جدل : الاصلاحات البلدية
أول الغيث قطرة
تركي الحمد
مجرد سؤال. كيف نصل إلى الغاية؟ هناك من يقول إما كل شيء أو لا
شيء، وهناك من يقول ما لا يُدرك كله، لا يُترك كله. أنا شخصياً
من أصحاب الرأي الثاني. تراكمات التراث (الصالح)، والتاريخ
الغريب جعلتنا من الشحاذين على أبواب الأمم، ولذلك خرجنا من
التاريخ. خرجنا من التاريخ لا لعلة فينا، ولكن لأننا طلبنا
المستحيل في ظل المستحيل فكانت النتيجة هي ذات المستحيل. اليوم
صدر قرار باعتماد الانتخابات آلية من آليات العمل السياسي في
السعودية. ليس المهم هو المجالس البلدية، بقدر ما أن المهم هو
إقرار مبدأ المشاركة الشعبية من خلال الانتخاب، وهذا يستوجب
توفير الدعم المعنوي لمتخذ القرار، كي تُقطع الطريق على أصحاب
المصالح الخاصة وذوي المقاصد غير المتعلقة بالمسألة الوطنية، من
أن يصطادوا بالماء العكر. لنا أن نتفق أو نختلف مع النظام
السعودي، ولكن المهم هو أن لا نختلف مع الوطن. اليوم أعتقد أن
الأمير عبدالله يحاول أن يفعل شيئاً. فلندعمه معنوياً. وإلا فإن
الآخرين سيفعلون العكس. كل الهم هو هذا الكيان بسلبياته
وايجابياته. ربما كان هذا هو قدرنا، ولكن لا قيمة لنا بدون هذا
الكيان. قرار اليوم ليس كافياً. أقر بذلك. ولكن ليكن أول الغيث
قطرة. وهي قطرة طالما تمنيناها، والقادم أحلى، ولكن بجهودنا.
أرجو ذلك.
رداً على تركي الحمد:
أول التضليل مجلسٌ بلديُ!
الكاتب: سياسي
قبل نحو شهر، التقى الأمير سلطان بثلاثة من الشخصيات الوطنية،
عزيزنا تركي الحمد، ومحمد سعيد الطيب، وعبد العزيز الدخيل، وهناك
وعد الأمير بأن الإنتخابات للمجلس البلدي (وهذه أول مرّة أسمع
به) ستكون خلال عام، وبعد عام تأتي انتخابات مجلس المنطقة، ثم
يليها انتخاب (ثلث) مجلس الشورى. ويوم أمس أدهشني قرار الحكومة
بأن المجلس البلدي نفسه (سيعين نصف أعضائه) فكيف سيكون الحال
بالنسبة لمجلس المنطقة؟ لا شك هو الآخر سيعين نصف أو ثلثي أعضائه
أسوة بمجلس الشورى المنتظر والمجلس البلدي.
اليوم أقرأ مداخلة لتركي الحمد ـ آمل منه بالمناسبة أن يصحح
معلوماتي أعلاه أن كانت خاطئة ـ فأصاب بالدهشة، وهو يحاول تمرير
أكذوبة ـ بقصد أو بدون ـ ويمتص الإحباط، بحجج عهدناها مثل
(الإتجاه الآخر) (ليست المسألة كل شيء أو لا شيء) (الحفاظ على
الكيان) (الإصطياد في الماء العكر) وهذه العبارات سنقرأها أيضاً
في الإعلام الرسمي، بالنصّ أو بالمعنى، وهي تتهم كل من لا يعجبه
القرار بذلك. لم يقف الدكتور الحمد، والذي أكنّ له مودّة خاصة،
ولهذا فأنا قاسٍ عليه هذه المرّة، لم يكتف بهذا، بل طلب من رواد
طوى بـ (توفير الدعم لمتخذ القرار)! وكأنه يعيش حالة مزايدة مع
التيار السلفي المتطرّف، وكأنه مسكون بهذه الثنائية التي أثرت
على رؤيته وقراراته، الى حد أن مجلساً بلدياً يعين نصف أعضائه
وبدون صلاحيات ذات قيمة، كما يوضح البيان الرسمي، يصبح نعمة
(وأول الغيث قطرة)! وإن لم نقم بالتأييد فنحن في خانة من يقطع
الطريق من أصحاب المصالح الخاصة الذين يريدون الإصطياد في الماء
العكر.
هل فهمت مداخلة الدكتور الحمد خطأً؟ هل بالغتُ في تحميلها أكثر
مما تتحمّل؟
ربما. ولكن تبريرات الدكتور لم تتح لي مجالاً إلا أن أصف ما كتبه
بالتضليل (العمد) أو بالجهل. ومع أني أميل الى الثاني، وليعذرني
محبو الحمد، فأنا من بينهم، فإن ما أبني عليه رأيي هو أن الدكتور
الحمد سبق له واندفع في مقالة له في الشرق الأوسط بعيد تسليم
وثيقة الرؤية، ألمح فيها بأن القيادة السياسية ـ الأمير عبد الله
ـ اقتنعت بالإصلاحات، وقال فيما معناه أنها طالما اقتنعت فإن
الإصلاحات ستأتي لا محالة. ويومها قلت لنفسي: إما أنا الجاهل أو
صاحبي؟! وبقيت عبارات الحمد ترن في أذني، وهو وإن كان أكاديمياً،
وأحسب نفسي كذلك، لكن مشكلته أنه لا يفهم (عقلية) الأمراء،
فانطلت عليه أحبولة لقاء ولي العهد بممثلي وثيقة الرؤية، التي
أولدها الأمراء (فأراً) صغيراً جداً!
الآن الدكتور الحمد، وبدل أن يقارب مطالب وثيقة الرؤية بالقرار
(الإصلاحي!) الأول، فيشعر بالخذلان، وبالإحباط ربما، وبالخديعة،
ومحاولة التضليل الرسمية، نراه يقوم بعكس ذلك، فمطالب وثيقة
الرؤية ربما هي من صنف المستحيلات التي أشارت إليها مداخلته،
وبالتالي لا بد أن نقنع بأول الغيث، وننتظر ثلاثة سنوات إضافية ـ
هذا إذا ما صدقت الوعود ولم يتلهى بنا الأمراء ـ لكي ننتخب (ثلث)
أعضاء مجلس الشورى. حينها سيكون ـ من وجهة نظري ـ قد زال
(الكيان) أو قارب على الزوال. أن المحافظة على كيان المملكة
يدعونا اليوم الى رفض المجلس البلدي، لأنه علاج السرطان
بالأسبرين، وخداع للمريض بأن المسكّن سيأتي بما لم تأت به
الأُوَلْ. من يحرص على كيان المملكة من الزوال، عليه أن يرفض هذه
الإصلاحات، ويصرّ على مطالب الإنتخاب الكامل، والجدول الزمني
الواضح، والصلاحيات الحقيقية وليست الوهمية.
نحن كقوى وطنية لم نطلب مستحيلاً يا دكتور، لم نطلب بإزالة
العائلة المالكة ـ وهذا غير مستحيل أيضاً عند البعض ـ لم نطلب
بتساوى الأمير بالمواطن! لم نطلب بأن يقتّر على الأمراء في
المصاريف، لم نطلب فصل رئاسة الوزراء عن العائلة المالكة؟ لم
نطلب أن تكون وزارات السيادة (الداخلية والدفاع بالتحديد) في يد
المواطنين. كل ما طلبناه حققه من هم أدنى منّا في دول الجوار،
حتى في السودان واليمن وغيرهما! أهذا كثير مستحيل يا دكتور؟
القرار لا شك يحوي إيجابية، ذكرها الحمد وهي اعتماد آلية
الإنتخاب في العمل السياسي، وهذه الآلية رغم محدوديتها وإمكانية
التلاعب بها تفتح ثغرة للمواطن لكي يمارس عملاً (قيل) أنه يوسع
(مشاركته) في (صنع القرار)! أي قرار؟!
أما الخسائر فباهظة الثمن: استمرار الوضع على ما هو عليه، فهذه
الخطوة لا توقف الإنهيارات القادمة على الصعد الأمنية
والإقتصادية والتهديدات الخارجية. هذه الخطوة لا تعطي أي فرصة
لتغيير الواقع المؤلم الذي يضج منه المواطنون سواء في معاشهم أو
في تطلعاتهم. ويعلم الدكتور، وهذا أخطر أمر، أن الثورات تقع حين
تكون (تطلعات) المواطنين أعلى من أن (تستوعبها) القرارات
والإجراءات المحلية. سواء كانت تطلعات سياسية أم اقتصادية ام
اجتماعية. هذه إحدى فلسفات قيام الثورات. وأظن أن قرار المجلس
البلدي، ومهما نفخ فيه، فإنه سيوصل المواطن الى حالة الإحباط
عاجلاً أم آجلاً. لأنها خطوة لا تحل مشكلاً بل تلتف على
الإصلاحات الحقيقية التي جاءت الضغوط الداخلية لتحقيقها.
الحكومة يا عزيزي الدكتور، ليست في وارد الإصلاح، وليست هذه
نيتها، وفي حين بإمكانك الإدعاء بأن قرار المجلس البلدي يعكس
نيّة إصلاحية، فإني أرى عكس ذلك تماماً، إنه يعكس نيّة
استبدادية، تستهدف التملص من الضغوط ومن المضي في الإصلاحات،
مثلما ولدت الضغوط لنا مجلس شورى مشوّه ونظام أساسي لا قيمة
كبيرة له، ونظام مقاطعات كان نظام المناطق في الستينيات
الميلادية أفضل منه. فلم نرَ من هذه المشاريع السياسية أية فائدة
سوى تأجيل الإصلاحات من 1991 حتى اليوم. وإذا ما قبلنا بالمجلس
البلدي، فسيكون هو الآخر تشويهاً وخربشة على وجوهنا.
ويعترف الدكتور بأن (قرار اليوم ليس كافياً)! صح لسانك. ولكننا
لا نستطيع استخدام سياسة (خذ وطالب) خاصة إذا ما بدأنا من الصفر،
ولنقرأ بتمعن تفاصيل القرار، لكي نكتشف أن الفوائد القليلة قد
تمّ إجهاضها بالفعل قبل أن تمارس العملية الديمقراطية. كنتُ
أنتظر من الدكتور الحمد أن يقول لقراء طوى: حسن القرار ليس
كافياً وكفى. يجب أن نطالب بتسريع العملية، ويجب أن نطالب قبل أن
تمضي الأمور بجعل الإنتخاب لكل الأعضاء، وزيادة صلاحياتهم. إذن
لكان هناك مبرر أكبر في مطالبته بدعم صانع القرار (كي نقطع
الطريق على أصحاب المصالح الخاصة.. أن يصطادوا في الماء العكر).
كلاّ. نحن فعلاً في الماء العكر، والقرار البلدي لن يخرجنا منه،
بل لن يزيدنا إلا (ترويضاً)!
لا أزايد على وطنية أخي تركي الحمد، ولكني آمل منه أن لا يتسرّع
وأن يعيد قراءة البيان من جديد، وأن يفكر في المستقبل بعين
واضحة، حتى لا تتيه بوصلة الإصلاح، ويصبح المصلحون أنفسهم أو
دعاة الإصلاح أنفسهم ضحية التضليل، وهم ما جاؤوا إلا لتنوير
الرأي العام. وحسبي أن أشير إليه بأن مداخلات كثير من القراء
كانت أكثر وضوحاً من مداخلته.
أعتذر من الدكتور الحمد أن أسأت، فأنا أقدر وطنيته وصدقه وحرصه
على مجتمعه، لكن غاياته الكبرى لا تتحق بوهم المجلس البلدي.
مجالس بلدية، ومستقبل وتحدّي.. أول الغيث! ماذا؟!
ناصر الصرامي
أتفق مع الأستاذ الدكتور تركي الحمد في أن أول الغيث قطرة.
لكننى مؤمن تماما أن القطرة لم تعد كافية، حيث السماء ملبدة
بالغيوم التى ترعد وتبرق في كل لحظة. ومن كل الاتجاهات. أو كما
يقول أبو دهمان في الحزام: المطر في قريتنا يهبط من الأسفل!
أعترف أنني عاشق لكل كلمات التفاؤل والحلم حتى النخاع. مغرم بوطن
لدرجة التوحّد. متوحّد لدرجة الإمتزاج. ممتزج بكل الوطن
وتناقضاته. مغرم ومختلف مع الكثير من ملامحه لدرجة لا يمكن أن
أسمح فيه بتشويه ملامحي حتى (بشارب)! عاشق لكل الارض والوطن بكل
غلوّه وتطرّفه وليبراليته وقسوته وعنتريتها. بكل سلطة الوعي
الممكن وسلطة الجهل المستبد! ولا يمكن أن أتوقف لدرجة تقترب من
تحدّي الموت. صحيح أن الموت ليس فكرة جميلة! على الاطلاق، لكنه
غير مخيف لي أبداً. هو في النهاية تجربة اخرى مثل كل التجارب!
لكن هل يكفي هذا الغزل وهذا التفاؤل للإحتفال بالمستقبل؟
للاحتفاء (بقطرة) ليست جديدة، ولم تكن قطرة وهبنا المؤسس العظيم
عبد العزيز قبل مئة سنة تقريباً، الكثير مما هو أبعد منها؟
الكثير المستحق الذى لانزال نبحث عنه ونتمناه، ولا يمكن أن
نتراجع عنه، أو قد نكون تراجعنا عن بعضه دون أن ندرك!
لكن يبقي الأهم الآن: وحدتنا. حريتنا. تعدديتنا. إختلافنا.
حقوقنا كما واجباتنا، وأكثر.
بالتأكيد لازال أمامنا طريق طويل جداً. شاق جداً. متحدّى جداً.
هذه ليست خطوة. ليست قطرة. هي أقلّ من ذلك. هي إشارة مختصرة
جداً. أو بداية أولية لوعد قديم. ولبداية طويلة جداً. أو هكذا
أفترض. لمستقبل بعيد جداً جداً، وملتهب جداً جداً. لتحديات تنافس
تحديات التأسيس الأول لهذا الكيان الكبير، الذي يستحق الأفضل
دائماً بنا ولنا ولكل أجيالنا.
وطن لا خيار أمامه للنمو والبقاء بذات القوة والنفوذ والرخاء إلا
أن يواجه المستقبل بالتحديث والتطوير وتسريع عجلة الإصلاح. في
خطوات تتلاحق وتتسابق وتتزامن مثل قطرات الغيث! وفتح كل المسامات
والمنافذ للنور بثقة ووعي ومسؤولية دون خوف أو تردد. فهو وطن ليس
هش أبداً، وليست ثقافتنا هشّة لتلك الدرجة التي تجعلنا نخاف من
كل ما هو خارجي، وكل ما هو جديد، وكل ما هو مختلف.
وطن يستحق الكثير من العمل والإخلاص والتجربة والإنعتاق من كل
عوائق الماضي وتقاليده المملّة والمكررة والمتبلدة. والعمل
والإنفتاح والنزاهة، وقمع كل أنواع الفساد الفكرية والمالية
والادارية، وفضح ومقاومة كل أنواع الإختطاف للعقول وللمواهب
ولمقومات الإبداع ومساحات التحرّك للشباب والمراهقين من كل جنس
ولون، دون أي قبول أي مبرر لتحجيم العقل واقصائه.
هي في النهاية: حرية التعبير والتعددية دون تميز لوطن وفي وطن
واحد هو الثابت. بمصالحه العليا والمصيرية هو الثابت. غيره لا بد
وأن يكون متحولاً لنبقى نحن وبالوطن الواقع والمستقبل والتاريخ
وتكوينه.
مهما يكن سنحتفي بإشارة قطرة الغيث هذه، وننتظر بفرح طفولي كبير
بشائر خير لوطن.
وطن يحلم ويطمح ويستحق الأفضل. ونستحق الأكثر.
إنتلجنسيا
ونسوقراط
محمد العباس
أظن أن طوى هي المكان الأليق لحوار وطني بديل وجاد.
وعليه سأدخل من باب بوساعات الصعلوك أبي الشمقمق الذي يمتد مدخله
من الأرض الى السماء. والقصد هو تحريك ما يسمى بالحوار الوطني،
واستثمار مناخ الإصلاح، تعزيزا لحركة السلم الاجتماعي. وكعادتي،
سأتموضع في خانة الإنتقاد للتعليق على آخر نسخة من صوت
(العرضحالجية) السياسي الثقافي كما تبدّى في البيان الأخير
(دفاعاً عن الوطن). غالبا ما يتهم المثقف الخليجي بتماهية الى
درجة التطابق مع المؤسسة الحاكمة، وهذا البيان يؤكد إن لم يكرس
هذه الحقيقة التي يصدمنا بها (الآخر) العربي كلّما فتحنا أفواهنا
للحديث عن الحقوق، وكلّما قدمنا طلباً للإنضمام الى نادي
الديمقراطية.
ان قراءة لمنسوب البيانات ـ كمّاً وكيفاً ـ تشير الى أن الوعي
السياسي بخطورة الحال والمرحلة يراوح في مكانه، فلا تغيير في
النبرة ولا تطوير في الاستراتيجية ولا حتى في استقطاب الأسماء،
وكل ما حدث هو إضافة أسماء جديدة محدودة، ومزيدا من التوسّل
والمناشدة للمسؤولين بضرورة الإسراع في عملية الإصلاح، فأي عمى
سياسي هذا؟!
أيُّ نضالٍ هذا الذي يبدأ بضغطة زر على (الكي بورد) للانضمام الى
زمرة الموقعين وينتهي بحب الخشوم؟!
لماذا ينتظر الموقعون أن تقوم المؤسسات المتنفذة بتمهيد الطريق
وتسليم أولئك زمام الإصلاح؟ ولماذا لا تكون البداية من هنا، أي
من وعي القائمين على حركة الإصلاح والسلم الاجتماعي وتأسيس
هيكليات المجتمع المدني؟
أليس لكل حركة سياسية عصبها الثقافي؟! فأين هو ذلك الدماغ
الحيوي؟
لقد اعتصرتُ الأسماء والبيانات فلم أجد شيئا، فأنا أعرف بعض
الموقعين، وبعضهم أعرف (أناهم) التاريخية والسياسية والاجتماعية
والثقافية، يعني أني أعرف كل نواة بتاريخها، حسب تعبير مظفر،
ولكن لم أجد ما يشي بالثقافي كمحرك للسياسي، وكرهان على وعي بعيد
المدى. والدليل أن بعض الموقعين يكتبون بشكل دائم في الصحافة
المحلية والعربية، لكنهم لا يتطرقون في مقالاتهم الى شيء مما
يوقعون عليه، فهم يتحدثون عن فلسطين وحال العراق، والسوق
الأوروبية المشتركة، ومنظمة التجارة العالمية، ولكنهم لا يعبرون
ولو بإلماحة عن هذا الذي يحدث عندنا. راقبوا الأسماء جيداً. ما
يحدث للوطن الآن خطير، ولا يمكن لبيانات خجولة أن تسعفه بشيء.
فهؤلاء الذين يضمون في قوائمهم شيء من الكوكتيل الوجاهي أو خلائط
من الأسماء المتناقضة إيهاما بالتوحّد، يعجزون عن تفكيك خطاب
اللاهوت، أو لا يريدون ربما لحاجة في نفس الموقعين، والأدهى أنهم
يتماهون معه بذريعة الحوار والتسامح والتوحد، ويضعون كل ذلك تحت
مظلّة عناوين مضللة كالوسطية والاعتدال.. الى آخر أكذوبة التزلف
السياسي.
وعلى حد علمي، أن أي حركة تتحرك داخل التاريخ بما هو خلل في
الماضي ومعضلة في الراهن وأفق في المستقبل، لا تقوم الا على
الاختلاف، اذا لم نقل الصراع، فهكذا تتزحزح الثوابت والتكلسات،
أما أن تقوم الحركة على التلفيق بدعوى التوفيق فهو أمر محير، بل
هو حركة إرتدادية الى الوراء. ما حدث على هذه الأرض خطأ تاريخي
لا يصلح الا بحدث تاريخي مضاد! أجل. نعم، أنا مع حركة انتلجنسيا
المدراء، ومع علو صوت النسوقراط المحلية، فالبرجوازية الوطنية
أساس لحركات التحول الاجتماعي والسياسي، ولكن أتمنى ألا يحدث هذا
التحاور في الاستراحات وعبر سماعات الهاتف.
إذا، لا بد من منبر، ليكن نشرة على الأقل، تعبر عن إرادات هذه
الفئة، تعرض فيها برنامجها الإصلاحي، وأظنّها بحاجة ماسّة الآن
لخطاب ظل ثقافي سياسي يستثمر لحظة الانفتاح، ليحايث ما تقوم به
المؤسسات من حوار مبرمج يراد به تأطير مستوجبات اللحظة. يعني
باختصار لا بد من التماس بالشروط التاريخية لما نحاول أن نستولده
كحركة وطنية.
مهمة ليست مستحيلة لكنها تحتاج الى زمرة من الواعين الصادقين..
فهل يسمعنا الذين وردت أسماؤهم في كشف الحضور الرمزي ولا زالوا
يراوحون في المربع الأول؟
المتطرفون الإصلاحيون ومتطرفو مقاومة الإصلاح وجهان لعملة واحدة!
عبد الله ناب
عندما أعلنت الحكومة السعودية عن (البدء) في الإصلاح السياسي
والإداري في المملكة من خلال اعتماد (الانتخابات) كوسيلة جديدة
إلى جانب التعيين في تشكيل المجالس البلدية التي تنوي الحكومة
إجراءها خلال عام من صدور البيان، انقسم السعوديون تجاه هذا
القرار إلى قسمين: قسمٌ رأى في هذا القرار مجرد (خطوة) أقل بكثير
مما هو مطلوب، واعتبرها مجرد حقنة (مورفين) للجسد السعودي
المريض، لا تعالج الداء قدر ما تحاولُ تسكين آلام المرض. وقسمٌ
آخر رأى في مثل هذا القرار أنه (توجّه) في الإتجاه الصحيح، يجبُ
أن نقابله بالبشر والترحاب، ونساندُ التيار الإصلاحي داخل القمة
الحاكمة الذي ضغط من أجلِ إبراز هذا التوجه كحقيقة على أرض
الواقع، وبالتالي يجبُ علينا أن ندعمه أمام تيار (الإصرار) على
إبقاء الأوضاع الراهنة كما هيَ عليه.
تيار مقاومة الإصلاح داخل النظام الحاكم يرى أن أي خطوة إصلاحية
هي في المحصلة (إذعان) للضغوط، مما سيشجعُ بالتالي على إفراز قوى
سياسية جديدة معارضة داخل المجتمع السعودي، ستجعلُ من شعار
(الإصلاح) بمثابة (قميص عثمان) لتحقيق مكاسب سياسية على حساب قوة
واستمرارية النظام الحاكم، الأمر الذي سيقود المملكة ـ في
النهاية ـ إلى مصير الإتحاد السوفييتي السابق، أو إلى مصير نظام
الشاه الذي رضخ للضغوط الخارجية عندما أطلقَ مشروعه الإصلاحي
الذي كانَ يُسمى آنذاك بـ (الثورة البيضاء). فهم ـ أي مقاومو
الإصلاح ـ يرونَ أن فشل الشاه في تجربته تلك لا يعني أن مضامين
مشروعه الإصلاحي كانت سيئة، وإنما فشلت التجربة لأنها كانت
مندفعة وغير تَدرّجية، وهمّشت مدى استعداد البيئة الإيرانية
والإنسان الإيراني في تلك الحقبة التاريخية من الزمن لمثل تلك
الإصلاحات، الأمر الذي انتهزه أضداد الشاه، ونقلوه من الجغرافيا
إلى التاريخ. ويؤكد مقاومو الإصلاح السعوديون أن تجربة (الشاه)
يُمكنُ أن تعيدَ نفسها إذا لم نأخذْ بعين الإعتبار ما لم يأخذه
الشاه بعين الإعتبار.
وفي تقديري أن المزايدين على الإصلاح من خلال التقليل من أهمية
هذه الخطوة، والحط من قدرها، هم في الواقع يدعمون ـ من دون قصد
طبعاً ـ تيار مقاومة التغيير وتقديم أي تنازلات والتشبث بالوضع
الراهن، من خلال إثبات أن تخوفاتهم من شره الإصلاحيين،
ومزايداتهم، وانتهازيتهم، وعدم إيمانهم بالتدرجية، له ما يُبرره.
أما الخاسر الوحيد في النهاية فهو الوطن والمواطن بكل تأكيد.
وفي رأيي أن السياسة هي دائماً وأبداً (فن التعامل مع الممكن)
ولم تكن قطعاً (فن ما يجبُ أن يكون). ولأنها كذلك، فإن الواقع
السياسي كما هو عليه، وحسابات القوة والضعف، والظروف الموضوعية
التي تكتنفُ هذا الواقع، يجبُ أن تؤخذ في الحسبان. وعندما نتجاهل
الواقع، ونتعالى على الممكن، ونقفزُ إلى ما يجبُ أن يكون،
متجاهلين اعتبارات ما هو قائم، فنحنُ لسنا إصلاحيين، فضلاً عن أن
نكونَ سياسيين، بقدر ما نحنُ ديماغوجيون، حالمون، لا نمت للواقع
وحقائقه بأي صلة. وهذه ـ بالمناسبة ـ إحدى أهم (علل) السياسيين
العرب، وتحديداً القوميين منهم على وجه الخصوص، وتتجسدُ هذه
العلة بشكل (مرضي) لدى كبار السن منهم أكثرُ من شبابهم.
كل ما أريدُ أن أقوله هنا أن هذه (الخطوة) الإصلاحية يجبُ أن
نتعامل معها ليسَ في معزل عن الظروف والتيارات وتفاعلات القوى
المؤيدة والرافضة التي أنشأتها، وإنما على ضوء هذه الظروف.
وعندما نتعامل معها كـمجرد (خطوة) وليسَ كـ (توجه) جديد، فإننا
في الواقع نقلل من قيمتها كما يُمارسُ متطرفو الإصلاح ذلك، ونعطي
مقاومي الإصلاح ـ في المقابل ـ الذريعة والدليل لإثبات أن
تخوفاتهم لها ما يُبررها. بينما تكمن أهمية هذا القرار ـ في رأيي
ـ ليسَ في كونه (خطوة) كافية أو ليست كافية، وإنما في كونه توجه
جديد للقمة السياسية كنا ننادي بتطبيقه كمنهج للإصلاح، وكوسيلة
لتوسيع قاعدة صناعة القرار، وإشراك ذوي الشأن في إدارة شؤونهم.
وهنا تكمنُ أهمية هذا القرار وما يجبُ بالتالي أن يكونَ عليه
موقفنا منه.
نحن
بالإنتظار!
الكاتبة: ورد البساتين
اليوم وأنا أقرا خبر الإنتخابات البلدية والتطبيل في جريدة
عكاظ. تذكرت قرار ولي العهد الخاص بسعودة كل سائقي الليموزين
خلال 6 أشهر لتوفير وظائف للمواطنين. وأيضا ذلك التطبيل كان من
عكاظ أيضا. ويا ترى هل تمت السعودة؟ مضى الآن على القرار أكثر من
سنة.
ليس هذا إعتراضا على حرمان المرأة السعودية من حق التصويت
أوالإنتخاب.. ولكنه بصراحة عدم ثقة نهائيا في هذه القرارات
السياسية المتتالية التي لم نكن لنراها أو حتى (نشم رأئحتها)
لولا أحداث الحادي عشر من سبتمبر. منذ أن بدأت الدولة خطة
الإصلاح بل وحتى منذ تأسيس مجلس الشورى (الذي هو الآخر تأسس بعد
حرب الخليج الثانية نتيجة ضغوط أمريكية) وأنا كمواطنة عادية أعمل
في سوق العمل ومطلعة على أحوال الكثير من بنات بلدي أجد أن كل
هذا الكلام من الدولة للأسف كلام في كلام. ولم نستفد أي شيء!
المسميات مختلفة ولكن الأساس واحد سواء كان مجلس بلدي أو مجلس
شورى أو مجلس الإقتصاد الأعلى أو..الخ.
ماذا فعل مجلس الشورى لنا نحن النساء غير مناقشة موضوع الرضاعة
الطبيعة؟! ومناقشة مشكلة المهور! وغيرها من الموضوعات غير المهمة
لنا؟ ماذا فعل مجلس الشورى لنا في هذه البطالة غير الطبيعية بين
الفتيات والنساء؟ كيف حلّ مشكلة خريجات الثانوية العامة؟
والجامعات ونقل المعلمات. وكيف ستحل أوضاع النساء المحتاجات
ماديا والكثيرات منا منذ سنوات طويلة يطالبن الدولة ليس بالتصدق
عليهن عن طريق ما يسمى بالضمان الإجتماعي بل توفير فرص وظيفية
كريمة في المصانع أو أماكن بيع المحلات النسائية؟ ولعل حادثة
مزرعة الخرج الشهيرة التي تم فيها طرد 400 امراة سعودية عاملة
محتاجة أكبر دليل على عدم وجود نية صادقة للكبار! في النظر الى
مثل هذه المواضيع.
وهذا أيه؟ مجلس شورى بجلالته وعظمته! فما بالك بمجلس بلدي؟ (لا
أعرف لماذا سيرة البلدية غير مستحبة بيننا؟!). وحتى لو تم لنا حق
التصويت أو حتى الترشيح، مازلت أشعر أن كل ذلك سوف يكون صورياً.
المجلس البلدي الآن، المنتخب نصفه، ماذا سيفعل لنا لتحسين
الخدمات ونحن نعيش ونسمع عن كمية الفساد الإداري والمالي
والبيروقراطية التي جعلتنا نتقدم الى الخلف؟!
لو كان للدولة نية صادقة لتحسين أوضاع النساء فعليها اولا تفعيل
دور مجلس الشورى ثم تعيين نساء فيه لأننا نصف المجتمع ودورنا
الإجتماعي والإقتصادي في الدولة لا يقل بأي حال من الأحوال عن
الرجل. وهناك العديد من المؤهلات والمتعلمات تعليما عاليا. من
حقنا أن نتحدث وان نتكلم عن مشاكلنا لا أن يستمع المجلس كما فعل
في المرة السابقة عبر الدوائر التلفزيونية المغلقة!
كان المجلس البلدي بالإنتخاب.. لماذا تراجع الآن إلى النصف؟
الكاتبة: إعصار
نشرت مجلة اليمامة فى الرياض بتاريخ 16-2-1384 الموافق
26-6-1964 النداء التالي: (سيدلي المواطنون فى الرياض عصر غد
وعصر اليوم الذى يليه بأصواتهم لإنتخاب أعضاء المجلس البلدى
لمدينة الرياض واليمامة تحث المواطنين على الحضور للإدلاء
بأصواتهم كما تحثهم على إختيار الأكفاء الذين يضعون المصلحة
العامة فوق كل إعتبار). ما الذى حدث الآن ليكون الإختيار أو
الإنتخاب فقط لنصف أعضاء المجلس؟! أهذا كل ما نأمله بعد كل هذا
الصبر الجميل؟ ثم يمن علينا بأنها مكرمة وخطوة للأمام بينما هى
فى الوقع تراجع إلى الوراء.
نسبة 50% انتخاب لمجلس بلدي لايملك حتى قرار تعيين رئيس بلديته؟
ومبلغ صلاحيته لفرض أى رسوم لاتتعدي 100 ريال؟! أحشف وسوء كيل؟!
كيف نفسر هذه المعادلة اللغز؟
أهلاً بالانتخابات البلدية.. ولكن!
علي الدميني
أيها الاصدقاء الملثمون! أيها الأصدقاء الأكثر شجاعة من الحجاج
ابن يوسف ومن تركي الحمد: أحترم آراءكم وحق كل منكم في التعبير
عن موقفه أو قناعاته بكل شجاعة وشفافية، ولكنني أطالبكم أن
تكونوا أكثر إنصافا لإنفسكم أولا، وأن تتحلوا بشجاعة الفروسية.
الفروسية التي لا تقبل الطعن في الظهر، ولكنها تكرس تقاليد
المواجهة المتكافئة النبيلة. الفروسية التي ورثنا تقاليدها عن
أجدادنا القدامى قبل أن يؤصلها عصر الفروسية في اوروبا. ولذا
أسفروا عن وجوهكم وحاوروا تركي الحمد حول رأيه واحتفائه المبرر
والمحدد بشأن انتخابات المجالس البلدية أو سواها من القضايا
الشائكة التي يتعرض لها تركي بكل شجاعة وتجرد واصطبار.
فإذا كان تركي وغيره قد أختاروا طريق المكاشفة والمصارحة سواء
بحضورهم الفكري أو الإبداعي، فإن ساحتنا وساحة حرية التعبير في
بلادنا ستغتني وتتعزز بمقدار ما تتكاثر فيها الآراء الصادقة
والجريئة من خلال أسمائها الحقيقة، لأن الحق يحتاج إلى شخص وكيان
محدد يدافع عنه ويدفع به إلى الصدارة، وليس إلى أشباح لا نستطيع
أن نرفع مصداقيتها إلى مستوى ما تضمره او تعلنه كتاباتها من آراء
مهما كانت عميقة وصادقة. العدل يدفعنا إلى ذلك، والمرحلة تتطلبه
أيضاً. فلنكشف عن وجوهنا اللثام ونحتمل معا أشواك العلنية أو
لنرفع معا تيجانها.
أيها الاصدقاء: لم يكن عادلا ما تضمنته بعض العبارات الواردة في
مقارباتكم لما كتبة تركي عن المجالس البلدية، من انتقاص أو تشكيك
في وطنيته وصدقه، فإن اختلفتم معه فذلك حقكم ولكن دون أن ننزلق
إلى مهاوي الانفعال أو التسرع المجاني.
أما أنا، فأحتفي بإعلان الانتخابات حتى لو كانت لواحد في المئة
فقط من أعضاء المجلس البلدي، ولي مبرراتي التي أرجو قراءتها حتى
آخر كلمة.
أولاً: أن القرار الحكومي يعكس وضعا صحيا يعزز مبدأ الحوار
والمطالبة والاستجابة بين القيادة وأبناء الشعب.
وثانياً: أن مبدأ الانتخاب وفي ظروفه الآنية يعد نقلة باتجاه
تكريس مفهوم المشاركة الشعبية في صنع القرار.
ثالثاً: أن القرار قد حدد فترة زمنية لا تتجاوز العام الواحد
لإجراء هذه الانتخابات وذلك يعكس الالتزام بتطبيق الوعود.
رابعاً: جرت العادة في مختلف دول العالم ومنها قطر والبحرين على
أن يكون الاعلان عن انتخابات المجالس البلدية خطوة مرتبطة بإجراء
انتخابات المجالس النيابية وتهيئة كافة المستلزمات القانونية
والإجرائية من تعداد للسكان وتسجيل للناخبين وإعداد اللجان
الانتخابية ومواقعها وسوى ذلك من احتياجات لوجستية.
خامساً: لم يستثن القرار المرأة من الترشيح لعضوية المجالس أو من
حق الانتخاب وقد سكت عن ذلك وهو سكوت محمل بالنسبة لي بالأمل في
مشاركتها.
سادساً: وحيث أن القرار لم يربط البدء بعملية انتخابات المجالس
البلدية بموعد للشروع في انتخابات مجلس الشورى أو مجلس الأمة،
فإنني أعتبره قراراً يتيما ويحتاج إلى توأمه الآخر (مجلس الشورى)
المنتخب بكامل صلاحياته الرقابية والتشريعية.
ولذا فإنني أعلن عن تأجيل احتفائي بقرار انتخابات المجالس
البلدية بالشكل الذي أعلن عنه حتى لو كان بكامل أعضائه وبكامل
صلاحياته، لأن المجالس البلدية كانت تمارس دورها، وبمجلس منتخب
كامل، منذ زمن توحيد المملكة على يدي المغفور له الملك عبد
العزيز، ولأننا اطلعنا في اليومين السابقين على مرسوم لتشريع عمل
المجالس البلدية منذ عهد المغفور له الملك خالد وتحديدا عام
1397هـ.
فهل صبرنا ثلاثين عاماً على تغييب تجربة ناضجة لكي نفرح اليوم
بتشريع جديد ينتقص من مكتسب دستوري تم إنجازه؟
وكيف لفرح أن يداخلني حيال تشريع لا يربط البدء بانتخابات
المجالس البلدية بموعد لإجراء انتخابات مجلس الشورى؟
أيهاالأصدقاء: لقد دفعتموني إلى حافة الألم، فحسبي الله عليكم،
وعلى الصديق الكبير تركي الحمد.
أسماؤنا الحقيقية!
حجي عبود
تحيات مخلصة لك وللصديق الدكتور تركي الحمد، ولكل القوى الوطنية
التي فقدت توازنها عند أول (حيلة) باسم دمقرطة هذا الوطن.
أولاً: هل اكتشفت الآن فقط اننا نكتب من وراء اللثام؟! وهل كنت
تترنم لكلمات الغزل والمدح والثناء الصادرة لكتاباتك ومواقفك
وآخرها (لماذا وقعت بيان دفاعاً عن الوطن) وهي تنبعث من خلف
اللثام دون أن تشعر؟! وهل يسعنا أن نكتب بأسمائنا دون أن يحذف
رقابنا الرقيب؟!
ثانياً : ايها الأعز: مشكلـ(تنا) في هذه البلاد أننا في أزمة.
القوى الليبرالية والوطنية واليسارية والاسلامية كلها في أزمة.
ومعها التأزم الأكبر الذي ترزح تحته البلاد حكومة وساسة ورجال
أعمال وعلماء وموظفين حكوميين.. كلنا في أزمة. الدولة في أزمة
لاستحقاقات خارجية وداخلية. الشعب في أزمة. القوى الرئيسية في
أزمة. واضح أن اهم اسبابها غياب الحرية والديمقراطية والمشاركة
السياسية واختطاف الدين والدولة من قبل فئة متطرفة ارهابية عديمة
الإحساس بالمسؤولية.
وأهم مظاهرهذه الازمة هذا الوضع المتردي الذي يوشك أن ينفجر.
وأهم نتائجها: تمزيق هذا الكيان وتفتيته – لا سمح الله.
سواء رميت بنفسك في سلة المطبلين لمجلس (البلديات) الذي يختلف
حتى عن المجلس البلدي في كل الدول (المجلس البلدي فيها بمثابة
حكومة إقليمية) اما مجلس البلديات فهو أمر خدمات لا علاقة له
بالسياسة. فسواء وجدت نفسك مثل الدكتور الحمد وآخرين مضطرين تحت
إلحاح البحث عن (ثقب) تتنفسون منه، أو وجدت مثلما يجد الآخرون أن
هذا الثقب للأسف لا ينفذ الا على مستنقع آسن يثير البؤس
والإشمئزاز. فالمطلوب أن لا تتحول هذه (اللعبة) الى مخلب قط يمزق
ما تبقى من القوى الوطنية في هذه البلاد. لا يتحول الى سبب
للتشرذم والفرقة والفتنة.
هذا المجلس لا يستحق أن يختلف من أجله. فانتبهوا أن يمزقكم أيادي
سبأ.
الإنتخابات
البلدية: خطوة على الصراط الطويل
إقرار مجلس الوزراء نظام البلديات، يعتبر خطوة في الطريق الصحيح.
ولكن حذار من التفاؤل المفرط. القرار هو خطوة ايجابية، حيث أن من
اهم فوائده انه يتجاوز الجدل السطحي للمتأسلمين، الذين يريدون
الحكم باسم الله، لانهم يمتلكون وكالة حصرية من الإله بالانتفاع
من شرعه ودستوره. فقد كانت الجدلية بأن الديموقراطية، والتي تعني
لغوياً حكم الشعب، تتناقض مع اهم اركان الايمان، وهو بأن (الحكم
لله) وبالتالي فإن أوصياء الله على الدين والعباد هم من يحكمون.
فعلى الاقل، وبما انهم سيهبون للترشح، وطالما أنهم يضمنون تحقيق
تقدم في سعيهم للاستيلاء على السلطة، فإنهم سيتجاوزون الخلاف على
الجانب اللغوي من مفهوم الانتخابات الديموقراطية.
لكن الخطر من هذا القرار هو أن لا يواكبه قرارات وانظمة تتعلق
بالحريات، والشفافية، واعطاء فرص متكافئة لجميع القوى أو
الايديولوجيات السياسية، في الوصول الى الجماهير (الناخبين).
المتأسلمون، وكذلك الملكيون (ان صح إطلاق هذا التعبير على
الموالين للدولة)، لديهم وسائل كثيرة للوصول الى الناخبين
والجمهور، فوسائل الاعلام الرسمية مستحوذ عليها من هذين
التيارين. كذلك هي الحال بالنسبة لجميع المؤسسات التربوية
والتعليمية. بينما لا نجد أن للبراليين أو حتى المتأسلمين
(الجهاديين علناً) الحق في الوصول لهذه الوسائل.
قد يرى البعض بأن ذلك لا ينطبق على الانتخابات البلدية،
فالايديولوجيات والخطابات السياسية ليست مؤثرة في الرقابة
والاشراف على الاعمال البلدية، وهذا غير صحيح. فالمجالس البلدية
هي خطوة في اتجاه تكوين حكومات محلية، اي أن تكون بلدية (حكومة)
كل مدينة هي التي تتولى جميع الوظائف والانشطة الحكومية عدا،
الحماية من الاعداء الخارجيين، والعلاقات الخارجية، فهذه الانشطة
تقوم بها الحكومة المركزية. بالطبع هناك تقاطع بالانشطة والوظائف
بين الحكومة المركزية والحكومة المحلية أو حكومة المنطقة (او
الولاية) من مفهوم الحكومة المحلية وكذلك من منظور بأن هذه
الانتخابات، انما هي تمهيد لانتخابات على مستويات حكومية اخرى في
المستقبل.
إذن، نجاح هذه التجربة تعتمد على التالي:
1) إعتماد نظام حريات يسمح للجميع بعرض أفكارهم وانتفاداتهم
لجميع أعمال البلدية ومسؤوليها.
2) الشفافية، أي إعطاء الجميع حق الاطلاع على جميع أعمال ونشاطات
ووثائق البلدية، وكذلك اعمال وقرارات وتوجهات أعضاء المجالس
البلدية للاستفادة منها في الدورات الانتخابية القادمة.
3) إتاحة فرص متكافئة لجميع التيارات السياسية، في الوصول الى
الجماهير والتعبير عن افكارها وايديولوجياتها.
4) تطوير عمل البلديات في اتجاه عمل حكومات محلية.
5) تمكين البلديات من إيجاد مصادر تمويل ذاتية، ودعم الإستقلال
المالي لهذه البلديات (او الحكومات المحلية).
الدستور أولاً
الكاتب:
عروة بن الورد
قبل الاصلاح لماذا لا نطالب بدستور؟ عندما يقول أحدهم سواء من
السلطة السياسية أو السلطة الدينية: (إننا بحمد الله نطبق الشرع
ودستورنا القرآن والسنّة) فإنه يكذب. وقد تكون هذه الكذبة مقصودة
وقد لا تكون، وقد تكون ايضا مخلصة وقد لا تكون، وقد تكون ظنّا أو
اعتقاد وقد لا تكون، وقد تكون جهلا وقد لا تكون.
الدستور هو بمثابة تشريع أو تنظيم يبوب الانظمة والاحكام ويحدد
الصلاحيات والمسؤوليات ومنه تتولد انظمة وتشريعات اخرى مرادفة
ومكمّلة ومنسجمة معه. ان وطناً بلا دستور يبقى ناقص التكوين،
وبالتالي معاقاً يحتاج الى عناية خاصة. من هنا تولدت كثير من
الامراض الاستبدادية والنواقص الحقوقية، وعليه فإن التوقف عند
حدود إجلال كتاب الله واعتبار المطالبة بدستور واضح تعدياً على
قدسية القرآن الكريم تخلّف بحد ذاته ومرض معيق زاد الوطن مرضا
واعاقة فالى متى؟
وبنظرة على الأنظمة التي صدرت قبل اثنتي عشرة سنة في هذه البلاد
فإننا نجدها قد حددت ورسمت وبشكل دقيق انظمة بعينها، مثل نظام
الحكم ومجالس المناطق والشورى، لكنها ابدا لم تحدد دستوراً
معيناً، بل تجاوزته وغيّبته بالقول أن القرآن هو الدستور، ومع
هذا لم يعترض عليه احد من العلماء والفقهاء وحتى طلاب العلم، فقد
كان الاعلان أن القرآن هو الدستور كافيا واكاد اقول مخدرا للجميع
عن رؤية الحقيقة وهي أننا وطن بلا دستور.
تغاضى اهل العلم عن هذا الامر مكتفين باعتراف ولي الامر بأن
القرآن الكريم هو الدستور، غير أن ولي الامر ربما اختار ذلك لكي
لا يكون مطالبا بدستور يحدد الصلاحيات ويقنن الأنظمة ويصوغ
التشريعات، ولكي يكون هو (اي الملك) المرجع الأخير والنهائي لا
الدستور. بيد أن هذا التغاضي أو الحرص قد شرّع للاستبداد وفتح
ابواب الظلم واغلق ابواب الرقابة الشرعية على الممارسة السياسية،
ومن هنا صار كل ما تقدمه الحكومة مكرمة ملكية وليس حقا دستوريا.
بين
(المنبر) الوطني و (ألم) الإصلاحات
الكاتب: عيون
يقال
إذا أردت أن تطاع فعليك بالمستطاع. هذا لا يعني أني مع بيان
(دفاعاً عن الوطن) وموقعيه كآلية للإصلاح الوطني، فمن ناحية
الفكرة لا بأس بها، ولكن لا مراء بأن الآلية سقيمة، إذ لا تغيير
منذ البيان الأول والوعود الأولى، عدا قشور يقال عنها بأنها
إصلاحات. (المنبر) مطلب مشروع: صحيفة حرة مثلاً تصدر داخل البلد،
معارضة حقيقية لواقع مأزوم، تستقطب كل الراشدين وطنياً دون تصنيف
إجتماعي أو ثقافي أو حتى طبقي. هل يقبل الساسة بهذا؟ لا أظن!
وإذن فأي إصلاح يُبتغى؟ وأي بيانات وتواقيع ستنفع؟
نعم (ما يحدث للوطن الآن خطير) وخطورته في نظري تكمن في غياب
الرغبة الحقيقية للتغيير والإصلاح كإستراتيجية لا كردات فعل
لوقائع وواقع بدأت تنمو فيه ثقافة العنف لا ثقافة الرفض
الحقيقية. المشكلة أن الموقعين وصلوا الى حد الإستجداء، وهذا
الإستجداء وباء إذا ما أصبح غاية.
لا أعرف أي إصلاح يُنشد في غياب آليات الإصلاح: حرية إعلامية
حقيقية، محاربة للفساد السياسي والإقتصادي؛ السعي وراء تحقيق هدف
العمالة الكاملة؛ ترشيد النفقات؛ الحد من إستخدام النفوذ السياسي
والإقتصادي لقلب الحقوق والواجبات. أظن أن التغيير قادم،
والإصلاح حتمي، لكنه ذلك لن يتأتى إلا بألم.
وطن يدير الرؤوس: لا نطلب المستحيل
محمد العباس
لا نطلب المستحيل، فقط بعض الحوار حول شأننا، ولن نسائل
(الحرافيش) الذين اضطروا للتوقيع، أو مورس عليهم بعض الضغط أو
الاغراء للتوقيع، ولكن لنسائل دهاقنة السياسة الذين تصدوا المرة
تلو الأخرى لمثل هذه البيانات. بعضهم، ودون مبالغة، يفوق عمره
السياسي عمر كوفي عنان وكل وزراء الخارجية العرب. بعضهم استنقع
في الرطانة الخطابية حتى لم يعد يملك الا النبرة الاطنابية. لن
أطالب بشيء كبير أو معقد، فقط أريد أن أسائل وعي وتاريخ أولئك
الكبار، فما أعرفه أن الحقوقي أو السياسي أو الثوري، يترك وراءه
ومعه آثارا تدل عليه. هؤلاء لا ينتمون الى ما يعلنون، والحوار
ليس من برنامجهم اليومي، فهم كما قلت لا يكتبون في هذه المواضيع،
ولا يطيقونها كصيغة للحياة الحرة.
بينما نجد البحرين مثلا فيها من الآثار الرائعة، وسأضرب مثالا
لشخص على درجة من الحيادية، ولا يزعم الثورية، وليس في نبرته أي
منسوب من الزعيق، وهو الدكتور ابراهيم غلوم، فقد أصدر قبل عام
كتاب (الديمقراطية وانتاج الثقافة) تحدث فيه عن كل ما له علاقة
بالحوار والديمقراطية والتسامح والسلم الاجتماعي ومسؤوليات
المثقف قبالة الدولة والعكس، وأتمنى أن تجعله أي حركة وطنية
بمثابة الدليل التثقيفي
Manual.
لاحظ اني مثلت بكائن غير متورط في الدعاوى الحقوقية، ولن أستعرض
الطابور الطويل من الأسماء الجادة. فكيف يقنعني أحدهم بفكرته وهو
لا يطرحها للتدول في كتاب أو حتى في مقالة، نريد أن نعرف نسير
(مع من) وليس (خلف من). ولن أتحدث عما جرى بيني وبين بعض من
وقعوا على البيان قبل وبعد التوقيع، فنسبة كبيرة منهم تنصلت منه
واعتبرته ضربا من التسالي أو المجاملة.
الاصلاح سيأتي ولكن ليس عبر هؤلاء، فهؤلاء بتصوري خارج التاريخ.
الموقعين أدناه، لا زالوا أدناه، وليسوا بالحجم أو العزم الذي
يمكنهم أن يكونوا أعلاه. لن، ولن نخضع ما نريد الى المقولة
الغبية (الجمهور عاوز كده). أعرف أن الثنائيات البغيضة علماني/
مطوع.. شيعي/ سني.. رجل/ امرأة.. ليبرالي/ رجعي.. وطني/ عميل..
وهكذا، هي الموضوعات التي يسيل لها لعاب الدونيين. الرهان على
الفكرة وليس على الشخص، وعلى الموقف وليس على البهلوانيات، وعلى
القيمة وليس المظهر. كل شيء له وجود بيولوجي، حتى النص، والحوار،
يبدأ صغيرا ويكبر.
المشكلة تكمن في الحديث عن التغيير دون أن نتغير، وعن الحوار دون
قدرة على التحاور، وعن الحرية دون رغبة في التحرر. هنالك من أدمن
الحديث ونسي أن الفعل حين يلتقي بالوعي يتغير وجه التاريخ.
لنتواعد عند هذا المنعطف.
أحضر هنا محاورا.. لا شتاما ولا هجاء.
لست مع شاعرنا الذي وصف ما ندب عليه بوطن له رائحة قبر.
ولا مع شاعرنا الآخر الذي قال هازئا: (فقولي زكية ما تفهمين اذا
رطن الناس باسم الوطن).
ولست أيضا مع شاعرنا الثالث الذي قال منتشيا: (أدر نجمة الصبح..
صب لنا وطنا في الكؤوس.. يدير الرؤوس).
كل أولئك شعراء من بلادي.. ولا يمكن أن أقول إلا أنه: مهما قيل
لا يوجد أجمل من شمس بلادي لتجفيف الملابس.
المجلس
البلدي: خطوة في أي طريقٍ تقصدون؟
الكاتب: سياسي
يقال المجلس البلدي (خطوة في الطريق)؟
حسنٌ: أي طريق صحيح؟ الى أي حدّ كان تأسيس مجلس الشورى ووضع
النظام الأساسي ونظام المناطق خطوة في (الطريق الصحيح)؟ المجلس
بعد عشر سنوات، لم يتغير، ولم يصبح خطوة في الطريق؟ كنتُ أقول أن
المجلس والدستور خطوة في الطريق، ثم اكتشفت أنها خطوة في المجهول
ساقتنا الى الوضع البائس الآن.
حكم على المجلس البلدي أنه خطوة في الطريق لأن الناس ولأول مرة
سيشاركون شعبياً في الإنتخابات؟ دعنى أقول لكم يشاركون في ماذا؟
هل في السياسة، أم في البلديات؟ أي ما هي الصلاحيات وحدود
المشاركة نفسها؟
فقط أود التذكير أن هناك انتخابات حالية بأفضل من المجلس البلدي:
انتخابات الجمعيات الخيرية، حيث يرشح بضعة أفراد والحكومة تختار
منهم، ثم تجري الإنتخابات، وكان الحال كذلك لبعض الأندية
الرياضية، وأما في غرفة التجارة فالأمر يبدو لي أفضل. في حين
صلاحيات غرفة التجارة أعلى من صلاحيات المجلس البلدي!
الحكم على أن تشكيل المجلس البلدي خطوة في الطريق يأتي في
ييأيييفي حال أتت خطوات
بعدها؟ هذا صحيح؟ فهل هناك خطوات؟ ومتى؟ هل ننتظر أكثر من عشر
سنوات حتى ينتخب (ثلث) أعضاء مجلس الشورى؟! هذا إذا ما نسينا
موضوع الصلاحيات، ففيها يحكم على المسألة بأنها مشاركة شعبية أم
لا؟
آلية الإنتخاب جيدة، ولكن المحتوى فاضٍ للأسف؟ والآلية محدودة
بالنصف ويمكن التلاعب بالباقي.
ما يحيرني ويزعجني أن العرائض كلها وآخرها عريضة الدفاع عن الوطن
تتحدث عن إصلاحات (شاملة) و(فورية) وأحياناً ترد كلمة (جذرية)
والأخ الدكتور الحمد واحد من الموقعين عليها. فكيف به يخالف ما
وقع عليه؟ ولماذا يريد أن يقنعنا بأن نصف انتخاب لمجالس مختلقة
تأخذ موقع مجلس المنطقة، مفيدة. وهو يعلم أن الناس لا يستطيعون
الإنتظار. وكما قال الأستاذ الدميني ليس لدينا فائض من الصبر!
الأخ تركي الحمد ليس صاحب شرهات، ولا زميله الطيب ابن الطيب. ولم
يكن الأمير سلطان يريد منهم الموافقة على ما ينوي الأمراء فعله،
بل كان يطالبهم بعدم نشر عريضة دفاعاً عن الوطن، فقالوا لا
نستطيع أن نضمن الآخرين. المسألة ليست طعناً في نزاهة الموقعين
أبداً. ربما وجد بينهم (قلة جداً) من المتلبسين بثوب الإصلاح،
لكن الأكثرية هم نخبة البلاد ونعمتها. ما كتبته يعبر عن حزني
وألمي كيف أن الإصلاحات وفي أول لعبة حكومية يجري الإلتفاف عليها
تحت سمعنا وبصرنا وخلافاً لقناعاتنا وما وقعناه من عرائض.
هذا ما يؤلمني. والسبب هو: الجهل بعقلية الأمراء وطريقتهم في
التخلص من الضغوط.
لقد أمضيت عقوداً وأنا في خضم هذه القضايا، وأكاد ألمس ما يفكر
فيه الأمراء، ولهذا أنا لا أعتب على الجيل الجديد الذي لم يخبر
عقلية الحكومة، ولكن عتبي على من تلظّى بنيران سجونها، كأخي
الدكتور الحمد، ومن درس وتعلّم، وبشر بمبادئ، ثم يقبل ليس بأنصاف
الحلول، ولا أرباعها، بل هي تدكّ الحلّ من القواعد.
هذا ما أبثه أخي الدكتور الحمد، ولهذا أطالبه بالقراءة المتأنية،
حتى لا نصاب بالإحباط مثلما أصيب هو في مقابلته مع تيم سباستيان
حين قال لا شيء تغير منذ عريضة الرؤية. ولهذا نقول لا تمتدحوا
أمراً هو أدنى من أن يمدح، خاصة إذا كانت النيات الحكومية غير
صافية.
سيسألني البعض كيف تحكم على النيات؟ وأقول لهم: إقرأوا تاريخ
المملكة. اقرأوا تصريحات المسؤولين، اقرأوا تاريخ الإصلاحات؟
اقرأوا تجربة التسعينيات. لا يلدغ المؤمن (المفتح في الظلام!) من
الجحر ذاته المرة تلو الأخرى!
نقبل الإصلاح المتدرج، وليس البدء من عصر آدم كما كتبتُ بالأمس!
إذ لو كان هناك شيء يمكن فعله قبل المجلس البلدي لفعلوه. فهذا
الميت (المجلس البلدي) الذي لم يسمع به أحد، صار قصة جديدة نتلهى
بها! ولو كان هناك إمكانية لتعيين الكل وليس النصف لفعلوا،
فتعيين الكل ضحكة كبيرة، وتعيين النصف ضحكة متوسطة على الذقون،
وانتخاب الكل، ضحكة صغيرة علينا جميعاً ما لم تقرن بصلاحيات
واسعة وإحصاء سكاني ودوائر انتخابية وليس محافظات بعضها بنصف
مليون وبعضها بثلاثين ألف! وبعضها بمليوني نسمة! ولا بد أن يقترن
أيضاً بمواقيت محددة للإصلاحات القادمة. هنا نقبل الضحكة الخفيفة
على مضض. اما الحال الحاضرة فمصيبة تضحك منها العائلة علينا وعلى
العالم. يقيني ستفشل في الإثنين اليوم أو غداً، حتى المرحبين
سيكتشفون سريعاً المصيبة. وسأذكر أخي تركي الحمد يوماً ما ليس
بعيداً كيف أن التصفيق لهكذا مشروع هو ابتلاع للطعم والسنارة
معاً.
المجلس البلدي الذي لا نعلم من أين جاؤوا به وأقحموه على
الإصلاحات (حيث لم تكن هناك مطالب بمجالس بلدية غير مناطقية)
اختزل مطالب الإصلاح، ويخشى أن يتحول دعاة الإصلاح الى بوق
ويتناسوا فيما بعد خطاباتهم وعرائضهم، ولهذا نسأل المؤيدين ماذا
ستصنعون بمطالب وثيقة الرؤية؟ هل ستواصلون المطالبة بها؟! وكيف؟
هل ستكتبون خطابات جديدة أم تنتظرون سنة كاملة حتى يقوم المجلس
البلدي؟!
لم يكن كل هذا النقاش إلا لأوضح حقيقة واحدة وهي أنني أتمنى
الثبات على العناوين العريضة في موضوع الإصلاح، والذي تجلى
الإتفاق عليها بين كل النخب في وثيقة الرؤية. إن تمسكي بالأخيرة
هو الذي يدفعني لرفض المجلس البلدي. هل قرأتم شيئاً عن المجلس
البلدي في وثيقة الرؤية التي أيدها الكثيرون؟ هل قرأتم فيها عن
(التدرج) الذي أشرت أني لا أرفضه أم قرأتم فيها كلمات مثل
(الإصلاح الشامل والفوري) وهل يدخل المجلس البلدي الذي ضاع منذ
نصف قرن فوجدوه اليوم يتيماً يبحث عن أب يتبناه هل يدخل ضمن
الإصلاح الشامل؟!
مجلس
نصف ساق
الكاتب: أبو هاشم
الاصلاح السياسي خطوة رئيسية في تحريك الوضع لدينا ولن يكتب
للخطوات الاصلاحية الاخرى التقدم بدون الدستور أولاً ليكون هو
الاساس الذي يحدد جميع المسارات الاخرى بدلا من توزيع الحقوق
كهبات! بالنظر لما تم، نجد أن الموضوع أقرب للهبة منه للحق
البشري. وبصراحة ما وهب لا يتناسب إطلاقا وحجم الاستحقاقات التي
لن يسقطها نصف مجلس بلدي! تخيلوا أن تأتي هذه الهبة بعد تسولات
وتوسلات وبوس خشوم و..! وبعد أن وصلت ريحتنا الشرق والغرب، لتخرج
مكرمة وبساق واحد! الوضع يحتاج الى خطوات أكبر من نصف انتخاب
المجالس البلدية.
طبعا سيأتي من يقول أن هذا الأمر وضع بعد دراسة (خطط علمية
مدروسة!) ومن يغني نغم الخصوصية السعودية، وكذلك من سيعزف على
أصولية الشعب، وهرطقات لا نهاية لها!
لا..
ليس المهم دوران العجلة المعاقة
الكاتب: عبد بني الحسحاس
شبّه الدكتور الحمد إعلان الإنتخابات الجزئية للبلديات في
السعودية بمفاجأة العبور على يد السادات، وقال إن الأهمية تكمن
فيما أحدثته تلك الحرب من تغير في العقل السياسي العربي، وليقول
أن قرار الانتخابات الجزئية ثورة منهجية في الخطاب والمنهج
السعودي. بالتأكيد الدكتور الحمد اكثر علما ومعرفة بما آل اليه
الوضع العربي جراء تلك الجريمة الساداتية وهو بالتأكيد أيضا لا
يقصد أن هذه الثورة المنهجية في الخطاب السعودي ستؤدي الى نفس
تلك النتائج.. ولكن السؤال الحقيقي لما هذا التشبية وما الداعي
له؟
يعتقد الحمد أن الأهم هو أن تبدأ العجلة بالدوران، وهذا حسن لولا
أن هذه العجلة قديمة ومهترئة ونتاجها لا قيمة له، وهي في النهاية
ليست أكثر من سعودة سيارات الأجرة أو حتى أسواق الخضار، وقد شاب
الشباب وانحنى الظهر ولازالت اللجنة تدرس كيفية التفعيل
والتطبيق. لقد بلغ السيل الزبى وما عادت الأهازيج تطرب المهمومين
بلقمة العيش وكانت الحاجة الحقّة في شجاعة وجراءه في مواجهة
الواقع بدلا من محاولات التعقل أو الترفع عليه.
ان الحاجة اليوم تتطلب الاقرار والاعتراف بحقوق الشعب في وطنه،
اذا رغب احد أن يقول أن الوطن للجميع، ولن يكون ذلك ما لم يتحجم
التمدد الأسري في الاستحواذ على كل مقدرات الوطن، سواء في
السيطرة على المناطق أو الوزارات أو المؤسسات أو حتى الصناديق
الحكومية والخاصة التي انفرد بها بنو سعود دون غيرهم، وفوق هذا
حق تقرير المصير للوطن وانحصاره في يد بني سعود وحدهم دون أن
يكون للشعب حق حتى في المعرفة بما يجري ويخطط له.
ان وطنا لا دستور له لا يستحق هذا المسمّى، وبالتالي فإن التبرع
أو التكرم أو المنح بمنّة أو فضل وتقديم وعد بانتخابات بلدية
جزئية مؤجله لا يستحق أبدا أن يشغل فكر وطني يعرف انه بدون وطن
من الأساس. أولى الخطوات الحقيقية اذا ما اراد القائد أن يقنع
بها شعبه هو أن يجعل بينه وبين شعبه وثاقاً وعهداً يلتئم الجميع
حوله، ليعرف كل طرف حقوقه وواجباته وحدود صلاحياته وسلطته،
وساعتها فقط سيكون لكل توجه قيمته مهما صغر أو كبر. اما اليوم
فكل ما يمكن قوله حول هذا المشروع البلدي المعاق انه ليس الا
مكرمة ملكية وفضل من سموه يمنحه متى شاء ويمنعه متى شاء، ولهذا
اقول فليهنأ به وليهنأ معه من ظنّ أن الوطن هو منحة أو مكرمة من
صاحب الجلالة.
رؤية إصلاحية للنقاش
الكاتب: ميكيافيللي
يكثر الحديث هذه الأيام عن الإصلاح، فالكل يتحدث عنه، والكل
ينظر له، والغالبية الساحقة تعني بهذا الإصلاح، الإصلاح السياسي،
وهذا حق. ولكن عندما يصطدم هذا الإصلاح أو أفكاره، بالثقافة
السائدة في المجتمع، فإن الحديث عن أي نوع من الإصلاح يعد ضرباً
من الجنون والقفز على الحقائق، وتجاهل الواقع المعاش. إذن
والحالة هذه، فإن الواجب تركيز الجهود على تهيئة الأرضية
المناسبة والمناخ الملائم لتقديم الإصلاح (السياسي) حتى لا يتم
رفضه أو النظر له نظرة العداء والشك والريبة من أبناء هذا
المجتمع من العامة، أو الأغلبية الساحقة. ويقتضي ذلك فيما يقتضي
نظرة فاحصة وشاملة لنقاط التعارض والتنافر بين الأفكار التي تطرح
بهدف الإصلاح السياسي، والإطار الثقافي المطروحة فيه، والمجتمع
المؤطر ثقافياً بهذا الإطار. ومعنى ذلك ببساطة، محاولة تحليل
الثقافة السائدة والأطر الفكرية المؤسسة لها والتي تصبغها
وتعطيها شكلها المميز، بهدف تحسس وتلمس ما في هذه الثقافة من
معطيات وقيم وممارسات تتعارض مع هذا الإصلاح السياسي، أو التي قد
ينظر إلى الإصلاح السياسي من خلالها على أنه مهدد لها ولبقائها.
كما يعلم الجميع، فنحن لا نذيع سراً إذا قلنا أن السمة الغالبة
على الثقافة الذاتية في هذا المجتمع محل التحليل الذي نحن بصدده
هي السمة أو الصبغة الدينية بالمعنى العام، فالدين يعتبر الفكرة
المحورية المركزية لهذه الثقافة، بل تكاد تكون في مجملها ثقافة
دينية، وهذا ليس عيباً في هذه الثقافة أو في الدين الذي يصبغها،
بل العيب والخلل في أن تتعارض الثقافة السائدة (المصبوغة بصبغة
دينية) مع الإصلاح وتصطدم به مع أنه مطلب الجميع. لذلك فإن
الواجب هو إزالة هذه العوائق وهذا التناقض الذي يقف في وجه
الإصلاح ويحول دون تطبيقه وتحقيقه. إذن هذه النتيجة تقودنا إلى
أهمية نقد الثقافة الذاتية التي ساهم الدين مساهمة كبيرة وفعالة
في بلورتها وإضفاء السمة المميزة لها، وهذا لن يستقيم ولن يتم من
غير الحديث عن الإصلاح الديني كخطوة أولى نحو نقد الثقافة وإصلاح
وتقويم القيم التي تمثلها وتسمها لتتناسب مع متطلبات الإصلاح
المرجو.
الإصلاح الديني ضرورة ملحة في سبيل تحقيق الإصلاح السياسي الذي
لا يعدو كونه الخطوة الأولى في سبيل الإصلاح الشامل الذي نرتجيه
وننشده. والإصلاح الديني المتحدث عنه هنا ما هو إلا محاولة
التطرق بالنقد والتحليل للتراث الفكري والتاريخ الإسلامي،
لمحاولة البحث عن أصول وجذور لقيم عالمية اتفق العالم أجمع على
صلاحها وأهميتها، ومن أهم هذه القيم الإنسان والحرية. وهذا
يقودنا إلى نقطة مهمة هي أهمية حياد السلطة السياسية في هذا
السجال ولا أقول الصراع، فإن هناك من القوى والجهات ما يسوؤها
فتح النقاش والحديث حول هذه المسائل، لأن ذلك من شأنه إضعاف
مكانتها وسلطتها وتنفذها. وهذا يقودنا إلى حقيقة أنه إذا كانت
الدولة فعلاً جادة في تبني خط الإصلاح السياسي كمنهج، فعليها
ملازمة الحياد، وفتح الأبواب على مصراعيها لهذا النوع من الحوار
والنقاش من غير ميل لطرف من الأطراف.
على افتراض أن الأرضية أصبحت صالحة وملائمة للعملية الإصلاحية،
فإننا نقترح نموذجاً أو برنامجاً للإصلاح:
سياسياً:
1. كتابة دستور واضح وصريح، يحدد العلاقة بكامل تفاصيلها بين
الحاكم والمحكوم، دستور ليس لأحد الخروج عليه أو مخالفته كائناً
من كان، وليكن المحور الأساس الذي يدور حوله هذا الدستور الإنسان
وحريته ورقيه وتطوره، ورفاهيته، وتوفير العيش الكريم له. المادة
الثانية الأساس في هذا الدستور هو الفصل الكامل بين الدين وبين
السياسة كممارسة ونشاط.
2. التأسيس لمجلس تمثيلي إنتخابي، يكون بمثابة السلطة التشريعية
وأن يتم تقييد فترة بقاء الأعضاء فيه بفترة إنتخابية محددة
المدة.
3. يمثل السلطة التنفيذية رئيس مجلس وزراء منتخب بمدة إنتخابية
مقيدة ومحددة، يقوم بكافة المهام التي يقتضيها منصبه من غير تدخل
خارجي، لا من جيش ولا من أسرة حاكمة، بما في ذلك تمثيل الدولة في
الخارج، وأن يكون أعلى سلطة تنفيذية في البلد.
4. قيام قضاء مستقل تماماً لا تؤثر فيه السلطة التنفيذية أبداً.
وأن يكون هذا القضاء ممثلاً في المحكمة العليا (أعلى سلطة قضائية
في البلد)، وأن يكون القضاء وفقاً للشريعة الإسلامية المستمدة من
القرآن فقط.
5. تأسيس مجلس رقابي الهدف منه مراقبة أداء الحكومة في تنفيذ
التشريعات الصادرة من مجلس النواب، وإحالة المخالفين من أعضاء
الحكومة إلى التحقيق ومن ثم المحاكمة إذا اتضح وجود تقصير أو
تلاعب أو تهاون في تنفيذ تلك التشريعات والقوانين.
6. العمل على إرساء قواعد متينة وراسخة للمجتمع المدني، الممثل
في الأحزاب والنقابات المهنية والعمالية والجمعيات الخيرية
العلمانية، وجمعيات الهوايات، وجمعيات ذوي الميول المتجانسة،
وتفعيل دورها في المجتمع.
7. إزالة القيود عن العمل الإعلامي، وعدم تقييده أو مراقبته أو
تجريمه بأي شكل من الأشكال.
إقتصادياً:
1. خصخصة قطاع الصحة والتعليم والمياه والمواصلات، على اعتبار أن
هذه القطاعات من أكثر القطاعات المستهلكة لموارد الدولة من غير
أي عائد منها، أو كما يسمونه المحاسبين، تكاليف ثابتة، تدفعها
المنشأة سواء أنتجت أم لم تنتج.
2. إصلاح إداري شامل في الدوائر الحكومية، والاعتماد على
التقنيات الحديثة في الإدارة، وإدخال الأنظمة المتطورة، وتفعيل
دور أجهزة الرقابة الإدارية وتقويتها والعمل على تحريرها من أي
قيود أو سلطة قد تحد من حريتها في أداء عملها.
3. دعم الجامعات وتشجيعها على البحث العلمي، وحث القطاع الخاص
على الشراكة مع هذه المؤسسات العلمية لاجراء أبحاث تخدم القطاع
الخاص الصناعي.
4. دعم وتشجيع الإستثمارات الأجنبية وسن القوانين والتشريعات
الجاذبة لها، والمهيئة لجو استثماري صحي، مع فرض بعض القوانين
والتشريعات لصالح المواطن كتحديد نسبة معينة من السعودة، تزيد
هذه النسبة باضطراد.
5. تحديد حد أدني للأجور لكل نوع من أنواع الوظائف، كالوظائف
المهنية والإدارية والفنية والحكومية وما إلى ذلك.
اجتماعياً:
1. تفعيل دور المرأة في المجتمع، وإتاحة الفرصة لها للعمل في أي
قطاع وفي أي مجال.
2. تطوير النظام التربوي وانتداب مجموعة من المختصين في كافة
المجالات والعلوم وبالتحديد في العلوم الإنسانية لوضع نظام
تعليمي يأخذ في عين الاعتبار المستجدات والمتغيرات في عالم
اليوم، مع التركيز على تأهيل الطالب للانخراط في سوق العمل،
بالتركيز على التخصصات التي يحتاجها سوق العمل، وذلك بعد عمل
دراسة ومسح ميداني لهذا السوق لمعرفة متطلباته.
3. إيجاد نظام تأمينات اجتماعية فعال، يكفل الحياة الكريمة
للعاطلين عن العمل.
4. إيجاد نظام تأمين صحي باستقطاع معقول ومقدور عليه من قبل
المواطن العادي.
ألم الإصلاح ( كأس) لا بدّ من تجرعه!
الكاتب:
Peace
أخيرا
انكسر قيد الصمت، وخرج قرار يتحدث عن صورة من المشاركة الشعبية
في المجالس البلدية. حسن، دعونا نبارك هذه الخطوة وإن كانت لم
تكن بقدر الألم الذي عاشه الكثير انتظارا لخطوات إصلاحية جريئة،
ولم تكن بقدر ما يفترض أن يصدره أهل العزم.
المجالس البلدية الحالية دورها (شوري) غير ملزم، ولا تنعقد إلا
بطلب من محافظ أو أمير المنطقة. فإذا كان الأمر كذلك في مجالس
المستقبل، فلن يكون اختيار نصف أو جميع أعضاء المجلس إلا ضوضاء
إعلامية لا حاجة لنا بها، ولا تعني شيئاً على الإطلاق بدون
(دستور) يقرر إستقلال القضاء وحقوق المواطن على الأرض السعودية،
وفصل السلطات التنفيذية من التشريعية التي تستمد مبادئها من
الشريعة الإسلامية ومقاصدها، وإصدار قانون إداري واضح يحدد شرعية
وإلزامية قرارات المجلس، كما ويقرر واجبات العائلة الحاكمة
وأدوارها السياسية!
إذا كان الأمر كذلك، فيجب أن يكون اختيار المجلس البلدي كاملاً
في كل منطقة، ثم يرشح المجلس البلدي ممثلاً له في مجلس الشورى،
الذي من الممكن أن يكون في البدء نصفه (معين) ونصفه الآخر يضم
مرشحين من المجالس البلدية، وذلك لفترة زمنية محددة، ثم ينتخب
بعدها مجلس الشورى كاملاً.
وقبل ذلك، على المجتمع والسلطة أن يدركا أن للإصلاح ألم يجب أن
يتجرعه الجميع. يجب ان تكون هناك تنازلات وحرية رأي، ودستور،
وقبل كل ذلك نية صادقة ليكون منهج الإصلاح واقعاً يعيش فيه
الجميع بأمان و حرية!
ألم الإصلاح يكمن في (فك) ألغاز التناقض في القرارات، فلا يمكن
مثلاً أن (تحرَم) التسول على المتسولين في الشوارع، وتحلل ذلك
لأصحاب (البشوت) وأحفاد شيوخ القبائل وأبناء الأسر المنتفعة!
هناك ألم يجب تجرعه بصمت، فالمجتمع صار في مرحلة من الوعي غير
مسبوقة. كذلك كيف نتحدث عن (الفقر) ومليارات المخصصات المجانية
تصرف لمئات الآلاف من الأسر وأبنائهم، ولمنسوبي (بندق الجهاد)
ولمستحقي (المناخ)، وغيرها من المال المهدر في غير مكانه! و كيف
نتحدث عن حلول البطالة، وشبابنا يفتقر لقيم العمل؟ وكيف
يكتسبونها ومثلهم (الأعلى) في المجتمع: مواطن ينجح في كسب المال
من أبواب (العطايا) ونوافذ (المنح)؟. فلسفة الإصلاح أيها السادة
تحتاج أولاً إلى إعادة ترتيب لـ (هرم) القيم في المجتمع، وتجرع
بعضاً من (ألم) التنازل عن كثير من الإمتيازات (الخاصة).
تأخير تحقيق بعض من هذه الشروط الضرورية، قد يمزق ما بقي من
روابط بين فئات المجتمع، ثم يتحول الوضع إلى حالة من
(اللاقابلية) أو الرفض لكل قرار يتأخر كثيراً عن مواكبة مراحل
التطور في المجتمع. و(اللاقابلية) هي بالضبط ما حدث من ردة فعل
غير مشجعة لقرار الانتخابات البلدية، والتي أجزم أنها ستكون أفضل
بكثير لو كان القرار صدر في أوائل التسعينات الميلادية، فلكل
زمان قراراته!
الانتخابات البلدية واللاكنيون في السعودية
الكاتب: برجس
مشكلة الكثيرين أنهم يتعاطون مع السياسة بمفاهيم ثقافية. في
الثقافة يمكنك أن تتحدث عن وجهة نظرك كمثقف يتعاطى بشكل رئيسي مع
ما يجب أن يكون. لكن في السياسة يجب أن تتحدث وتعمل وفق ما يمكن
تحقيقه. لأن السياسة هي فن تحقيق الممكن، لا فن تحقيق الواجب، أو
ما يجب أن يكون. وبين الممكن والمفترض مساحات شاسعة، ربما تقطعها
الآمال والطموحات والأحلام، لكن هذه الثلاثة ليس لها صلة مباشرة
بالواقع بتاتاً.
هذه الاشكالية الرئيسية، في نظري مر بها المثقفون والإصلاحيون
عندما أرادوا أن يتخذوا موقفاً أو يبدوا وجهة نظرهم حيال قرار
الانتخابات البلدية الأخيرة، وبخاصة من اعتبرها مولوداً خداجاً،
أو لم يعتبرها أصلاً تقدماً، أو عدها خطوة متعثرة على طريق
الاصلاح.
ان عهداً طويلاً من العمل السياسي، وان كان من جانب الحكومة فقط،
كان يتعامل مع مفردة الانتخاب باعتبارها هاجساً مخيفاً، وتابو
يمنع الخوض فيه، بل وربما يتهم من يتحدث عنه، ثم عندما يأتي
بتشريع حكومي، وإن كان جزئياً، يأتي من يعتقد بأن اتخاذ مثل هذه
الخطوة لا يعتبر تقدماً، فهو اما لا يفهم في طبيعة اتخاذ القرار
في بلادنا، أو أنه يتعامى عن الخلفيات السياسية والثقافية التي
تشكل أرضية القرار.
ولا ابالغ عندما أقول أن الأمريكيين تفاعلوا مع القرار بإيجابية
أكثر من فعالياتنا الثقافية والفكرية، ففي الوقت الذي رحبت فيه
الحكومة الأمريكية، وكتبت صحف امريكية انه خطوة لافتة، بالنظر
الى الخلفيات السابقة عن بلادنا، ظهر علينا اللاكنيون، فقالوا:
نريد أيضاً ونريد ايضاً ونريد ونريد. تذكروا أن الخيار الأسهل،
هو أن ترفض كل شيء، أو تقبل كل شيء، لكن الأصعب هو أن تأخذ وترفض
بعقل، وتقبل بعقل. وتعرف متى ترفض ومتى تقبل، وكيف ترفض وكيف
تقبل. أعان الله الاصلاح، على اللاكنيين من أبناء جلدتنا.
خدعوهم بقولهم: إنتخابات!
الكاتب: سياسي
إدخال الإنتخابات كآلية أمرٌ في غاية الأهمية بالنسبة لبلد مثل
المملكة وشعب لم يتعود العمل السياسي مثل شعبها. لكن أن تنتخب في
صلب الموضوع السياسي مثل أن تصوت على دستور، او تنتخب عضو مجلس
الشورى، أو حتى مجلس منطقة، وبين أن تنتخب عضو بلدية.
الآلية هنا تفتقد قيمتها، لأن نتائجها وأهدافها جدّ ضئيلة وضحلة.
لا يجب أن ننشغل بالآلية عن المضمون. ومضمون الإنتخابات البلدية
أعلى من الصفر قليلاً. وعند البعض عودة الى ما قبل درجة التجمد،
أي ماقبل الصفر.
المضمون هو المهم.. الغاية هي المهمة.. أما أن تركب آلة
الإنتخاب، دون هدف فهذا تضليل.
تصور أن توضع لك طائرة جامبو لتنتقل من حي الى حي! ما فائدتها؟!
إنك لا تستطيع استخدامها، لأن الهدف خطأ من أساسه.
قد يكون المثال غير دقيق، ولكن المعنى هو المهم.
فكروا في النتائج: في الدستور في انتخاب الشورى قبل أي أمر آخر.
إذا كان مجلس الشورى المعين لم يصنع لنا شيئاً، فماذا يمكن ان
ننتظر من مجلس بلدي؟
لن يطول انتظاركم قبل ان تروا البلد مزقاً للعنف والتطرف والحاجة
والمسكنة ومختلف الأمراض.
حتى لو ذهبنا وقبلنا به ورحبنا به جميعاً بنسبة مائة بالمائة..
فإن الأمراض التي في البلاد لا يحلها المجلس البلدي سيعين آخر
العام القادم (بالميلادي)!
لن يطول عمر الحمار ليرَ الربيع القادم!
صدقوني!
خطوة
في الطريق الصحيح
الكاتب: الأجودي
المجالس البلدية خطوة في الطريق الصحيح. ولايمكن أن تتم
انتخابات على مستوى مجالس المناطق أو مجلس الشورى، بدون أن
تسبقها انتخابات بلدية، جزئية، أو كامله.
المزايده لن تؤدي الا الى التخبط، البعض يحاول التشكيك بكل خطوة
اصلاحية ووأدها في مهدها، وتقزيمها، لكي يبقى الخيار المغالي، أو
التدميري أو المعادي للشرعية، هو الخيار الوحيد.
أغلب الاصلاحيين كانوا ينادون أن تبدأ الامور بانتخابات بلدية،
كما حصلت بكل البلدان. والتي تتصل بالامور الحياتية المباشرة
للناس ن ثم الانتقال الى المجال المناطقي والتشريعي. أقول
(الاصلاحيين) الذين يؤمنون بأهمية النظام القائم فعلى حد علمي أن
مصطلح (إصلاحيون) تعني تلك الشرائح التي تتمسك بالنظام القائم
وتحرص على بقائة واصلاحه. هؤلاء الاصلاحيون كانوا يرون أن
الانتخابات غير ضرورية، لأنها قد تدمر التجربة القائمة، وهم يرون
الآن انها ضرورة اذا جاءت بالتدريج.
أمس في قناة الاصلاح قال أحدهم ( أن النظام السعودي ينهار
ابشركم) وكأنه يبشر العباد بخبر مفرح.
تقول: (حيلة ديموقراطية)؟ الا ترى أن في هذا إسقاط متعسف لمفردة
لا تناسب الواقع. يمكن أن تتم هذه الحيلة في تركيا، أو مصر، أو
العراق، لان الحيلة الديموقراطية مقبولة في سياق الثقافة
السياسية السائدة. ولكن هنا في السعودية؟!
الا ترى أن مجرد الحيلة الديموقراطية بحد ذاتها، حيلة مقبوله
لانها جديدة، وحديثة، ووضعت امامنا مفردة جديدة هي المشاركة
الشعبية وان كانت في أول بداياتها. لا تقل لي المجالس البلدية
ايام الملك عبدالعزيز، وفيصل الخ. فالانتخابات البلدية الجديدة،
هي أول اعلان عن مشاركة شعبية على المستوى الوطني، وبانتخابات
تطول كل المناطق والشرائح وبإعلان اصلاحي يتجه للاصلاح عبر بوابة
المشاركة الشعبية.
بدل أن نقف طويلا حول هذه الخطوة وتهشيمها علينا أن نصيغ الخطاب
الحديث والمعاصر الذي يضمن للإصلاحيين وجودهم في المشاركة
الشعبية الواسعه التي يبدو أنها قادمة لا محالة. لعل الفسحة
الزمنية قبل انتخابات الشورى، هي في صالح التقدميين، بدل أن
يبتلعهم تيار القبائل والمغالاة والرفض الحماسي.
على
(الأجودي):
بين التافه والمستحيل
الكاتب: سياسي
اذا اتفقت معك على أن مجالس البلدية هي الأساس، حينها تبقى
نقطتان اضمنهما وأؤيدك.
الأولى سأتنازل عنها لاحقاً وهي أن يكون هناك مجلس بلدي منتخب
كاملاً!
الثانية التي لن أتنازل عنها وهي تنقسم الى شقين: أحدهما: ان
تكون الإنتخابات البلدية جزءاً من انتخابات عامة. وهذا لم يعلن
عنه حتى الآن ولم يحدد بوقت (الوقت مهم كما تعلم). والآخر: أن
يسبق كل الإنتخابات البلدية وغيرها: إحصاء، وتحديد الدوائر
الإنتخابية التي عادة ما يتم التلاعب فيها، والدوائر الإنتخابية
حتى الآن وكما يوضح البيان الرسمي مخبوصة لأمر في نفس يعقوب.
وقبل هذا كله لا بد أن يكون هناك دستور، وبدونه ـ انظر تجربة
البحرين وغيرها ـ لن نعلم أين موقع المجلس البلدي من الخارطة
السياسية أصلاً.
نحن لحد الان لا نعرف اننا مقبلون على إصلاحات ام لا؟ لسنا
متأكدين. أنت متأكد، أنا أرى العكس! اي لن تكون هناك إصلاحات.
ضع لي دستوراً وقل لي ان المجالس البلدية والمناطقية والشورى
(المنتخبة جزئياً او كلياً) جزء من النظام السياسي الذي سيقوم.
وانه ستكون هناك حريات بعد عشرين سنة! سأقبل حينها.
أما ان ترمي الحكومة بعظمة لا نعرف كنهها ولا موقعها ولا
مكوناتها ولا علاقتها بالظرف الذي نحن فيه، ثم نقبل بالأمر
(اعتماداً على حسن نيتنا في النظام) فهذا لا يقوم به سياسيون، بل
يقوم به (حالمون).
نعم من يريد الإصلاح لا يطالب بإسقاط النظام! ولكن ايضاً لا
يطالب بالتوافه. لنقسمها! نطالب جميعاً بمستوى بين (التافه)
و(المستحيل) حسب قول أخينا الدكتور الحمد. وأظن ان الوسطية هي ما
جاء في وثيقة الرؤية.
آلية الإنتخاب هي المهمة
الكاتب: الأجودي
الاعلان يقول انه ستجري انتخابات بلدية، وسوف (ينتخب) نصف
الأعضاء. بالنسبة لي، أنا يهمني مبدأ الانتخاب، واعتناق الحكومة
لهذا المبدأ ولو بحذر. وأعتقد ان ذلك شجاعة منها وسط مجتمعنا
القبلي العريق. ومجرد اجراء انتخابات بلدية يعني ابتداء عملية
تنظيم واحصاء وتحديد الدوائر الانتخابية، اي وضع اللبنات
الاساسية لهذا الاتجاه. وكل ذي لب يعلم ان الاعلان عن الانتخابات
البلدية يعني انطلاق اسلوب الانتخاب في كل المجالس. ولاننا نعلم
أن السياسة وبناء الدول والحفاظ على الممالك لا يشبه اساليب
ألأنظمة الانقلابية والدول العسكرية، لان الممالك لا تأت في غفلة
أمنية، أو بملء السجون بالنخب، ولانها لا تخاف من ثأر سياسي أو
غضب تاريخي.
أما مطلب الدستور قبل ذلك، فهو تعجيز. الدستور أكثر تعقيدا من
الانتخابات، لان الدستور هو لب المسألة الشعبية، هو العقد بين
الشعب والسلطات، من الذي سيضع الدستور؟ الحكومة نيابة عن الشعب؟
أم وضع الالية التي يتمكن فيها الشعب من اختيار ممثليه لوضع
الدستور البيضة أول أم الدجاجة؟!
لو وضع دستور، لقيل أن الدستور كتب بليل، وأن الشعب لم يكتب
دستوره. هل يمكن ان يكتب دستور، بلا استفتاء؟ وهل يمكن أن يجري
الاستفتاء بدون تجربة أولية للتعرف على مفهوم المشاركة الشعبية
الحديثة عن طريق انتخابات بلدية يمكن تجاوز قصورها لو حدث؟.
أرجو أن لا يقارن بلد مترامي الاطراف، ومتعدد الثقافات،
والاقاليم والقبائل، كالسعودية بمدينة واحده كالبحرين.
البداية الصحيحة بوضع الدستور
الكاتب: سياسي
في ظني لا يوجد (مجتمع قبلي) في كل العالم العربي، إلا اليمن!
القبيلة إن كانت عائقاً، فلماذا عندنا دون عندهم؟!
لقد كتب لنا الأخ عروة بن الورد او نبهنا بحق، الى أن القضية يجب
ان تبدأ بالدستور، وتأكدت أهمية مقولته بعد أن رأينا المجلس
البلدي. إذا كانت القضية مجرد (تجربة) ما إذا كنا نعرف ان نضع
الورقة في صندوق الإنتخابات.. فلماذا لا نجربها في الإستفتاء على
دستور؟! حتى ولو كان الرأي الشعبي يقبل (بنصفه) أي يحق للحكومة
أن تعين نصف من يعد الدستور، والجمهور النصف الآخر؟!
لقد اعجبتني مسألة الأنصاف والأثلاث هذه! لم لا؟
بدل ان ننتخب نصف مجلس بلدي (تافه) مع احترامي للقراء، لم لا
ننتخب (نصف أعضاء يضعون الدستور) او لنقل (نصف دستور) ثم نصف
بلدي ثم نصف مناطقي ثم التطور الهائل (30%) من مجلس الشورى! حسب
قول الحبيب محمد سعيد الطيب لروجر هاردي مراسل البي بي سي؟!
إذا تحدثنا عن البداية الصحيحة فهي ليست البداية بمجلس بلدي بل
الدستور، او على الأقل مجلس الشورى. كل ما يقال حول قارية
المملكة او نصف قاريتها، لا معنى له كثيراً لدي. فالتعدد محفّز
للتطور السياسي كما هو في كل الدنيا، وليس معيقاً. لا أحد إلا
القلّة من (المنظرين) يعتبرونه معوقاً. القبلية والمناطقية
والطائفية تحفز على التغيير والانتخاب، لأنه بدون ذلك تحدث
المشاكل وتتعمق بشكل مخيف ومؤثر على بنية الدولة. اما في البلد
المتجانس عرقياً او مذهبياً او أثنيا فإن كثيراً من المخاطر يمكن
تفاديها.
كلما قلبت فائدة هذا المجلس والأهداف من ورائه وحاولت إقناع نفسي
بأن الأمراء اطال الله عمرهم في طريق الإصلاح أعود فأشك في
عقلي؟! سلامة عقلك وعقول القراء.
السعودية أم القبليّة
الكاتب: الأجودي
السعودية هي أم القبلية في جزيرة العرب. اليمن لم يكن قبليا من
قبل، كان مملكة قائمة، بدولة ونظام. وكانت في طور التحول الى
العصر. الان اليمن قبلي. تحكمه القبيلة، وتبث روحها، وتنشيء
احزابها، وتقيم ثكناتها وجيوشها.
أنت لا تلاحظ القبيلة في السعودية، لان المعادلة السعودية
استوعبتها بنجاح، وتدرج.
هذه هي الف باء جغرافية السياسة في هذا الوطن.
تركي الحمد وغيره كثير من مثقفي السعودية، يدركون نسيج الحضن
الذي يعيشون فيه، وليسوا مستعدين لاخضاعه للتجربة والجراحة
التجريبية، ارضاء لمباديء النموذج المتخيل. المجالس البلدية،
كمؤسسات ذات طابع حضري ومدني هي الأنسب للبداية السليمة. لا يمكن
ان اتوهم حالة مخالفة لكي ارضي شغفي العصري، ولا يمكن أن اغامر
بمصير التجربة القائمة والديناميكية، الا بعلم وبنضال بحثي
ومعرفي وسياسي يقنعني بسلامة المنهج. أين هي مرجعياتكم المعرفية
التي تخص الوطن، وتخدم برنامج التغيير السياسي الصحيح، وتجعل من
مطلب الانتخابات العامة أمرا عاجلا ومهماُ الان؟ طبعا غير منهج
التجريب، أو نظرية لن يكون الوضع أسوأ. أو تبني الرؤية الأقلوية.
اقرأوا بلادكم يا أهل العقل. تفحصوها. اقتحموا تجربتها. وهاتوا
لنا البراهين والموقف الصحيح، وسوف نتبعكم بعدها، ولو دخلتم جحر
ضب لدخلناه وراءكم.
في مقولة الحفاظ على التجربة!
الكاتب: سياسي
لم أكن أريد أن أناظر حول رأيي بشأن القبيلة التي تفهمها أنت
وتعيشها في حين لا أحس بها أنا أو لا أفهمها أو لم أقرأ عنها أو
لا أدرك خطرها أو أي شيء آخر!. لا أريد أن أجادلك بشأن اليمن. لك
رأيك! القبيلة كانت ولاتزال في اليمن أقوى منها في المملكة،
ويكفيك الشواهد، وأهم شاهد على ذلك، أن المراكز الحضرية في
المملكة خاصة في الشرق والغرب ليست قبلية، في حين أن القبلية في
اليمن الجنوبي قمعت قبل أن تطل برأسها مجدداً في عهد الوحدة
لأسباب لا تخفى عليك.
كأنك تريد أن تقول بأن القبلية في المملكة لا يوجد لها نظير في
العالم. لا أفهم لماذا لا تكون القبلية كذلك في الإمارات او عمان
مثلاً او حتى العراق! إذا لم يعجبك اليمن؟
أرى انه يجب التمييز بين (القبلية) كانتماء عاطفي، وبين (الروح
القبلية) والتراث القبلي لأي بلد. في هذه الحالة يمكنك القول بأن
الروح القبلية في المملكة أخطر من غيرها.. نظراً لتجربتها
التاريخية في صناعة البلاد، او نظراً لحديتها وعنفها الذي لم
تخمده كثيراً نشأة الدولة وجهازها البيروقراطي.
ليس صحيحاً ان القبيلة استوعبت في المملكة، بل الصحيح أنها همّشت
بعد أن أنجزت دورها في صناعة الدولة، وبقيت تعيش على الكفاف وعلى
صدقات وشرهات الدولة. وإذا كانت القبيلة قد استوعبت فإذن لا خطر
من ذلك؟ فلماذا تكون عائقاً إذن؟ تكون عائقاً حين لا تستوعب، اما
اذا استوعبت فيكون الحال خلاف ما تنظّر له من أن القبلية تدفع
بالتدرج بالإصلاحات الخ.
قالوا ان اليمن مصدر العرب، ولم يقل أحد ان السعودية أم القبيلة؟
هل هي أم القبيلة في الحجاز الحضري: مكة والمدينة وجدة؟ هل هي
كذلك في المراكز الحضرية في الشرق، قبل ان يغير النفط
ديمغرافيتها؟
النموذج المتخيل والجراحة التجريبية هي من صنعكم، هي بقبولكم
مبدأ الإنتخابات البلدية بدون دستور يحدد معالم النشاط السياسي
في البلاد. لقد ضربت انت مثلاً على أولوية المجلس البلدي،
فوافقتك وطرحتُ من جانبي الدستور قبله فرفضته أنت. وأعطيتك
مثالاً البحرين، وقبلها ايران التي يوجد بها مجالس بلدية،
وسيأتيك العراق لاحقاً، فالدستور اولاً يا أخي؟ هذه هي البديهية
التي غابت عني وعنك ربما؟ وليس المجلس البلدي.
القبول بالمجلس البلدي على النحو الحالي هو الذي يضعنا أمام
التشريح والتجربة وليس الدستور، فما هكذا تورد الإبل فتأتي
بالعربة قبل الحصان. قل لي في أي علم سياسي قرأت ان البداية لغير
الدستور؟! قل لي أي بلد نظمته الأمم المتحدة بعد حروب طاحنة لم
يبدأ بالدستور؟!
قل لي أي إصلاحات وجدتها في البحرين او الكويت او غيرها بدون
تعديل أو وضع للدستور؟ نحن بدون دستور، ولا نعلم أين يقع انتخاب
المجلس البلدي بنصفه أو بكله منه؟
ما اقوله ليس نموذجاً متخيلاً، كما ترى، بل المتخيل هو النموذج
السعودي الذي تحاول تلميعه ولا أحد يريد الإقتناع به! هذا الذي
يجعلني ويجعلك نتخيل ونصطدم مع بعضنا بحدة حتى في شأن واضح: هل
هذا المجلس جزء من الإصلاحات السياسية ام لا؟ لو كان هناك دستور
لعلمنا بالأمر ولم نشكك بالنوايا، وفهمنا مبتدأنا ومنتهانا.
ولربما اقتنعت بقولك ان المجلس سيكون البداية السليمة!
بالله عليك أجب القراء هنا: لماذا لا يكون مجلس الشورى هو
البداية السليمة؟ ولماذا لا يكون مجلس المنطقة هو البداية
السليمة؟ ولماذا اخترت المجلس البلدي ليكون البداية السليمة؟ هل
بينك وبينه صلة قربى ورحم؟! أم أنك مغرم بالذي هو أدنى؟!
لا تريد أن تغامر، وكأنك صانع قرار، او تتخيل أنك جالس على
كرسيه! وكأنك أحرص من صانع القرار على كرسيه ومصالحه!! وهل هذا
المجلس لا يشكل مغامرة، بل مقامرة بالإصلاحات؟! إذا طلبنا انتخاب
مجلس الشورى يصبح مغامرة ومقامرة؟! في أي عرف أو عقل هذا؟ لا
تريد ان تغامر بالتجربة القائمة؟! يالها من تجربة قائمة وقاعدة
وساجدة وراكعة!!! ويا لها من تجربة نقبض عليها بأسناننا
ومخالبنا! أين هي التجربة التي تريد حمايتها من أمثالنا
الراديكاليين الذين يفتون بغير علم؟!
هل مجرد الإعلان عن مجلس بلدي يصبح لدينا تجربة نريد ان نحافظ
عليها، وتريد مني نضالاً معرفياً وكأني أكتب بجهل وحماقة؟!
وتفتيني في القبيلة وكأني من أعيش في عالم غير عالمي! وتريد
علماً ناصعاً في السياسة وكأني مبتدئ لا أفقه شيئاً، وان ما
أقوله مجرد حكايات تسلية لا تخضع لمعايير العلم والمعرفة.
ألم تستطع أن تميز (عمق) ما أكتبه؟! هل أضطر ان أضع الدال نقطة
(د.) حتى تعتبر بكلامي وتقدره، كما يريد أخونا العزيز الدميني؟!
أخي لست متطفلاً على العمل الوطني بل أنا في صميمه، بل في صميم
صميمه إن أردت، وقريب مما يجري ومشارك في صناعة بعض ما يجري أو
كثير منه في بعض الأحيان.
|