مواجهة الأشباح بين المباحث والمعارضين
في الماضي كان رجال المباحث، الذين يوصفون بأنهم في الغالب أنصاف
متعلمين، وينتمون إلى طبقات إجتماعية أقل من متوسطة، لا يفعلون شيئاً
سوى التنكيل بالمعارضين وحمل براميل الأصباغ لطلي الشعارات على
الجدران، وأحياناً كانوا يعملون على ترويج الاشاعات لإثارة الرعب
والخوف. أما اليوم فالوضع تغيّر، فبعد أن أصبحت المعارضة شأناً عاماُ
وذات قاعدة عريضة، استبدل الرجال الاوائل برجال أكثر قدرة على
التعامل مع تقنيات العصر. فصرنا نشاهد رجالاً يُزجّ بهم عبر القنوات
الفضائية للنيل من المختلفين أو المعارضين وتدبيج المديح لأولي
النعمة من كبار المسؤولين وصغارهم.
كذلك أصبح رجال وزير الداخلية متنفذين داخل شبكة الانترنت، يدخلون في
الحوارات والمساجلات، ويبثّون الاشاعات ويثيرون الاتهامات، ويقوّضون
حركات الاحتجاج من الداخل، فما أن يعقد منتدى ما حواراً جادّاً في
موضوع الاصلاح حتى يدخل أشخاص معروفون ليثيروا الصخب والتهريج وحرف
مسيرة الحوار بإتجاه السخرية والضحك.
لكن العمل الاكثر رواجاً لديهم هو حرف إهتمام الرأي العام، فليس
الاصلاح وليست الديمقراطية أو الفساد السياسي والاداري محل الاهتمام،
بل إثارة المشاكل الجانبية كالإثارات الطائفية ضد الشيعة، والإثارات
القبليّة والطائفية ضد أهل نجران وضدّ (شمّر)، والاثارات المناطقية
ضد الحجازيين، وإثارة العصبيات كشتم أهل بريدة لأهل عنيزة، وشتائم
أهل سدير لأهل الوشم، وهكذا حتى أصبح الحديث الذي يطفح عبر الانترنت
السعودي حديث الفتن والمشاكل وإثارة التناقضات.
لكن أهم ما يمكن أن يستدل به على نفوذ رجال المباحث السعوديين في هذا
السياق، هو التسريبات الأمنية الخاصة التي يقومون بها وخاصة في منطقة
القطيف (المنطقة الشرقية) ضد المعارضين الشيعة، فكثيرٌ من المعلومات
التي تنتزع من المعتقلين يتم توظيفها عبر الانترنت لإثارة الفتنة
والتحريض ضد الآخر، فموقع الدفاع عن السنّة، الذي يشتبه بأن نجل وزير
الداخلية الامير محمد بن نايف يقف خلفه ضمن مجموعة من المواقع
المتزمتة، صار يروج لأخبار خاصة برجال دين شيعة وتحركاتهم وعلاقاتهم،
بالإضافة لنشر وثائق سريّة كانت كلّها مصادرة من قبل جهاز المباحث
العامّة في القطيف.
أما التسريبات الاخرى عبر منتديات معروفة في (الساحات) و(الوسطية)
و(أنا المسلم) و(السلفيون) وغيرها فهي أشهر من أن ترصد. وكلّها
تسريبات تعمل على حرف اتجاهات المطالبة بالاصلاح الى إشغال الناس
بقضايا الخلاف والنزاع، ولإظهار العائلة المالكة بطلاً منقذاً لكل
فئات الشعب.
نقلت مصادر مطلعة بأن وفوداً من قبائل عراقية تقيم على الحدود
السعودية
العراقية وبعضها يعيش في جنوب ووسط العراق أجرت اتصالات مع ديوان ولي
العهد السعودي
الامير عبد الله بن عبد العزيز للحصول على مساعدات لضمان حصتها في
الحكم القادم في
العراق.
وقالت هذه المصادر ان رجال الامير عبدالله وعدوا بتقديم مزيد من
المساعدات والتسليح لشيوخ بعض القبائل، فيما تم رفض محاولات من قبائل
اخرى في الجنوب العراقي وتعيش
على الحدود للإستفسار عن مصير أبنائها الذين غادروا العراق في عام
1991 بعد نهاية
الحرب الى المملكة ومن هناك اختفت اخبارهم في حين يعتقد أن الغالبية
منهم فضّلوا
الهجرة للولايات المتحدة ودول اوروبية اخرى بالاضافة الى سوريا
وايران بعد عمليات
التضييق والاجراءات التعسفية التي تعرضوا لها في مخيمي رفحا
والارطاوية في شمالي
المملكة.
وتجد السعودية نفسها في موقف حرج بعد أن اضاعت اي استثمار سياسي لها
في العراق،
بسبب سياستها الطائفية القائمة على ازدراء الشيعة واقصائهم، في حين
لم تنجح حتى في
جلب الاكراد السنة أو الفعاليات العراقية الوطنية من الطائفتين
السنية والشيعية،
وقد بدت الحسرة لدى المسؤولين السعوديين بعدما تقاسمت الولايات
المتحدة وايران
تشكيل لجنة المتابعة المنبثقة عن مؤتمر المعارضة العراقية في لندن
الشهر الماضي،
ولم يكن فيهم أحد محسوب او موالي للسعودية،
|