الأمير الذي لا يحب سماع كلمة الإصلاح

 فيصل الزامل

 يقول الخبر أن أحد وجهاء الحجاز وهو رجل الأعمال المعروف عبد المقصود خوجة، دعا عدداً من الشخصيات ورجال الأعمال والوجاهات الإجتماعية وكبار محرري الصحف الى حفل عشاء على شرف الأمير نايف وزير الداخلية مساء يوم 28 يناير الماضي. وبعد أحاديث عامة لا طائل منها، انبرى الدكتور عبد الله مناع، رئيس تحرير مجلة إقرأ سابقاً، الى سؤال الأمير عن الخلافات بينه وبين أخيه ولي العهد الأمير عبد الله بن عبد العزيز طالباً بعض التوضيح، إضافة الى توضيح مسار الإصلاحات الذي تنوي الدولة القيام به.

لم يعهد الأمير نايف أن أحداً من العامّة، أو من المقربين من دائرة الحكم، يجرؤ أن يسأل هكذا نوع من الأسئلة. ورغم انفعاله وغضبه المحبوس الذي بان على وجهه، رأى الأمير ان التعنيف للسائل لا يناسب مقامه هو وليس مقام الحاضرين، واضطرّ الى الردّ بالنفي من أن تكون هناك أي خلافات بينه وبين أخيه ولي العهد، وكرر المعزوفة بأن ولي العهد هو رأس الدولة وأنه يعمل تحت خدمته.

أما بشأن الإصلاحات، فقال أنه لا يحب سماع هذه الكلمة، لأنها تعني بأن هناك فساداً (والحال ان البلاد مطهرة من الرجس ومن الأخطاء!!) في حين أن البلاد ومنذ ثلاثين عاماً تعيش إصلاحات متواصلة، وقال موصياً بأنه يفضل كلمة تطوير او تعديل بدل تلك الكلمة البغيضة وهي (الإصلاح).

ورغم توصية حاشية الأمير بأن لا ينشر أحدٌ شيئاً عن اللقاء أو حفل العشاء او أقوال الأمير، إلا أن جريدة الندوة، التي لاتزال تعيش على التنفس الإصطناعي، بادرت ونشرت الخبر في اليوم التالي مخففاً، وأوضحت ان الأمير يحبذ كلمة التطوير بدل الإصلاح التي لا يحبها.

الأمير نايف، وزير الداخلية، مسؤول عن توفير الأرضية لإجراء أول انتخابات بلدية نهاية هذا العام. وحتى الآن فهو لم يقم بشيء من جهة تحديد المحافظات وإحصاء عدد السكان وجرد أسماء الناخبين وفتح باب الترشيح لنصف الأعضاء. وكان الأمير متعب نائب رئيس الحرس الوطني، قد نقل عن أبيه ولي العهد، بأن الأخير يشك في إجراء الإنتخابات، ويخشى أن الوقت لم يعد كافياً، ملمحاً الى ان هناك جهات لا تريد لقرارات ولي العهد التنفيذ.

وفي الوقت الحالي تتزايد الشكوك، بأن الخطوات الإصلاحية الصغيرة تلك لن تنجز، رغم تأكيدات ولي العهد المباشرة للمواطنين بأن عجلة الإصلاح لن تتوقف. والسبب كما يعلم الجميع هو أن وزير الداخلية لا يريد أية إصلاحات لا هو ولا المؤسسة الدينية الرسمية السلفية المتحالف معها. فإذا كان هو المشرف على تطبيق القرارات التي لا تعجبه فإنه سيعوقها إلا إذا أجبر على فعل ذلك، ولا يعلم ان الأمير عبد الله قادر على إجباره بدون ضغط شعبي وخارجي. فنايف ليس شخصاً بل ممثلاً لجناح لازال يمسك بجهاز الدولة منذ اربعين عاماً.

وقد سبق للأمير نايف أن أبدى معارضته لتصريحات سابقة للأمير عبد الله بشأن الإصلاحات، فكلما قال ولي العهد شيئاً، جاء نايف ليقول بأن ولي العهد لم يقصد الإصلاح في المملكة وإنما تحدث بشكل عام عن الإصلاحات في العالم العربي، وأن الناس فهموا سموه خطأ!

شيء واحد لم يخطئ المواطن في فهمه، وهو ان وزير الداخلية لن يقبل بالإصلاحات، لا صوتاً ولا صورة، ولا حقيقة قائمة على الأرض.

شيء واحد يتفق معظم المواطنين بشأنه، وهو أن وزير الداخلية ووزارته معقلان ضد الأمير عبد الله، وضد كل تغيير في المملكة.

يزعم نايف أن هناك ضغوطاً اميركية لإزالته هو وأخيه سلمان عن مواقعهما بحجة أنهما ضد إصلاحات على الطريقة الأميركية، ويقول متحدياً أنه وأخاه باقيان الى الأبد!

الرعونة هذه إن كانت صحيحة، فلماذا التعاون الأميركي ـ السعودي قائم على قدم وساق في كل المواضيع بما فيها مكافحة الإرهاب، ولماذا يستثنى موضوع الإصلاحات الذي هو مطلب وطني محلي قبل ان يكون أميركياً او غربياً. الأمير يريد أن يكون بطلاً، ولكنه مقامر بمستقبل المملكة. بوجوده لن نحصد كمواطنين إلا المزيد من التوتر والعنف والتخلف على كل الأصعدة.