دعوة الرئيس الاميركي للاصلاح

رسالة الانتخابات العراقية للسعودية

 

شأنها في ذلك شأن دول عربية عديدة، كانت السعودية تترقب بحذر شديد ما تسفر عنه الانتخابات العراقية، فالمراهنة على الفشل كان كبيراً، بالرغم ويجب أن يسجّل ذلك لصالحها أن وسائل الاعلام السعودية في الداخل والخارج وقفت مع الشعب العراقي ومع الانتخابات، وكعادة العمل السياسي المزدوج، فإن السعودية لم تكن تأمل في بلوغ الانتخابات العراقية الى هذه الدرجة من الاقبال الشعبي الواسع، وربما أوحت بعض أجنحة العائلة المالكة الى صانعي العنف بتكثيف عملياتهم داخل العراق عشية الانتخابات..

وعلى أية حال، فما أظهرته الانتخابات العراقية كان باهراً، وقد عبّر عن الارادة الشعبية العازمة على بناء عراق الغد والارتقاء على جروح الماضي ومحو مخازيه.. وربما هذا ما أغاض كثيراً من المراهنين الخاسرين في المنطقة العربية، على أن يدخل العراق في غيبوبة سياسية قبل الانتخابات ليكون غرضاً دائماً للمتصيدين والعابثين بأمنه واستقراره، وتاريخه، وفنه، ومقدساته..

كان الرئيس الاميركي جورج بوش من بين المترقبين للانتخابات العراقية ولكن بحذر من نوع آخر، فقد أنهك العنف قوات بلاده، ويخشى من أن تكون اللقمة العراقية مُرَّة وغير سائغة وقد يُكره على إخرجها من البلغوم بمزيد من الدماء.. ولذلك جاء خطاب الاتحاد الذي ألقاه الرئيس بوش بمناسبة توليه الرئاسة للمرة الثانية في الولايات المتحدة عقب اجراء الانتخابات العراقية، وهذا ما أضفى زخماً معنوياً إضافياً، فقد ظهر الرئيس بوش واثقاً من نفسه، ومن سياسته، ومن برنامجه السياسي للدورة الثانية، وكأنه جاء ليعلن انتصاره في معركة السياسة داخل العراق بعد ان نجح في معركة السلاح.

كانت هناك رسائل سياسية محمّلة الى السعودية ومصر في أجواء الانتخابات العراقية، فقد خصّ هذين البلدين بالذكر في عملية الاصلاح السياسي لأنهما قطبان سياسيان فاعلان في المنطقة العربية، وأنهما بوابتان للاصلاح ايضاً، ولأنهما وقفا أيضاً في فترات سابقة ضد مقترحات اصلاحية أميركية وأوروبية، وبالتالي فإن الرئيس الاميركي يدرك تماماً بأن التعويل على فشل العملية الانتخابية والديمقراطية في العراق لم يعد قائماً، وحان الوقت أن يبدأوا ما نأوا أنفسهم عنه بالامس.