حملة مكافحة الارهاب

نتائج غير مؤكدة

  

في إطار حملة مكافحة الارهاب أعلن مستشار ولي العهد لشؤون السياسة الخارجية عادل الجبير في الثامن من مارس أن السلطات السعودية اعتقلت 700 إرهابي منذ بدء حملتها ضد الجماعات المتطرفة في المملكة. وقال في مؤتمر صحفي في واشنطن بأن الحملة على الارهابيين اسفرت عن القبض على 18 من عناصر الـ 26 الذين يتصدرون قائمة المطلوبين.

تحدث الجبير عن خطة مكافحة الارهاب التي إعتمدتها الحكومة السعودية والتي اشتملت على بيانات واعلانات تلفزيونية وبرامج تعليمية وحملات للتوعية ضد التطرف. وقال ان بلاده ستجري استطلاعاً للرأي خلال أسابيع لمعرفة ما اذا كانت الحملة الاعلامية المناهضة للارهاب أتت ثمارها. وقال بأن الحملة تهدف الى توعية الناس بأن (التطرف والارهاب ليس من عقيدتنا وأن لهما تكلفة بشرية).

ما يلفت في حديث الجبير للصحافة الاميركية هو استطلاعات يزمع إجراؤها لاختبار معرفة رد فعل الرأي العام السعودي، بغرض قياس أثر الحملة، وتالياً تحديد ما إذا كان هناك حاجة للاستمرار في الحملة أو تطويرها.

وفي ضوء مراقبة بعض مناشط الحملة المقصودة، فإن ثمة منهجية مفقودة في مجمل تلك المناشط.. فقد اقتصرت مهمة القائمين على الحملة على جانب الدفاع عن السلطة وتبرئة الايديولوجية الدينية الرسمية من تهمة التورط في الاعمال الارهابية، بل تم تكريس كافة الجهود الاعلامية والثقافية لجهة درء تهمة الرعاية الرسمية للارهاب.

لم تكشف الحملة عن خطة متقنة، ولا منهجية علمية في التعاطي مع المصادر الثقافية المسؤولة عن إشاعة التطرف وتعميم أفكار التشدد المحرضة على العنف، فلا الندوات التلفزيونية ولا الحملات الدعائية المضادة للارهاب كانت ترتقي الى مستوى التعاطي الصحيح والحاذق مع قضية ذات أبعاد متنوعة وحساسة، ولا يكفي فيها مجرد إعادة تفسير المفاهيم الدينية فيما تظل مضخات الفكر المتشدد تعمل بأقصى طاقتها وعنفوانها، فيما لا تزال صورة الواحدية الثقافية تطغى على المشهد المحلي.

كان منتظراً من الحملة أن تشيع اجواء الحرية والتعددية الفكرية قبل أن تنشغل بالتفكير في ازالة الصورة التي صنعتها أحداث الحادي عشر من سبتمبر وما تلاها من أحداث عنفية في الداخل والخارج، في الواقع إن أغراض الحملة لا يمكن أن يعكسها المتضررون من أفكار التشدد، فهم قد اكتووا بها، وجربوا آثارها المدمرة وبالتالي فهم لا يمثلون الشريحة السكانية المناسبة كيما تعكس تأثيرات الحملة.

إن اختبار تأثيرات الحملة يكمن في المواقع التي تشيع فيها الافكار المتشددة والعقائد المتطرفة، والحكومة تدرك تماماً أماكن تواجدها، ويكفي المواقع السلفية على شبكة الانترنت التي مازالت تمور في أفكارها الاقتلاعية والاستئصالية، وهي مرآة واقعية وأمينة عن تيار ديني اجتماعي.

قد تكون الحكومة أفلحت في إزال بعض التشوهات المؤقته في صورتها الخارجية من خلال هذه الحملة، ولكن المشكلة لا تتوقف عند مقاربات سطحية لمشكلة عميقة الجذور وتطال المنابع الثقافية الكبرى للدولة، وبالتالي فإن أي حل لن ينجح قبل أن يؤسس لمنهجية تفكير جديدة لدى الطبقة الحاكمة. إن أول آيات التغيير تبدأ في تمظهر التنوع الفكري والاجتماعي والسياسي، وهذا المحك الرئيسي لاختبار صدقية الحملة.. لا نجاح لحملة تقف عند حد ابراز وجه غير حقيقي تلبية لأغراض سياسية مؤقته.