أزمة
التعبير وحرية الرأي في المملكة
مع أن الصحافة المحلية ـ خلال شهر يوليو ـ تناولت موضوعات
متناثرة شتّى ولم تُشغل بقضيّة واحدة بعينها، رغم فورة الحدث
الأمني، وتفكيك بعض خلايا العنف في بريدة، معقل الفكر المتطرّف..
إلا أن الحدث الأخير لم ينل اهتماماً كافياً، سوى بعض المديح
لأجهزة الأمن الحكومية ونجاحاتها الخارقة! ولم تكن هناك معالجات
جديدة ذات أهمية لموضوعة العنف واستمرار الإرهاب، سوى ما تمّ
تكراره ونشره في السابق. بيد أن موضوع الحريات بدا وكأنه استأثر
بشيء من الإهتمام هذا الشهر، فكتب الأستاذ الحساني عن الوزراء
الذين يهتمون بصورهم قبل وظائفهم، كما هاجم الإنغلاق الفقهي على
مذهب معيّن، وعدم احترام آراء المذاهب الأخرى في القضايا التي
يجوز فيها الإختلاف، في حين تعرّض الأستاذ صالح الشيحي الى أحد
أعضاء هيئة كبار العلماء الذي تعدّى على السائلين في برنامجه
التلفازي، وهاجم الشقراوات، وقال أنه لا يحبّهم، كما انتقد
الإيغال في استخدام التعابير القبيحة التي ظهرت من ذلك العضو.
اما الأستاذ عبد العزيز الصويغ فصوّر مراحل كتابة المقالة وكيف
أنها تبدأ (كاملة الدسم) ثم يختزلها الرقباء في الصحيفة الى أن
تصل الى يد المستهلك المحلي وهي (عديمة الدسم). في حين تعرّض
الكاتب عبد الله السفر لمأساته ومأساة المثقفين السعوديين الذين
يعانون من الرقابة على المطبوعات عبر الحدود، وكيف أن الصحافي
والكاتب كما الكتاب متهم في بلادنا. وكتب الأستاذ سليمان العقيلي
مقالة عن معاصرته لرحيل ستة من رؤساء التحرير وقال بأن الصحافي
لن يترك قلمه مهما كانت الممارسة متوحشة ديكتاتورية. وأبدع
الدكتور خالد السيف في مقالتين له حول الكاسيت ودوره في تزييف
الوعي لدى الجمهور، ودور التجار في نشر الفكر المزيّف. أما
الأستاذ ناصر الصرامي، فقد طالب بإيقاف بعض الكتاب الذين حولوا
الجرائد المحلية الى صفحات دعائية للمؤسسات الحكومية والخاصة،
والتي تنشر الأكاذيب وتتستر على الأخطاء، وتضلّل الجمهور. كما
أبدع الأستاذ عبد الله القفاري في معالجته لدور الإعلام الموازي،
وهو الإعلام الشعبي على الإنترنت وكيف أنه اخترق الحواجز، ووصل
الى نتيجة أن ضعف الصحافة المحلية وزيادة القيود المفروضة عليها
هي التي تعطي دوراً لذلك الإعلام الموازي الذي لا يمكن مواجهته
بالحجب بل بالحرية المسؤولة.
في ذات الإتجاه، كتب الأستاذ سليمان العقيلي مقالتان أخريان
إحداها حول حرية الرأي المفقودة والتي لم تلغ وجود مختلف
الأيديولوجيات في المملكة، وقال إن التعامل الأمثل معها هو تركها
تظهر للشمس فتحرق الفاسد وتبقي الأصيل.. وجاءت مقالته الأخيرة
مطالبة بصحافة مستقلة عن السلطة، ووضع قوانين محددة في الإعلام
بدل الإجتهادات التي توقع الصحافي في شرك السلطة الأمنية والتي
أصبحت الخصم والحكم في غياب القضاء المستقل.
وأخيراً كتب الأستاذ سلطان بن حثلين مقالة خشي منها أن يتحول
النقد الى مجرد التنفيس عن المجتمع المبتلى بالكثير من الأمراض
السياسية والإجتماعية والإقتصادية، بحيث يتوارى النقد الى الخلف
فلا يحقق أهدافه الإصلاحية الحقيقية على الأرض.
****
كل الإيديولوجيات موجودة في المملكة
سليمان العقيلي
يتحدث كثير من الناس عن أهمية وجود الرأي الآخر في المجتمع،
والإيمان بحرية الرأي، بل يطالبون بها صباح مساء، وهذا حق مشروع
للجميع، وهو يعكس تطوراً اجتماعياً وسياسياً ملحوظاً. غير أن
كثيراً من هؤلاء لا يحسنون بأنفسهم تجسيد القيم التي يطالبون
بها. وهذا نتيجة طبيعية لتراث ممتد في أعماق الزمن من الحساسية
مع الآخر، ومن التضييق على الاختلاف والتنوع، حتى اكتشفنا في
الأخير أنه كان بيننا الكثير ممن اعتنقوا كافة الأيدلوجيات
السياسية والفكرية السائدة في العالم العربي. وكانوا يجترون
أفكارهم بصمت وسرية. ولو أنه أتيحت فرص حرة ومأمونة للتعاطي
الفكري والسياسي المفتوح، لكنا أحسنا التعامل مع هذه الظواهر،
وتركنا الشمس تحرق الفاسد منها عندما تخرج للنور.
الوطن، 22/7/2003
***
وزراء يهمّهم الشكل
محمد أحمد الحساني
عرفت مسؤولين على استعداد للاتصال بالجريدة فور ملاحظتهم وجود
خطأ في الصورة المرافقة للخبر أو خطأ في الاسم أو المنصب مع أن
ذلك الخطأ لن يغير اسمه في دفتر الاحوال ولن ينزله من العاشرة
للخامسة ولن يحوله من سعيد الى فريد!، ولكن بعض هؤلاء المسؤولين
كل فيما يخصه لا يبالون بما ينشر حول اداء اداراتهم من ملاحظات
وإن (بالوا!) فإن جل همهم وغاية مرادهم أن يفندوا ما نشر وأن
يصفوه بعدم الدقة والرغبة في اثارة البلبلة والرطوبة وانه لا
أساس له من الصحة!
عكاظ، 31/7/2003
***
ووزراء تهمّهم مصلحة الوطن
خالد حمد السليمان
سبحان الله أصبحت الجولات التفتيشية الميدانية المفاجئة لأي وزير
عيباً وانتقاصاً من قدرات وكفاءة الوزير تستحق التوبيخ والتقريع
بدلاً من أن تكون عملاً واجباً يستحق التشجيع والثناء!
هذا ما خرج به زميلنا محمد القنيبيط عندما هاجم وزير المياه
والكهرباء لأنه زار متخفياً مركزاً لشركة الكهرباء، حيث اعتبر أن
مهمة أي وزير هي التخطيط والتفكير وليس القيام بجولات التفتيش
الميدانية! هؤلاء الوزراء الذين (تلطموا) ونزلوا إلى صالات
المراجعين أو اقتحموا أقسام الطوارئ في المستشفيات في أنصاف
الليالي هم في حقيقة الأمر وزراء استشعروا مسؤولياتهم الوطنية
ويؤدون أمانة مسؤولياتهم! لا أدري إذا كان الدكتور القنيبيط يريد
القول فيما لو صار وزيرا ذات يوم أنه سيغلق بابه على نفسه لينشغل
بالتفكير والتخطيط؟! كمواطن بسيط أقول له دع لنا وزراء (الجولات)
وسندع لك وزراء (العزلة) والأبواب المغلقة!
عكاظ، 15/7/2003
***
***
الإعلام الموازي وهشاشة الصحافة المحلية
عبد الله القفاري
لا أنتصر لصحافة محلية أنا أكتب بها، ولا أشجب منتديات إلكترونية
بعينها أنا اقرؤها ايضاً كل صباح.. ومن خلالها انظر من نافذة لم
يسعني ان انظر منها وأنا شبه معتزل في مجتمع هو ايضاً معتزل خلف
جدران يصعب تجاوزها. يبقى هذا الفضاء رحباً، وواسعاً، وفيه من
الرؤى ما يستحق ان يقرأ أو يتابع أو حتى ترصد تحولاته.. فهو نبض
شارع غير مقروء... وهو انفعالات شارع لا يمكن اكتشافه بسهولة..
وهو علامة كبيرة على هشاشة البدائل الأخرى التي لو عملت تحت ضوء
الحقيقة ولم تجافها وكسبت ثقة المتعاملين بها.. فلربما غيرت من
معادلة الإعلام الموازي لصالح الإعلام المشهود والمقروء على
الملأ. مهما كانت سياسة ووسائل الحجب ماثلة في الأذهان للحد من
مخاطر الإعلام الموازي إلا انها أثبتت فشلها.. فهي أولاً تنم عن
عقلية قامعة لا تؤمن بالحوار.. وتستسهل الإلغاء، الذي في حقيقة
الأمر مهما بدا ان كلفته الآن يسيرة وأقل عناء من إدارة حوار
مسؤول أو إشاعة خطاب ثقافي داخلي أكثر اقتراباً من توجسات الآخر
وتقديراِ لمشاعره وتفهماً لحاجاته ولمخاوفه. إن هشاشة الصحافة
المحلية تسهم في تأكيد هذا الدور.. ولا يمكن ان تقوى تلك
المنتديات وتنتشر وتصبح صحيفة يومية لا غنى للمتابع عنها.. دون
ان يكون ثمة نقص كبير في صحافة وطنية.. تتعرض لكثير من الضغوط.
أليس من الأولى ان نطور وسائل الإعلام المحلي في هذه المرحلة
لإدارة حوار وطني مسؤول.. لأن البديل هو إعلام مواز لا يعترف
بكثير من الأحيان بسلطة عقل أو نظام.
الرياض، 14/7/2003
***
النقد: هل هو للتنفيس؟
سلطان بن حثلين
النقد البناء هو الذي يهدف الى بيان مواضع الخلل والفساد على
صعيد الفرد والمجتمع والمؤسسات والاجهزة المختلفة ويسعى الى وضع
الحلول ووصف العلاج ومحاولة إعادة الانحراف في المسار الى الطريق
الصحيح. ولكن قد يتحول النقد الى عامل سلبي عندما يتعامل الجميع
مع النقد كوسيلة للتنفيس عن الاختناقات فيصبح كمخدر موضعي او
كمسكن ينفع في تسكين الآلام ولكنه لاينجح أبدا كعلاج وقد يزيد
الامر سوءا مع مرور الزمن.
ان مرحلة ما بعد النقد وأعني بها التعامل مع النقد البناء كمؤشر
لمواضع الخلل واحتياجات المواطنين، ثم القيام بسلسلة من السياسات
الادارية الاصلاحية للقضاء على الظواهر السلبية ووضع التدابير
الوقائية للحد من انتشارها والتقليل من تواجدها. كثرة التغني
بالايجابيات قد تنسينا السلبيات التي قد تسبب الغفلة عنها
تكاثرها كما تتكاثر البكتريا او الجراثيم في الجسم ثم نصحو ذات
يوم ولم يبق من الإيجابيات الا صدى من اناشيد مديح، تذكرنا
بالعنقاء الطائر الذي يسمع عنه ولا يرى.
اليوم، 26/7/2003
***
متى ستفقد عقلك؟
د. عبدالله محمد الفوزان
كدت أن أفقد عقلي فعلاً.. ففي الوقت الذي أعلنت فيه الندوة
العالمية للشباب الإسلامي عن كفالتها لما مجموعه 400 يتيم
صومالي، كان حارس الأمن السعودي الشاب عبدالله بن عودة العنزي
الذي أصيب برصاص الإرهابيين في تفجيرات الرياض فبترت إصبعه وغاص
رصاصهم الغادر في ساقه يتحدث لجريدة الوطن عن معاناته بعد أن فقد
وظيفته التي لا يتجاوز مرتبها 1900 ريال لتصبح أسرته المكونة من
ثلاثة عشر شخصاً في مهب الريح.
يقول عبدالله العنزي: لقد علقت الشركة وضعي الوظيفي مما اضطرني
إلى بيع الخضار في الشوارع والميادين العامة بالعاصمة الرياض
لمساعدة والدي على إعالة أسرتي وأعاني من ظروف اجتماعية صعبة،
وبعد خروجي من المستشفى لم أتلق مساعدة مادية من أية جهة.
أليس الأقـربون أولى بالمعـروف؟ إذن لمـاذا تذهب أموالنا إلى
الخارج والآلاف المؤلفة من شبابنا وشاباتنا تحيط بهم البطالة
والفقر والعوز والحاجة من كل جانب؟! احترموا عقولنا أيها الأخوة
العاملون في هيئاتنا العاملة في الخارج، أرجوكم لا تفقدونا
البقية الباقية من عقولنا.
عكاظ 19/7/2003
***
أزمة الرأي والكتاب المخالف
منصور النقيدان
(إنكار المنكر) وحماية الشريعة مما يلوثها، هوالأصل الذي ترجع
إليه كل (السياسات) الدينية التي اتخذت مع المخالفين على مستوى
التعبير والتأليف، واستمر هذا الشعار على مر التاريخ هو المسوغ
لكل ما تم اتخاذه تجاه الخصوم والمنشقين، يوظفه المحدث والأثري
تجاه مخالفيه من الفقهاء وأهل الرأي، والمتكلم ضد الفيلسوف،
والثائر ضد من يخرج عليه، والفقيه ضد الصوفي، والإسلاميون ضد
أعدائهم، وضد كتب الفكر وضد الرواية ومن كتبها. الجميع يضرب بسيف
الشريعة. وكثيراً ماتم تبادل الأدوار، وأصبح الجلاد هو الضحية.
إشكالية حرية التعبير/ التأليف ضاربة الجذور في عمق ثقافتنا
الدينية، فالكل كان يمتطي راحلة صيانة الدين والذب عن سنة سيد
المرسلين متى ما لاحت المصلحة أو شعر بتهديد لنفوذه وتقليم
لأظفار سلطته، والأقل من الحوادث ماكان يعكس الأصيل من الدين.
الرياض، 17/7/2003
***
السعودية تتدنى في ميدان التنمية البشرية
عيسى عبدالله الحليان
أعلن عن صدور التقرير السنوي للتنمية البشرية للعام 2003م في
بيروت. وللأسف فقد تراجع ترتيب المملكة في خانة التنمية البشرية
عن العام الذي سبقه (المرتبة 73) وجاء تصنيفها في لائحة الدول
المتوسطة الذي تصدرته ليبيا بينما جاءت دول الخليج الأخرى كقطر
والكويت والإمارات في خانة التنمية البشرية العالية واحتلت
الترتيب (44، 46، 48) على التوالي. الإشكالية في تلك الفجوة
الرقمية المتزايدة الواقعة بين نسب الإنفاق وطبيعة التنمية
البشرية المتحققة. فـ(85%) من نسبة الإنفاق على التعليم مثلاً
تذهب للمرتبات بينما لا يتجاوز نصيب بند التجهيز والتشييد (5%)
فقط.. وأيام الدراسة لا تزال هي الأدنى في العالم (153) يوماً
فقط ونسبة الفاقد في التعليم الجامعي هي الأعلى (30%) فيما تبلغ
نسبة الهدر التربوي في التعليم العام (31%) وهكذا. هناك علاقة
بين نظم البحث وبرامج التطوير وبين منظومة التعليم والموارد
البشرية وتعد مقارنة نتائج النشر العلمي نسبة للفرد مؤشراً هاماً
في قياس أداء التنمية البشرية على مستوى العالم.. ففي المملكة
تبلغ الأوراق البحثية (2 بالألف) لكل مليون، مقارنة بـ(38.36%)
في كوريا الجنوبية أو (12%) في الهند وهنا يبدو الفرق هائلاً
ومذهلاً.
عكاظ، 21/7/2003
***
الانغلاق الفقهي
محمد أحمد الحساني
الملاحظ أن بعض طلبة العلم لا يكتفي بالفتوى حسب مذهب معين،
ولكنه يحاول تسفيه وتجهيل ما ورد في المذاهب الأخرى حول مسألة
فقهية معينة إن لم يتهم السائرين على نهج المذاهب الأخرى بالبدع
والمنكرات والزيغ عن الحق. هذا الانغلاق الفكري جنى على أصحابه
وأبعدهم عن الأمة وجعلهم هدفاً للغمز واللمز، بل إن انتشار
الفضائيات وسماع أتباعهم الأولين لعلماء من دول أخرى يفتون على
مذاهب أخرى جعل بعض هؤلاء الأتباع ينصرفون عن شيوخهم بعد أن
علموا أن العلم والفقه أوسع وأشمل مما كانوا يتلقونه وفق مذهب
فقهي واحد.
عكاظ، 22/7/2003
***
صحافة مستقلّة عن السلطة
سليمان العقيلي
ليس صحيحاً أنه في بلادنا تصدر أقسى العقوبات بحق الصحفيين، فمن
النادر أن تصدر عقوبة بالحبس على صحفي. لكن الصحيح هو أن
العقوبات التي تصدر بحق الصحفيين، وهي تتركز في الإيقاف لفترة من
الزمن، هي قرارات لا تتم من خلال القضاء. قد تختلط الأمور على
الكاتب، وتلتبس أمامه التقديرات فلا يعرف بالدقة ما يعاقب عليه
النظام، وما لا يعاقب عليه. خاصة أن الكتابة والعمل الصحفي أمران
يتشابهان مع العمل السياسي، وما دام الكاتب أو الصحفي لا يوضع في
صورة التقدير الدقيق للوضع السياسي، فإن الأمر يخضع - غالباً -
للتحليل والاستنتاج الشخصي. لابد من تقنين العقوبات الإعلامية،
وإنشاء محاكم للنشر، تكون الأمور فيها واضحة أمام الصحفيين
والسلطات الرسمية، ويرجع فيها الطرفان إلى القضاء المستقل، فلا
تكون الجهة الرسمية خصماً وحكماً في ذات الوقت. إن استقلال
الصحافة يتطلب حدودا فاصلة بينها وبين السلطة.
الوطن، 25/7/2003
***
تعليمنا مسالم جداً جداً!
هيا عبد العزيز المنيع
تعليمنا للاسف لم يغرس الوطنية في اعماقنا بل اكتفى بتدريسها
ككتاب؟ والتعليم لم يعلمنا قيمة الوقت واكتفى بتحديد زمن الحصة
اما ماذا يدور فيها فالله وحده كفيل بذلك؟ أعتقد أن تعليمنا بريء
من كل التهم إلا من تهمة انه لم يعلم شيئاً؟ نعم التعليم هو
النظام المسؤول عن بناء الإنسان ليكون مواطنا صالحا وليس مواطناً
لا يعرف انه مواطن؟
الرياض، 12/7/2003
***
آخرتها.. جرب
هاشم الجحدلي
حقيقتان ترسختا في ذهني تماماً، هما تفشي الخرافة والشعوذة في
مجتمعنا ورداءة الخدمات الصحية والبيئية، وسبب كل هذا كم
الاتصالات التي استقبلته وتستقبله الجريدة فور التحاور مع شخصية
تدعي العلاج لجميع الامراض من الزكام حتى الايدز، اما السبب
الآخر، فهو انتشار الاوبئة والامراض التي لم يعد يعرفها العالم
الا في جنوب المملكة وربما في شمالها.
فمن من العالم الآن يسمع عن (حمى الوادي المتصدع) أو (التدويد
الجلدي) او حتى (الجرب)، ان هذه الامراض قفزت بعيداً عن البشرية.
حتى في البلدان الفقيرة صارت الخدمات الطبية متجاوزة هذه الهموم.
ولكننا للأسف مازلنا نسمع بين يوم وآخر عن امراض ما انزل اللّه
بها من سلطان.. وفي كل مرة يطلع مسؤول هنا أو مسؤول هناك ليقول
الوضع تمام والخدمات الصحية ممتازة.. وانجازاتنا يشهد لها القاصي
والداني. يا اعزاءنا المسؤولون: قولوا ان الامراض متفشية وان
الاموال التي تصرفها الدولة للقطاع الصحي تهدر وان الاخطاء
متراكمة.
عكاظ، 23/7/2003
***
مقال قليل الدسم
عبدالعزيز حسين الصويغ
تمتاز صحافتنا المحلية بميزة لا تتوافر عند غيرها على وجه
الخليقة وهي أن الجميع يشاركون في الجانب الرقابي. فالكل في
الصحيفة من رئيس التحرير حتى أصغر مراسل فيها لهم رأي فيما ينبغي
أن يكون عليه مقال الكاتب قبل ظهوره. مقال الكاتب يبدأ في أول
الخط مقال (كامل الدسم) لينتهي في نهاية خط التفكيك الرقابي
أخيراً وقد أصبح (معدوم الدسم).. يسهل هضمه دون أي (نتائج)
سلبية؟! وهكذا أصبح للعملية الرقابية في بعض صحفنا أصول وطرق
يمكن أن تقترب من درجة الإبداع حيث استحالت الرقابة على الكلمات
والمعاني إلى فن من الفنون الحديثة. وأصحاب هذا الفن يقومون
بعملية تشبه ما يحدث في (وعاء الضغط) يتحكمون هم بصمام الأمان
فيه. وخبراء الإعلام لدينا، أو من نسميهم ظلما بـ(الرقيب) هم
صمام أمان الكلمة يخافون أن تصل درجة حرارتها إلى درجة يمكن أن
يُعرض الكاتب نفسه فيها للأذى.
عكاظ، 24/7/2003
***
تجارة الكاسيت وتزييف الوعي!
خالد صالح السيف
يأتي الكاسيت وقد اكتسب ذات القداسة في منظومة آليات تسويق خطاب
التدين فإنه الرحى التي أديرت حوله ـ ومنه ـ مفصلات ذات الخطاب!
وتشكلت به أنساق معارفية/ حركية، أسهمت في التأطير الحازم لأيما
ممارسة ينتمي صاحبها لصناع (الخطاب) ولاء ومشيخة! وبحسب أيما
مراقب أن ينعت (خطابات الكاسيت) حينها! دون غضاضة بـ: (البيانات)
أو تكاد. وهذا وحده يعمل على قولبة الأشرطة في دوائر ضيقة من
أيديولوجية! لا مشاحة في أن سيكون لها نتاج بشري تمخض إفرازاً لـ
(خطاب صارخ) بالضرورة لن يثمر سوى (كتل بشرية كرتونية) تعاود
إنتاج ذات الخطاب الصارخ وبزعيق أكثر نشازا.. ومن ذات الحجر يعاد
الاستنساخ ـ ثانية وثالثة ـ بممارسات فاجعة يتوكد جراءها اللدغ!
متى يعي أصحابنا أن منظومة القيم لا تملى على الناس بمجرد وعظ
باهت ذلك أن المجتمعات تربى كما يربى الأفراد من خلال تقديم
قدوات تمثل ذات القيم وتجسدها واقعا رأي العين!
الوطن، 21/7/2003
***
البطالة بين الذكور 35% فقط
عابد خزندار
كشف مجلس القوى العاملة رسمياً -وفقاً للاقتصادية عدد 26 يوليو
2003- نسبة البطالة وأبلغ عبدالواحد الحميد أن نسبتها تبلغ 34.8%
وذلك وفق الاحصاءات الحديثة التي تم جمعها عبر العديد من
المسوحات الميدانية، أكاد أجزم أنها تختلف عن المسوحات التي
تستخدمها باقي الدول لسبب بسيط وهو أنه ليس لدينا تعداد دقيق
للسكان، وفي ظل غياب هذا التعداد فإن أي رقم عن نسبة البطالة
يعتبر رجماً بالغيب، يضاف إلى ذلك أن هذه النسبة -في رأيي- تقتصر
على الذكور ولا تشمل الأناث غير العاملات. إن مائة ألف سعودية
يتنافسن على نحو 4500 وظيفة حكومية، أي أن البطالة في هذه الفئة
ستكون في حدود 95%، وفي نفس الوقت إذا اعتبرنا ماقاله الدكتور
الحميد في نفس الصحيفة من أن نحو 70% من خريجي الجامعات السعودية
من العنصر النسائي، فإننا نستطيع أن نجزم بأن نسبة البطالة في
السعودية لن تقل عن 30% وهو الرقم الذي قدرته صحيفة مثل
الفايننشال تايمز ومعاهد اقتصادية أخرى.
عكاظ، 29/7/2003
***
رحيل رئيس التحرير
سليمان العقيلي
في حياتي الصحفية شهدت رحيل نحو (6) رؤساء تحرير عن مناصبهم، كنت
أعمل تحت رئاستهم. وكان الأمر بالنسبة لنا في هيئة التحرير يشبه
الكارثة في كل مرة! لا يمكن بحال من الأحوال إنهاء حياة صحفي إلا
بإطلاق الرصاص على قلبه النابض أو عقله المتحرر وهو ما يمارسه
الدكتاتوريون المتوحشون أعداء الحرية والكلمة مع الصحفيين
الشرفاء بالذات. الصحفي الموهوب والحر، لا يكسر قلمه لأي سبب،
ويمضي إلى السكون، بل هو مخلوق مجلوب على القلق والألق مع الكلمة
والصورة المعبرتين عن موقف من الحياة والناس.
الوطن، 20/7/2003
***
المعارضة السيئة تخدم الحكومات
عبدالعزيز الخضر
سوء المعارضة في الغالب يخدم الحكومات ويجهض أي مشروع إصلاحي،
والأنظمة المحظوظة ليست هي التي لا تواجه معارضة، لأن هذا مخالف
للطبيعة السياسية، وإنما التي توفق بمعارضة أسوأ منها، وأكثر
تطرفاً، ولا تملك أي مشروع! هذا النمط من المعارضة يقدم خدمة
جليلة لأي نظام. وإذا كان المراقب يمكن له تفهم كثرة الأخطاء
والفساد في ممارسة السلطة في أي نظام بحكم التعقيد الطبيعي في
إدارة الشعوب ومصاعبها العملية، فإن الذي يصعب فهمه هو كيف تفشل
المعارضة العربية في تقديم الحد الأدنى حتى على مستوى التنظير في
الخطاب الثقافي والسياسي. إن خطاب المعارضة العربية اتخذ شكلاً
نمطياً أفقده معناه وأفرغه من مضمونه، ولم يعد يثير الانتباه، أو
يحرك العقل، فالهجاء العام والمطلق الذي ينسف الجهود الإصلاحية
كلية من أي نظام لا يعبر فقط عن حال من التطرف، وإنما أيضاً يسهم
في تغييب الرؤى الجماعية عن مصدر الخلل وحجمه وكيفية علاجه.
الوطن، 16/7/2003
***
مقاومة الاحتلال ومأساة أمة تعيد إنتاج الاستبداد
عبد الله القفاري
راقبوا المشهد العراقي، ثمة احتلال أمريكي، اقتلع أعتى نظام عربي
مارس كل صنوف القمع والاستبداد وراكم المقابر الجماعية وعطل قدرة
إنسان كان مرشحاً ليكون الأفضل في المنطقة. الاحتلال الأمريكي
أصبح واقعاً.. وزوال النظام العراقي السابق، فجر كل التناقضات في
المجتمع العراقي، وها هو يفرز قواه، وهي قوى مرتبكة وغير منظمة
وعلاقاتها متوترة. مقاومة الاحتلال مشروعة.. لكن ماذا عن مشروع
المقاومة.. هل ثمة مشروع حقيقي، هل ثمة قوى وطنية لديها أجندة
أكبر من إخراج المحتل أو إرباكه أو إرغامه على تعديل خططه هناك.
إن استمر زخم المقاومة على هذا النحو، فإنه حتما سيدخل العراق
إلى مرحلة جديدة.. ليس فقط ستعطل المشروع الأمريكي أو مشروع
الدولة العراقية وفق الصياغة الأمريكية.. ولكنه أيضاً سيعطل
إمكانية أن يكون ثمة عراق حر.. بل عراق ممزق، ربما أنتج صداماً
جديداً أو عدة صدامات جديدة تتقاسم النفوذ وتدير القتال فيما
بينها حتى تفني الحرث والنسل أو ما تبقى منه في أرض الرافدين.
الرياض، 21/7/2003
***
الموت الوزاري
عبد الله ناصر الفوزان
يكبر ابن آدم ويكبر معه اثنان: حب المال، وطول العمر وهذه هي
حالة الوزير في الدول التي يكون فيها التغيير هو الاستثناء
والاستمرار هو القاعدة... فكلما كبر عمره الوزاري وطال أجله كبرت
معه الخصلتان. ولأن الوزارة هي في واقع أمرها حياة من نوع آخر
فمن الطبيعي أن يتشبث الوزير بها ويعض عليها بالنواجذ حتى لو بلغ
عمره الوزاري ثلاثين عاما أو حتى خمسين أو أكثر لأنه كلما تقدم
به العمر فيها زاد خوفه من مفارقتها... أي زاد خوفه من الموت
الوزاري... فـ (موت) الوزير هو مثل موت الخفير مكروه مكروه ولذلك
فإن الذي يبلِّغه بخروجه من الوزارة أي بخبر موته هو عنده مثل
ملك الموت، ومن أجل هذا يحرص الكثيرون على إبلاغ الوزير خبر
توزيره وخبر التجديد له، ويتسابقون في ذلك وفي تهنئته، ولكن لا
أحد البتة يتطوع بإبلاغه خبر موته، بل يترك لمصيره وحده يستمع
لنشرة الأخبار في الإذاعة أو التلفزيون فإذا سمع التشكيل الوزاري
ولم يرد اسمه رفع إصبعه و(تشهد) وأسلم روحه الوزارية ومات وحيدا.
الوطن، 21/7/2003
***
عفوَكَ أيها الجسر؛ فأنا أحملُ كتابا!
عبدالله السفر
شاهد المفتش الكتب.. استدعى رئيسه ليعاين (الواقعة)! ويبدو أن
سمعة الكتب وحامليها ليستْ حسنة؛ فقد استمرّ التفتيش بدقّة وهمّة
عاليتيْن، من الطبطبة على المقاعد والأبواب وفتح غطاء المحرّك
(!!) واستدعاء الزوجة إلى غرفة التفتيش الشخصي. المسألة حتى الآن
هيّنة. أعرف ما يلي: تُحال الكتب إلى مكتب المطبوعات، الإعلامي،
للنظر في أمرها (للاطلاع والإفادة). لكن الوقت هو وقتُ صلاة
الظهر، ومكتب المطبوعات مقفل للصلاة. أفادني أحد الموظفين عن فتح
مكتب المطبوعات. هُرعتُ إليه حاملا كتبي. أخبرته أن الكتب هي في
الشعر والقصة والكتابات الفكرية (يعني ما منها خطر ولا ضـرر عليّ
شخصيا ولا على المجتمع !!) وعرّفته بنفسي (!) كاتب صحفي ومحرر
ثقافي (!!) من أجل أن استعجله في الفحص؛ فالأولاد منذ ساعة
يصطلون ظهيرةً لا تُطاق. طفق يتصفّح الكتب بأناةٍ وتمهّل وبطء.
بعد خمسٍ وأربعين دقيقة أجاز المجلات و الكتب جميعها ما عدا
ثلاثة، عليّ أن أراجع عنها بعد أسبوع. خرجتُ مثقلا، وأنا أبصر
أسرتي معجونة في ظهيرة حارة، ليس بي غير الأسى عن أحوال المثقف
حيث الوصاية المرفوعة عبر الحدود التي تحدّد ماذا تقرأ وماذا
ينبغي تجنّبه وعدم قراءته. يمكن لكتاب أن يفعل به الأفاعيل في
أخلاقه وفي مجتمعه. ويظلّ، هذا المثقف، مُلازما بنظرة تشكيكية
(إنْ لم نقل عدائية) من رجال الجمارك بحسبانه يحمل موّاد محظورة
ممنوعة خطيرة على أمن المجتمع.
الوطن، 27/7/2003
***
حجر الأساس للتخدير!
صالح الشيحي
في كل مكان، هناك مسؤول ما، يضع (حجر أساس)، لمشروعٍ ما! من هنا،
أصبحنا من أكثر الدول في العالم التي تحتفي وتحتفل بـ(حجر
الأساس)! فقط لأنه يظل صامدا ـ بمفرده ـ سنين طويلة في العراء،
لا يتأثر بالبرد.. ولا بالمطر.. ولا بالنجوم ولا بالشمس.. ولا
حتى بضوء القمر! سنين طويلة دون أن يتذكره أحد. تذهب كل الأحلام
والطموحات والمطالب والشكاوى، ويبقى الحجر!
بحث الناس عن المشروع.. وُضِع لهم الحجر.. سكتوا.. ومع تقادم
السنين باتوا لا يتذكرون شيئاً؛ لا يعلمون متى وُضِع هذا الحجر؟
ومن الذي وضعه ؟ ولماذا وضعه؟! لا أحد يتذكر شيئاً أبداً! بحثت
كثيراً، فلم أجد مفعولا مسكناً أشد من هذا المفعول؛ أعني مفعول
الحجر.. حتى بدأت أشك أن أحجارنا مصنوعة من الأسبرين!
الوطن، 27/7/2003
***
تدمير قلاعنا وحصوننا التراثية بإسم الإرهاب
عبدالعزيز الجارالله
هل سيتم تحت الدواعي الأمنية تهديم وتدمير القلاع والحصون والقرى
الحجرية والمساكن التراثية على طول سلسلة جبال السروات
والمرتفعات الجبلية الجنوبية والجنوبية الغربية للمملكة؟ هل نفكر
في مسح وإزالة كل القلاع والحصون التاريخية لتاريخ منطقتنا
الجنوبية والتراث المعماري بسبب المتسللين الذين جعلوا من تلك
المباني مأوى لهم.. هل انتهت الحلول واستنفذنا جميع الوسائل
الأمنية والعسكرية والمراقبية ولم تبق أمامنا سوى إزالة جميع
القلاع؟.
هناك منظمات عالمية وجهات دولية لا تقر ولا توافق على تدمير
الممتلكات الثقافية لأي سبب من الأسباب وحتى في حالات طارئة لا
توافق تلك المنظمات الدولة على نقلها للتراث والآثار من مكان غير
آمن أو لوجود مشروع إلى مكان آخر آمن.. هذا التراث ملك للأجيال
وتشاركنا الشعوب الإنسانية في هذا الحق وتعد الآثار رموزاً وطنية
محلية تعني وتهم السكان والأهالي وإزالتها أو تدميرها يؤثر على
التركيب النفسي لسكان المناطق لأنهم يشعرون أن تاريخهم المحلي
انتزع منهم وأن إهمال التراث الإنساني هو شكل آخر من إهمال
الإنسان نفسه فهذه المباني ليست لأشخاص مجهولين ومن بناها ليسوا
شعوباً طارئة جاءت المنطقة ثم رحلت هي نتاج السكان الأصليين
للمنطقة هم من نسميهم بالشعوب المحلية.
الرياض، 9/7/2003
***
أوقفوا المطبّلين عن الكتابة
ناصر صالح الصرامي
ما يحدث بشكل مخل في الصحف ان يأتي البعض اليها من الباب الخلفي
في الغالب، من اجل خدمة مصالح محددة، كأن يكون هذا الصحفي
المتعاون قادماً من ادارة علاقات عامة لشركة كبرى أو متوسطة
ليلتحق بالعمل الصحفي الاقتصادي.. فماذا يمكن ان يكتب عن
شركته؟!.
يأتي آخر يعمل في قطاع حكومي دائرة أو مؤسسة أو وزارة في
العلاقات العامة ايضا. ويأتي للصحافة ليعيد ويضمن نشر أخبار
ادارته في الصحيفة التي جاء اليها، ويحصل على مكافأة قد تكون غير
مجزئة من الصحيفة التي يعمل بها على البيان الصحفي الرسمي والممل
الذي صاغه باسم إدارته ووزعه على الصحف! يصل أن يصبح موظف
العلاقات العامة مراسلاً للصحيفة في وزارته أو ادارته، ومندوباً
لادارته أو وزارته في الصحيفة المحلية الكبرى والصغرى.. ماذا
يحدث بعد ذلك؟ الذي يحدث ان تلك الوزارة أو الإدارة تصبح الأحسن
والافضل في العالم. وتختفي عيوبها الى الأبد.. ويحرم اخونا
الصحفي الموظف الصحفيين الآخرين من الاقتراب من مقاطعته. وتستمر
عملية التضليل ويطالب المدراء بالكثير والمزيد من التضليل
للتلميع والتلميع فقط لهم وحتى اختيار نوع الصور التي يرغبون في
نشرها مع الخبر أو قصيدة المدح القادمة على شكل بيان صحفي!
هكذا تتشوه المهنة بممارسة غير مسؤولة تتطور بشكل مؤلم وغير
متابع بدقة، لتفقد الصحافة بريقها وجديتها وثقة الناس فيها..
وتفقد روح مسؤوليتها في نقل المعلومة الصادقة والموثقة بعيدا عن
اعراس البيانات الصحفية وعسلها الدائم، وبعيداً عن تضليل الناس
وولي الأمر وتشويه المهنة.
الرياض، 26/7/2003
|