مؤتمر الحوار الوطني الثاني

بلورة الأهداف والآليات

 

انتهى مؤتمر الحوار الوطني الثاني المنعقد في مكة المكرمة، بإشاعة المزيد من الألفة بين تيارات الوطن المتخالفة والمتصارعة مذهبياً وثقافياً وبالضرورة سياسياً. أهم ما حققه المجتمعون هو خلق أجواء من القبول بالآخر وإن على مضض، كأمر واقع، وكمصلحة وطنية، هي بالضرورة جوهر المصلحة الدينية.

غير أن الإنتقادات لمؤتمر الحوار كثيرة، بعضها في الشكل، والآخر يدخل في خانة المضمون. هل أراد صانع القرار من المؤتمر أن يكون بوابة إصلاحاته من الزاوية المذهبية الثقافية، ليدخل فيما بعد في صلب الموضوع السياسي؟ أما كان التركيز على الموضوع الفكري بديلاً عن الإصلاح السياسي؟ لا نعلم بالضبط ماذا يدور في ذهن صانع القرار. فهناك من يقول بأن مؤتمرات الحوار على أهميتها، والمركز الذي أنشئ من أجلها ليس (بوابة التغيير) بقدر ما هو (إلتفاف على التغيير).. فهو من جهة، جاء ليتجاوز المطالب السياسية التي حررها الإصلاحيون السياسيون، والذين لم يمثلوا في الحوار الوطني إلا بأفراد قلائل؛ وأن الحوار بين مشارب المجتمع مختلفة، وبالأفراد المنتقين من قبل الطاقم السياسي توفر بديلاً عن إصلاحيي العرائض ـ كما يسميهم البعض ـ فضلاً عن أن التجمع نفسه يمثل أحد البدائل عن المؤسسة الدينية غير الفاعلة، وورقة بيد المسؤول يمكن أن يلوح بها كبديل لتلك المؤسسة أو كورقة ضغط عليها لتتماشى مع متطلبات الدولة في وضعها الحالي.

هناك من يعتقد بأن فكرة المؤتمر لا تعدو ان تكون خلق (حزب) شعبي يدعم الأمير عبد الله مقابل الأجنحة الأخرى، بحيث يوفر قدراً من الإصلاحات، ولكن الإصلاحات ليست هدفه الجوهري، كما يقول هؤلاء. وهناك من يرى بأن النظام السياسي في المملكة لا يمتلك أية رؤية مستقبلية حول نشاط المتحاورين ولكنه يريد أن يسعى لتكتيل الشارع السعودي ضدّ خصومه العنفيين، أي أن المؤتمر مجرد ورقة تستخدم لعلاج مشاكل آنية فكرية وسياسية تفرضها السلطة دون أن تظهر على السطح ليتم الحديث عنها ومعالجتها من قبل نخبة متنوعة من المواطنين.

أياً تكن أهداف صانع القرار من المؤتمر الثاني للحوار والمؤتمرات القادمة، فإنه يواجه بمشاكل عديدة: فسريّة المؤتمرات تجعلها أقلّ جاذبية وتأثيراً في الشارع، وقراراتها إن لم يتم تفعيلها فإنها ستصبح بلا جدوى: مجرد (جنادرية أخرى محليّة) تتغير فيها الوجوه كل مؤتمر ولقاء، ويتغير فيها الموضوع. إذا لم يحقق المؤتمر الثالث القادم للحوار منجزاً على الأرض، سيطويه النسيان، وسيصاب بعزلة قاتلة، وسينشر الألم والإحباط بين المواطنين أكثر فأكثر. أي قد ينقلب السحر على الساحر، خاصة مع ملاحظة تصعيد التطلعات والآمال لدى المواطنين من قبل المشرفين على الحوار الوطني، وكأنه فتح مجيد. فإذا ما تبخّر ولم ينجز شيئاً تغلّبت قوى التطرّف من جديد، وتصاعد العنف، وانفجر الشارع المغيّب والمجهد بأعباء إقتصادية واجتماعية وسياسية.

ربما هناك من لا يريد أن يكون مركز الحوار انطلاقة جديدة في الإبتعاد عن موضوع (الحوار الثقافي الداخلي بين شرائح المجتمع) ليدخل في صلب المشكلة (وهو الحوار السياسي بين السلطة ونخبة المجتمع). فمن يريد الإصلاح السياسي، لا بد أن يتحاور مع المهتمين والناشطين السياسيين وممثلي الجماعات والتيارات في المملكة. أما الإستمرار على الوضع الحالي، أي أن تشرف السلطة على حوار الأطياف المختلفة في المجتمع، وكأن الأزمة في المجتمع دون السلطة، فهذا لا يمكن فهمه إلا على نحو سيء وهو أن السلطة لم تصل الى قناعة بضرورة الإصلاح السياسي، وأن ما يجري مجرد وسيلة (تأجيل) وليس (تأهيل) للدخول في (صلب الموضوعات الوطنية).

يكشف حجم ما نشر في الصحافة السعودية (من مقالات) حول الحوار الوطني عن ضعف في الإهتمام، إما بشكل متعمّد من قبل فئات (سلفية) لا ترى فيه قيمة، ولا تتمنى له النجاح، وهذا واضح من خلال مقالات صحيفة (الجزيرة) التي تكاد لم تنشر منها شيئاً على الإطلاق؛ أو لأسباب سياسية، انعكست مثلاً على جريدة الرياض التي يمكن أن تكون تحت تأثير الجناح المعارض للأمير عبد الله داخل العائلة المالكة.

ومع قلّة المقالات التي كتبت عن الحوار الوطني، فإن الكثير منها ـ كما يتوضح ـ يميل الى النقد والسلبية. النقد لهذا المؤتمر بعكس سابقه، كان حجمه مضاعفاً، وقد تكون الأسباب أن هامش الحرية الصحافية ازداد، أو لأن خيبة الأمل بانت أكثر، أو لأن العديد من الفاعليات السياسية تمّ تهميشها. ومع أنه لا تخفى إيجابيات المؤتمر، لكن توقف عطائه المتوقع يغري بالحديث عن كيفية تحويله (حقاً) الى بوابة للإصلاحات السياسية، وهي لب القضية وجوهر المشكلة.

كي يكون مؤتمر الحوار ناجحاً في طبعته الثالثة القادمة في بداية أبريل، يجب أن يتحول موضوع النقاش الى كيفية الإصلاحات، وماهيتها: وكيف تبدأ، وكم ستستغرق، وماذا سيلزم من إمكانات، ومن سيساهم في صنع الإصلاحات من القوى الحكومية الرسمية والقوى الشعبية. وفي موضوع الحضور يجب أن يكون لتيار النخبة الذي وقع عرائض الإصلاح من سياسيين ورجال دين وليبراليين وأكاديميين وصحافيين رجالاً ونساءً دوراً أساسياً في رسم آلياته ومناقشة موضوعاته، على أن يكون تعاطي العائلة المالكة مع المقترحات التي يتقدم بها المؤتمر الثالث إيجابياً، ويبدأ البت الفعلي باتجاه التغيير المنشود.

هذا هو ما كنا نتحدث عنه: (المشروع الوطني) و (الحوار الوطني) قبل أن تختطفه السلطة وتحوله الى حوار مذهبي أو فكري. إنه الحوار المؤسس لعقد اجتماعي بين المواطن والدولة، لا أن يحل مشكلة الإنتماءات المذهبية والقبلية والتطرف وغيره، وهي موضوعات مهمة، ولكنها ليست جوهر المشكلة. الجوهر سياسي، ويجب أن يتحدث فيه بكل صراحة قبل أن يجرفنا طوفان التسويف والعنف والتخلف.

 

===-

 لماذا لم تُشرك النخبة الإصلاحية السياسية في الحوار الوطني؟

يوسف مكي

  

إن اجتماع أفراد يتفقون في نظرتهم إلى الموضوع المطروح، وينتهج جلهم مواقف متقاربة تصل حد التوافق، ولا يمثلون إلا أنفسهم كأفراد، قد لا يشكل إثراء للمناقشة ولا يضيف شيئا مهما كثيرا. الملاحظ من قراءة قائمة أسماء الحاضرين، التي تداولتها الصحف المحلية، أن معظم المشاركين، باستثناءات قليلة، يقتربون في رؤيتهم لمفهوم الغلو، ولا يختلفون كثيرا في التفاصيل. لقد جرى استبعاد النسبة الأكبر من النخب الاجتماعية والكوادر الثقافية التي اضطلعت بأدوار أساسية في صياغة الحراك السياسي السلمي الذي جرى في البلاد والذي عبر عن نفسه، في عدد من الوثائق والعرائض التي قدمت للقيادة السياسية في المملكة. ومن المؤكد أن حضور نسبة أكبر من تلك العناصر لهذا الملتقى، كان سيشكل إضافة نوعية، ستؤثر إيجابا على النتائج والتوصيات التي سوف يتوصل إليها المشاركون. وفي هذا السياق نؤكد، على أن النهوض بفكرة الحوار، تقتضي تجنب سياسة الإقصاء، والانفتاح على الجميع، فالوطن هو حاضن الجميع، وكلنا في قارب واحد، والمطلوب أن نعمل جميعا حتى تصل بنا السفينة إلى بر الأمان.

الوطن 31/12/2003

 ***

 تفعيل التوصيات وإلا فشل الحوار

محمد رضا نصر الله

 أختم بالملاحظة المتمحورة حول عدم الأخذ والتصديق بما جاء في اللقاءين الأول والثاني من مؤتمر الحوار الوطني، ما لم تتحول توصياته إلى مشروعات عملية ملموسة، في إجراءات الدولة الإصلاحية.. هذا هو مربط الفرس.. وأمل الآملين.. ذلك أن ما يثار اليوم على أعمدة الصحف، وبرامج التلفاز من معالجات نقدية لقضايا بلادنا المعلّقة الشائكة، بحاجة إلى إرادة سياسية لفرضها حقائق موضوعية جديدة في المجتمع.. وعلى صعيد توصيات اللقاء الثاني؛ فإنه لو تم الأخذ فقط بمبدأ عدم التمييز بين المواطنين، في حقوقهم وواجباتهم، في المرحلة الأولى، لكفى ذلك منالاً، باستحصال استحقاقات أخرى قادمة، علينا العمل على انتزاعها بأسلوب متدرج رشيد.

الرياض، 3/1/2004

***

 الحوار سرياً بعيداً عن هيمنة الجمهور

 عبد العزيز الخضر

 اللقاء له خصوصية وجلساته مغلقة، وهو ما أؤيده فلسنا بحاجة للحكي العلني المستهلك، فنحن أحوج ما نكون للسرية لهزيمة الأفكار المغلوطة والتي يتمسك بها نخب علمية موجودة وإقناعها في الخفاء، والعلن ربما يعزز روح العناد العلمي، إذ إن التحرر من سيطرة الجمهور هو أول خطوة لمساعدة العالم أو المثقف على تغيير أفكاره الخاطئة التي يسوقها في كتاباته ومحاضراته وخطبه، لكن شريطة أن نحقق أهم مبرر للسرية بالاقتصار على معالجة القضايا الساخنة في وعينا الديني والاجتماعي والثقافي وتقديم الدراسات حولها، والبحث فيها مباشرة وتجاوز الاستعراضات التقليدية التي هي تحصيل حاصل وليس هناك جمهور حاضر وإنما نخبة لا تحتاج لمثل هذا التثقيف.

الوطن، 31/12/2003

 ***

 المرأة والقرار الوطني

 سليمان العقيلي

 لا تمثل المرأة عبئاً في الشأن السعودي، لكن البعض خلق منها قضية من لا شيء من خلال تفسيرات متهالكة لإطار ضيق آخذ في التقوقع عن دورها.. مما جعل البعض يعتقد أن ذلك عقيدة سعودية تجاه المرأة. ولقد استجابت القيادة السياسية أخيرا للمطالب الداعية لمشاركة المرأة في الحوار الوطني.. ولعل تجربة ناجحة مثل تلك تشجعنا على الانخراط في دمج المرأة في كافة اللجان الوطنية سواء تعلق الأمر بالمجالس العليا للدولة مثل المجلس الأعلى لسياسة التعليم مثلاً، أو اللجان الفرعية لمجلس الشورى تمهيداً لمشاركة فاعلة للمرأة في عضوية مجلس الشورى في المستقبل المنظور. إن مشاركات المرأة في القرار الوطني ينبغي أن تدفع بأفكارنا وبجهدنا حتى لا نجد أنفسنا أمام تحديات جسيمة يستعصي علينا الاستجابة لها مستقبلاً. فمن الواضح أن القرن 21 هو قرن المرأة وحقوق الإنسان، وتراثنا الفقهي والاجتماعي كان فيه للمرأة دور حيوي في الحياة الاجتماعية والوطنية، وليس أمامنا اليوم إلا أن نطور هذه الصيغ التي تمارس فيها المرأة وظيفتها الوطنية.

الوطن 30/12/2003

***

الحوار تحت ضغط الداخل والخارج

 محمد علي الهرفي

 سعت بلادنا إلى تأسيس مفهوم عملي للحوار بين طبقات المجتمع وأفراده إدراكاً منها لأهميته من ناحية ولما تتعرض له بلادنا من ضغوط خارجية وداخلية من ناحية أخرى، فالحوار في هذا الظرف لم يعد ترفاً بل أصبح ضرورة ملحة. سيتحاور الحاضرون حول الصلة بين الحاكم والمحكوم، إذ لكل منهما حق على الآخر.. للمواطن حق في حريته لا يجوز الاعتداء عليها إلا بضوابط شرعية متفق عليها، وله حق في إبداء رأيه وإيصال هذا الرأي إلى الحاكم بكل قوة ووضوح، وله كل الحق في المطالبة بحقوقه من عدالة ومساواة وكذا حقه في حياة هانئة ينعم فيها بحقه في خيرات بلده.. ومقابل هذه الحقوق يجب عليه القيام بحق الحاكم من طاعة والتزام بحسب الشرع كذلك وكذا الاجتهاد في بناء وطنه والمحافظة عليه بكل ما يملك.

سيتحاور الحاضرون حول المشاركة السياسية وعلاقة هذه المشاركة بالتطرف سلباً وإيجابا.. هذا المحور له أهمية خاصة ودلالة خاصة كذلك. فأهميته تكمن في كثرة المطالبين بهذه المشاركة وعلى مستويات متنوعة. المشاركة السياسية ذات ألوان متعددة منها ما هو موجود في بلادنا ومنها ما نتطلع إلى وجوده، الحديث عن الانتخابات أصبح مكرراً وكثيراً ولولا أهميته لما حظي بهذا الاهتمام الكبير وبلادنا بدأت ولكنها بحاجة إلى المزيد ودون تردد.

الوطن 30/12/2003

 ***

 الحوار الوطني: السرية لا تؤسس منهجاً للحوار في المجتمع

سليمان العقيلي

 نتمنى أن تتدفق المعلومات عن (اللقاء الوطني للحوار) بالشفافية الكافية أفضل مما كانت عليه الدورة الأولى. نتفهم إلى حد ما الدوافع التي جعلت الحوار يدور خلف أبواب مغلقة؛ وهو أن تجري المداولات الفكرية بمناخ حر بعيد عن المزايدات السياسية، لكن هذا الأمر لا يمكن أن يستمر لأن البلاد تعيش مرحلة من المكاشفة مع نفسها. ثم إن الأجيال الجديدة التي نشأ بعضها على الأحادية الثقافية، فلا تجيد الحوار، كان يمكن أن تستفيد من أدبيات الحوار وثقافته وطرائقه المنهجية ومناخاته المتسامحة لو أن اللقاء الوطني للحوار الفكري نقل مباشرة على الهواء في الإذاعة والتلفزيون ونشر مفصلاً في أعمدة الصحف. ندرك أن البدايات تكون بسيطة وتلقائية ومتشبعة بثقافة المجتمع المحافظة، لكننا ندرك أيضاً أن هدفاً حيوياً وغير مباشر للحوار هو أن يسدي للمجتمع منهجاً جديداً في أسلوب التسامح مع الرأي المخالف ومع معتقدات وآراء الآخر (الوطني).

الوطن 27/12/2003

 ***

 الإعلام.. والحوار الوطني

عبد الواحد الحميد

 لاحظت حرص الكثيرين ممن تحاورت معهم على أن تكون الجلسات علنية أمام وسائل الإعلام، وخصوصاً التلفزيون، لنقل وقائع الجلسات إلى الناس باعتبار أن الهدف الأساسي هو إشاعة الحوار وصولاً إلى هدف أكبر وهو تحقيق التفاهم والتعايش واحترام الرأي الآخر في مجتمعنا الذي لم يتعود كثيراً على تحمل وجهات النظر الأخرى. ولاشك أن النقل الإعلامي لوقائع الجلسات أمر مهم. لكن هل من الحكمة أن يتم ذلك في هذه المرحلة؟

لقد قرأت وسمعت عن بعض تفاصيل الجدل الذي جرى بين الشيخ البرجس وكل من الدكتورة هند الخثيلة وسهيلة زين العابدين.. ثم قرأت بعض التعليقات الملتهبة التي وجهتها بعض الفئات للأختين الفاضلتين والتي تضمنت تجريحاً لا يليق مع أننا جميعاً نقرأ للكاتبتين ونعرف أفكارهما التي لا تخرج بأي شكل من الأشكال عن الإطار الشرعي.. ومع ذلك فقد كتب البعض عن الأستاذة سهيلة في بعض مواقع الإنترنت بشكل سلبي جداً، وتم تصويرها على أنها علمانية وأن توجهها العلماني معروف (!!).. مع أن سهيلة تمثل توجهاً أدبياً وفكرياً إسلامياً جعل البعض يتهمها بالتشدد!. هذه التجربة ما زالت نبتة ضعيفة في الوقت الراهن، وتحتاج إلى الحماية إلى أن يقوى عودها.. عند ذلك يمكن أن تقاوم أي عاصفة.. ولكن ليس الآن! وهذا لا يعني أن يطول الانتظار فكل الأشياء تنمو.. أما (حرق المراحل) فهو سياسة ثبت فشلها.

الرياض، 3/1/2004

***

 الحوار الوطني ليس ناتجاً عن ضغط خارجي

محمد بن سليمان الاحيدب

 الذي دفع بالتوجه للحوار والحرص عليه ليس الاستجابة لضغوط خارجية، فالذي حدث هو أن قناعتنا بضرورة فتح باب الحوار صادف استخدام الدولة العظمى لحجة واهية هي نشر الديمقراطية! هي مصادفة زمنية وحسب. إذا اتفقنا أننا نتجه لفتح باب الحوار من طوع أنفسنا ولشعورنا بضرورة ذلك وأن الوقت قد حان له والحاجة للحوار أصبحت ملحة جداً لأن أبناءنا يغرر بهم، وتستغل بطالتهم وفقرهم وظروفهم السيئة وانعزالهم ومشاكلهم الجمة لاستخدامهم ضد وطنهم. أقول إذا كانت هذه هي المبررات الحقيقية لتوجهنا للشفافية وفتح أبواب الحوار، وهي كذلك، فلماذا لا نبدأ بالتي كانت هي الداء؟! أظن أننا بدأنا الحوار من أقصى الطموح وكان حواراً مع طبقة مثقفة منتقاة.. لكننا لم نبدأ بعد حوار بداية الطموح، الحوار العلاجي العاجل مع الفئة المعرضة للاستغلال وهي الفئة التي تعيش معاناة تسهل التغرير بها خاصة فئة الشباب.

الرياض، 10/12/2003

***

 مواقف شخصية أم إشكالات جوهرية؟

محمد رضا نصر الله

 ما صدمني هو إسقاط مواقف شخصية على المطلوب من المؤتمر.. ولأن عمراً لم يدعَ إلى حواراته، وزيداً لم يستشر في موضوعاته، فإنه لابد أن يوجه سهماً إليه من كنانته!!.. وما استخلصته من أقلام هؤلاء وألسنتهم.. الدعوة إلى عدم إحاطة اللقاء الثاني بالتكتم والسرية، حتى لا يصبح الحوار الوطني بين مثقفين يتحدثون مع أنفسهم، لغة يدركون أبعاد مراميها، وقضايا سبق الاتفاق على تحليلها، ونتائج تم تبنيها، في المجالس والمنتديات والبيانات!.

من الرشد العقلي لو فكر هؤلاء وقدّروا، عدم الطلب بعلنية تفاصيل الحوار في هذه اللحظات، حيث تنطلق قاطرة الحوار إلى محطاتها المتوالية، في طريق مشكلاتنا الوطنية الشائك الطويل. صحيح أن مجتمعنا بحاجة إلى أن يسمع ويرى.. وبحاجة إلى تمثّل قيم الحوار وآدابه.. لكن مفاجأته بالحديث المباشر عن قضايا لا تزال مركوزة في ذهنه.. منذ عقود بل قرون بحسبانها مسلّمات مطلقة.. كالمشكلة المذهبية.. والانتماء القبلي.. والخوف من الحداثة.. فكيف السبيل - إذاً - إلى إحداث تغيير جذري في عقليته، وانتزاع هذه المفاهيم المتوارثة؟.. أي تغيير في بلادنا يحتاج إلى قاعدة واسعة، من هذه الثقافة المدنية القادرة على إنتاج مفاهيم وطنية جديدة ينبغي أن تتأسس على مبدأ العقد الاجتماعي بين المجتمع والدولة، وتعزيز قيم الانتماء الوطني، في إطار الحقوق والواجبات.

الرياض، 3/1/2004

 ***

 من يصدّق: نريد أن نعرف ما يجري

هيا المنيع

 من يصدّق أننا نناقش الغلو من خلال أبواب مغلقة في الوقت الذي نطلب من المواطن أن يساعد رجل الأمن في القبض على مجموعة من الإرهابيين؟ السؤال ماذا نريد من الحوار هل نريد ان نقدم انفسنا من خلاله للعالم أم نريد منه وسيله للإصلاح الداخلي؟ ان كنا نريد الأولى فعليهم ان يفعلو به ماشاءوا، أي أن يفتحوا الأبواب أو يغلقوها فهذا لا يعنينا، أما إن أرادوا به مصالحنا فإن قلة نسبة الاكسجين في المركز ستصيبه بالوهن الذي قد يليه وفاة لمشروع نريد له الحياة والنمو. الحوار الوطني لابد أن يناقش الهم المحلي.. اذن لابد ان يكون المركز مفتوحاً لنسمع ما يدور فيه، على الاقل لنعرف ان كان هناك حوار إيجابي أم أنه مجموعة من الدكاترة المنظرة. من يصدق في الوقت الذي بدأ التلفاز عرض جلسات مجلس الشورى نجد ابواب مركز الحوار الوطني مغلقة؟ نحن كأفراد نملك خبرة في فن الحوار ولكن للأسف ينقصنا كمجتمع فلسفة الحوار الوطني المشترك، مما نتج عنه مسالب كثيرة لعل أبرزها غياب الحس الوطني لدى الكثير من الشباب لان اغلب نقاشنا ينطلق من ابعاد ذاتية وتجارب شخصية، والمواطن لم يعد يريد حوارا بل يريد من الحوار تفعيل العمل الوطني الذي يرتقي بمصالحه ويشبع احتياجاته المباشرة أو الاولية والتي يعتقد المواطن انها اهم من حوار بيزنطي عن تغيير المناهج أو تفعيل الإعلام في التعريف بالمملكة؟

لا نريد ان يبتدئ الحوار الوطني مغلقاً بل نريد أن ينفتح على المجتمع وأن نعرف ما يدور فيه ولا نكتفي بالمحاور أو أسماء المشتركين ايضا. لا بد ان يكون في أفق البلاد ككل وداخل المؤسسات التعليمية والإعلامية ككل وأن لا نكتفي بأصوات النخبة لأن ذلك من سلبيات الماضي التي لا نريد تكرارها.

الرياض، 29/12/2003

***

كيف يكون حواراً وهو (منقّب)؟

المصدر : عبدالله أبوالسمح  

  

المؤتمر الذي يعقد في مكة المكرمة ويُحاط بالسرية والكتمان يطلق تساؤلاً واستغراباً وتعجّباً: كيف يكون مؤتمراً للحوار الوطني وهو مكتنف ومتسربل ومتنقب بالحجب الثقيلة حتى أخمصيه فلا يعرف عنه إلا ما يُصرح به مسؤولوه؟ المفروض في الحوار هو الكشف وإظهار المكنون من الرأي للنقاش وللمجاهرة وللتقييم وللأخذ والرد، وهو ليس مؤتمر مفاوضات يشترط لنجاحها السرية والتكتم ومناقشات الغرف المغلقة. حصر الحوار في مؤتمر على أفراد مخصوصين مع إجلالنا لهم فيه تضييق، وجعله سريا غير مفتوح يضفي عليه الغموض والتعتيم. إن جعله علنياً يشيع مبدأ النقاش الحر ويُكوِّن بالونات اختبار على اتساع المجتمع، وكثير من الأفكار الرائدة المحركة لعجلة التطوير والتحديث في بدايتها تقابل باستنكار وحذر ولكن مع المداولات يحصل الأنس بها وقبولها.

وما لاحظناه على المؤتمر انه مازال محصوراً في زاوية الرأي الواحد، ومواضيعه، على أهمية محاورها، إلا أنها أهملت أهم محاور التنمية الاجتماعية وهو: وضع المرأة السعودية واقصاؤها بسبب مفاهيم تقليدية عن الاختلاط. ويكفي أن مشاركة بضع نساء في المؤتمر كان عن بُعْد وعبر الشبكة التلفزيونية المغلقة، بينما على بعد أمتار من الاجتماع حرم الله المطهر، حيث يطوف الناس ويسعون دون حواجز، وسيكون شعبنا ممتناً لو استطاع المتحاورون تخفيف حدّة هذا التقليد.

عكاظ 30/12/2003

***

أنقذوا الحوار من أسوار البيروقراطية

 خالد حمد السليمان  

 أشدد على أهمية ألا يبقى الحوار الوطني داخل أسوار المركز، فتحقيق الفائدة التي أوجد من أجلها هذا الحوار رهن بمد الجسور مع المواطنين ليس من المثقفين فحسب بل وكافة شرائح المجتمع. فهذا الحوار يهدف أولا وأخيرا إلى تعزيز الوحدة الوطنية وفتح قنوات الاتصال وتفعيل الانصهار الوطني بين كافة التيارات الفكرية والشرائح الاجتماعية. واليوم نحن بحاجة ماسة إلى تفعيل دور هذا الحوار ليكون مؤثرا في المجتمع بدلا من أن يتقوقع على نفسه وينعزل في النهاية عن المجتمع لينصب في قالب الأداء البيروقراطي والجمود الروتيني.

عكاظ 30/12/2003

***

المجتمع المدني قبل الحوار الوطني

 يوسف مكي

 الأرجحية لتأسيس المجتمع المدني، على غيره من الخطوات الأخرى، بما في ذلك الدخول في أية حوارات جدية لتحقيق الإصلاح السياسي والاجتماعي في البلاد. فالفرد في المجتمعات الحديثة قد بلغ من الوعي حدا جعله يدرك استحالة تحقيق مصالحه وطموحاته دون أن يرتبط بحاضنة تتبنى تلك المصالح والطموحات وتدافع عنها. نعتقد أن أي حوار وطني جدي وبناء، ينبغي أن ينطلق من التسليم بأهمية وجود مؤسسات المجتمع المدني على أرض الواقع، وأن يتعمق الحوار ويتعزز من خلال الدور الريادي والبناء لهذه المؤسسات، ممثلة لكافة الشرائح والنخب والطبقات الاجتماعية، ومصالح جميع أفراد الشعب، وعلى هذا الأساس يصبح وجود هذه المؤسسات شرطا لازما وسابقا لإنجاح أي حوار حقيقي، وليس لاحقا عليه.

الوطن 31/12/2003

 ***

حوار في الحوار الوطني

عبدالعزيز الخضر

 لقاء ثقافي أم حوار وطني

 

ما الفرق بين محتويات (اللقاء الثاني للحوار) وبين محتويات أي لقاء آخر عام، ندوة أو مهرجان ثقافي للتوعية العامة. فأغلبية العناصر المختارة تشير إلى أسلوب تلقيني وطبيعة مدرسية في تأكيد ما يستحيل الاختلاف حوله، مما يجعلها صالحة للعرض في مسرح جامعة أو مسجد أو مدرسة ثانوية! فطالما أن المدعوين نخبة محددة ومنتقاة يفترض فيها الوعي، فما الداعي لإسماعهم وعرض أفكار هي من المشاع عند متوسطي الثقافة، وليست لديهم مشكلة حولها.

لا أفهم جدوى الحديث عن مظاهر الغلو المعاصر، أو موضوع سمات الشخصية المتطرفة، أو أهمية التربية وغيرها.. هل النخب الحاضرة بحاجة لإسماعها ثقافة مشاعة في أي مرجع صغير في المكتبة؟! طالما أن الحضور نخبة معروفة فمن المهم الدخول في المختلف فيه من الأفكار ولم تحرر جيدا في ثقافتنا المعاصرة، أي التركيز على الشبهات العلمية التي تحتاج لقدر من التفكيك وأن يقدم حول كل قضية أكثر من دراسة في الموضوع نفسه ومن شخصيات مختلفة الاتجاه لها مدارسها المعرفية وأيديولوجيتها الخاصة. بمعنى أن يتوفر في اللقاء دراسات متناقضة لموضوع محدد وعناصر محددة. وأيضاً أن يتوفر للحضور الدراسات التي ستعرض بوقت كافٍ ليقدموا تحفظاتهم العلمية والاجتماعية والسياسية مكتوبة وبشرح موسع، وفي هذه الحالة سنتوقع سخونة مثمرة وواعية عند المشافهة في الحوار لأن الموضوعات المحددة أخذت قدرا من التركيز عند الحضور. وحتما ستتغير قناعات عديدة عندهم وعند أنصارهم ومدارسهم الفكرية حين تنكشف لهم حقائق كانت غائبة عنهم. في هذه الحال سيصبح للحوار معنى ولا يتحول اللقاء إلى مجرد مهرجان ثقافي عام تميز بأن الدعوة خاصة.

ليس من المناسب أن نخرج بتوصيات من نوع يجب إصلاح الإعلام والتأكيد على دور الأسرة والتربية والتحذير من الغلو وأهمية الاعتدال، فلن يخرج لنا معترض بأنه يؤيد الغلو أو لا يرى أن للأسرة دوراً في التربية.. إلخ. هذه الطريقة لا تزيح فكرة خاطئة، وليست من المختلف حوله لأنها وعظ نسمعه في كل مكان منذ الصغر، وليس هو الدور المنتظر من مثل هذه اللقاءات. إن المطلوب هو التركيز على الأفكار التي لها رصيد اجتماعي وعلمي لتبرير الغلو وجعله يأخذ مساحة كبيرة في واقعنا وتفنيدها وإخراجها مع التوصيات والإشارة إلى مصادرها، وليس بالضرورة نشر كل ما يبحث ويدور في اللقاء على الأقل في الوقت الحاضر، وإنما نطمئن على أن هناك من يفكر ويبحث في العمق وليس في الهامش، وتعطى مثل هذه الدراسات لشخصيات علمية ودينية في المجتمع متصلبة في آرائها، فقد تضيف لهم شيئا وتجعلهم يعيدون صياغة قناعتهم وفق ظروف المجتمع ومواءمتها مع حقائق الشرع والواقع. إن هذا الحوار يجب أن يتميز عن دور الجهات التثقيفية عند الجهات التعليمية المختلفة، ويرتفع بمهامه وفق التحديات التي تواجهنا.

الوطن، 31/12/2003

***

إستمرار الحوار مرهون بتطبيق الحكومة لمقرراته

 محمد علي الهرفي

 الحوار يجب أن يستمر، والأكثر أهمية أن نتائجه يجب أن تفعل وأن نراها ظاهرة للعيان.. وهنا يأتي دور السياسي ليقوم بهذا العمل ودون ذلك - مهما تحاورنا - لن يكون هناك قيمة لهذا الحوار وسيضعف شيئاً فشيئاً حتى يتلاشى ونعود من حيث ابتدأنا وهنا تكمن الكارثة.. هل ستقع الكارثة أم هل سننجو منها؟ لست أدري فالإجابة عند غيري وإنا لمنتظرون.

الوطن 30/12/2003

 ***

 الإصلاح الوطني الشامل: جوهر الحوار الوطني

 سليمان العقيلي

 الحوار ينبغي أن يخوض بعد اليوم في صلب القضايا المستقبلية. بعد أن عالج القضايا الراهنة من علاقة المجتمع ببعضه، ومما يربط هذا المجتمع بنفسه وبالعالم الخارج مثل مناهج التطرف والغلو والعنف، والاعتدال والتسامح واحترام الآخر. وهي قضايا جوهرية لا يمكن تجاهلها على الإطلاق. لكن لنسأل أنفسنا؛ ماهي العوامل التي تؤدي إلى النتائج المبتغاة في الاعتدال والوسطية والتسامح، ونبذ العنف والتطرف والغلو. الإجابة تتعلق بأمور كثيرة لعل منها ما يعالجه الإصلاح الوطني، الذي من الممكن أن يكون جوهر الحوار الوطني.

ليس من اللائق بنا ونحن نعيش حواراً فكرياً على المستوى الوطني يتناول كافة قضايانا الراهنة ألا يكون هناك حديث في الإصلاح الوطني الشامل الراهن. ففي حين أن بلادنا تعيش مرحلة انتقالية تشهد فيها الكثير من الإصلاحات، لا يليق بالأمة أن تتعامل مع هذه الإصلاحات بأسلوب البيانات الموزعة على وكالات الأنباء وصحف منتديات الإنترنت. لا بد أن هناك شيئاً ما في الأمر، فإما أن الحوار الوطني لم يشمل جميع الإصلاحيين المخلصين، أو أنه (أي الحوار الوطني) يفتقد إلى عنصر أساسي في الحوار، ولنقل إنه المشرع أو صانع القرار، أو إن المعنيين المحسوبين على الإصلاح لم يحسبوا الأمور بشكل صحيح، ويستعجلون الأمور قبل وقتها.

الوطن 29/12/2003

***

الحوار الوطني وضرورة وجود المجتمع المدني

محمد رضا نصر الله

 إن موضوع الغلو والتكفير ينبغي الاعتراف به كحالة ثقافية هيمنت ـ مع تغييب الأصوات الاخرى ـ على قطاع واسع من شرائح المجتمع، بوصفه انحرافاً فكرياً عن صحيح الدين، تسبب في بروز ظواهر التعصب والإرهاب.. وان نزعه من عقول ناشئتنا قبل كبارنا يستوجب تعميق ثقافة التعددية، ونفي ذهنية الإقصاء على الصعيد الوطني، والقبول بالآخر في مجال علاقاتنا الدولية. ما يتطلبه النجاح لمسيرة الحوار الوطني، هو تعزيز قاعدة واسعة من النشاط الأهلي.. فيد الحكومة الواحدة لن تصفق، ما لم تجد في مقابلها يد المجتمع المدني الاخرى قادرة على نشر ثقافة الحوار، وتجاوز أمراض الثقافة الاجتماعية، ضمن ثوابت المجتمع الدينية القادرة على الاستجابة للمتغيرات الداخلية، واستيعاب المؤثرات الدولية. إن توسيع دائرة المشاركة لأطياف المجتمع المتمايزة، واعطاء مساحة لرأي المرأة السعودية للتعبير الصريح عن معاناتها الواقعة عليها بفعل الثقافة الاجتماعية.. ثقافة العادات المتعارضة مع صحيح الدين، وتطلعها نحو تفجير طاقاتها الإبداعية في بناء المشروع الوطني.. إن هذا علامة بشرى.

الرياض، 30/12/2003

***