في ذكرى اليوم الوطني وأحداث سبتمبر

بلدٌ يتعاوره النقص في كل المجالات

 

مرّت ذكرى إسقاط البرجين، كما ذكرى اليوم الوطني، فلم يتناولهما الكتاب إلا لماماً. (غزوة مانهاتن) كما يسميها السلفيون السعوديون، كانت قد أُشبعت بحثاً من قبل، ووجد بين الكتاب وفي هذه المناسبة من يجرد الخسارة والربح من تلك الغزوة، ووجد من يدعو الى مراجعة الذات، والتذكير بأن 15 من 19 (غازياً) كانوا سعوديين، وأن الفكر المحلي هو من صدّر الإرهاب الى كل العالم.

بدا خلال شهر سبتمبر وكأن الكتاب السعوديين قد تزودوا بجرعة إضافية من الجرأة في توجيه النقد الى وزارات الخدمات وخاصة وزارتي المعارف والتعليم العالي، إضافة الى الصحة والمواصلات والمياه وحتى التخطيط. وقد وجه النقد الى شخص الوزراء أحياناً، والى وكلاء الوزارات. أيضاً شهدت مقالات الصحف مراجعة ومحاولة من بعض الكتاب لتقديم تحليل يستهدف تفكيك بنية المجتمع السعودي ثقافياً وسياسياً، وهنا تأتي كتابات الأستاذ عبد العزيز الخضر في المقدمة.

أيضاً هنالك شعور طاغٍ في مقالات شهر سبتمبر بضعف (الوحدة الوطنية) وبضعف (الشعور الوطني) وبخطر تفتيت الدولة بسبب (غياب أو تأخر الإصلاحات السياسية) التي لم تكن سوى وعود أضافت يأساً مستحكماً في الشارع السعودي. تأتي في هذا السياق تصريحات ولي العهد الذي قال بأن وطنيّة الجيل الجديد خفيفة، الأمر الذي دفع الأستاذ قينان الغامدي لتخصيص عدة مقالات في هذا الإتجاه. يضاف الى ذلك، ترددت في مقالات شهر سبتمبر شكوى من غياب (الإرادة السياسية للإصلاح) وهي الإرادة التي يزعم المسؤولون أنها موجودة، في حين جاءت الكتابات مدهوشة من سرّ العجز الحكومي في حلّ أيّ معضل داخلي في بلد غني بالموارد كالمملكة.

أيضاً فقد خصصت الصحافة السعودية مساحة واسعة للتركيز على (انهيار) الخدمات الإجتماعية بشكل يبعث على القشعريرة، وكأن جهاز الدولة في مجمله قد أصابه الشلل، فلم يكن هناك شيءٌ لم يجر نقده ابتداءً من التعليم والمناهج والقبول في الجامعات وغياب مقاعد في التعليم الأساسي (الإبتدائي) الى تدهور المؤسسات الصحية، والإعلام والعنوسة والبطالة والطرق والنظافة والفقر ومجلس الشورى.

ومن الواضح، أن ذكرى إسقاط البرجين كما ذكرى اليوم الوطني، لم تأتيا بجديد، فقد مرّ عام على السعوديين دون أن يشهدوا بارقة أملٍ أو تطوّر. فقد نوقشت ذات القضايا (النائمة) وقدّمت نفس العلاجات، ولكن الخطوة الأولى في الإصلاح الإجتماعي والسياسي لم تتخذ بعد، أو ليس لدى الطاقم الحاكم القدرة في الإساس على علاجها، فضلاً عن غياب الإرادة والرغبة في ذلك. وهنا يمكن القول، ومن خلال ما كتب ويكتب في الصحافة، أن الوضع في المملكة وعلى كافة الصعد يشهد عجزاً حكومياً متراكماً بل شللاً غير مبرر لا يعلم صانع القرار كيفية الخروج منه.

 

***

 

مجلس الشورى ومهمة البصم

علي سعد الموسى

 

لا يريد الوطن والمواطن، أن يظهر مجلس الشورى الموقر مجرد استعراض تلفزيوني في نشرات الأخبار. في الفقرة الإخبارية التي شاهدتها، لمحت القرارات تتناثر من شفة المذيع ولم تحرك فيه حماساً مثلما لم تحرك ذاكرتي كمشاهد ولهذا مرت دون أن تبقى. هل صارت أخبار المجلس تهرب من ذاكرة الصحافة ـ شبه المستقلة ـ ولا تجد لها مكاناً إلا في النشرة التلفزيونية الرسمية. هل يعتقد الإخوة الكرام من أعضاء المجلس الموقر أن الموافقة على اتفاقية ثقافية بين المملكة ودولة إفريقية ستحرك المشاعر أمام المذيع أم إن إقرار الميزانية الختامية لمؤسسة الغلال وصوامع الدقيق للعام 1416 ستكون خبراً تلفزيونياً مناسباً؟

الوطن 24/9/2003

***

معالجة المؤجلات الفكرية

عبدالعزيز الخضر

 

المجتمع السعودي الآن أمام محك حضاري كبير يجب عليه أن يعالج فيه المؤجلات الفكرية والثقافية والاجتماعية.. فالمساحة الزمنية تضيق والأسئلة تتضخم، والخطاب المحلي بوجه عام يواجه أزمة صياغة وتعبير لبناء ثقافة اجتماعية ودينية متجانسة مع المتغيرات المتسارعة. مظهر الأزمة وتعقيدها يتضح ابتداء من كثرة الحديث والتنظير عن أهمية الإصلاح والمراجعة والحوار. حديث متضخم لكنه غارق في العموميات لا يستطيع التحديد وتسمية الأشياء بمسمياتها. إن عدم المقدرة على التحديد والخوف والحذر الملموس بحد ذاته يعبر عن عمق المأزق الثقافي والاجتماعي، وثقل المؤجلات في حياة المجتمع.

كثيرا من المشكلات التي واجهها جيل الآباء حلت عمليا وإجرائيا بقوة القرار وحتمية الزمن، وأصبحت من مكونات الواقع لكنها لم تحل نظريا على مستوى الفكر، وأصبحت الموضوعات المعلقة ترهق الأجيال اللاحقة وتتراكم عليها، وتعود موضوعاتها للظهور من جديد للمزايدة والتشكيك في المشروعية، وهذا يعني أننا قطعنا أشواطا عملية كبيرة دون بناء نظري كاف يحسمها على مستوى الفكر والثقافة، ولهذا يلحظ المراقب للحركة الاجتماعية أنه في كل أزمة للبحث عن مشروعية عمل ما، تظهر النقاشات والحوارات مستوى ضعيفاً من الوعي وكأننا نعود لنقطة البدء، لأنه لم يوجد دعم نظري متكامل من الجيل السابق لحسم الأشياء التي تقبلها واقعيا ورفضها أو صمت عنها نظريا.

الوطن 24/9/2003

***

مسؤولية الحرية

هيا المنيع

 

الحرية قيمة لابد أن يتعلمها الإنسان في كل مكان .نعم نحن للأسف لم نتعلمها كما يجب في البيت بل ان الكثير من الشباب من الجنسين يجد صعوبة في التعبير عن رأيه الشخصي بين أفراد أسرته. لابد أن نتعلم الحرية الواعية لأنها بوابة الإحساس بالمسؤولية، إن لم نستطع أن نعيش أكبر هامش من الحرية فإننا سنكون ضعفاء في داخلنا وفي قدرتنا على تحمل المسؤولية. للأسف اعتدنا كثيراً على فلسفة المنع والحجب بدءاً ببكلة الشعر وانتهاءً بمواقع الانترنت؟

الرياض، 15/9/2003

***

 

القطاع الصحي وعقبة القبول

د. حامد بن مالح الشمري

 

تؤكد لغة الأرقام اتساع الفجوة بين أعداد الخريجين من كليات الطب والكليات الصحية والأعداد المطلوبة للعمل في القطاع الصحي بالمقارنة للميزانيات المخصصة لذلك.. فقد بلغ عدد الأطباء السعوديين في القطاع الصحي العام 19،5% وفي القطاع الصحي الخاص 6،2% أما نسبة العاملين بالتمريض من السعوديين في القطاع الصحي العام فهي 26،6% وفي القطاع الخاص 0،8%. أما الفئات الطبية المساعدة فتبلغ نسبة العاملين فيها 55،2% وفي القطاع الصحي الخاص 4%، في المقابل نجد أن ما بين 80-85% من خريجي الثانوية العامة يقبلون في التخصصات النظرية. وهذا لا يحقق أهداف الخطط التنموية. الملاحظ أن هناك أعداداً كبيرة من خريجي الثانوية العامة ممن حصلوا على نسب مرتفعة جداً ولديهم الرغبة والاستعداد العقلي والنفسي والمهني لدراسة الطب أو التخصصات الصحية والطبية المساعدة يصابون بإحباط وخيبة أمل وهم يصدمون بعراقيل القبول في كليات الطب والكليات الصحية.

عكاظ 4/9/2003

***

 

ولي العهد: الإحساس الوطني في المملكة ضعيف

قينان الغامدي

 

أشار ولي العهد إلى ضعف الحس الوطني. نقاش هذه القضية يحتاج مناخا حرا للتعبير، فلا يحاسب أو يلام أحد على أي كلام يقوله أو نقد يوجهه، ويتطلب قنوات واسعة وكثيرة للتعبير وللحوار غير محصورة في موقع أو منطقة وغير مؤطرة برقابة رسمية ولا خاضعة لآلية حكومية. الخطب والمواعظ والكلام الحماسي، والتحفيز العاطفي لن تؤدي إلى أي نتيجة إيجابية نتوخاها لوحدتنا الوطنية. أتفق مع جملة ولي العهد التي يقول فيها: (الذي ليست فيه نخوة لدينه ووطنه فهو لا شيء). لكنني أشعر أن (النخوة) رهان عاطفي لا يستطيع الصمود وحده. إنها تصلح تاجا لمعادلة الحقوق والواجبات وليست أساسا وحيدا لها. لا بد أن ندرك حقيقة أن الجوع كافر، لا أقصد الجوع بمعنى الفقر المستفحل فقط، وإنما بمعنى التوق والتطلع إلى الإصلاح الشامل، وإلى وطن يشعر كل فرد فيه أنه شريك فاعل في البناء، عليه واجبات واضحة لا يعيقه عن أدائها شيء، وله حقوق واضحة لا يحول بينه وبينها أي شيء، شريك في المغنم والمغرم.

 الوطن 21/9/2003

***

من غير المناهج؟

هيا المنيع

 

لم أكن أتوقع ان يتأخر توحيد المناهج كثيراً بل كنت أتوقع ان يتم بشكل واحد وحاسم هذا العام فشواهد الواقع لا تحتمل التأجيل أكثر. نحن نريد تطويراً جذرياً، تطويراً يأخذ أبعاداً تربوية وعلمية. نتمنى من القائمين على تطوير المناهج ان يعملوا بسرعة أكثر وفي الوقت نفسه أن يأخذوا في الاعتبار ان تطوير أو تعديل المناهج مطلب وطني قبل ان يكون شيئاً آخر فنحن لا نريد تغيير المناهج لمجرد التغيير أو لمجرد ان نؤكد ان مناهجنا لا تدعو للإرهاب بل لأننا نريد من مناهجنا ان تعمل على بناء مواطن يعي دوره الوطني والتنموي وليس مجرد إنسان قادر على أداء دوره الوظيفي في الجهاز الحكومي الذي يعتمد على قدرة الإنسان على الحضور صباحاً والانصراف ظهراً وإثبات ذلك بالتوقيع لاغير.

الرياض، 29/9/2003

***

المدّاحون الجدد:

الرجاء مراعاة فارق التوقيت!

تركي العسيري  

 

مشكلة هؤلاء الذين يسيرون على خُطا (جوقة) المداحين القدامى في كتاباتهم، وقصائدهم، وإعلاناتهم، أنهم لم يراعوا فارق التوقيت! أتساءل: ما معنى إفراد هذه الصفحات الملونة المدفوعة الثمن، وتدبيج القصائد والكلمات للترحيب بتعيين مسؤول ما، والإشادة بمواهبه، وقدراته الخارقة، وبعد أنْ كان بالأمس مجرد إنسان عادي مثله مثل كل الناس! أن تمدح فهذا شأنك.. لكن ينبغي أن تتذكر.. أن زمن المدح قد ولّى، وأن من تمدحهم هم أول المحتقرين لك، ولعباراتك، ولقصائدك. الملفت.. أن المداحين الجدد قد ابتكروا طريقة جديدة تأتي كـ(قفلة) لقصائدهم، وإعلاناتهم، وهي كتابة رقم الجوال، وصندوق البريد، ولولا بقايا رائحة الحياء ـ هذا إذا كان هناك حياء أصلاً ـ لسجلوا رقم (حسابهم المصرفي)!

عكاظ 5/9/2003

***

الشعب السعودي: أوجه وأشمغة وأسماء مستعارة

علي سعد الموسى

 

من يشاهد هذه التلفزيونات من خارج الإطار الحدودي الوطني لن يرسم حولنا إلا صورة واحدة: شعب كامل يقضي المساء مستلقيا على (كنبة) وثيرة. يمسك الهاتف بيد وباليد الأخرى جهاز الريموت كونترول ليبحث عن قناة تستقبل أفكاره ورؤاه العتيدة. تابعوا هذه البرامج جيدا لتكتشفوا أن السعوديين لا يطرحون أسئلة وإنما يتبرعون بالتنظير والإجابة. على كل فضائية يشاكسون الواقع، يطرحون الفتوى في كل مسألة. هؤلاء هم نتاج ثقافة تعتمد على التستر والإخفاء ولهذا يعطون آراء بليدة من فوق أرائك جامدة في صالونات المنازل المنزوية. أسماؤهم على شاشات التلفزيونات لا تظهر إلا بالكنية فهذا أبو فلان وتلك أم فلانة. مجموعات تغطي جهلها بالهروب من الأسماء المدونة الحقيقية، ولهذا كنا أصحاب براءة الاختراع في الأسماء المستعارة التي تملأ عنفوان الشبكة الإلكترونية. هنا مجتمع يعيش في المجمل بصورتين ويبرز في العلن والسر بوجهين متناقضين. نسكت عندما يستوجب الحال والمقام شيئا من الكلام لأننا خريجو ثقافة الرأي الواحد. حينما فشلت ثقافتنا ونظم تعليمنا ومناهجنا ومنازلنا في بث روح الثقة فيما نقول وما نطرح تحولنا إلى العمل المقَّنع والأوجه المستترة لنغني بها ونرقص بها ونسافر بها نحو الفضائيات البعيدة والقريبة ونملأ بها زبالة الشبكة الإلكترونية. شعب يتستر بالكنية والشماغ والأسماء المستعارة لإخفاء عيوب ثقافية واجتماعية مستفحلة.

الوطن 21/9/2003

***

صحافة تقيل

محمد سليمان الأحيدب

 

الدعوات الصادقة التي توجه لإعلامنا المحلي بالإسهام في تنوير المسؤول وإصلاح العيوب وممارسة النقد الهادف لا تهدف إلى مجرد التنفيس بطرح المشكلة بل نابعة من ثقة في قدرة إعلامنا على لعب دوره الهام ودلالة على وعي المسؤول بأهمية ذلك الدور وتلك الأهمية تكمن في توفر عنصر التفاعل مع ما يطرح على أعلى المستويات. نريد أن يقرن هامش الحرية بهامش تجاوب حتى لا يعتقد انه مجرد تنفيس أو استجابة لظروف وقتية أو تحقيق لمطلب خارجي لأنه ليس كذلك.. هو خطوة في طريق تصحيح صادق وجاد ولذا لابد من استكماله بالتفاعل الحازم معه.

الرياض، 13/9/2003

***

أزمة سكان أم أزمة فساد ونهب؟

غازي عبداللطيف جمجوم

 

ستة هو متوسط عدد المواليد لكل امرأة سعودية وهو من أعلى المعدلات في العالم، وثلاثة هو المتوسط العالمي. كان عدد سكان المملكة قبل خمسين عاماً حوالى ثلاثة ملايين نسمة. جاءت الطفرة النفطية مما أدى إلى تضاعف سكان المملكة عدة مرات بحيث وصل الى 22 مليون حالياً، ومن المتوقع أن يصل إلى 40 مليوناً بعد عشرين عاماً إذا استمر معدل الزيادة على وضعه الحالي وإلى 60 مليونا بعد 50 عاماً. عدد سكان المملكة كان قبل خمسين سنة نصف عدد سكان ماليزيا التي يبلغ معدل المواليد فيها ثلاثة أطفال لكل امرأة، وقد تساوى معه حالياً، ولكنه سيقترب من ضعفه بعد خمسين سنة. كثيرون منا لا يربطون بين الزيادة السكانية وبين ما نعاني منه الآن من مشاكل بل يلقون باللوم في ذلك على التبذير في الإنفاق وسوء الاستخدام للموارد والفساد الإداري وضعف الانتاجية وغير ذلك، وكلها لاشك عناصر مهمة، ولكن إغفال أثر الزيادة السكانية يُشكّل خطأ فادحاً يسقط عنصراً أساسياً من عناصر معادلة التنمية المعقدة.

عكاظ 7/9/2003

***

صورة الشعب السعودي في منتدى الساحات

محمد ربيع الغامدي

 

ساحات الإنترنت تبدو لمن يتجول فيها أنها أولاً الأصوات التي تعلو في مأمن من أن تُعرف، ولذلك هي بالضرورة تعبر بصدق وتلقائية وعفوية عن ثقافة أصحابها الحقيقية غير المصطنعة. وتبدو ثانيًا أنها لكثرتها تصدر عن شريحة كبيرة من المجتمع لا يستهان بها، ولا ينبغي تجاهل خطابها. غير أن من يتجول في هذه الساحات وينصت للثقافة المنتجة لأصواتها يصاب بالذهول والفزع لهذا النوع من الثقافة الظلامية، ولهذا الجهل المخيف، والعمى الحقيقي عن البصر والتبصر بالأمور.

ترى في (الساحات) أقوامًا يناقشون المسائل العلمية بمنطق ليس فيه الحد الأدنى من العلمية. ويناقشون قضايا القبيلة بمنطق لا يخلو من القبلية والعشائرية. ويتصدون للنظر في جلائل أمور الدين وعظيم مسائله، لكن من خلال ما طُبعوا عليه من عادات وتقاليد. ترى في الساحات أقوامًا يصنفون البشر أصنافًا كثيرة متنوعة لا تجدها عند أحد غيرهم، ويوزعون على عباد الله بالجملة أحكامًا معيارية قيمية. ترى في الساحات من يؤجج نار الفتنة بين طوائف المسلمين ومذاهبهم واجتهاداتهم وتياراتهم الفكرية.

ترى في الساحات من حيث المضامين مستوى هابطًا مخزيًا من البذاءة والإسفاف والفحش في القول والتنابز بالألقاب، ومن حيث الشكل رداءة الأسلوب وركاكة التعبير وكثرة الأخطاء النحوية والإملائية والأسلوبية. رأيت في الساحات بأم عيني تجسيدًا حيًّا لكثير من نقائصنا ومعايبنا التي طالما كرهنا أن يطلع عليها الناس، وتساءلت: أيمكن أن يكون ما في هذه الساحات من غثاء هو الوجه الحقيقي غير المصطنع أو المتكلف لثقافتنا، وأن ما نظهره مما ينافي ما في هذه الساحات إنما هو الوجه المزيف لا الحقيقي؟ ولعل مما يزيد من قدر تغلغل هذه الهواجس والشكوك أننا قوم قد عُهِد فينا، أو هكذا يردد بعض الناس عنا، أننا بشر نقول في السر ما لا نقوله في العلن، ونظهر في الغرف الخاصة ما لا نظهره في المجالس العامة. إنه لمن المخيف المفزع حقًّا أن يكون الأمر كذلك. وإنها لصدمة أن تكون ثقافة الساحات ثقافتنا.

الوطن 20/9/2003

***

الوطنيون في مدن المستحيل!

عبدالله القفاري

 

يقولون ان لدينا رصيداً غنياً من المثقفين وأساتذة الجامعات وطبقة لا يستهان بها من الانتلجنسيا المثقفة أو التكنوقراط المتخصصين.. لكن مدينتي تعلن الفقر المدقع خارج أسوار المؤسسات الحكومية والأندية الأدبية والصالونات المعدة لاستدرار شهادة أخرى تضفي بعض وجاهة أو تقرب بعض العيون أو تكرس أنماطاً تعطل مشروعات ثقافية. يقولون لدينا مثقفون وطنيون، كان لهم صولات وجولات، ابحث عنهم لعل فيهم بعض العزاء.. أين هؤلاء؟ ستجدهم حتماً، ولكن ليس في مدينتك أنهم هناك في ماربيا وجنيفا ولندن وباريس وربما في جزر الكناري وسواحل الريفييرا. يقولون لدينا مثقفون منشغلون بالشأن العام، حسهم الوطني يشغلهم عما سواه.. ابحث عن وجهك المفقود بينهم.. حتماً لن تكون الصدمة ارحم. يقولون ان ثمة بريق أمل في حوار ليس ككل حوار، ينتشل ذاتاً غارقة في وحل النفور من الآخر، والضيق به، والترصد لأخطاء التاريخ ومخاتلاته، وتلبيسات الثقافة المحلية. أي حوار هذا الذي لا يعترف بك أصلاً، حتى يستطيع أن يصل إلى معنى الحوار ناهيك عن مخرجاته التي يعول عليها، ألاّ تعيد إنتاج ثقافة قامعة ومستبدة ونافيه لما سواها.

الرياض، 15/9/2003

***

 

المدخل إلى الواسطة!

خالد حمد السليمان  

 

دخول الجامعة يحتاج إلى (واسطة)، الحصول على وظيفة يحتاج إلى (واسطة)، حتى القبول في كليات ومعاهد التعليم المهني أصبح يلزمه (واسطة)، دخول المستشفيات التخصصية للعلاج يحتاج إلى (واسطة)، وكل ما أخشاه الآن أن يحتاج (المولود) إلى (واسطة) للخروج من رحم أمه! كثير من الأمور في حياتنا أصبح مرتبطاً بـ(الواسطة).. حتى تصريح الدفن لا يمكن استخراجه في الوقت المناسب إلا (بالواسطة)! كم أرثي لحالنا اليوم بعد أن تحولت حياتنا إلى ما يشبه الارتهان (للواسطة) لإنجاز معاملاتنا وقضاء حاجاتنا والوصول إلى غاياتنا. إن العربة تسير نحو خلل كبير لا قرار له وحان الوقت لوقفة مصارحة وصدق مع النفس لإيقافها وإلا فعلى الدنيا السلام!

عكاظ 14/9/2003

***

ولي العهد: الوطنية في أبنائكم خفيفة

قينان الغامدي

 

قال ولي العهد في كلمته لقادة التربية والتعليم: (عليكم التمسك بالأخلاق وحث أبنائكم وأبنائنا على الوطنية، أنا الآن أسمع وأرى مع الأسف أن الوطنية في أبنائكم خفيفة، لا أقول ما فيهم وطنية، ولكن ما هم حاسين بوطنهم). إنه ضعف لا يخص الناشئة الصغار، ولكنه يتجاوزهم إلى الكبار، ومن هنا فهو قضية خطيرة. الوطنية لا يمكن تدريسها في كتاب، ولعل من العجائب التي نعيشها منذ سنوات طويلة أن في مدارسنا مادة دراسية اسمها (التربية الوطنية) وهي مادة اختزلت مفهوم الوطنية في كتيب صغير، لعله بسطحيته وعدم منطقيته أصلاً جعل كثيرا من الطلاب يكرهون هذه المادة ويستخفون بها. نجد المفهوم المتطور للوطنية مجسدا في معادلة الحقوق والواجبات، فمتى ما استقامت هذه المعادلة نشط معها وتقوى وتجسد الحس الوطني، ومتى ما ضعفت حدث العكس.

الوطن 20/9/2003

***

دافعوا عن النظام وإلا فلستم وطنيين!

سليمان العقيلي

 

من حق هذه الدولة على نخب هذا الشعب التي تتصدر منابر الثقافة والفكر والإعلام، أن تكون في مستوى المسؤولية، وأن تقف مع الدولة في المحن والأزمات. ليس من الشهامة أن يتم ابتزاز الدولة وهي تواجه ضغوطات وحملات خارجية، بحيث يظهر الناشطون وكأنهم يستعينون بالحملات الخارجية في تعاملهم مع دولتهم. فموقف مثل هذا لا يمكن أن يفهم بأنه سلوك وطني سليم. ما يمكن أن ينظر له بأنه سلوك غير لائق هو أن يتم تبني الرزنامة المطلقة للجهات الخارجية ومن ضمنها النيل من القيم النبيلة لهذه الدولة، أو التشكيك في سياساتها.

الوطن 15/9/2003

***

جامعة أمريكية في الرياض

عبد العزيز الجار الله

 

طلابنا وطالباتنا للأسف الشديد هم من يتسول التعليم في الجامعات العربية والأجنبية في الأردن ومصر واليمن والإمارات والسودان ولبنان وسوريا وتونس وباقي دول العالم.. جامعاتنا تحكم إغلاق باب القبول وتوصد أمامهم جميع المنافذ والكوَّات وتجعلهم سلعة تباع بالمزاد الجامعي في المؤسسات التعليمية العربية والأجنبية. طلابنا يذهبون زرافاتٍ ووحداناً الى فروع الجامعة الأمريكية في مصر ولبنان والإمارات ويذهبون قوافل إلى الجامعات الأردنية وينتسبون كرفوف الطيور في الجامعات اليمنية والسودانية والتونسية.. وتضطر عائلات بدقها وجلّها إلى الانتقال إلى الإمارات أو لبنان أو مصر من أجل الجامعة الأمريكية أو للأردن وسوريا للجامعات هناك. أليس هذا كله مقنعاً لافتتاح فروع لجامعات أجنبية في المملكة. وتحديداً فتح فروع للجامعة الأمريكية في الرياض وجدة والدمام.

الرياض، 1/9/2003

***

 

ثوب المسؤولية 

خالد حمد السليمان  

 

المسؤول الذي يضيق بالنقد الهادف هو مسؤول يضيق عليه ثوب الوظيفة أيضاً ويصبح جديراً بأن يخلعه ليرتديه غيره! المواطن يا سادة لا يطلب منّة من أحد وحسنة وكل ما يريده هو معاملة كريمة تليق بإنسانيته وإنجازاً سلساً سريعاً يليق بمواطنته، وعندما يعجز عن الحصول على ذلك يكون من المؤكد وجود خلل يستوجب الإصلاح! المواطن يا سادة لم يطرق أبواب بيوتكم ويسألكم إحساناً وإنما طرق أبواب مكاتب أوجدتها الدولة لخدمته وقضاء حوائجه وإنجاز معاملاته وهذه المكاتب يا سادة شأنها شأن الكراسي التي تجلسون عليها لم تكن لتحتاج لوجودكم لولا حاجة هذا المواطن وعندما يتعذر عليه قضاء حوائجه بها فإن وجودها يصبح كعدمه كوجودكم تماماً!

عكاظ 16/9/2003

***

التعليم والغلو: داوها بالتي هي الداء!

قينان الغامدي

 

قال ولي العهد لمسؤولي التعليم: (نسمع وليس عندي مراءاة أن بعض الذين دفعهم الشيطان بل الأغلبية منهم طالعين من المدارس وبعض المعلمين، أنتم إن شاء الله ما فيكم شك، ولكن الذين تحتكم فيهم شك وهذا الصحيح). كيف يمكن الجمع بين كلام ولي العهد الذي يشير بوضوح إلى الخطر القائم في المدارس بسبب كثير من المعلمين الذين تشربوا مناهج الغلو والتطرف، وبين خطة وزارة التربية والتعليم التي تسعى إلى خلق بيئة حوار، إذا كان المعلم غير مقتنع بالفكرة. على الوزارة قبل البدء في تطبيق هذه الخطة أن تقوم بحملة توعية شاملة لمعلميها، وأن تقيم دورات توعوية مكثفة لهذه الفئة التي اختصها ولي العهد بإشارته، فهؤلاء يحتاجون فعلا إلى من يعيدهم إلى وسطية الإسلام واعتداله، قبل أن يطلب منهم تنفيذ أفكار غير مقنعة لهم، وهم على هذه الحال من الغلو في الدين، والتطرف في إصدار الأحكام والفتاوى.

الوطن 18/9/2003

***

كلهم إصلاحيون حين تلوح الغنائم!

عبدالله ثابت

 

ما معنى أن تكون مشتغلاً بالكتابة في صحيفة دوارة كصحفنا، وفي مجتمع صعب التركيب مثل مجتمعنا، في غالبه وعر الطباع، ما معنى أن تكتب في فترة بالغة الحساسية كفترتنا هذه، حيث الجميع متوترون، وكل كالجالس على برميل بارود يترقب متى يخسف به الأرضون! إن الحديث يدور حول أولئك الصنف من الكتاب أصحاب المصداقية والشفافية العالية، أو ما يمكن تسميتهم بالمثقفين الحقيقيين، لا يقبل موقفهم فيه للمساومات ولا للمقايضات ولا يستسلم للتخويف والتهديد والإقصاء.

إنه لبالغ الألم أن تركن كلمة النور أو الحق أو ما يعبر عن هموم الآخرين، للحظةٍ ما، ليد السماسرة والمرتشين والذين يغيرون ريش أقلامهم وفق ما تحبذه الموجة، كأولئك الذين كانوا يتصدون للناس فيكفرون ويشتمون، ويسومون فطرة انتماءاتهم الشر، وحين رأوا خلاصهم المادي والإعلامي في أن يتحولوا من لبس لثام اللص إلى قبعة الرقيب فعلوا، ليجولوا الفضائيات فيحدثونا عن الولاء والحب والإنسانية التي كانوا يصيبونها في خاصرتها بالأمس!

 

الوطن 13/9/2003

***

قبول طالبات الابتدائي والمأزق!

عبد العزيز الجار الله

 

أحد الزملاء يقول أشعر برفاهية الكاتب عندما يتحدث عن القبول في الجامعات والمطالبة بفتح الكليات والأكاديميات، هذا الشعور الرفاهي سببه الواقع المؤلم الذي يعيشه هذه الأيام أولياء أمور الطلاب في قبول أبنائهم وبناتهم في المرحلة الابتدائية.. ولسان حاله يقول لا أحد يصدق أن ابنتي لم تجد لها مقعداً في الصف الأول الابتدائي هذه قضية في نظري أهم من قضايا التعليم العالي نحن نتحدث عن البنية التحتية للتعليم ،عن أهم مسؤوليات التربية والتعليم.

الرياض، 3/9/2003

***

 

الإصلاح بين الحوار والقرار! 

الجوهرة بنت محمد العنقري  

 

طرح القضايا، والحوارات الخاصة والعامة بدأت منذ فترة تأخذ مساحة أكبر رغم وجودها في السابق ولكن (على خجل)! وبدأت تظهر كلمات مثل.. (الشفافية) و(الإصلاح) وكثر استخدامها في الحوارات المكتوبة والمسموعة والمرئية.. علاوةً على المجالس سواء للرجال أو السيدات. لابد أن يتعدى ذلك مجرد الطرح (والكلام) لابد من أن يكون هناك تفعيل للأقوال.. وتحقيق للمقترحات الإيجابية التي من شأنها تجسيد المصداقية. مثلا أن الجميع تحدثوا عن محاربة الفساد وكل ما نحتاجه مثلاً هو قرار ينص على جملة واحدة وبسيطة (من أين لك هذا؟). تحدثوا عن الفقر.. والحل.. بسيط وسهل.. لكن يحتاج لقرار.. بأن يكون لكل مواطن سقف يملكه.. وعمل يأكل منه.. فما هي المشكلة في إنشاء المصانع! وما المشكلة في أن يجد كل مريض علاجه مهما بلغت تكاليفه.. وما المشكلة في بناء وحدات سكنية.. ما المشكلة في إنشاء المزيد من الكليات.. ومراكز التدريب.. للتعليم والتأهيل والتدريب في مختلف المجالات الحيوية والإنتاجية فموارد بلادنا لا تعد ولا تحصى.

عكاظ 17/9/2003

***

 

4 ملايين عانس!

صالح الشيحي

 

دراسة قام بها عبد الله الفوزان توصل من خلالها إلى أن عدد العانسات السعوديات سيرتفع من مليون ونصف المليون عانس حالياً، إلى أربعة ملايين خلال السنوات الخمس المقبلة في حالة استمرت معدلات الزيادة بنفس الوتيرة! الفوزان شدد على ضرورة إقناع الأسر بتخفيف أعباء الزواج والقبول بمهر متواضع للتغلب على مشكلات الزواج في مجتمعنا الذي تبلغ فيه نسبة الإناث 49.4%!

الوطن 12/9/2003

***

ما بعد الصحوة: نتائج الجرعات الدينية الزائدة

عبدالعزيز الخضر

 

منذ سنوات كان من الواضح أن النهايات لحقبة الصحوة أصبحت شبه حتمية حيث استنفدت أغراضها، وكانت أمام خيارات مرة إما أن تحدث تغيرات بارزة في صلب منظومتها وتفكيرها، وهوما يترتب عليه تلقائيا حدوث انشقاقات وحروب فكرية داخلها، وإما أن تؤجل وتواصل بقدر من التعديلات الشكلية اللحظية وهو ما يعني حتمية الصدام، ليس مع الخصوم في الداخل والخارج فقط، وإنما مع طبيعة الحياة الكونية. ويبدو أن جميع الخيارات المرة حدثت بصورة متقاربة نتيجة التباطؤ في التفاعل مع المتغيرات، ولم يعد هناك إمكانية للتحكم بها. يبدو أن المجتمع السعودي أصبح عمليا أمام مرحلة (ما بعد الصحوة) حيث بدأت تظهر الآن تشكيلات فكرية أخرى جديدة داخل المجتمع من خليط متنوع من التيارات بما فيه تيار الصحوة نفسه، تضع أسئلتها الجديدة وتحديات المرحلة.

الخطأ الرئيس ان الخطاب الديني أخذ مع مرور الزمن يسير باتجاه الحد الأعلى في التوجيه نحو التدين، وهو توجيه في جزء من مضامينه ربما لا يحتمله حتى المجتمع الأموي والعباسي في تاريخنا الإسلامي، يضاف إلى ذلك واقع كوني يخطو باتجاه مصادم لكثير من المثل وحالات التطهر وأوهام النقاء، ولم تتح الفرصة لحضور نقد داخلي علمي علني. لقد بدا وكأن المشروع أو الطموح هو (تديين) كامل المجتمع أي تحويله إلى حالة التدين، وهو تفكير باتجاه المستحيل. وخطورة مثل هذا الوهم قبل كل شيء على الدين نفسه وما قد تولده من حالات تململ وردات فعل من شرائح وطبقات المجتمع المستهدفة، وأيضا حالات يأس وإحباط ونظرات سوداوية عند المنخرطين في الدعوة لذلك.. قد تدفعهم باتجاهات أخرى عنيفة يتوهمون أنها طريق الخلاص والتعجيل بالإصلاح.

الوطن 10/9/2003

***

أين الإرادة السياسية للإصلاح؟

محمد رضا نصر الله

 

في العام الماضي كتب فريد زكريا محرر مجلة نيوزويك الأمريكية، يدعو إلى ضرورة العمل على تحديث هياكل الاقتصاد، وإعطاء فرصة تعبيرية للنخب السعودية المتعلمة، وتقنين العلاقة بين المجتمع والدولة.. إلى آخر القضايا المتداولة في الصحافة السعودية منذ عشرات السنين.. وقد عقبت على مقالة الكاتب قائلاً: إنني وغيري قد سبقنا دعوتك بأكثر من عشرين عاماً.. لكن يبدو أن زامر الحي عادة لا يطرب في بلادنا!! وغير بلادنا في العالم العربي، حيث الانبهار يأخذ بمجامع قلوبنا، حينما يأتي الكلام من خارج البيت!

وأتذكر أنني وأحد الزملاء، كنا في ضيافة أحد المسؤولين، أثناء حرب الخليج الثانية، حين سألناه هل تقرأ ما نكتبه هذه الأيام، من مقالات تدعو إلى إصلاحات وطنية، نريدها أن تأتي من الداخل.. أجاب كلا! فنحن نعرف ما تدعون إليه.. لكن دعونا نسمع ما يقوله الآخرون عنا! ما أريد قوله هنا.. إنه لابد من إتاحة الفرصة كاملة لتداول قضايانا المعلقة، عبر أقلام الكتّاب.. بالاستماع إلى مطالب المواطنين الإصلاحية، والعمل على تحويلها الى مشروعات ناجزة، ستتحقق متى ما توفرت الإرادة السياسية.

الرياض، 7/9/2003

***

 

بطالة ولا أمل 

عابد خزندار  

 

999 مواطناً تقدموا لشغر 29 وظيفة مدقق حسابات وباحث قانوني في جامعة أم القرى، أي أن 970 واحداً منهم لن يجدوا أي عمل مع أن كل المؤسسات لا يمكن أن تستغني عن مدقق للحسابات، أما الباحثون القانونيون فلا أحسب أن هناك حاجة ماسة إليهم. وضعنا الاقتصادي لا يحسد عليه، فقد أظهرت دراسة نشرتها مؤخراً اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا التابعة للأمم المتحدة (اسكوا) أن 40% إلى 50% من العرب ونحن منهم يعيشون بأقل من دولارين في اليوم، وهو وضع كما تقول اللجنة مرشح للاستمرار لا سيما أن نسبة الفقر في ارتفاع مع نسبة نمو أقل.

عكاظ 19/9/2003

***

وعود الإصلاحات وخطر التسويف

 

قينان الغامدي

 

قال الأمير بندر بن سلطان (إن الأمير عبدالله بن عبدالعزيز عازم بإذن الله على تنفيذ إصلاحات اقتصادية واجتماعية وسياسية وإدارية لتوسيع المشاركة الشعبية)، ومثل هذا الوعد ليس جديداً، فقد قاله وكرره مستشار ولي العهد عادل الجبير عدة مرات، وقاله وكرره أيضاً وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، وهو محور هواجس وتطلعات السعوديين داخل المملكة وخارجها، فكلهم ينتظرون قرارات الإصلاح هذه ويشعرون أنها الحل الوحيد لتكريس وحدتنا الوطنية وتحقيق التقدم والتطور لوطننا، كما يعتقدون أن صدورها قد تأخر كثيراً، ويأملون ألا يتأخر أكثر، فالزمن لا يرحم ولن يتوقف!.

الوطن 27/9/2003

***

المصالحة السياسية بين الدولة والمجتمع

محمد محفوظ

 

يخطيء من يتصور ان بوابة الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في مجتمعاتنا، هي الخضوع لرهانات الأجنبي. إننا لا يمكن ان نحقق الأمن والاستقرار إلاّ على قاعدة المصالحة الداخلية بين مختلف المكونات والتعبيرات. مصالحة بين السلطة والمجتمع، بين النخب السياسية والثقافية والاقتصادية، بين المكونات والتوجهات الدينية والقومية. بحيث يتوفر مناخ جديد يزيد من فرص الوفاق والتوافق، ويقلل من إمكانية الصدام والصراع المفتوح.

لا يبقى أمامنا كحكومات وشعوب إلاّ اطلاق مشروع مصالحة سياسية واجتماعية بين مختلف مكونات المجتمع. لا خيار حقيقي أمامنا إلاّ مصالحة أنفسنا وإعادة بناء عقد سياسي واجتماعي جديد حتى نتمكن من توفير شروط الخروج والانعتاق من هذه الأزمات الخانقة التي تهدد وجودنا ومستقبلنا كله. الخطوة الأولى في مشروع وقف الانهيار هي اصلاح وتطوير العلاقة بين السلطة والمجتمع. مصالحة تتضمن رؤية ونمطاً جديداً للعلاقة والتعامل. ان بوابة خلق الاجماع الوطني هي تجديد الحياة السياسية، وتوسيع مستوى المشاركة فيها، وتنظيم قواعد التنافس والصراع فيها أيضاً. والعقد السياسي - الاجتماعي الجديد، هو الذي يوفر الأرضية المناسبة لتطوير مؤسسة الدولة وتحديث هياكلها الدستورية، وبناء الاقتصاد الوطني ووضع برامج النهوض في مختلف الميادين.

الرياض، 30/9/2003

 

***

 

30 سنة فقر

محمد أحمد الحساني  

 

يقول رئيس لجنة دراسة قضية الفقر إننا نحتاج إلى ثلاثين عاماً على الأقل للتوصل الى تخفيف ظاهرة الفقر في بلادنا وأن لجنته سوف تستفيد من تجارب دول أخرى في مجال معالجة الفقر ومنها اليمن وتونس والأرجنتين! لاحظوا أن هذه السنوات المطلوب سَفْحُها لإيجاد حلول للفقر ليست للقضاء عليه بل للتخفيف من حدّته فقط لاغير. فكم قرناً نحتاجها حتى يمكننا القضاء على الفقر.. إلى يوم القيامة مثلا؟! ومادام رئيس اللجنة لم يجد في العالم كله من يستفيد من تجاربهم الناجحة لمعالجة الفقر سوى اليمن وتونس والأرجنتين، فإننا نقول للفقر المدقع أبشر بطول سلامة يا مربع!

عكاظ 20/9/2003

***

الخصوصية السعودية: كلمة حق يراد بها باطل

مازن عبدالرزاق بليلة

 

كلمتان متكررتان أصبحتا تسببان لنا كثيراً من التصدع، وربما التخلف، (الخصوصية السعودية)، و(نضج المجتمع السعودي). يقال لا تنجرفوا مع العولمة، أو لا تنظروا لتجارب العالم الخارجي، فنحن لنا خصوصية سعودية. لا أحد يشكك في الخصوصية السعودية، وغير السعودية، فكل بلد، وكل مجتمع له خصوصيته. عندما يترتب على الأمر التزام أو تغيير داخلي، تبرز لنا ظاهرة الخصوصية السعودية، لترفض التقدم، وترفض الالتزام، وترفض التغيير. لقد أرهقتنا قضية الخصوصية السعودية، ونحن أرهقناها، فلم نَجْنِ إلا كل تخلف وتراجع، كلما نحشر في ركن ضيق، يستوجب علينا إجراء التغيير، نقول بملء الفم: الخصوصية السعودية، فتموت الفكرة، ويموت التغيير، والمطلوب تمحيص القول حتى لا تصبح كلمة حق يراد بها باطل، وتكون متنفذاً للهروب من واقع التغيير. عندما يحتاج نظام ومناهج التعليم إلى تغيير، علينا إجراء التغيير، رضيت الخصوصية السعودية أم لم ترضَ، وإذا كان نظام الحوار، ونظام الشورى والبرلمان، يحتاج إلى تطوير، فيجب أن يتطور، سواء رضيت الخصوصية السعودية أم لم ترضَ، وحيثما توجد مصلحة، فهناك يجب أن توجد الخصوصية السعودية.

أما الحديث عن (التدرج في تطبيق الإصلاحات إلى حين نضج المجتمع السعودي) فهذا أمر آخر يحد من قوة وقدرة الانطلاق في التطور، لأن المسؤول أو المتحدث هنا يضع الحكم المباشر والمسبق على عقلية وأهلية المجتمع لتقبل التطور وربما تمضي السنون تلو السنين، ويظل المجتمع قاصراً في نظر المسؤول، لم يكبر، ولم يتهيأ بعد لتقبل الإصلاح، وكأن هذا الإصلاح مكرمة يتفضل بها المسؤول على الشعب المتخلف. وإذا افترضنا جدلاً أن هذا الشعب ما زال قاصراً ومتخلفاً عقلياً عن تقبل هذه الإصلاحات، فما هو دورنا الإصلاحي في تشجيع وتهيئة تقبل الشعب لهذه الإصلاحات؟ أما أن تظل شبهة التخلف وعدم التهيؤ هي الحجة المتكررة عبر السنين لمنع الإصلاح والتطوير، فهو استخدام خاطئ يقصد به الرغبة في استمرار هذا التخلف.

الوطن 6/9/2003

***

خدماتنا المهترئة فوق وتحت الأرض

علي خالد الغامدي

 

 

الحقيقة أن خدماتنا فوق الأرض ليست أحسن حالاً من خدماتنا تحتها.. ومن غير المنطقي أن تكون التمديدات الخاصة بالثلاثي الحيوي (الكهرباء، والماء، والهاتف) مُهترئة جداً وتكون خدماتنا فوق الأرض جيدة، وممتازة، وعند حسن الظن. وخدماتنا فوق الأرض انعكاس لتمديداتنا تحت الأرض، وتمديداتنا تحت الأرض يُسمّونها (البنية التحتية)... ومنذ سنوات طويلة ونحن مشغولون بالبنية التحتية على أساس أن تكون لدينا خدمات هاتفية، وكهربائية، ومائية على مستوى ما صُرف. ولكن لا توجد طُرق سليمة، ولا إنارة مستقيمة، ولا شوارع خالية (من الحفر، والمطبات، والمرتفعات، والمنخفضات، والانحناءات، والميلانات)... ولا أسواق ودكاكين، ومعارض، ومطاعم، وورش، ومحطات بعضها فوق بعض، وقذارة أحياء، وعشوائية أحياء أخرى، ومياه تتسرب من كل اتجاه، وروائح - غير زكية - وتلوث لا ينقطع نهاراً، وليلاً.

الرياض، 25/9/2003

***

إحصاء سكاني: فوائد متواضعة

محمد أحمد الحساني  

 

في هذه الأيام يقوم إحصاء سكاني جديد أخذت الصحف المحلية ووسائل الإعلام الأخرى تبشر به وتحمِّله ما لا يطيق من آمال وأحلام فما هو المنتظر أو الناتج المتوقع عن هذه العملية الإحصائية؟! لقد جرت عمليات الإحصاء السابقة فماذا استفدنا منها على أرض الواقع وما هو الشيء الملموس الذي نستطيع أن نشير إليه بفخر ونقول إنه نتج عن عملية احصائية سابقة؟ الدراسات والأفكار بقيت حبيسة الأدراج والإحصائيات نفسها بقيت في الملفات ولم يقرأها أحد!

عكاظ 23/9/2003

***

 

وسائل الإعلام السعودية في الخارج

غازي المغلوث

 

إعلامنا الخارجي لا يستسيغ اللون السعودي ولا يفضله، ويستعيض عنه بالألوان الأخرى الزاهية! أوَ يُعقل أن كل هذه المؤسسات الإعلامية التي غطت السماء والأرض لا يوجد فيها سعودي إلا مالك المؤسسة، أو رئيس مجلس الإدارة؟ أطلّت علينا مؤسسات إعلامية تصدر صحفا ومجلات من الخارج، تقيم مبانيها وأجهزتها وبنيتها التحتية في دبي أو قبرص أو المنامة أو لندن، وتوظف العاملين لديها من جنسيات مختلفة، في بنايات شاهقة، ذات مكاتب خمسة نجوم، ويعمل فيها سكرتيرات على درجة عالية من الأناقة، بينما مادتها الإعلامية مأخوذة من الداخل، وميزانياتها من إعلانات الداخل، ومشتركوها من الداخل، ولا تخاطب غالبا إلا جمهور الداخل، وتعتمد اعتمادا كليا على مكتبها الداخلي الموجود في بناية متواضعة أو بائسة في أطراف الرياض أو جدة أو الدمام. الإعلام السعودي في الخارج في مجمله يعتمد على عناصر غير سعودية في: الإعداد، والتقديم، والأصوات، والكتّاب، والصحفيين، والتحرير، والإخراج، والتنفيذ، والتصوير، والأعمال الفنية، والمراسلين، والتقنيين .. وما إلى ذلك. ليس لنا من هذه المؤسسات إلا الاسم فقط. هذا يعود في تقديرنا إلى عدم قناعة هذه المؤسسات بالعنصر الوطني.

الوطن 6/9/2003

***

المجتمع السعودي والتخندقات الفكرية

عبدالعزيز الصاعدي

 

اختطف المجتمع بكامله من يسمى بالنخب الفكرية وبدأوا يتنازعونه بينهم بعد أن انقسموا فريقين، مجددين ومحافظين، أصوليين وليبراليين، إسلاميين وعلمانيين.. وهذان التياران منقسمان فيما بينهما ومنقسمان في داخلهما وأصبح المجتمع مغيبا ومختطفا من قبل هؤلاء القلة وكل قضية تمسه أو تمس مصلحته تناقش وتدار فكريا واجتماعيا وتنظيميا لا من قبل هؤلاء ولا أولئك ولكن من قبل تنافسهما وتنازعهما وانعدام الثقة بينهما. المراهنة ستكون على العقلاء الذين يرون هشاشة هذا الاستقطاب والتحزب والتخندق وأنه لمنافع فردية ومواطئ قدم وصراع نفوذ وأنه انتهى عصر اللعب بل انتهت اللعبة من أساسها، فالمجتمع لم يعد يتحمل أو يحتمل والظروف لم تعد مواتية فلتضع الحرب أوزارها.

الوطن 6/9/2003

***

حلّ عبقري: عاطل لكل عانس!

بدرية البشر

 

الشابة التي لم تتزوج هي مشكلة اجتماعية أما الشاب الذي لم يتزوج فهو خيار اجتماعي، وهكذا تتحول المشكلة الاجتماعية لمشكلة ثقافية، وفي حين نمنح معظم قضايانا أذناً من طين وأذناً من عجين تزلزل قضية العنوسة ضميرنا الجمعي وتستفزع النشامى من بيننا الذين يشقون جيوبهم حلفا بأن لا ينام لهم طرف حتى يحلوا مشكلة النساء الهائمات على قارعة الطريق دون رجل، ولا يتعدى حلهم غير صيحات نصر تقول (عددوا، عددوا) أي اجمعوا فوق ما عندكم من زوجات زوجة مضافة لتنقذوا أرواح العوانس المعذبة، رغم أن الإحصائيات تثبت أن عدد الرجال لدينا مساويا تقريبا لعدد النساء فأين تكمن المشكلة؟!

أحد النشامى بعث لرئيس تحرير جريدة محلية بصيحة فروسية و حل فانتازي لحل مشكلة العنوسة في بلدنا بقوله إنه يجب حصر عدد العانسات من الموظفات (القادرات على فتح بيت) فقط - يعنى أن العانس غير الموظفة خارج خطة الإنقاذ - وحصر عدد الشباب العاطلين عن العمل ثم تزويج كل موظفة عانس تتمتع بدخل اقتصادي بكل شاب عاطل عن العمل وهكذا تم تأمين وظيفة لكل عاطل عن العمل وهكذا انتهى الحل بحلول سعيدة للشباب، تصب في صالح الرجل لأن صاحب الحل رجل في النهاية.

الرياض، 21/9/2003

***

مسؤولون يهددون إعلاميين

خالد حمد السليمان   

 

ما زال بعض المسؤولين للأسف ينظرون إلى مهمة الإعلام على أنها مجرد تسليط الأضواء على أعمالهم وتلميع صورهم والتمجيد بهم سواء كانت أعمالهم ناجحة أو فاشلة وسواء كانوا منتجين أو غير منتجين، ومازالوا أيضاً يرون أن هذا الإعلام لا يملك الحق في كشف أخطائهم والإشارة إلى سلبياتهم ومساءلتهم أو محاسبتهم على إخفاقاتهم!! فمفهوم الإعلام عند هؤلاء مازال مفهوماً تقليدياً يعيش الزمن المنقرض الذي جعل من وظيفة الإعلام عندهم مجرد المديح بمناسبة أو بدون مناسبة! مازال الإعلام يعاني من عدائية مكشوفة من بعض المسؤولين ورفضهم لوظيفته الفعلية في التنبيه إلى الأخطاء ومعالجتها. وليت الأمر يتوقف عند هذه الفئة من المسؤولين عند حدود التجاهل كردة فعل لهذا التحقيق الصحفي أو المقال الناقد بل إن الأمر يتحول عند بعضهم إلى ما يشبه ثورة البركان يوزعون تهديدهم ووعيدهم في كل اتجاه وكأنهم تلقوا نقداً خاصاً وليس لإدارات ومؤسسات حكومية يملكها الوطن!!

عكاظ 24/9/2003

***

الفرق بين التصريحات والواقع!

قينان الغامدي

 

أوضح وزير الصحة الدكتور حمد المانع خلال زيارته لجازان أخيرا أن الوزارة تعتزم إنشاء ألفي مركز صحي في جميع مناطق المملكة وسيكون لجازان نصيب وفير منها، وأضاف أن هناك اهتماماً بالرعاية الصحية في جازان حيث سيتم... وسيتم... وسيتم...إلخ. هذا الخبر ذكرني بأن وزير الصحة السابق سبق أن أعلن عن هذا المشروع قبل نحو سبع سنوات فيما أظن، وقد قال نفس الكلام تقريباً مع استبعاد جملة (وسيكون لجازان نصيب وافر منها)، والآن لا أدري هل تم تنفيذ تلك الألفي مركز التي أعلن عنها الدكتور شبكشي، وهذه الألفان التي أعلن عنها المانع جديدة، أم إنها هي نفسها بقيت تحت الدراسة حتى اليوم، كما أن كلمة (تعتزم) هذه مفتوحة على المستقبل، فهل الوزارة تعتزم الآن أي هذه السنة أم السنة القادمة أم إنه تصريح صحفي والسلام!

الوطن 6/9/2003

***

الحالة السعودية: استعصاء الفهم قبل الحلّ

عبدالعزيز الخضر

 

أخطر ما يواجه (الحالة السعودية) أن كثيرا من الصراعات الداخلية الثقافية والاجتماعية التي تربك الرأي العام وتؤثر على القرار السياسي، وتخنق المسيرة التنموية، ليس عدم قابليتها (للحل) وإنما عدم قابليتها (للفهم)، وإمكانية تبسيطها للوعي الشعبي، وحتى غالبية النخب لا تملك تصورا موضوعيا يضع مخطط الأزمات بحجمها المقارب للحقيقة، وكثيرا ما تتعرض هذه النخب للمفاجآت، وتجد أن كل تصوراتها وكتاباتها في الاتجاه الخاطئ!

الفئة الأوسع من عقلاء المجتمع لديها الإحساس بأن هناك شيئا ما يسير باتجاه (الغلط) دون المقدرة على تحديد طبيعة هذا الخلل ومصدره في بنيتنا الثقافية والاجتماعية! حتى غاب منذ زمن طويل التفاهم العلمي حول مواضيع متعددة فأصبحنا بحاجة لمراكز حوار للتطبيع الداخلي بين التيارات المختلفة في رؤاها وكأننا ليس شعبا ومجتمعا واحدا! لا أستطيع أن أخفي حزني بأننا حتى البدهيات في أي مجتمع (كالحوار) أصبحت بحاجة لتمهيد وخلق تجاوب شعبي.. مما يعبر عن عمق الخلل في بناء الوعي الاجتماعي. مفردة (الحوار) كانت المفردة المنقذة للكثيرين هذه الأيام من ورطة الدخول في دهاليز التحليل التفكيكي الذي ربما يكشف بنية الخلل المنهجي في التوعية الموجهة للمجتمع.

الوطن 3/9/2003

 

 

 

المذهب أم الكيان والإنسان

 

تركي الحمد

 

 

لست من السعداء أو المسرورين وأنا أقول ان الواقع السعودي اليوم هو عبارة عن أزمة تفرز أزمة تلو الأزمة، نتيجة تجاهل مزمن للأزمة. كنت أتمنى لو أننا أفضل شعوب الأرض، ولكن الواقع السعودي يقول ان هنالك انفجارا سكانيا، وأن 60% من مجموع السكان هم من فئة الشباب (أقل من ثلاثين سنة)، وهناك نسبة بطالة قد تتجاوز الـ 30%، وتزايد مستمر في معدلات الجريمة، وطلاب مدارس يتجاوزون الخمسة ملايين يحتاجون إلى فرص عمل بعد نهاية الدراسة، وانخفاض مستمر في متوسط الدخل الفردي، ومخرجات تعليمية لا تتوافق مع متطلبات السوق، وثقافة ساكنة لا تجاري متغيرات العصر وتحدياته، وفساد إداري ومالي، وتفشي الرشوة في الأجهزة الحكومية، ونزعات إقليمية وقبلية وطائفية في الشرق والغرب والشمال والجنوب، وتناقص متزايد في الثقة بقدرة الحكومة على حل المشكلات المستعصية، وتنام في ظاهرة الإرهاب، واستغلال للنفوذ، وأشياء أخرى كثيرة.

عندما قام الملك عبد العزيز والمؤسسون الأوائل بتأسيس هذا الكيان الموحد، كانوا يقومون بعمل تاريخي مسؤول. الإنجازات التاريخية الكبرى لم تأت من فراغ، ولم تتحقق إلا بالكثير من الدم والدموع، والألم والمعاناة، ولكن المشكلة أنها يمكن أن تتبخر في لحظة من الزمان، إذا لم يُحافظ عليها. والكيانات السياسية والاجتماعية وغيرها تمر بأزمات خلال تاريخها، ومثل هذه الأزمات إما أن تكون عصية على العلاج، فتندثر نتيجتها الكيانات، حين لا يُتعامل معها التعامل المناسب، وإما أن تكون لحظات ولادة جديدة لتلك الكيانات، تخرج منها أقوى مما كانت، وأفضل مما كانت، وكل ذلك يعتمد على كيفية إدارة الأزمة، ومواقف من يديرونها.

حين لا يستطيع نسق معين System أن يُقدم حلولاً عملية ناجعة لمشكلات مواجهة، فإن ذلك النسق يجب أن يتغير الى نسق قادر على احتواء الأزمات، وحل المعضلات والمشكلات، وإلا فإن الكوارث هي النتيجة. لقد سقط الاتحاد السوفيتي على سبيل المثال، لأنه أعطى النسق وآلياته قيمة تسمو على قيمة الضرورات العملية لحل هذه الأزمة أو تلك، فكان أن سقط النسق والكيان معاً في النهاية.

والسعودية اليوم تمر بأزمة وجود.. أجل، السعودية اليوم في حالة أزمة، بل هي أزمات: سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية، وحلها لا يكون بمجرد النيات الطيبة، أو ترك الزمن كي يحلها بمعرفته، إذ أن ذلك قد لا يكون في صالح الكيان والإنسان، بقدر ما يستوجب الإقرار بوجود هذه الأزمات، والبحث عن حلول عملية لها، بعيداً عن التعلق المرضي بهذا النسق أو ذاك، أو ذلك التشبث غير السوي بسلامة آليات نسق لم يعد قادراً على تقديم الحل ووصف الدواء. فالأنساق في نهاية التحليل، وككل شيء في هذه الدنيا، إنما وجدت أو أوجدت لخدمة الإنسان، ولم يوجد الإنسان لخدمة الأنساق.

الأزمة السعودية ليست أزمة معطيات مادية، بقدر ما أنها أزمة إدارة وأزمة نسق مهيمن لا يُراد له أن يتزحزح قيد أنملة، حتى مع تبين عجز كثير من آلياته. المشكلة هي أن آليات النسق تسمو على ضروريات الواقع ومتطلبات الحل. كانت حرب الخليج الثانية فرصة تاريخية للنظام السياسي في تحديث نفسه، ولكنها فرصة لم تُستغل، فكان أن تراكمت المشاكل وازدادت صعوبة حلها، حتى وصلت إلى مرحلة الأزمة.

السعودية اليوم متهمة بأنها دولة (وهابية)، مع ربط معين بين الوهابية كفكرة والإرهاب كسلوك، أي أن السلوك الإرهابي كامن في ثنايا الفكرة الوهابية، التي تشكل في النهاية آيديولوجيا الدولة وأساس شرعيتها، ومن هنا كانت نظرة الشك تجاه المملكة ككيان. وبعيداً عن مناقشة الوهابية كفكرة وعقيدة، وعلاقتها بكل ذلك، وهو ما قد تختلف فيه الآراء، فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو: أيهما أهم: الكيان والإنسان، أم المذهب والآيديولوجيا؟