فاقعٌ لونها

 

سئل حاكم عربي راحل عن موعد الإصلاحات السياسية، فقال للصحافي الغربي أن أولويات بلاده منحصرة في إصلاح وضع المواطنين الإقتصادي. وأضاف محاججاً بأنه إذا ما أصبح دخل الفرد في بلاده معادلاً لدخل الفرد في أوروبا، فإن سؤال الصحافي سيكون في محلّه.

كان دخل الفرد السعودي حين طرح هذا السؤال يصل الى 21 ألف دولاراً سنوياً، وكانت الدولة الريعية في أوج تألّقها وسطوتها أيضاً. كان سيل الأموال البديل الذي قدّمته العائلة المالكة للتنمية السياسية.

واليوم حيث انكمش دخل الفرد الى أقل من سبعة آلاف دولار، وانفتحت كوّة المطالب بالتغييرات السياسية، بدأت شركات العلاقات العامّة العاملة لصالح الحكومة السعودية في أوروبا وأميركا لتخرج علينا بنظرية الحاكم العربي الراحل: الإصلاحات الإقتصادية أولاً، وبدأ الترويج لعمليات الخصخصة التي قامت أو التي ستقوم، وكأنها فتحٌ مبينٌ في الإقتصاد السعودي.

قد يقود التحديث الى ديمقراطية وقد لا يقود في الدول الريعية (كالسعودية). وقد يؤدي الى الإنكسار الإقتصادي الى ثورة سياسية. وتبقى الديمقراطية والإصلاح مطلوبان دائماً. لكن السؤال الجديد الذي يطرح على المسؤولين السعوديين هو: كيف يمكن تحقيق إصلاح إقتصادي بدون إصلاح سياسي؟ كيف يكون ذلك في غياب المحاسبة والشفافية وحرية الإعلام والتعبير؟ ثم ما لذي أصلحوه من وضع إقتصادي حتى الآن؟ وفضلاً عن هذا فإن الناس تبحث عن حلول عاجلة لمشاكل ملحّة، وليس يهمّها ما يُزعم من إعادة هيكلة الإقتصاد السعودي التي تحتاج الى أكثر من عقد في أحسن الأحوال لتؤتي ثمارها؟

متى ستحل مشكلة البطالة والتعليم والصحة مثلاً؟

متى يتوقف النهب والفساد الإداري، إن كان ذاك مقدّمة للإصلاح السياسي؟

نعلم وتعلمون أن إرادة الإصلاح لدى العائلة المالكة شبه غائبة، وإلا فإن كل محفّزات التغيير ودوافعه جاهزة. هي وحدها غير الجاهزة.

الصورة المكبّرة لموضوع الخصخصة فاقع لونها. وغياب الحريات المدنية يجعلها لا تسرّ الناظرين.