الأسـوأ والسيّـئون

 

المملكة ضد شنّ الحرب على العراق وتحمّل صدام مسؤولية ما يجري.

المملكة مع تغيير النظام العراقي بوسائل غير الحرب.

المملكة ودول عربية أخرى تفشل في إقناع واشنطن بالعمل معاً لإحداث إنقلاب عسكري في العراق.

المملكة تقول وقبل أن تبدأ الحرب بأنها تعدّ خطة إنقلاب عسكري على صدام، وتعمل على خطٍ آخر لإقناعه بالإستقالة والرحيل.

وأخيراً قد تعلن المملكة قريباً فشلها في مسعاها (السلمي!) وقد تبرر الحرب الأميركية بأن صدام حسين لم يستجب لمسعاها، وقد تعلن عن إفساح المجال للأميركيين لاستخدام قواعدها وأجوائها في الحرب المتوقعة.

ما الفارق بين النظام العراقي ونظام الحكم في المملكة.

صدام حسين سيء لا شكّ. والحكام العرب الباقون مجرد (صداديم) صغار، بمن فيهم حكام المملكة، فهم لا يختلفون عنه في (النوع) تفكيراً وممارسة بل في (حجمهما).

صدام يعتبر العراق ملكاً شخصياً، والسعوديون يفعلون ذلك.

وهو مغامر من نوع ما بل مقامر أحياناً، وهم مغامرون في سياساتهم الداخلية بالذات.

وهو يهدر الأموال على قصوره ـ كما يقال ويشنّع عليه ـ في الوقت الذي يعاني شعبه وبلاده من أزمة إقتصادية، وهم يفعلون أسوأ منه وفي ظروف مشابهة الى حدّ غير قليل.

وصدّام قمعي يقتل معارضيه، وهم كذلك.

وصدام يقمع حرية الصحافة والرأي، وسجل حكام المملكة ليس بعيداً عن هذا أبداً.

وإذا كان صدام عميلاً للغرب وأميركا ـ كما كانت الصحافة السعودية تقول حتى وقت قريب ـ فبيتهم أكثر زجاجيّة منه، وهو لا يحتاج الى درس في الوطنيّة من السعوديين.

وصدّام طاغية خاصة ضدّ الأقليّات العرقية، وهم كذلك ضدّ الأقليّات الدينية.

وصدّام استعدى معظم إن لم نقل كلّ جيرانه، والسعوديون كذلك، فحتى الآن لا يوجد لديهم (صديق) حقيقي حتى بين الخليجيين، وهم لا يبحثون عن أصدقاء بل عن (أتباع).

وصدّام أشعل حربين ضد جيرانه، وهم أشعلوا حرب اليمن أولاً، وساهموا في حرب صدّام الأولى ضد إيران ثانياً. وقد انطلقت الحرب الأولى ضد العراق من خبائهم ثالثاً، وستنطلق الحرب القادمة قريباً من ديارهم وتدار من أراضيهم أيضاً كما فعلوا مع أفغانستان.

وصدام حوّل حكم العراق الى حكم عائلي يتقاسمه مع أبنائه وأبناء عمومته، وهم بجمعهم (20,000 أمير وأميرة) أسوأ بمراحل منه في هذا المضمار.

وإذا كان تاريخ صدّام الحديث مليئاً بالمجازر، فتاريخهم غير البعيد أكثر دمويّة.

وكما قذف الحكم العراقي بأبناء شعبه خارج الحدود، قذف السعوديون نسبة أكبر من شعبهم لكي يقوم حكمهم.

وصدّام دمّر قرىً وقصف شعبه بالطائرات والكيمياوي، وهم دمّروا قرىً وأشعلوا فيها النيران، وقصفوا شعبهم بالطائرات (أحداث نوفمبر 1979) وقتلوا الأبرياء في منازلهم، وهددوا بقصفهم بمدافع الميدان.

قد يرحل صدّام، ليس لأنه الأسوأ بين الطيبين.

قد يكون الأسوأ بين الحكام العرب، ولكنه قد يكون أيضاً، بنظر الكثيرين، الأكثر رجولة بينهم.