهمشة سياسياً –عسير بصورة رئيسية-([123])، والمنتمين لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، فإن أفراد الميليشيات ينتمون لجميع المناطق، وتوحي أسماؤهم بتنوع جغرافي وقبلي واسع النطاق([124]).

4. الخلاصة

أدى بدء أعمال العنف فوراً إلى زيادة التكهنات في الغرب حول مدى استقرار النظام. التحدي، من أوجه عدة، لم يسبق له مثيل، وقد استطاعت الميليشيات تقويض الإحساس بالأمن لدى معظم الغربيين إضافة إلى عدد لا باس به من السعوديين. ولكن هناك مبالغة في تضخيم التهديد، وذلك نتيجة لقلق يمكن تفهمه حول مصير بلد منتج رئيسي للنفط والغموض الذي غالباً ما يحيط بالأحداث في المملكة.

بالإجمال، وبمقاييس عسكرية مجردة، فالواضح أن اليد العليا هي للنظام. لقد أدت العمليات الإرهابية للميليشيات حتى آب 2004 إلى مقتل ما يزيد على 70 شخصاً إضافة لمئات الجرحى، كما قُتل عدد غير معروف من قوت الشرطة والأمن أيضاً. إزاء ذلك تم وضع قوات الأمن في حالة تأهب كامل منذ أيار 2003، وتحسن مستوى التدريب والتزود بمعدات مكافحة الإرهاب، وطرأت زيادة جوهرية على رواتب أفراد الشرطة([125]). كما تكثف التعاون مع الولايات المتحدة([126]). (هناك أيضاً، لسوء الحظ، أسباب قوية للاعتقاد بأن السلطات لجأت إلى التعذيب في حالات الاستجواب)([127]). ويمكن ملاحظة درجة الحماية المرتفعة في أرجاء المملكة مما حدا ببعض السعوديين للشكوى من أن الحراسات ونقاط التفتيش العديدة أخذت تؤدي إلى قيام مجتمع عسكري([128]). ستتعمق هذه الحالة على الأرجح، خصوصاً في ضوء الإعلان الذي صدر في شهر حزيران 2004 بالسماح للأجانب وشركات الأمن الخاصة بحمل السلاح.

قامت أجهزة الأمن بعمليات وغارات لا تحصى واعتقلت ما بين 600-100 فرد بمن في ذلك مقاتلين والعديد من الوعاظ المتطرفين المعروفين([129]). وقد تم اعتقال أو قتل جميع المشتبه بهم في قائمة الحكومة التي تضم 19 شخصاً والتي نشرتها في أيار 2003 باستثناء شخص واحد، كما تم اعتقال أو قتل 16 من قائمة الـ26 المنشورة في كانون أول 2003([130]). من المرجح أن تكون العمليات متدنية المستوى التي وقعت مؤخراً (مثل إطلاق النار من سيارة عابرة والاغتيالات الاستهدافية) قد تمت من قبل متعاطفين وليس من قبل مقاتلين من صلب حركة الميليشيات، ما يشير إلى نجاح نسبي لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في إلهام الإسلامويين الشباب للتصرف بشكل مستقل. إلا أن ذلك قد يشير أيضاً إلى أن الكوادر القيادية –وجمعيهم من المقاتلين السابقين في أفغانستان- قد أُنهكوا وأن إجراءات السلطات قد جعلت من الصعب القيام بعمليات جيدة الإعداد تتطلب تدريباً مسبقاً وبيوتاً آمنة وما شابه ذلك([131]). عدم توفر بيوتٍ آمنة يعني، في الغالب، عدم توفر أموال وأسلحة وإمدادات. إضافة لذلك فليس هناك دليل على أن أي قائد في تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية قد تم تدريبه كلياً داخل السعودية([132]).

إلا أن ضعف أجهزة مقاومة الإرهاب في السعودية تبدي في ارتفاع عمليات الميليشيات خلال الربع الثاني من عام 2004. وقد أثار هجوم الخبر، على وجه الخصوص، انتقاداتٍ واسعة النطاق لكفاءة الأجهزة السعودية المختصة، فقد انقضت فترة طويلة قبل أن تتدخل قوات الشرطة واستطاع ثلاثة من الميليشيات الفرار رغم الحصار. بنظرة متأملة متأخرة، يبدو أن إجراءات مقاومة الإرهاب السعودية قد أُعدت بصورة رئيسية لمواجهة تفجيرات سيارات على نطاق واسع في مناطق المدن، ولم تكن معدة بشكل مناسب للتغيير التكتيكي والجغرافي الذي حدث في هجمات ينبع والخُبر([133]). وقد غذّت أخطاء الشرطة المتكررة وحيازة الميليشيات لمعدات من الشرطة والجيش التكهنات بأن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية يتلقى دعماً من أجهزة الأمن أو أنه تمكن من اختراق هذه الأجهزة، وهي تُهمٌ يصعب التثبت منها([134]).

بغض النظر عن هذه المراجعة السيئة فالسؤال الحقيقي هو ما إذا كان بوسع الميليشيات الإسلامية العنيفة اجتذاب متعاطفين جدد، وما إذا كان النظام السعودي سيطبق استراتيجيات عسكرية وسياسية مناسبة لإلحاق الهزيمة بها.

النظام، إلى حد ما، أدرك ذلك، وأخذ ينوع الأساليب التي يستخدمها دون التقيد الصارم بالتكتيكات العسكرية. ففي حين رفض النظام في تشرين ثاني 2003 رفضاً تاماً الدخول في أي حوار (بما في ذلك المبادرة التي عرضها الحولي وثلاثة من الإسلامويين الآخرين للتوسط بين الحكومة والميليشيات المسلحة) ([135])، فقد أخذ يعدل موقفه تدريجياً. في شهر أيار 2004 وصل منتصر الزيات، وهو محام مصري إسلاموي مشهور، ساعياً "لفتح قنوات حوار مع المتطرفين"([136])، وفي أواخر حزيران 2004 عرضت الحكومة عفواً على من يستسلم من المتمردين خلال شهر. وفي تموز قيل أن الحولي قد تم استخدامه كوسيط أو "واسطة اتصال" مع الميليشيات الراغبين بالاستسلام، وبعد ذلك بوقت قصير أعلنت الحكومة فترة مدتها شهران يمكن خلالها تسليم الأسلحة غير المشروعة دون ملاحقة الذين كانوا بحوزتها([137]).

كما أطلق النظام أيضاً حملة تهدف إلى تعميم عدم مشروعية الميليشيات عن طريق:

* حشد كبار العلماء من المؤسسة الدينية الرسمية لنشر الوعظ ضد أفراد الميليشيات وإدانة سلوكهم انطلاقاً من أسس دينية([138]). إلا أن من المشكوك فيه أن يكون هذا الأسلوب فعالاً في ضوء المصداقية الضعيفة لرجال الدين الطاعنين في السن([139]).

* تحويل المعتقدات الدينية الخاصة بأفراد الميليشيات ضدهم –كما لاحظنا سابقاً- فقد أعلن ثلاثة من رجال الدين الجهاديين البارزين في شهري تشرين ثاني وكانون أول 2003 توبتهم على شاشة التلفزيون([140]).

* تشجيع وعاظ جماعة الصحوة مثل العودة لإدانة أعمال العنف([141]).

* إبراز معاناة الضحايا الأبرياء في وسائل الإعلام المملوكة للدولة. تم نشر صور تلفزيونية للجرحى والضحايا الملطخين بالدماء بطريقة واضحة للغاية وركزت مقالات الصحف على العائلات الثكلى والأطفال القتلى في الهجمات الإرهابية([142]). ويعتقد البعض أنه كان لذلك تأثير قوي على الرأي العام([143])، و

* لجوء النظام الى طلب مساعدة إسلامويين في الخارج له بعض النفوذ عليهم – فقد استنتج الكثيرون أن هناك يداً سعودية خفية خلف إدانة حماس لهجمات الخبر في أواخر أيار 2004 ([144]).

بشكل أكثر عمومية اتخذ النظام خطوات أولي لكبح نفوذ المتطرفين، مثل حذف الدروس التي تغرس في الأذهان العداء للمسيحيين واليهود من الكتب المدرسية ووضع خطط للحد من الفقر([145]).

يستطيع النظام البناء على قاعدة جيدة الاستجابة. قياس الرأي العام السعودي يفتقر إلى الدقة في أحسن الأحوال ويكبله غياب استفتاءات ذات مصداقية([146]). مع ذلك فإن مقابلات الـ"آي سي جي" وشواهد أخرى توحي باستياء واسع من أعمال العنف خصوصاً الأعمال الموجهة ضد سعوديين حتى ولو كان هناك عديدون يؤيدون البلاغة اللفظية للميليشيات الإسلاموية ونظرتها للعالم. كان أشد ما أثار استنكار المواطنين العاديين هو هجمات 8 تشرين ثاني 2003 على مجمع المُحيَّا السكني والتي كان ضحاياها الرئيسيون من العرب وشملت الكثير من النساء والأطفال. ويبدو أن الهجمات الإرهابية والمواجهة بين الشرطة وافراد الميليشيات تعزز هذا الإدراك، لقد استخدم جميع السعوديين الذين قابلتهم الـ"آي سي جي" كلمة "إرهابي" لوصف أفراد الميليشيات وهي كلمة لها دلالة غير عادية في العالم العربي وتومئ لاستياء شعبي([147]). باختصار، فإن أفراد الميليشيات قد همشوا أنفسهم إلى حد بعيد نتيجة لهذه الممارسات.

إلا أنه وبحكم الاستياء الشديد من النظام –الذي يغذيه النظام السياسي الاستبدادي المغلق، والامتيازات التي يتمتع بها أفراد الأسرة المالكة، والفساد المالي والهدر الواسع الانتشار- فإن الميليشيات العنيفة تحتفظ بالقدرة على اجتذاب مؤيدين جدد خصوصاً في أوساط الشباب، والإسلامويين المتطرفين في مناطق المدن، والمناطق الدينية المحافظة (مثل القصيم)، ومناطق كانت تقاوم السيطرة المركزية للدولة عادة (الجنوب) ([148]). الكثير من هؤلاء ينخرطون حالياً في المراتب الدنيا لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وقد يُعيدون خلال عقد من الزمن إضرام نيران القتال من جديد والافتخار بأنهم كانوا قد شاركوا في أول جهاد في شبه الجزيرة العربية. سيكون من مصادر التجنيد المحتملة الأخرى العائدون من القتال ضد الولايات المتحدة في العراق. ما لم يكن هناك جهد مستدام لإصلاح الأخطاء السياسية الجدية في المملكة فإن مكانة الميليشيات سترتفع في حين تضعف قدرة النظام على مواجهتهم.

أحد الاختبارات الرئيسية بهذا الصدد هو ما إذا كان النظام سيتمكن من توحيد الأمة خلف برنامج مستدام للإصلاح السياسي والاقتصادي في الوقت الذي يستمر فيه في دق إسفين بين الإسلامويين الذين يتبنون العنف والذين يتبنون اللاعنف. إن محاولات النظام للتعاون مع قادة جماعة الصحوة، وعقد اجتماعات للحوار الوطني والإعلان عن إجراء انتخابات بلدية، هي خطوات تجريبية في هذا الاتجاه ولكن هناك حاجة للمزيد. والنظام الذي يعاني من حساسية زائدة للتهديد السياسي المزعوم من قبل التحالف الوسطي العريض إنما يسعى لإسكات الحركة الوحيدة التي تمتلك إمكانية لجسر الفجوة بين العناصر الليبرالية وذات التوجه الغربي من جهة والإسلامويون والمتدينون المحافظون من جهة أخرى، إضافة لتشجيع الانفتاح السياسي والتحديث الاقتصادي بما ينسجم مع الهوية والثقافة الأساسية في المملكة.

لقد عززت الهجمات الإرهابية، دون قصد، إحساسا بالوحدة الوطنية تجلت أبرز مظاهره السياسية في النفور الشعبي من العنف وتشكيل التحالف الوسطي الفضفاض من الإسلامويين السنة التقدميين والوطنيين والليبراليين والشيعة. يتعين على النظام ألا يضيع هذه الفرصة لوضع برنامج إصلاح حقيقي موضع التطبيق.

عمان، الرياض، بروكسل، 21 أيلول 2004

 

([1])   (الإسلاموية) في الاصطلاحات التي تستخدمها ICG تعني الإسلام في وضعه السياسي وليس الديني. "الحركات الإسلاموية" هي تلك التي لها مراجع عقائدية إسلامية والتي تسعى لتحقيق أهداف سياسية بصورة رئيسية. إن مصطلح "إسلامويون" و"إسلام سياسي" مترادفان، إلا أن "إسلامي" تعبير أكثر عمومية ويشير عادة إلى حالة دينية وليست سياسية ولكنه يمكن، تبعاً للسياق، أن يضم الحالتين.

(2)   لمراجعة موجزة عن الحكم السعودية، راجع نفس المصدر ص3-4.

(3)   إشارة للرسول وأصحابه وأتباعهم حتى القرن الثالث الهجري.

(4)   للاطلاع على المزيد حول تاريخ الوهابية والمملكة العربية السعودية راجع ألكسي فاسيليف، تاريخ المملكة العربية السعودية (لندن 2000). لقد أصبح تعبير (وهابي) الآن مستهلكاً وخالياً من أي أهمية تحليلية ويفيد في وصف مجموعات يائسة (وأفراد) ينتشرون عبر الزمان والمكان، طالما كانوا يلتزمون بوجهة نظر محافظة أو متزمتة حول الإسلام. تقرير ICG: "هل تستطيع السعودية إصلاح نفسها"، المصدر نفسه، ص3، ن، 8.

(5)   رغم أن الدولة السعودية الأولى (1744-1818) والثانية (1823-1891) سقطتا في النهاية ككيانات سياسية، إلا أن التحالف بين آل سعود والوعاظ الوهابيين بقي الأساس الذي قامت عليه المملكة العربية السعودية الحديثة عام 1932.

(6)   يمكن اعتبار تعيين الشيخ بن باز كرئيس للمؤسسة الوهابية عام 1967 في عهد الملك فيصل (1964-1975) نقطة التحول في التبعية للنظام.

(7)   صدرت الفتوى الأولى عام 1990، بعد بضعة أيام من غزو صدام حسين للكويت، من قبل هيئة كبار العلماء، وهي أعلى هيئة في المؤسسة الدينية الوهابية

(8)   صدرت هذه الفتوى عن المفتي الأكبر للمملكة وهو الشيخ بن باز نفسه في 13 أيلول 1993.

(9)   ليست الوهابية هي المذهب الإسلامي الوحيد في السعودية. الواقع أن سكان المملكة يعتبرون من أكثر الشعوب تنوعاً في الشرق الأوسط من هذه الناحية: هناك في السعودية سنيون يتبعون للمذاهب الأربعة، وصوفيون، وفروع شيعية منفصلة.

(10)  مقابلة الـICG، الرياض.

(11)  راجع مثلاً، الشرق الأوسط، 13 أيلول 2002.

([1]2)  تميزت الثمانينات من القرن الماضي بما سُمي بنقاش "الحداثة" بين مجموعة معارضة من الكتّاب والشعراء الداعين إلى إدخال إصلاحات على التقاليد الأدبية الإسلامية وجماعة الصحوة التي كانت تتهمهم بمحاولة تدمير أسس المجتمع الإسلامي. راجع مأمون فندي: السعودية وسياسات المعارضة (باغنستوك 1999) ص48.

([1]3)  "أتباع البنا" و"أتباع قطب" إشارة إلى فرعين رئيسيين في جماعة الإخوان المسلمين في مصر، حسن البنا وسيد قطب. راجع الورقة الموجزة ل ICG للشرق الأوسط: الإسلاموية في شمال أفريقيا(2): فرصة مصر، 20 نيسان 2004.

([1]4)  مقابلات مع ICG الرياض.

([1]5)  ولد المفكر السوري الألباني الأصل ناصر الدين الألباني عام 1914 وقد أسس مذهباً فكرياً إسلامياً يقوم على أساس أن الحديث النبوي هو المرجع الوحيد للاجتهاد الديني. عمل الألباني أستاذاً في جامعة المدينة في أواخر الخمسينات ولكنه أرغم على الخروج من السعودية بسبب خلافاته العديدة مع المفكرين السعوديين خصوصاً حول مسائل تتعلق بالعبادات. مع ذلك فقد أدام علاقات وثيقة مع السعودية خصوصاً مع المدينة حتى وفاته عام 1999. مقابلات الـICG، الرياض.

([1]6)  كتب جهيمان أثناء إقامته في الصحراء سلسلة من المقالات بعنوان "رسائل جهيمان السبعة" إضافة للكثير من الأشعار الدينية. كما أنه أنتج تسجيلات لمحاضرات لا يزال بعضها متداولاً في السعودية، مقابلات ICG، الرياض.

([1]7)  مقابلات الـICG، الرياض.

([1]8)  كان من بين الذين درسوا كتابات جهيمان، أبو محمد المقدسي، الذي أصبح في التسعينات مُنظّراً عقائدياً، لما يسمى بالنزعة الجهادية السلفية. للمزيد عن تلك النزعة، راجع الملاحظة الهامشية (49) وفصل 3 أدناه.

([1]9)  مقابلات الـICG، الرياض وجدة.

(02)  أصدر عبد العزيز بن باز، مفتي السعودية في ذلك الوقت، فتوى تنص على أن الجهاد في أفغانستان يعتبر (فرض كفاية).

([1]2)  حتى أثناء تواجد الجهاديين في السعودية فإنهم نادراً ما كانوا يختلطون بجماعة الصحوة أو الإسلامويين الرافضين. مقابلات الـICG، الرياض وجدة.

(22)  طالما لم ينخرطوا في نشاطات عسكرية محلية –ومع بعض الاستثناءات الملحوظة مثل أسامة بن لادن- فنادراً ما كانت تتم ملاحقتهم. يعترف المسؤولون السعوديون بذلك، راجع "مقابلة مع جمال خاشقجي"، 7 تموز 2004، على العنوان: www.jamestown.org/images/pdf/tm-002-014-flinterview.

(23)  إضافة للمشاركة في معسكرات التدريب في أفغانستان فقد شارك المقاتلون السعوديون كمجاهدين دوليين في أماكن مثل البوسنة والصومال في أوائل التسعينات وفي الشيشان في أواخر التسعينات.

(24)  ليس هناك حتى الآن تحليل شامل ومقنع حول الدوافع والخلفية الاقتصادية – الاجتماعية للسعوديين الذين ذهبوا إلى أفغانستان في الثمانينات والتسعينات.

(25)  مقابلات الـICG، جدة،

(26)  مقابلات الـICG، الرياض وجدة.

(27)  مهرجان شيعي.

(28)  راجع مضاوي الرشيد: "الشيعة في المملكة العربية السعودية: أقلية تبحث عن أصالة ثقافية"، المجلة البريطانية للدراسات الشرق أوسطية، مجلد 25، عدد1، 1998.

(29)  مقابلات الـICG، المنطقة الشرقية.

(30)  راجع فندي، السعودية وسياسات المعارضة. المصدر السابق ص198-199.

(31)  للاطلاع على صور شخصية لكل من سلمان العودة وصفر الحولي في أوائل التسعينات راجع المصدر نفسه.

(32)  مقابلات مع الـICG، الرياض.

(33)  يشار إلى هذه المظاهرة غالباً بانتفاضة بريدة. ربما كانت هناك مبالغة في إطلاق انتفاضة على هذه المظاهرة حيث لم ينطلق إلى الشوارع سوى بضع مئات من الناس ولكن البلد لم يمر بتجربة كهذه منذ سنوات الستينات.

(34)  كان لمجموعة جهيمان تطلعات سياسة ولكن أتباعه الذين نجوا من إجراءات السلطة عام 1980 لاذوا بحياة عزلة وتأمل ولم يعد لديهم مشروع سياسي محدد.

(35)  نظراً للمحافظة الاجتماعية الشديدة للرافضين فإن العديد منهم يتجنبون التلفزيون والصحف والإذاعة حيث يعتبرونها جميعاً من الآثام.

(36)  مقابلات الـICG، الرياض. بن لادن نفسه علق قائلاً: "عندما تجاهلت الحكومة السعودية قي قمعها جميع دعوات المفكرين ونداءات الداعين إلى الإسلام فقد وجدت لزاماً علي؛ خصوصاً بعد أن فرضت الحكومة حظراً على الشيخ سليمان العودة والشيخ صفر الحولي ومفكرين آخرين، أن أقوم بجزء صغير مما يمليه علي واجبي في إحقاق ما هو حق ومنع ما هو باطل". مقتبسة في كتاب دانيال بنجامين وستفين سيمون "عصر الإرهاب المقدس" (نيويورك، 2002) ص108.

(37)  مقابلة الـICG، الرياض.

(38)  كان من بين الذين انسحبوا من هذه الحلق البحثية الرافضية كل من عبد العزيز المؤثم وسعود العتيبي. وقد تمت إدانة وإعدام المؤثم مع ثلاثة آخرين بتهمة القيام بتفجيرات تشرين ثاني 1995 في الرياض. أما العتيبي فهو حالياً عضو بارز في تنظيم "القاعدة في شبه الجزيرة العربية".

(39)  ولد المقدسي عام 1959 لأبوين أردنيين من أصل فلسطيني في الكويت وترعرع هناك ووقع تحت تأثير أعضاء الجماعة السلفية المحتسبة في المنفى حوالي عام 1980، وقضى عامين في دراسة الدين في المدينة في أوائل الثمانينات قبل أن يغادر إلى أفغانستان. وقد جعل منه كتابه (ملة إبراهيم)، الصادر عام 1984 والذي طور عقيدة جهادية مستمدة من نظريات علماء الدين الوهابيين في القرن التاسع عشر، جعل منه منظّراً جهادياً بارزاً. خلال النصف الثاني من عقد الثمانينات استقر في بيشاور حيث لعب دوراً رئيسياً في تعبئة العرب للجهاد في أفغانستان، كما أنه كان يزور أعضاء الجماعة السلفية المحتسبة في الصحراء السعودية بصورة منتظمة. في عام 1990 أو 1991 اصدر كتابه "فضح الطبيعة الكافرة لنظام الحكم السعودي" والذي انتشر في السعودية على نطاق واسع وأثار غضب آل سعود عليه. في عام 1992 انتقل من بيشاور إلى الأردن حيث أصبح قائداً لجماعة "بيعة الإيمان" المتطرفة. وقد كان دائم التردد على السجن منذ عام 1996.

(40)  مقابلة الـICG، الرياض.

([1]4)  بل إن "رسالته المفتوحة إلى الملك فهد" ذات السمعة السيئة سعت إلى إقناع –وليس إرغام- النظام السعودي على تغيير سياساته.

(42)  في عام 1996 اصدر "إعلانه بالحرب على الولايات المتحدة".

(43)  مقابلة الـICG، جدة.

(44)  راجع ج. تيتا لباوم: "أقدس منك: المعارض الإسلامية في السعودية"، معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط، 2000، للاطلاع على بحث حول هذه الهجمات.

(45)  دعا سعد الفقيه، قائد (حركة الإصلاح الإسلامي في السعودية)، أتباعه يوم 14 تشرين أول 2003، للتظاهر أمام برج المملكة في الرياض وهو موقع مؤتمر حقوق الإنسان. يقال بأن عدة مئات من الأشخاص شاركوا في تلك المظاهرة مما أدهش المراقبين وجعل البعض يستنتجون بأن وجود المنظمة في السعودية أقوى مما كان يُعتقد سابقاً. مقابلة الـICG مع محلل سعودي، لندن، تموز 2004. هناك آخرون يخالفون هذا الاستنتاج ويلاحظون بأن ليس كل من حضر جاء لتلك الغاية وأن المتظاهرين لم يذكروا لا حركة الإصلاح الإسلامي في السعودية ولا الفقيه بالاسم بل نادوا بإطلاق سراح السجناء السياسيين وأن عدداً كبيراً من المشاركين في المظاهرة كانوا من أقارب السجناء.

(46)  مقابلات الـICG، الرياض.

(47)  لم يغادر يوسف العيري، الذي يقال بأنه منسق تنظيم القاعدة في السعودية والذي قتل في أيار 2003، لم يغادر السعودية أبداً بعد عودته من السودان عام 1994 رغم تكرار سجنه ويقال بأنه لعب دوراً هاماً في جمع التبرعات والتجنيد.

(48)  "السلفي الجهادي" تعبير فضفاض يُستخدم لوصف توجهٍ يستوحي النظرية الوهابية الدينية لتأييد اللجوء إلى العنف، ويعني ذلك توفير إطار فلسفي ديني متطور للجهاديين لممارسة نشاطهم.

(49)  راجع جريدة الرياض، 11 أيار 2003.

(50)  كتب مشيراً إلى مرتكبي الهجمات قائلاً: "لماذا يرفعون راية الجهاد؟ لأن ابن تيمية، فيلسوف الجهاديين، قد افتى بأنه عند عدم قيام ولي الأمر بواجبه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإعلان الجهاد فإن الواجب على العلماء القيام بذلك. يتعين علينا أن نسمي الأشياء بأسمائها: هذه الكلمات خاطئة وهي كارثة حقيقية تهدد الوحدة الوطنية. لنقلها بصراحة: مشكلتنا اليوم هي مع ابن تيمية نفسه". الوطن، 22 أيار 2003.

(51)  مقابلة الـICG، الرياض. مع ذلك فقد دعم النقيدان بشدة العريضة المرفوعة إلى الأمير عبد الله، ولي العهد، التي دعت إلى إصلاحات سياسية عميقة مصممة لجعل المملكة العربية السعودية دولة "مؤسسات دستورية" وحضت على إيجاد مجالس إقليمية منتخبة. راجع تقرير الـICG: "هل تستطيع السعودية إصلاح نفسها؟" مصدر سابق. ولكن يبدو أنه منذ ذلك الحين قد عدَّل آرائه وتبنى موقفاً أكثر تشككاً بخصوص إصلاح سياسي مبكر.

(52)  مقابلة الـICG، جدة، راجع أيضاً تقرير ICG، هل تستطيع السعودية إصلاح نفسها؟" مصدر سابق.

(53)  مقابلات الـICG، الرياض وجدة.

(54)  جريدة الشرق الأوسط 20 كانون ثاني 2004.

(55)  مقابلات الـICG، الرياض.

(56)  مقابلات الـ ICG ، الرياض.

(57)  مقابلات الـICG، الرياض.

(58)  مقابلات الـICG، الرياض.

(59)  مقابلات مع مستشار الحكومة، الرياض.

(60)  أنهيت خدمات النقيدان في جريدة الوطن أواخر عام 2000، وفي أيار 2003 وفي أعقاب سلسلة من المقالات له في جريدة الرياض شجب فيها العلاقة بين الوهابية والجهادية تم منعه من الكتابة لمدة شهرين، ومنذ أيلول 2003 لم يسمح له بالكتابة في الصحف السعودية.

(61)  مقابلات الـICG، الرياض.

([1])   مقابلات الـICG، الرياض.

([1])   راجع تقرير الـICG: هل تستطيع السعودية إصلاح نفسها؟" مصدر سابق ص13-15.

([1])   راجع صحيفة القدس العربي، 30 كانون أول 2003.

([1])   مقابلة الـICG، الرياض.

([1])   مقابلات الـICG، الرياض.

([1])   مقابلات الـICG، الرياض.

([1])   لمزيد من التفاصيل راجع تقرير ICG: هل تستطيع السعودية إصلاح نفسها؟" مصدر سابق، ص13-15.

([1])   لم يكن الرد المتشدد للنظام عادياً. كان الرد تقليدياً، وكلما أمكن، يميل إلى التفاوض والتعاون بدلاً من القمع، فمثلاً انتظر النظام حتى عام 1994 لاعتقال الحولي والعودة اللذان كان فقدهما القاسي قد بدا قبل ذلك بعدة سنوات.

([1])   مقابل الـICG، جدة.

([1])   مقابلات الـICG، الرياض.

([1])   تم إطلاق سراح القصيري والرشيدي بعد حوالي أسبوعين بعد تعهدهما بعدم الانخراط في نشاطات سياسية، أما الحامد فقد رفض التعهد بالتزام مماثل ولا يزال في السجن مع متروك الفالح، وهو ناشط ليبرالي، وعلي الدميني، أحد القادة الشيعة، وقد بدأت محاكمتهم العلنية في آب 2004.

([1])   قام العودة في آذار 2003 بإعداد بيان بعنوان: "الجبهة الداخلية والتحدي الحالي: وجهة نظر قانونية" بيّن فيه أن الجهاد لا يمكن إعلانه إلا من قبل سلطات دينية مستقرة. راجع: www.islamtoday.net.

([1])   تم نشر أول بيان من هذا النوع يوم 16 أيار 20032 على عنوان العودة الإلكتروني: www.islamtoday.net ووقع عليه العودة والحولي والعمر. وقد تم توزيع بيان آخر وقعه نفس الأشخاص بعد بضعة أيام من الهجوم الذي وقع يوم 21 نيسان 2004 على مركز شرطة الوشم.

([1])   مع أن مجلس كبار العلماء أصدر أيضاً فتاوى تدين الهجمات ولكن تأثيرها كان أقل من بيانات جماعة الصحوة.

([1])   راجع: www.islamonline.net، وتقرير الـICG: "هل تستطيع السعودية إصلاح نفسها؟"، مصدر سابق ص25.

([1])   صرح المفتي العام في السعودية، عبد العزيز الشيخ، بعد عدة أيام من وقوع هذه الحوادث قائلاً: "لقد تتبعنا ما حدث في مؤتمر جدة الاقتصادي ويجب علينا أن نشجب وندحض ذلك.. إني، تبعاً لذلك، أدين بأقصى قوة ممكنة هذه التصرفات والتي أعلن أنها ضد الشريعة السماوية وأحذر من أنه سيكون لها عواقب وخيمة". إيلاف، 20 كانون ثاني 2003. أيد العودة المفتي العام مع السعي في نفس الوقت لتهدئة الأحوال والحث على عدم اتخاذ إجراءات مضادة للنساء.

([1])   دعا العودة، طبقاً لبعض التقارير، الشيخ حسن الصفار –قائد الحركة الشيعية منذ مدة طويلة- لمتابعة النقاش.

([1])   مقابلة الـICG، الرياض.

([1])   مقابلات الـICG، الرياض.

([1])   على سبيل المثال قام عدد كبير من وعاظ الصحوة بمن فيهم العودة والحولي بنشر رسالة مفتوحة موجهة إلى 60 مثقفاً أمريكياً في نيسان 2002 يعبرون فيها عن رغبتهم في التعايش مع الغرب.

([1])   القدس العربي، أيار 2003.

([1])   مقابلة الـICG، المنطقة الشرقية.

([1])   مقابلة الـICG، المنطقة الشرقية. بهذه الروح زعم الشيخ حسن الصفار بأنه قد "شارك في الحوار الوطني ليس كممثل لأي طائفة أو منطقة معينة بل ببساطة كعضو بسيط في النخبة الوطنية التي اجتمعت لبحث القضايا الوطنية". مجلة الجسور، مجلد 9، أيار 2004.

([1])   مقابلة الـICG، الرياض.

([1])   رويترز، 3 آذار 2004.

([1])   مع ذلك فقد كان هناك تواصل دائم لأعمال العنف متدنية المستوى في السعودية منذ منتصف عام 2000. راجع ج.ي.باترسون: "المملكة العربية السعودية: حوادث الأمن الداخلي منذ عام 1979" مذكرة حول خلفية عن المملكة العربية السعودية رقم APBN-003، كانون ثاني 2004. ربما كان الإسلامويون المتطرفون هم الذين يقفون غالباً وراء بعض الهجمات على الغربيين والتي لم يصدر بشأنها أي تفسير ولم يعلن أحد مسؤوليته عنها.

([1])   نشرت الصحيفة الجهادية (صوت الجهاد) روايات عدة تسرد حديثاً جرى بين الجهاديين السعوديين وبن لادن قبل عودتهم إلى السعودية. وقد ورد في نعي فهد السعيدي، الذي قُتل في انفجار 18 آذار 2003 أنه كان قد غادر أفغانستان في أواخر 2003 وورد في نص النعي أنه "أرسل برسالة من سطرين إلى الشيخ أبو عبد الله (أسامة بن لادن) يستأذنه فيها بالسفر للقيام بعمليات في الخارج، وقد وافق الشيخ وطلب من خالد شيخ (محمد) ترتيب سفر (الأسد) السعيدي وإخوانه ليذهبوا ويضربوا القواعد الأمريكية الخلفية في الجزيرة العربية". صوت الجهاد، العدد 16، ص45.

([1])   كان قد تم شن سلسلة من الهجمات الإرهابية ضد أهداف حكومية في منطقة الجوف في شباط وآذار 2003 واستمرت خلال شهر نيسان، وليس من الواضع حتى الآن ما إذا كان لهذه الهجمات علاقة بحملة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

([1])   تستند هذه التقديرات إلى مراجعة مفصلة لنشاطات الشرطة عام 2003: في المدينة في أواخر أيار 2003، وفي مكة في 15 حزيران و3 تشرين ثاني، وفي الرياض في 21 تموز و10 آب و6 تشرين ثاني، وفي أماكن غير محددة متنوعة في منطقة القصيم في 28 تموز، و5 و8 تشرين أول، وفي جيزان في 15 آب. وتقول السلطات السعودية أن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية كان يتكون من 6 خلايا في أيار 2003 وأنه قد تم تدميرها جميعاً باستثناء واحدة منها بحلول أواسط عام 2004. راجع مقالات في الشرق الأوسط حول هذه التواريخ؛ كريستيان سينس مونيتور 3 حزيران 2004.

([1])   الغارديان 28 نيسان 2004، www.aljazera.net، 22 نيسان 2004.

([1])   الشرق الأوسط، 23 موز 2004. سعياً لزيادة تأثير وقع العفو ربطت السلطات ذلك بطرد دولٍ عربية في شهر تموز 27 سعودياً يُشتبه في ممارستهم لأعمال إرهابية وتسليمهم للسلطات السعودية. الحقيقة أنه ليس هناك دليلٌ يربط بين هذه الوقائع.

([1])   مقابلة أجرتها الـICG مع مراقب ومحلل سعودي، الرياض.

([1])   يُنظر إلى عملية العلاقات العامة التي بدأتها الميليشيات السعودية منذ أواخر عام 2003 إلى أنها واحدة من أكثر الحملات التي تقوم بها مجموعة إرهابية شمولاً وكفاءةً مهنية.

([1])   يستخدم أفراد الميليشيات أحياناً كلمة "خلية". راجع، على سبيل المثال، صوت الجهاد عدد 15، ص27.

([1])   يبدو أن ألوية الحرمين، التي أعلنت المسؤولية عن الهجمات ضد الحكومة في كانون أول 2003 والهجوم على مبنى إدارة السير في نيسان 2004، قد انشقت عن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في أواخر تشرين ثاني 2003 بسبب الخلاف حول مهاجمة أهداف سعودية أم لا. يبدو أن الخلايا الأخرى قد التزمت بالاستراتيجية العامة لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية والتركيز على الأهداف الغربية، ولكنها طورت تخصصات تكتيكية مميزة. ويقال أن الهجمات التي تمت بطريق التسلل في ينبع والخبر في 1 و92 أيار 2004 قد قامت بها سرية القدس، في حين تولت سرية الفالوجة مسؤولية الهجمات العشوائية على الأجانب في الرياض في أوائل حزيران 2004.

([1])   لم تكن هناك مؤخراً مؤشرات تُذكر حول وجود اتصال. وقد نشرت (صوت الجهاد) "رسالة مفتوحة إلى أسامة بن لادن" في أوائل حزيران 2004 يقال أنها كُتب من قبل أحد المشاركين في عملية الخبر في أيار وتم تسليمها إلى المقرن الذي أرسلها بدوره إلى ابن لادن. ورغم أن المرء لا يستطيع الجزم بأن اتصالاً من هذا النوع لم يحدث فإن من المحتمل بنفس الدرجة بأن الرواية كانت تهدف إلى رفع معنويات أفراد تنظيم شبه الجزيرة العربية.

([1])   كان يوسف العيري يعتبر حتى وفاته في 31 أيار 2003، وعلى نطاق واسع في أوساط الميليشيات والسلطات السعودية، بأنه قائد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وليس من المعروف من خلفه مباشرة. وكانت وزارة الداخلية قد وصفت كلاً من علي الغامدي، الذي قيل بأنه استسلم يوم 26 حزيران 2003، وسلطان القحطاني، الذي قتل في جيزان في 23 أيلول 2003، بأنهما مسؤولان "كبيران" أو "رئيسيان" رغم أنه ليس من الواضح فيما إذا كانا قادة رسميين للتنظيم. في أواخر عام 2003 توصل المحللون السعوديون إلى أن خالد الحاج، وهو مواطن يمني، هو القائد الجديد لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. أما عبد العزيز المقرن الذي قيل بأنه تسلم المسؤولية بعد الحاج فقد قُتل يوم 15 آذار 2004. بعد مقتل المقرن بفترة قصيرة أصدرت قيادة التنظيم بياناً في 18 حزيران 2004 أعلنت فيه أن صالح العوفي هو القائد الجديد، وهو المقاتل الوحيد من قائمة الحكومة الأصلية التي تضم 17 من المشتبه بهم، الذي لا يزال طليقاً.

([1])   تم العثور على بعض المنازل التي كانت تستخدم لأغراض التدريب في المدن. الأسوشييتد برس، 15 كانون أول 2004. وصف مقاتلو تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية الذين ظهروا على التلفزيون السعودي لإعلان توبتهم في شهر كانون ثاني 2004، وصفوا "كيف ذهب المجندون إلى استراحة في الرياض حيث تعلموا كيفية استخدام وتنظيف البنادق ثم كيف تم أخذهم إلى الصحراء (للتدريب). قسم منهم ذهبوا إلى مكة المكرمة حيث قضوا ثلاث أو أربع أيام في معسكر تعلموا فيه تركيب الأسلحة والرماية عليها بالاشتراك مع المقاتلين"، رويترز 12 كانون ثاني. 2004.

([1])   تؤكد مطبوعات الميليشيات على أهمية التدريب والإعداد، والهدف المعلن من إصدار مطبوعة (معسكر البتار) هو تشجيع المجندين المحتملين على "التدريب المنزلي". ويتضمن نعي خالد السبيت ما يفيد بأنه كان قد تلقى تدريباً في منطقة نائية من السعودية بإشراف العيري قبل وقت طويل من عملية أيار 2003. صوت الجهاد، عدد 15، ص28.

([1])   كان عنوان الفيلم الأول الذي تم عرضه يوم 5 كانون أول 2003 هو: "شهداء المواجهات في بلاد الحرمين"، أما الفيلم الثاني "بدر الرياض"، فقد تم عرضه في أوائل شهر شباط 2004. يُظهر فيلم (شهداء المواجهات) هجمات متنوعة تمت في المملكة العربية السعودية خلال السنوات الماضية ويُمجّد الذين شاركوا فيها. أما فيلم (بدر الرياض) الذي تبلغ مدته 90 دقيقة فهو يصف كامل عملية الإعداد والتنفيذ لهجمات يوم 8 تشرين ثاني 2004 على مجمع المُحيَّا.

([1])   يحوي كل عدد من (صوت الجهاد) مقالات يصف فيها المقاتلون تجاربهم الشخصية في أحداث وقعت مؤخراً.

([1])   يتضمن فيلم (بدر الرياض) على سبيل المثال تسجيلات لخطب للشيوخ المتطرفين عبد الرحمن الدوسري (الذي توفي عام 1979) وعبد الله عزام (الذي توفي عام 1989).

([1])   يبدو أن هناك مجموعة كبيرة ومتغيرة نسبياً من المشاركين في تحرير (صوت الجهاد) في حين تبدو مقالات (معسكر البتار) وكأنها بشكل عام قد كُتبت من قبل نفس الطاقم منذ البداية.

([1])   تقول بعض المصادر السعودية أن عيسى العوشن هو الذي كان يحرر (صوت الجهاد) حتى وفاته في 20 تموز 2004. راجع نيويورك تايمز، 22 تموز 2004، بينما يصر آخرون على أن المسؤول العام للإعلام في تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية هو سعيد العتيبي. راجع الشرق الأوسط، 4 تموز 2004. إلا أن آخرون يظنون أن دائرة الاتصالات تقع تحت قيادة مجموعة من أربعة أشخاص هم حسب أهميتهم تنازلياً: فارس الزهراني وعبد الله الرشود وسعود العتيبي وعيسى العوشن، الشرق الأوسط، 22 تموز 2004. يبدو أن عبد العزيز المقرن كان قد لعب دوراً مركزياً، فقد كان كاتب المقال الافتتاحي في الخمس أعداد الأولى من (صوت الجهاد) هو سليمان الدوسري ثم بدءاً من العدد السادس وما بعده كان المقال بتوقيع المقرن الذي كان مشاركاً منتظماً في كلتا المطبوعتين حتى وفاته. وتدعي مصادر الاستخبارات السعودية أن العديد من مقالات المقرن كان يكتبها أشخاص آخرون ولكنها تظهر بتوقيعه في محاولة لإبراز مؤهلاته كمفكر. راجع "مقابلة مع جمال فاشقجي"، مصدر سابق.

([1])   كتب عبد العزيز المقرن في مقال له حول كيفية تخطيط وتنفيذ العمليات يقول: "ملاحظة هامة.. من المهم أيضاً إبقاء العلماء على حدة وحمايتهم، لأن لهم دوراً أساسياً في تجنيد الشباب وجمع الأموال إضافة لنفوذهم الاجتماعي الهام ودورهم في تحفيز الجماهير"، معسكر البتار، عدد 6، ص20.

([1])   تم القبض على فارس الزهراني (المعروف أيضاً باسم أبو جندل الأزدي) يوم 5 آب 2004. وأفادت تقارير بأن عبد الله الرشود قتل في ربيع عام 2004 بعد أن كان قد أصيب بجروح في تبادل إطلاق نار مع الشرطة في شهر نيسان 2004.

([1])   رويترز، 23 تشرين ثاني 2003.

([1])   الأسوشيتدبرس، 4 أيار 2004.

([1])   راجع "مقابلة مع كمال خاشقجي"، مصدر سابق. هناك خمسة ممن وردت أسماؤهم في قائمة أيار 2003 التي تضم 19 شخصاً وردت أسماؤهم أيضاً في قائمة كانون أول التي تضم 26 شخصاً أي أن مجموع القائمتين 40 فقط.

([1])   نيويورك تايمز، 20 أيار 2003.

([1])   بنيامين وسيمون، مصدر سابق، ص118.

([1])   نشرت (صوت الجهاد) سلسلة من المقالات عن قيادة تنظيم القاعدة بمن في ذلك بن لادن وعبد الله عزام وابو عبيدة البنشيري وأبو حفص المصري.

([1])   الاستثناء الملحوظ كان التغطية الشاملة لمعاملة الأسرى العراقيين في سجن أبو غريب. كما تضمنت الأعداد الأخيرة من (صوت الجهاد) و(معسكر البتار) عموداً يتضمن تغطية دولية مكثفة.

([1])   رغم أن من المؤكد أن بن لادن يعتبر نظام الحكم السعودي غير إسلامي فإنه نادراً ما يشير لتكفير الأسرة الحاكمة مباشرة في كتاباته وأحاديثه.

([1])   أوضح عبد العزيز المقرن في مقابلة له في العدد الأول من (صوت الجهاد): "لم أذهب للعراق ولن أذهب للعراق. لقد أقسمت أن أُطهر الجزيرة العربية من الملحدين. لقد ولدنا في هذا البلد ولذلك سنقاتل الصليبيين واليهود فيه حتى نطردهم". صوت الجهاد، عدد 1، ص23، ص2003. وكتب محمد بن أحمد السالم مقالاً بعنوان "لا تذهبوا للعراق" في (صوت الجهاد)، عدد 7، ص23، 2004 في حين دعا صالح العوفي (قائد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية المفترض حالياً) أتباعه لعدم الذهاب للعراق (صوت الجهاد)، عدد 8، ص25.

([1])   يستند هذا الفصل إلى نبذة خلفية عن حوالي 50 من أفراد الميليشيات الذين وردت أسماؤهم في بيانات الشرطة السعودية وفي المطبوعات الجهادية التي حصلت عليها الـICG.

([1])   في مرحلة ما قاتل القديمون منهم ايضاً في تسعينات القرن الماضي في أجزاء أخرى من العالم مثل البوسنة والصومال والشيشان.

([1])   تبرز مقالات (صوت الجهاد) و(معسكر البتار) معلومات تثير الإعجاب عن مدى فهم قيادة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية مسألة الحرب غير المتكافئة ووسائل زيادة التأثير النفسي لعمليات العنف إلى الحد الأقصى. أبرز ما كُتب بهذا الصدد مقالات عبد العزيز المقرن وسيف العدل في (معسكر البتار).

([1])   يوصف تركي الدندني بأنه طالب ممتاز كان يخطط لدراسة الطب قبل التحول إلى الدين وترك المدرسة. (صوت الجهاد) عدد 7، ص33. يشير المعلقون السعوديون إلى البلاغة الملحوظة والاطلاع الديني الواسع لعبد العزيز المقرن الذي ترك المدرسة وذهب إلى أفغانستان عندما كان عمره 17 عاماً. مقابلة بالهاتف مع محلل سعودي في شؤون الإرهاب، حزيران 2004.

([1])   المقاتلون العشرة تقريباً، الذين ظهروا في فيلم "بدر الرياض" – (فلم الفيديو الذي تبلغ مدته 90 دقيقة ويوثق لهجمات 8 تشرين أول 2003)، يبدو شباناً صغار السن تراوح أعمارهم بين 17-25 سنة.

([1])   أصدرت الميليشيات العدد الأول من (الخنساء) في أواسط آب 2004، وهي مجلة جهادية للنساء ومطبوعة شقيقة لـ"صوت الجهاد". (صوت الجهاد) عدد 13، ص4. كان دور النساء موضع اهتمام في الدوائر الجهادية السعودية منذ أمد طويل. راجع يوسف العيري: "دور النساء في الجهاد ضد الأعداء" المتوفر على العنوان: www.almaqdase.com، وللاطلاع على مقالات بأقلام نسائية راجع (صوت الجهاد)، الأعداد 4-12.

([1])   من بين الخمسة عشر فرداً سعودياً الذين شاركوا في هجمات 11 أيلول 2001، كان عشرة منهم ينتمون للمناطق الجنوبية من السعودية وهي أبها، وعسير، وجيزان.

([1])   راجع الشرق الأوسط، 9 كانون أول 2003.

([1])   موقع أخبار BBC على الشبكة، 26 نيسان 2004.

([1])   أشادت الولايات المتحدة بجهود المملكة العربية السعودية في مقاومة الإرهاب و"مستوى التعاون غير المسبوق". موقع أخبار BBC على الشبكة، 30 نيسان 2004.

([1])   رغم أن (صوت الجهاد) ليست مصدراً محايداً فإنها تحوي إشارات عديدة حول عمليات تعذيب قامت بها قوات الشركة للإسلاميين منذ عام 2002 وما تلاه. وقد اعترفت منظمة العفو الدولية بأنها لم تتمكن من "تقييم درجة التعذيب المستخدم ضد المعتقلين" لأن المنظمة غير مسموح لها بالدخول إلى المملكة العربية السعودية.

([1])   لم يكن منظر الحراسات المسلحة ونقاط التفتيش مألوفاً قبل عام 2003، ويرى كثير من السعوديين أن التواجد الكثيف للشرطة ظاهرة غريبة عن ثقافتهم وأنها تعطي مظهراً يسم في الإحساس بعدم الأمن. مقابلة الـICG، الرياض.

([1])   وفقاً للإسلاموي الليبرالي عبد العزيز القاسم فقد تم اعتقال ما بين 20-30 من رجال الدين. وقد تم نشر قائمة بأسماء 12 رجل دين تم اعتقالهم على موقع القلعة الإلكتروني، وهو موقع على الشبكة يمثل لوحة رسائل، 23 تموز 2003.

([1])   وردت أسماء أربعة من القتلى في كل من قائمة أيار وقائمة كانون الأول. هذه القوائم لا تشمل أسماء بعض أهم المقاتلين في تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. هناك الآن ما يتراوح بين 600-100 فرد معتقلين حالياً في إطار حملة مكافحة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. والكثير منهم لم يتورطوا مباشرة في عمليات قتالية ولكنهم مهتمون بالانتماء إلى دائرة أوسع من المتعاطفين. راجع "مقابلة مع جمال خاشقجي" مصدر سابق.

([1])   جرت حوادث إطلاق النار مؤخراً على الطرق وعند نقاط التفتيش بدلاً من داخل البنايات أو حولها مما يوحي بأن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية ربما فقد معظم البيوت الآمنة لديه. يقال أن بعض معسكرات التدريب لا تزال موجودة خصوصاً في المناطق الجنوبية الغربية ولكن من المؤكد أنه قد أصبح من الصعب استخدام معسكرات كهذه حول مناطق المدن الكبرى في نجد والحجاز حيث يفترض وجود إمكانيات أكبر بكثير للقيام بأعمال التجنيد.

([1])   طبقاً لمصدر سعودي له صلة قوية بأجهزة الأمن فإن "99% من الذين تم القبض عليهم (لعلاقتهم بالحملة الإرهابية) قد تم تجنيدهم قبل شهر أيار 2003". راجع "مقابلة مع جمال خاشقجي" مصدر سابق.

([1])   من الأدلة الأخرى على ضعف الكفاءة تكرار فرار أفراد الميليشيات من حصار الشرطة وتبادل إطلاق النار دون أن يصابوا بأذى. مقابلات الـICG، الرياض.

([1])   راجع الديلي تلغراف، 1 حزيران 2004. زعم مقاتلو تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية أن قوات الأمن السعودية ساعدتهم في الإعداد لاختطاف بول مارشال، صوت الجهاد، العدد 19، ص18. وطبقاً لروايتهم فقد تم تزويدهم بمعدات من الشرطة لنصب حواجز تفتيش مزيفة.

([1])   راجع تقرير الـICG: "هل تستطيع السعودية إصلاح نفسها"، مصدر سابق، ص24.

([1])   راجع: www.arabicnews.com، 20 أيار 2004.

([1])   راجع أخبار هيئة الإذاعة البريطانية المباشر على الموقع، 24 حزيران 2004، ورويترز 29 حزيران 2004.

([1])   راجع مثلاً الأسوشيتدبرس، 21 نيسان 2004، الواشنطن بوست 5 حزيران 2004.

([1])   قال أحد السعوديين: "الواقع أن الناس يستمعون للشيوخ خوفاً من ارتكاب شيء خطأ من ناحية دينية"، مقابلة الـICG، الرياض. ونفى آخر أن يكون لهم أي تأثير: "ليس هناك حقاً من يستمع للشيوخ. انظر إليهم كيف هم؟ إنهم طاعنون في السن".

([1])   ظهر علي الخضير على التلفزيون يوم 19 تشرين ثاني 2003، وناصر الفهد يوم 22 تشرين ثاني وأحمد الخالدي يوم 13 ديسمبر. كان انطباع السعوديين أنه بينما اعتذر الخضيري بصدق عن بياناته السابقة فإن الفهد والخالدي لم يفعلا ذلك. مقابلات الـICG، الرياض. وانتقد عبد الله الرشود، أحد منظّري تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، الخضيير لتراجعه عن مواقفه. راجع "هشِّم التراجعات"، المنشور في موقع (صوت الجهاد) على الشبكة. يمكن إدراك هذا المفهوم من القراءة المتأنية لنصوص المقابلات، ويكاد يكون من المؤكد أن ذلك خفف من تأثير كلامهم في أوساط الميليشيات الإسلامية. في 12 كانون ثاني 2004 بث التلفزيون السعودي أيضاً صوراً لمجموعة من أفرد الميليشيات المعتقلين فيما كانوا يبحثون كيف تم تجنيدهم في تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة ويعلنون التوبة عن جرائمهم.

([1])   أصدر خمسة من علماء الدين هم (عبد الرحمن البراك وعبد الله آل جبرين وصفر الحولي وسلمان العودة وعبد الله التويجري) بياناً مشتركاً في حزيران 2004 يدينون فيه الهجمات الإرهابية. راجع الشرق الأوسط 14 حزيران 2004.

([1])   من بين العناوين الرئيسية: "اللبناني ياسر كنعان: بدأت بمساعدة الجرحى ثم تملكني الاضطراب وبدأت أبكي حين رأيت ابنتي بين الضحايا"، الشرق الأوسط 23 نيسان 2004 و"أم وجدان، ضحية انفجار الوشم في الرياض: لا أحد يستطيع تخيل مقدار الألم الذي يعانيه أهل رامي الآن"، الشرق الأوسط، 1 حزيران2004.

([1])   مقابلات الـICG، الرياض.

([1])   ريوفين باز "حماس ضد القاعدة – إدانة هجوم الخبر" PRISM، عدد خاص 1، 2، 3 حزيران 2004.

([1])   راجع تقرير الـICG: "هل تستطيع السعودية إصلاح نفسها؟"، مصدر سابق ص25، وكريستيان سانيس مونيتور. 12 كانون ثاني 2004 ولوس أنجلوس تايمز 16 أيار 2003.

([1])   أحد الاستثناءات هي الدراسة التي آجراها نواف عبيد وتم بحثها في تقرير ال ICG "هل تستطيع السعودية مساعدة نفسها؟"

     مصدر سابق ص 2 ن1.

([1])  كلمة "إرهابي" كلمة مشحونة جداً في العالم العربي وينظر لها كوصف جاهز يستخدمه الإسرائيليون والغرب لتشويه سمعة المقاومة الفلسطينية، كلمات مثل "متطرفون" و"أصوليون" هي المفضلة في هذا السياق. في إشارة محتملة أخرى للنفور الشعبي من الميليشيات، يدعي السعوديون المختصون في مقاومة الإرهاب بأن 90% من معلوماتهم الاستخبارية تأتي من "مواطنين محبطين". راجع الأوبزرفر، 20 حزيران 2004.

([1])   راجع الشرق الأوسط، 22 أيار 2004. هناك أيضاً سبب للاعتقاد بأن التأييد الشعبي للميليشيات سيرتفع إذا تم توجيه الهجمات كلياً ضد الأجانب. وأبلغ شاب سعودي الـICG بأن "كل أنواع العنف ضد السعوديين ليست جيدة، ولكن إذا هاجموا أهدافاً أمريكية فقط فلا بأس في ذلك بالنسبة لي" مقابلة الـICG، الرياض.

=========-

التقرير رقم 31 للمجموعة الدولية لمعالجة الأزمات (الشرق الأوسط) ـ 21 أيلول 2004

www.icg.org


 

([1])    (الإسلاموية) في الاصطلاحات التي تستخدمها ICG تعني الإسلام في وضعه السياسي وليس الديني. "الحركات الإسلاموية" هي تلك التي لها مراجع عقائدية إسلامية والتي تسعى لتحقيق أهداف سياسية بصورة رئيسية. إن مصطلح "إسلامويون" و"إسلام سياسي" مترادفان، إلا أن "إسلامي" تعبير أكثر عمومية ويشير عادة إلى حالة دينية وليست سياسية ولكنه يمكن، تبعاً للسياق، أن يضم الحالتين.

([2])    لمراجعة موجزة عن الحكم السعودية، راجع نفس المصدر ص3-4.

([3])    إشارة للرسول وأصحابه وأتباعهم حتى القرن الثالث الهجري.

([4])    للاطلاع على المزيد حول تاريخ الوهابية والمملكة العربية السعودية راجع ألكسي فاسيليف، تاريخ المملكة العربية السعودية (لندن 2000). لقد أصبح تعبير (وهابي) الآن مستهلكاً وخالياً من أي أهمية تحليلية ويفيد في وصف مجموعات يائسة (وأفراد) ينتشرون عبر الزمان والمكان، طالما كانوا يلتزمون بوجهة نظر محافظة أو متزمتة حول الإسلام. تقرير ICG: "هل تستطيع السعودية إصلاح نفسها"، المصدر نفسه، ص3، ن، 8.

([5])    رغم أن الدولة السعودية الأولى (1744-1818) والثانية (1823-1891) سقطتا في النهاية ككيانات سياسية، إلا أن التحالف بين آل سعود والوعاظ الوهابيين بقي الأساس الذي قامت عليه المملكة العربية السعودية الحديثة عام 1932.

([6])    يمكن اعتبار تعيين الشيخ بن باز كرئيس للمؤسسة الوهابية عام 1967 في عهد الملك فيصل (1964-1975) نقطة التحول في التبعية للنظام.

([7])    صدرت الفتوى الأولى عام 1990، بعد بضعة أيام من غزو صدام حسين للكويت، من قبل هيئة كبار العلماء، وهي أعلى هيئة في المؤسسة الدينية الوهابية

([8])    صدرت هذه الفتوى عن المفتي الأكبر للمملكة وهو الشيخ بن باز نفسه في 13 أيلول 1993.

([9])    ليست الوهابية هي المذهب الإسلامي الوحيد في السعودية. الواقع أن سكان المملكة يعتبرون من أكثر الشعوب تنوعاً في الشرق الأوسط من هذه الناحية: هناك في السعودية سنيون يتبعون للمذاهب الأربعة، وصوفيون، وفروع شيعية منفصلة.

([10])   مقابلة الـICG، الرياض.

([11])   راجع مثلاً، الشرق الأوسط، 13 أيلول 2002.

([12])   تميزت الثمانينات من القرن الماضي بما سُمي بنقاش "الحداثة" بين مجموعة معارضة من الكتّاب والشعراء الداعين إلى إدخال إصلاحات على التقاليد الأدبية الإسلامية وجماعة الصحوة التي كانت تتهمهم بمحاولة تدمير أسس المجتمع الإسلامي. راجع مأمون فندي: السعودية وسياسات المعارضة (باغنستوك 1999) ص48.

([13])   "أتباع البنا" و"أتباع قطب" إشارة إلى فرعين رئيسيين في جماعة الإخوان المسلمين في مصر، حسن البنا وسيد قطب. راجع الورقة الموجزة ل ICG للشرق الأوسط: الإسلاموية في شمال أفريقيا(2): فرصة مصر، 20 نيسان 2004.

([14])   مقابلات مع ICG الرياض.

([15])   ولد المفكر السوري الألباني الأصل ناصر الدين الألباني عام 1914 وقد أسس مذهباً فكرياً إسلامياً يقوم على أساس أن الحديث النبوي هو المرجع الوحيد للاجتهاد الديني. عمل الألباني أستاذاً في جامعة المدينة في أواخر الخمسينات ولكنه أرغم على الخروج من السعودية بسبب خلافاته العديدة مع المفكرين السعوديين خصوصاً حول مسائل تتعلق بالعبادات. مع ذلك فقد أدام علاقات وثيقة مع السعودية خصوصاً مع المدينة حتى وفاته عام 1999. مقابلات الـICG، الرياض.

([16])   كتب جهيمان أثناء إقامته في الصحراء سلسلة من المقالات بعنوان "رسائل جهيمان السبعة" إضافة للكثير من الأشعار الدينية. كما أنه أنتج تسجيلات لمحاضرات لا يزال بعضها متداولاً في السعودية، مقابلات ICG، الرياض.

([17])   مقابلات الـICG، الرياض.

([18])   كان من بين الذين درسوا كتابات جهيمان، أبو محمد المقدسي، الذي أصبح في التسعينات مُنظّراً عقائدياً، لما يسمى بالنزعة الجهادية السلفية. للمزيد عن تلك النزعة، راجع الملاحظة الهامشية (49) وفصل 3 أدناه.

([19])   مقابلات الـICG، الرياض وجدة.

([20])   أصدر عبد العزيز بن باز، مفتي السعودية في ذلك الوقت، فتوى تنص على أن الجهاد في أفغانستان يعتبر (فرض كفاية).

([21])   حتى أثناء تواجد الجهاديين في السعودية فإنهم نادراً ما كانوا يختلطون بجماعة الصحوة أو الإسلامويين الرافضين. مقابلات الـICG، الرياض وجدة.

([22])   طالما لم ينخرطوا في نشاطات عسكرية محلية –ومع بعض الاستثناءات الملحوظة مثل أسامة بن لادن- فنادراً ما كانت تتم ملاحقتهم. يعترف المسؤولون السعوديون بذلك، راجع "مقابلة مع جمال خاشقجي"، 7 تموز 2004، على العنوان: www.jamestown.org/images/pdf/tm-002-014-flinterview.

([23])   إضافة للمشاركة في معسكرات التدريب في أفغانستان فقد شارك المقاتلون السعوديون كمجاهدين دوليين في أماكن مثل البوسنة والصومال في أوائل التسعينات وفي الشيشان في أواخر التسعينات.

([24])   ليس هناك حتى الآن تحليل شامل ومقنع حول الدوافع والخلفية الاقتصادية – الاجتماعية للسعوديين الذين ذهبوا إلى أفغانستان في الثمانينات والتسعينات.

([25])   مقابلات الـICG، جدة،

([26])   مقابلات الـICG، الرياض وجدة.

([27])   مهرجان شيعي.

([28])   راجع معداوي الرشيد: "الشيعة في المملكة العربية السعودية: أقلية تبحث عن أصالة ثقافية"، المجلة البريطانية للدراسات الشرق أوسطية، مجلد 25، عدد1، 1998.

([29])   مقابلات الـICG، المنطقة الشرقية.

([30])   راجع فندي، السعودية وسياسات المعارضة. المصدر السابق ص198-199.

([31])   للاطلاع على صور شخصية لكل من سلمان العودة وصفر الحولي في أوائل التسعينات راجع المصدر نفسه.

([32])   مقابلات مع الـICG، الرياض.

([33])   يشار إلى هذه المظاهرة غالباً بانتفاضة بريدة. ربما كانت هناك مبالغة في إطلاق انتفاضة على هذه المظاهرة حيث لم ينطلق إلى الشوارع سوى بضع مئات من الناس ولكن البلد لم يمر بتجربة كهذه منذ سنوات الستينات.

([34])   كان لمجموعة جهيمان تطلعات سياسة ولكن أتباعه الذين نجوا من إجراءات السلطة عام 1980 لاذوا بحياة عزلة وتأمل ولم يعد لديهم مشروع سياسي محدد.

([35])   نظراً للمحافظة الاجتماعية الشديدة للرافضين فإن العديد منهم يتجنبون التلفزيون والصحف والإذاعة حيث يعتبرونها جميعاً من الآثام.

([36])   مقابلات الـICG، الرياض. بن لادن نفسه علق قائلاً: "عندما تجاهلت الحكومة السعودية قي قمعها جميع دعوات المفكرين ونداءات الداعين إلى الإسلام فقد وجدت لزاماً علي؛ خصوصاً بعد أن فرضت الحكومة حظراً على الشيخ سليمان العودة والشيخ صفر الحولي ومفكرين آخرين، أن أقوم بجزء صغير مما يمليه علي واجبي في إحقاق ما هو حق ومنع ما هو باطل". مقتبسة في كتاب دانيال بنجامين وستفين سيمون "عصر الإرهاب المقدس" (نيويورك، 2002) ص108.

([37])   مقابلة الـICG، الرياض.

([38])   كان من بين الذين انسحبوا من هذه الحلق البحثية الرافضية كل من عبد العزيز المؤثم وسعود العتيبي. وقد تمت إدانة وإعدام المؤثم مع ثلاثة آخرين بتهمة القيام بتفجيرات تشرين ثاني 1995 في الرياض. أما العتيبي فهو حالياً عضو بارز في تنظيم "القاعدة في شبه الجزيرة العربية".

([39])   ولد المقدسي عام 1959 لأبوين أردنيين من أصل فلسطيني في الكويت وترعرع هناك ووقع تحت تأثير أعضاء الجماعة السلفية المحتسبة في المنفى حوالي عام 1980، وقضى عامين في دراسة الدين في المدينة في أوائل الثمانينات قبل أن يغادر إلى أفغانستان. وقد جعل منه كتابه (ملة إبراهيم)، الصادر عام 1984 والذي طور عقيدة جهادية مستمدة من نظريات علماء الدين الوهابيين في القرن التاسع عشر، جعل منه منظّراً جهادياً بارزاً. خلال النصف الثاني من عقد الثمانينات استقر في بيشاور حيث لعب دوراً رئيسياً في تعبئة العرب للجهاد في أفغانستان، كما أنه كان يزور أعضاء الجماعة السلفية المحتسبة في الصحراء السعودية بصورة منتظمة. في عام 1990 أو 1991 اصدر كتابه "فضح الطبيعة الكافرة لنظام الحكم السعودي" والذي انتشر في السعودية على نطاق واسع وأثار غضب آل سعود عليه. في عام 1992 انتقل من بيشاور إلى الأردن حيث أصبح قائداً لجماعة "بيعة الإيمان" المتطرفة. وقد كان دائم التردد على السجن منذ عام 1996.

([40])   مقابلة الـICG، الرياض.

([41])   بل إن "رسالته المفتوحة إلى الملك فهد" ذات السمعة السيئة سعت إلى إقناع –وليس إرغام- النظام السعودي على تغيير سياساته.

([42])   في عام 1996 اصدر "إعلانه بالحرب على الولايات المتحدة".

([43])   مقابلة الـICG، جدة.

([44])   راجع ج. تيتا لباوم: "أقدس منك: المعارض الإسلامية في السعودية"، معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط، 2000، للاطلاع على بحث حول هذه الهجمات.

([45])   دعا سعد الفقيه، قائد (حركة الإصلاح الإسلامي في السعودية)، أتباعه يوم 14 تشرين أول 2003، للتظاهر أمام برج المملكة في الرياض وهو موقع مؤتمر حقوق الإنسان. يقال بأن عدة مئات من الأشخاص شاركوا في تلك المظاهرة مما أدهش المراقبين وجعل البعض يستنتجون بأن وجود المنظمة في السعودية أقوى مما كان يُعتقد سابقاً. مقابلة الـICG مع محلل سعودي، لندن، تموز 2004. هناك آخرون يخالفون هذا الاستنتاج ويلاحظون بأن ليس كل من حضر جاء لتلك الغاية وأن المتظاهرين لم يذكروا لا حركة الإصلاح الإسلامي في السعودية ولا الفقيه بالاسم بل نادوا بإطلاق سراح السجناء السياسيين وأن عدداً كبيراً من المشاركين في المظاهرة كانوا من أقارب السجناء.

([46])   مقابلات الـICG، الرياض.

([47])   لم يغادر يوسف العيري، الذي يقال بأنه منسق تنظيم القاعدة في السعودية والذي قتل في أيار 2003، لم يغادر السعودية أبداً بعد عودته من السودان عام 1994 رغم تكرار سجنه ويقال بأنه لعب دوراً هاماً في جمع التبرعات والتجنيد.

([48])   "السلفي الجهادي" تعبير فضفاض يُستخدم لوصف توجهٍ يستوحي النظرية الوهابية الدينية لتأييد اللجوء إلى العنف، ويعني ذلك توفير إطار فلسفي ديني متطور للجهاديين لممارسة نشاطهم.

([49])   راجع جريدة الرياض، 11 أيار 2003.

([50])   كتب مشيراً إلى مرتكبي الهجمات قائلاً: "لماذا يرفعون راية الجهاد؟ لأن ابن تيمية، فيلسوف الجهاديين، قد افتى بأنه عند عدم قيام ولي الأمر بواجبه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإعلان الجهاد فإن الواجب على العلماء القيام بذلك. يتعين علينا أن نسمي الأشياء بأسمائها: هذه الكلمات خاطئة وهي كارثة حقيقية تهدد الوحدة الوطنية. لنقلها بصراحة: مشكلتنا اليوم هي مع ابن تيمية نفسه". الوطن، 22 أيار 2003.

([51])   مقابلة الـICG، الرياض. مع ذلك فقد دعم النقيدان بشدة العريضة المرفوعة إلى الأمير عبد الله، ولي العهد، التي دعت إلى إصلاحات سياسية عميقة مصممة لجعل المملكة العربية السعودية دولة "مؤسسات دستورية" وحضت على إيجاد مجالس إقليمية منتخبة. راجع تقرير الـICG: "هل تستطيع السعودية إصلاح نفسها؟" مصدر سابق. ولكن يبدو أنه منذ ذلك الحين قد عدَّل آرائه وتبنى موقفاً أكثر تشككاً بخصوص إصلاح سياسي مبكر.

([52])   مقابلة الـICG، جدة، راجع أيضاً تقرير ICG، هل تستطيع السعودية إصلاح نفسها؟" مصدر سابق.

([53])   مقابلات الـICG، الرياض وجدة.

([54])   جريدة الشرق الأوسط 20 كانون ثاني 2004.

([55])   مقابلات الـICG، الرياض.

([56])   مقابلات الـ ICG ، الرياض.

([57])   مقابلات الـICG، الرياض.

([58])   مقابلات الـICG، الرياض.

([59])   مقابلات مع مستشار الحكومة، الرياض.

([60])   أنهيت خدمات النقيدان في جريدة الوطن أواخر عام 2000، وفي أيار 2003 وفي أعقاب سلسلة من المقالات له في جريدة الرياض شجب فيها العلاقة بين الوهابية والجهادية تم منعه من الكتابة لمدة شهرين، ومنذ أيلول 2003 لم يسمح له بالكتابة في الصحف السعودية.

([61])   مقابلات الـICG، الرياض.

([62])   مقابلات الـICG، الرياض.

([63])   راجع تقرير الـICG: هل تستطيع السعودية إصلاح نفسها؟" مصدر سابق ص13-15.

([64])   راجع صحيفة القدس العربي، 30 كانون أول 2003.

([65])   مقابلة الـICG، الرياض.

([66])   مقابلات الـICG، الرياض.

([67])   مقابلات الـICG، الرياض.

([68])   لمزيد من التفاصيل راجع تقرير ICG: هل تستطيع السعودية إصلاح نفسها؟" مصدر سابق، ص13-15.

([69])   لم يكن الرد المتشدد للنظام عادياً. كان الرد تقليدياً، وكلما أمكن، يميل إلى التفاوض والتعاون بدلاً من القمع، فمثلاً انتظر النظام حتى عام 1994 لاعتقال الحولي والعودة اللذان كان فقدهما القاسي قد بدا قبل ذلك بعدة سنوات.

([70])   مقابل الـICG، جدة.

([71])   مقابلات الـICG، الرياض.

([72])   تم إطلاق سراح القصيري والرشيدي بعد حوالي أسبوعين بعد تعهدهما بعدم الانخراط في نشاطات سياسية، أما الحامد فقد رفض التعهد بالتزام مماثل ولا يزال في السجن مع متروك الفالح، وهو ناشط ليبرالي، وعلي الدميني، أحد القادة الشيعة، وقد بدأت محاكمتهم العلنية في آب 2004.

([73])   قام العودة في آذار 2003 بإعداد بيان بعنوان: "الجبهة الداخلية والتحدي الحالي: وجهة نظر قانونية" بيّن فيه أن الجهاد لا يمكن إعلانه إلا من قبل سلطات دينية مستقرة. راجع: www.islamtoday.net.

([74])   تم نشر أول بيان من هذا النوع يوم 16 أيار 20032 على عنوان العودة الإلكتروني: www.islamtoday.net ووقع عليه العودة والحولي والعمر. وقد تم توزيع بيان آخر وقعه نفس الأشخاص بعد بضعة أيام من الهجوم الذي وقع يوم 21 نيسان 2004 على مركز شرطة الوشم.

([75])   مع أن مجلس كبار العلماء أصدر أيضاً فتاوى تدين الهجمات ولكن تأثيرها كان أقل من بيانات جماعة الصحوة.

([76])   راجع: www.islamonline.net، وتقرير الـICG: "هل تستطيع السعودية إصلاح نفسها؟"، مصدر سابق ص25.

([77])   صرح المفتي العام في السعودية، عبد العزيز الشيخ، بعد عدة أيام من وقوع هذه الحوادث قائلاً: "لقد تتبعنا ما حدث في مؤتمر جدة الاقتصادي ويجب علينا أن نشجب وندحض ذلك.. إني، تبعاً لذلك، أدين بأقصى قوة ممكنة هذه التصرفات والتي أعلن أنها ضد الشريعة السماوية وأحذر من أنه سيكون لها عواقب وخيمة". إيلاف، 20 كانون ثاني 2003. أيد العودة المفتي العام مع السعي في نفس الوقت لتهدئة الأحوال والحث على عدم اتخاذ إجراءات مضادة للنساء.

([78])   دعا العودة، طبقاً لبعض التقارير، الشيخ حسن الصفار –قائد الحركة الشيعية منذ مدة طويلة- لمتابعة النقاش.

([79])   مقابلة الـICG، الرياض.

([80])   مقابلات الـICG، الرياض.

([81])   على سبيل المثال قام عدد كبير من وعاظ الصحوة بمن فيهم العودة والحولي بنشر رسالة مفتوحة موجهة إلى 60 مثقفاً أمريكياً في نيسان 2002 يعبرون فيها عن رغبتهم في التعايش مع الغرب.

([82])   القدس العربي، أيار 2003.

([83])   مقابلة الـICG، المنطقة الشرقية.

([84])   مقابلة الـICG، المنطقة الشرقية. بهذه الروح زعم الشيخ حسن الصفار بأنه قد "شارك في الحوار الوطني ليس كممثل لأي طائفة أو منطقة معينة بل ببساطة كعضو بسيط في النخبة الوطنية التي اجتمعت لبحث القضايا الوطنية". مجلة الجسور، مجلد 9، أيار 2004.

([85])   مقابلة الـICG، الرياض.

([86])   رويترز، 3 آذار 2004.

([87])   مع ذلك فقد كان هناك تواصل دائم لأعمال العنف متدنية المستوى في السعودية منذ منتصف عام 2000. راجع ج.ي.باترسون: "المملكة العربية السعودية: حوادث الأمن الداخلي منذ عام 1979" مذكرة حول خلفية عن المملكة العربية السعودية رقم APBN-003، كانون ثاني 2004. ربما كان الإسلامويون المتطرفون هم الذين يقفون غالباً وراء بعض الهجمات على الغربيين والتي لم يصدر بشأنها أي تفسير ولم يعلن أحد مسؤوليته عنها.

([88])   نشرت الصحيفة الجهادية (صوت الجهاد) روايات عدة تسرد حديثاً جرى بين الجهاديين السعوديين وبن لادن قبل عودتهم إلى السعودية. وقد ورد في نعي فهد السعيدي، الذي قُتل في انفجار 18 آذار 2003 أنه كان قد غادر أفغانستان في أواخر 2003 وورد في نص النعي أنه "أرسل برسالة من سطرين إلى الشيخ أبو عبد الله (أسامة بن لادن) يستأذنه فيها بالسفر للقيام بعمليات في الخارج، وقد وافق الشيخ وطلب من خالد شيخ (محمد) ترتيب سفر (الأسد) السعيدي وإخوانه ليذهبوا ويضربوا القواعد الأمريكية الخلفية في الجزيرة العربية". صوت الجهاد، العدد 16، ص45.

([89])   كان قد تم شن سلسلة من الهجمات الإرهابية ضد أهداف حكومية في منطقة الجوف في شباط وآذار 2003 واستمرت خلال شهر نيسان، وليس من الواضع حتى الآن ما إذا كان لهذه الهجمات علاقة بحملة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

([90])   تستند هذه التقديرات إلى مراجعة مفصلة لنشاطات الشرطة عام 2003: في المدينة في أواخر أيار 2003، وفي مكة في 15 حزيران و3 تشرين ثاني، وفي الرياض في 21 تموز و10 آب و6 تشرين ثاني، وفي أماكن غير محددة متنوعة في منطقة القصيم في 28 تموز، و5 و8 تشرين أول، وفي جيزان في 15 آب. وتقول السلطات السعودية أن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية كان يتكون من 6 خلايا في أيار 2003 وأنه قد تم تدميرها جميعاً باستثناء واحدة منها بحلول أواسط عام 2004. راجع مقالات في الشرق الأوسط حول هذه التواريخ؛ كريستيان سينس مونيتور 3 حزيران 2004.

([91])   الغارديان 28 نيسان 2004، www.aljazera.net، 22 نيسان 2004.

([92])   الشرق الأوسط، 23 موز 2004. سعياً لزيادة تأثير وقع العفو ربطت السلطات ذلك بطرد دولٍ عربية في شهر تموز 27 سعودياً يُشتبه في ممارستهم لأعمال إرهابية وتسليمهم للسلطات السعودية. الحقيقة أنه ليس هناك دليلٌ يربط بين هذه الوقائع.

([93])   مقابلة أجرتها الـICG مع مراقب ومحلل سعودي، الرياض.

([94])   يُنظر إلى عملية العلاقات العامة التي بدأتها الميليشيات السعودية منذ أواخر عام 2003 إلى أنها واحدة من أكثر الحملات التي تقوم بها مجموعة إرهابية شمولاً وكفاءةً مهنية.

([95])   يستخدم أفراد الميليشيات أحياناً كلمة "خلية". راجع، على سبيل المثال، صوت الجهاد عدد 15، ص27.

([96])   يبدو أن ألوية الحرمين، التي أعلنت المسؤولية عن الهجمات ضد الحكومة في كانون أول 2003 والهجوم على مبنى إدارة السير في نيسان 2004، قد انشقت عن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في أواخر تشرين ثاني 2003 بسبب الخلاف حول مهاجمة أهداف سعودية أم لا. يبدو أن الخلايا الأخرى قد التزمت بالاستراتيجية العامة لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية والتركيز على الأهداف الغربية، ولكنها طورت تخصصات تكتيكية مميزة. ويقال أن الهجمات التي تمت بطريق التسلل في ينبع والخبر في 1 و92 أيار 2004 قد قامت بها سرية القدس، في حين تولت سرية الفالوجة مسؤولية الهجمات العشوائية على الأجانب في الرياض في أوائل حزيران 2004.

([97])   لم تكن هناك مؤخراً مؤشرات تُذكر حول وجود اتصال. وقد نشرت (صوت الجهاد) "رسالة مفتوحة إلى أسامة بن لادن" في أوائل حزيران 2004 يقال أنها كُتب من قبل أحد المشاركين في عملية الخبر في أيار وتم تسليمها إلى المقرن الذي أرسلها بدوره إلى ابن لادن. ورغم أن المرء لا يستطيع الجزم بأن اتصالاً من هذا النوع لم يحدث فإن من المحتمل بنفس الدرجة بأن الرواية كانت تهدف إلى رفع معنويات أفراد تنظيم شبه الجزيرة العربية.

([98])   كان يوسف العيري يعتبر حتى وفاته في 31 أيار 2003، وعلى نطاق واسع في أوساط الميليشيات والسلطات السعودية، بأنه قائد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وليس من المعروف من خلفه مباشرة. وكانت وزارة الداخلية قد وصفت كلاً من علي الغامدي، الذي قيل بأنه استسلم يوم 26 حزيران 2003، وسلطان القحطاني، الذي قتل في جيزان في 23 أيلول 2003، بأنهما مسؤولان "كبيران" أو "رئيسيان" رغم أنه ليس من الواضح فيما إذا كانا قادة رسميين للتنظيم. في أواخر عام 2003 توصل المحللون السعوديون إلى أن خالد الحاج، وهو مواطن يمني، هو القائد الجديد لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. أما عبد العزيز المقرن الذي قيل بأنه تسلم المسؤولية بعد الحاج فقد قُتل يوم 15 آذار 2004. بعد مقتل المقرن بفترة قصيرة أصدرت قيادة التنظيم بياناً في 18 حزيران 2004 أعلنت فيه أن صالح العوفي هو القائد الجديد، وهو المقاتل الوحيد من قائمة الحكومة الأصلية التي تضم 17 من المشتبه بهم، الذي لا يزال طليقاً.

([99])   تم العثور على بعض المنازل التي كانت تستخدم لأغراض التدريب في المدن. الأسوشييتد برس، 15 كانون أول 2004. وصف مقاتلو تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية الذين ظهروا على التلفزيون السعودي لإعلان توبتهم في شهر كانون ثاني 2004، وصفوا "كيف ذهب المجندون إلى استراحة في الرياض حيث تعلموا كيفية استخدام وتنظيف البنادق ثم كيف تم أخذهم إلى الصحراء (للتدريب). قسم منهم ذهبوا إلى مكة المكرمة حيث قضوا ثلاث أو أربع أيام في معسكر تعلموا فيه تركيب الأسلحة والرماية عليها بالاشتراك مع المقاتلين"، رويترز 12 كانون ثاني. 2004.

([100])  تؤكد مطبوعات الميليشيات على أهمية التدريب والإعداد، والهدف المعلن من إصدار مطبوعة (معسكر البتار) هو تشجيع المجندين المحتملين على "التدريب المنزلي". ويتضمن نعي خالد السبيت ما يفيد بأنه كان قد تلقى تدريباً في منطقة نائية من السعودية بإشراف العيري قبل وقت طويل من عملية أيار 2003. صوت الجهاد، عدد 15، ص28.

([101])  كان عنوان الفيلم الأول الذي تم عرضه يوم 5 كانون أول 2003 هو: "شهداء المواجهات في بلاد الحرمين"، أما الفيلم الثاني "بدر الرياض"، فقد تم عرضه في أوائل شهر شباط 2004. يُظهر فيلم (شهداء المواجهات) هجمات متنوعة تمت في المملكة العربية السعودية خلال السنوات الماضية ويُمجّد الذين شاركوا فيها. أما فيلم (بدر الرياض) الذي تبلغ مدته 90 دقيقة فهو يصف كامل عملية الإعداد والتنفيذ لهجمات يوم 8 تشرين ثاني 2004 على مجمع المُحيَّا.

([102])  يحوي كل عدد من (صوت الجهاد) مقالات يصف فيها المقاتلون تجاربهم الشخصية في أحداث وقعت مؤخراً.

([103])  يتضمن فيلم (بدر الرياض) على سبيل المثال تسجيلات لخطب للشيوخ المتطرفين عبد الرحمن الدوسري (الذي توفي عام 1979) وعبد الله عزام (الذي توفي عام 1989).

([104])  يبدو أن هناك مجموعة كبيرة ومتغيرة نسبياً من المشاركين في تحرير (صوت الجهاد) في حين تبدو مقالات (معسكر البتار) وكأنها بشكل عام قد كُتبت من قبل نفس الطاقم منذ البداية.

([105])  تقول بعض المصادر السعودية أن عيسى العوشن هو الذي كان يحرر (صوت الجهاد) حتى وفاته في 20 تموز 2004. راجع نيويورك تايمز، 22 تموز 2004، بينما يصر آخرون على أن المسؤول العام للإعلام في تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية هو سعيد العتيبي. راجع الشرق الأوسط، 4 تموز 2004. إلا أن آخرون يظنون أن دائرة الاتصالات تقع تحت قيادة مجموعة من أربعة أشخاص هم حسب أهميتهم تنازلياً: فارس الزهراني وعبد الله الرشود وسعود العتيبي وعيسى العوشن، الشرق الأوسط، 22 تموز 2004. يبدو أن عبد العزيز المقرن كان قد لعب دوراً مركزياً، فقد كان كاتب المقال الافتتاحي في الخمس أعداد الأولى من (صوت الجهاد) هو سليمان الدوسري ثم بدءاً من العدد السادس وما بعده كان المقال بتوقيع المقرن الذي كان مشاركاً منتظماً في كلتا المطبوعتين حتى وفاته. وتدعي مصادر الاستخبارات السعودية أن العديد من مقالات المقرن كان يكتبها أشخاص آخرون ولكنها تظهر بتوقيعه في محاولة لإبراز مؤهلاته كمفكر. راجع "مقابلة مع جمال فاشقجي"، مصدر سابق.

([106])  كتب عبد العزيز المقرن في مقال له حول كيفية تخطيط وتنفيذ العمليات يقول: "ملاحظة هامة.. من المهم أيضاً إبقاء العلماء على حدة وحمايتهم، لأن لهم دوراً أساسياً في تجنيد الشباب وجمع الأموال إضافة لنفوذهم الاجتماعي الهام ودورهم في تحفيز الجماهير"، معسكر البتار، عدد 6، ص20.

([107])  تم القبض على فارس الزهراني (المعروف أيضاً باسم أبو جندل الأزدي) يوم 5 آب 2004. وأفادت تقارير بأن عبد الله الرشود قتل في ربيع عام 2004 بعد أن كان قد أصيب بجروح في تبادل إطلاق نار مع الشرطة في شهر نيسان 2004.

([108])  رويترز، 23 تشرين ثاني 2003.

([109])  الأسوشيتدبرس، 4 أيار 2004.

([110])  راجع "مقابلة مع كمال خاشقجي"، مصدر سابق. هناك خمسة ممن وردت أسماؤهم في قائمة أيار 2003 التي تضم 19 شخصاً وردت أسماؤهم أيضاً في قائمة كانون أول التي تضم 26 شخصاً أي أن مجموع القائمتين 40 فقط.

([111])  نيويورك تايمز، 20 أيار 2003.

([112])  بنيامين وسيمون، مصدر سابق، ص118.

([113])  نشرت (صوت الجهاد) سلسلة من المقالات عن قيادة تنظيم القاعدة بمن في ذلك بن لادن وعبد الله عزام وابو عبيدة البنشيري وأبو حفص المصري.

([114])  الاستثناء الملحوظ كان التغطية الشاملة لمعاملة الأسرى العراقيين في سجن أبو غريب. كما تضمنت الأعداد الأخيرة من (صوت الجهاد) و(معسكر البتار) عموداً يتضمن تغطية دولية مكثفة.

([115])  رغم أن من المؤكد أن بن لادن يعتبر نظام الحكم السعودي غير إسلامي فإنه نادراً ما يشير لتكفير الأسرة الحاكمة مباشرة في كتاباته وأحاديثه.

([116])  أوضح عبد العزيز المقرن في مقابلة له في العدد الأول من (صوت الجهاد): "لم أذهب للعراق ولن أذهب للعراق. لقد أقسمت أن أُطهر الجزيرة العربية من الملحدين. لقد ولدنا في هذا البلد ولذلك سنقاتل الصليبيين واليهود فيه حتى نطردهم". صوت الجهاد، عدد 1، ص23، ص2003. وكتب محمد بن أحمد السالم مقالاً بعنوان "لا تذهبوا للعراق" في (صوت الجهاد)، عدد 7، ص23، 2004 في حين دعا صالح العوفي (قائد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية المفترض حالياً) أتباعه لعدم الذهاب للعراق (صوت الجهاد)، عدد 8، ص25.

([117])  يستند هذا الفصل إلى نبذة خلفية عن حوالي 50 من أفراد الميليشيات الذين وردت أسماؤهم في بيانات الشرطة السعودية وفي المطبوعات الجهادية التي حصلت عليها الـICG.

([118])  في مرحلة ما قاتل القديمون منهم ايضاً في تسعينات القرن الماضي في أجزاء أخرى من العالم مثل البوسنة والصومال والشيشان.

([119])  تبرز مقالات (صوت الجهاد) و(معسكر البتار) معلومات تثير الإعجاب عن مدى فهم قيادة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية مسألة الحرب غير المتكافئة ووسائل زيادة التأثير النفسي لعمليات العنف إلى الحد الأقصى. أبرز ما كُتب بهذا الصدد مقالات عبد العزيز المقرن وسيف العدل في (معسكر البتار).

([120])  يوصف تركي الدندني بأنه طالب ممتاز كان يخطط لدراسة الطب قبل التحول إلى الدين وترك المدرسة. (صوت الجهاد) عدد 7، ص33. يشير المعلقون السعوديون إلى البلاغة الملحوظة والاطلاع الديني الواسع لعبد العزيز المقرن الذي ترك المدرسة وذهب إلى أفغانستان عندما كان عمره 17 عاماً. مقابلة بالهاتف مع محلل سعودي في شؤون الإرهاب، حزيران 2004.

([121])  المقاتلون العشرة تقريباً، الذين ظهروا في فيلم "بدر الرياض" – (فلم الفيديو الذي تبلغ مدته 90 دقيقة ويوثق لهجمات 8 تشرين أول 2003)، يبدو شباناً صغار السن تراوح أعمارهم بين 17-25 سنة.

([122])  أصدرت الميليشيات العدد الأول من (الخنساء) في أواسط آب 2004، وهي مجلة جهادية للنساء ومطبوعة شقيقة لـ"صوت الجهاد". (صوت الجهاد) عدد 13، ص4. كان دور النساء موضع اهتمام في الدوائر الجهادية السعودية منذ أمد طويل. راجع يوسف العيري: "دور النساء في الجهاد ضد الأعداء" المتوفر على العنوان: www.almaqdase.com، وللاطلاع على مقالات بأقلام نسائية راجع (صوت الجهاد)، الأعداد 4-12.

([123])  من بين الخمسة عشر فرداً سعودياً الذين شاركوا في هجمات 11 أيلول 2001، كان عشرة منهم ينتمون للمناطق الجنوبية من السعودية وهي أبها، وعسير، وجيزان.

([124])  راجع الشرق الأوسط، 9 كانون أول 2003.

([125])  موقع أخبار BBC على الشبكة، 26 نيسان 2004.

([126])  أشادت الولايات المتحدة بجهود المملكة العربية السعودية في مقاومة الإرهاب و"مستوى التعاون غير المسبوق". موقع أخبار BBC على الشبكة، 30 نيسان 2004.

([127])  رغم أن (صوت الجهاد) ليست مصدراً محايداً فإنها تحوي إشارات عديدة حول عمليات تعذيب قامت بها قوات الشركة للإسلاميين منذ عام 2002 وما تلاه. وقد اعترفت منظمة العفو الدولية بأنها لم تتمكن من "تقييم درجة التعذيب المستخدم ضد المعتقلين" لأن المنظمة غير مسموح لها بالدخول إلى المملكة العربية السعودية.

([128])  لم يكن منظر الحراسات المسلحة ونقاط التفتيش مألوفاً قبل عام 2003، ويرى كثير من السعوديين أن التواجد الكثيف للشرطة ظاهرة غريبة عن ثقافتهم وأنها تعطي مظهراً يسم في الإحساس بعدم الأمن. مقابلة الـICG، الرياض.

([129])  وفقاً للإسلاموي الليبرالي عبد العزيز القاسم فقد تم اعتقال ما بين 20-30 من رجال الدين. وقد تم نشر قائمة بأسماء 12 رجل دين تم اعتقالهم على موقع القلعة الإلكتروني، وهو موقع على الشبكة يمثل لوحة رسائل، 23 تموز 2003.

([130])  وردت أسماء أربعة من القتلى في كل من قائمة أيار وقائمة كانون الأول. هذه القوائم لا تشمل أسماء بعض أهم المقاتلين في تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. هناك الآن ما يتراوح بين 600-100 فرد معتقلين حالياً في إطار حملة مكافحة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. والكثير منهم لم يتورطوا مباشرة في عمليات قتالية ولكنهم مهتمون بالانتماء إلى دائرة أوسع من المتعاطفين. راجع "مقابلة مع جمال خاشقجي" مصدر سابق.

([131])  جرت حوادث إطلاق النار مؤخراً على الطرق وعند نقاط التفتيش بدلاً من داخل البنايات أو حولها مما يوحي بأن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية ربما فقد معظم البيوت الآمنة لديه. يقال أن بعض معسكرات التدريب لا تزال موجودة خصوصاً في المناطق الجنوبية الغربية ولكن من المؤكد أنه قد أصبح من الصعب استخدام معسكرات كهذه حول مناطق المدن الكبرى في نجد والحجاز حيث يفترض وجود إمكانيات أكبر بكثير للقيام بأعمال التجنيد.

([132])  طبقاً لمصدر سعودي له صلة قوية بأجهزة الأمن فإن "99% من الذين تم القبض عليهم (لعلاقتهم بالحملة الإرهابية) قد تم تجنيدهم قبل شهر أيار 2003". راجع "مقابلة مع جمال خاشقجي" مصدر سابق.

([133])  من الأدلة الأخرى على ضعف الكفاءة تكرار فرار أفراد الميليشيات من حصار الشرطة وتبادل إطلاق النار دون أن يصابوا بأذى. مقابلات الـICG، الرياض.

([134])  راجع الديلي تلغراف، 1 حزيران 2004. زعم مقاتلو تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية أن قوات الأمن السعودية ساعدتهم في الإعداد لاختطاف بول مارشال، صوت الجهاد، العدد 19، ص18. وطبقاً لروايتهم فقد تم تزويدهم بمعدات من الشرطة لنصب حواجز تفتيش مزيفة.

([135])  راجع تقرير الـICG: "هل تستطيع السعودية إصلاح نفسها"، مصدر سابق، ص24.

([136])  راجع: www.arabicnews.com، 20 أيار 2004.

([137])  راجع أخبار هيئة الإذاعة البريطانية المباشر على الموقع، 24 حزيران 2004، ورويترز 29 حزيران 2004.

([138])  راجع مثلاً الأسوشيتدبرس، 21 نيسان 2004، الواشنطن بوست 5 حزيران 2004.

([139])  قال أحد السعوديين: "الواقع أن الناس يستمعون للشيوخ خوفاً من ارتكاب شيء خطأ من ناحية دينية"، مقابلة الـICG، الرياض. ونفى آخر أن يكون لهم أي تأثير: "ليس هناك حقاً من يستمع للشيوخ. انظر إليهم كيف هم؟ إنهم طاعنون في السن".

([140])  ظهر علي الخضير على التلفزيون يوم 19 تشرين ثاني 2003، وناصر الفهد يوم 22 تشرين ثاني وأحمد الخالدي يوم 13 ديسمبر. كان انطباع السعوديين أنه بينما اعتذر الخضيري بصدق عن بياناته السابقة فإن الفهد والخالدي لم يفعلا ذلك. مقابلات الـICG، الرياض. وانتقد عبد الله الرشود، أحد منظّري تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، الخضيير لتراجعه عن مواقفه. راجع "هشِّم التراجعات"، المنشور في موقع (صوت الجهاد) على الشبكة. يمكن إدراك هذا المفهوم من القراءة المتأنية لنصوص المقابلات، ويكاد يكون من المؤكد أن ذلك خفف من تأثير كلامهم في أوساط الميليشيات الإسلامية. في 12 كانون ثاني 2004 بث التلفزيون السعودي أيضاً صوراً لمجموعة من أفرد الميليشيات المعتقلين فيما كانوا يبحثون كيف تم تجنيدهم في تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة ويعلنون التوبة عن جرائمهم.

([141])  أصدر خمسة من علماء الدين هم (عبد الرحمن البراك وعبد الله آل جبرين وصفر الحولي وسلمان العودة وعبد الله التويجري) بياناً مشتركاً في حزيران 2004 يدينون فيه الهجمات الإرهابية. راجع الشرق الأوسط 14 حزيران 2004.

([142])  من بين العناوين الرئيسية: "اللبناني ياسر كنعان: بدأت بمساعدة الجرحى ثم تملكني الاضطراب وبدأت أبكي حين رأيت ابنتي بين الضحايا"، الشرق الأوسط 23 نيسان 2004 و"أم وجدان، ضحية انفجار الوشم في الرياض: لا أحد يستطيع تخيل مقدار الألم الذي يعانيه أهل رامي الآن"، الشرق الأوسط، 1 حزيران2004.

([143])  مقابلات الـICG، الرياض.

([144])  ريوفين باز "حماس ضد القاعدة – إدانة هجوم الخبر" PRISM، عدد خاص 1، 2، 3 حزيران 2004.

([145])  راجع تقرير الـICG: "هل تستطيع السعودية إصلاح نفسها؟"، مصدر سابق ص25، وكريستيان سانيس مونيتور. 12 كانون ثاني 2004 ولوس أنجلوس تايمز 16 أيار 2003.

([146])  أحد الاستثناءات هي الدراسة التي آجراها نواف عبيد وتم بحثها في تقرير ال ICG "هل تستطيع السعودية مساعدة نفسها؟"

       مصدر سابق ص 2 ن1.

([147])     كلمة "إرهابي" كلمة مشحونة جداً في العالم العربي وينظر لها كوصف جاهز يستخدمه الإسرائيليون والغرب لتشويه سمعة المقاومة الفلسطينية، كلمات مثل "متطرفون" و"أصوليون" هي المفضلة في هذا السياق. في إشارة محتملة أخرى للنفور الشعبي من الميليشيات، يدعي السعوديون المختصون في مقاومة الإرهاب بأن 90% من معلوماتهم الاستخبارية تأتي من "مواطنين محبطين". راجع الأوبزرفر، 20 حزيران 2004.

([148])  راجع الشرق الأوسط، 22 أيار 2004. هناك أيضاً سبب للاعتقاد بأن التأييد الشعبي للميليشيات سيرتفع إذا تم توجيه الهجمات كلياً ضد الأجانب. وأبلغ شاب سعودي الـICG بأن "كل أنواع العنف ضد السعوديين ليست جيدة، ولكن إذا هاجموا أهدافاً أمريكية فقط فلا بأس في ذلك بالنسبة لي" مقابلة الـICG، الرياض.