الكلمة الأولى

  

هذه المجلة صوت وطني كان ينبغي أن يظهر الى العلن قبل مدّة غير قصيرة.

سيحاول أن يكون هذا الصوت ملتقىً للهموم الوطنية العامّة في هذا الظرف الحسّاس الذي تعيشه منطقتنا العربية عامّة، والمملكة بشكل خاص.

بشكل مبدئي ستسعى المجلة أن تعبّر عن الأصوات الإصلاحية المعتدلة داخل المجتمع السعودي، وهي أصوات متنوعة الإتجاهات فكرياً وسياسياً، يجمعها الإيمان بالتغيير السياسي وإصلاح الوضع الإقتصادي، ومعالجة المشاكل الهيكلية التي يعاني منها المواطن، عبر إشراكه في صناعة القرار، وإقحامه في معمعة السياسة بعد عقود طويلة من الإقصاء المتعمّد.

سنحاول التعبير عن الإختلاف في الرؤى والمواقف ضمن إطار تعددية الآراء، وضمن ما نعتقده سقفاً في الثوابت الوطنيّة، مؤملين أن تصبح المجلة إحدى بؤر التفاعل والتواصل بين النخب المثقفة على اختلاف مشاربها وانتماءاتها.

ستولي (شؤون سعودية) أهمية خاصة للملفات الساخنة، والقضايا المسكوت عنها ومناقشة المواضيع الحسّاسة بعمق وبآلية أكاديمية قدر الإمكان، وبلغة متزنة تهتم باستشراف المستقبل السياسي للمملكة وشعبها، في المناحي السياسية على نحو خاص.

نظن بأن مسألة (التنظير) للوضع السياسي في المملكة لها أهمية خاصة. فالكتابات السياسية من قبل أكاديميين وباحثين وكتاب سعوديين وفي شأن سعودي قليلة للغاية، والسبب معلوم وهو أن أحداً لا يستطيع أن يقدم دراسة متحررة من الضغوط السياسية والأمنية الحكومية.

ومع أننا نضع أنفسنا في خانة مقابلة ـ وليست بالضرورة متضادة ـ مع النظام السياسي القائم، فإن نقاشاتنا وكتاباتنا ستحاول الإقتراب قدر الإستطاعة من الموضوعية الهادفة لتطوير النقاش السياسي الدائر شفاهياً بين النخب المثقفة ودعاة الإصلاح، أملاً في فهم المغلق من القضايا، ومحاولة جادّة لتقديم رؤية سياسية تعين على إصلاح الوضع القائم، لا شتم النظام أو التشنيع بممارساته، وهي ممارسات تستحق النقد على أية حال.

ليس المقصود هنا تتبع عورات النظام، ولا الإطناب في المديح، فهناك مواقع حكومية وغير حكومية تقوم بالأمر.. نحن سنركز على القضايا ذات البعد المستقبلي والإستراتيجي. ليس ما نقدمه دراسات أكاديمية ـ مع ما في ذلك من إغراءات لعدد غير قليل من المثقفين ـ ولكن لن نبتعد عن الطابع التحليلي المعمّق القريب من الدراسات ولكن بلغة صحافية، يمكن لمجلة شهرية عامة أن تسهم في نشرها.

هذا ما نسعى إليه ونتمنى أن نوفق فيه.

وختاماً نأمل من أصحاب الرأي من مثقفي البلاد ودعاة الإصلاح المساهمة في هذه المجلة. بعضهم على الأقل وعد بذلك، ونحن بانتظار تحقيق ذلك الوعد.