ردّاً على سعود الفيصل:
ولكن نحن بحاجة لشهادة حسن السيرة والسلوك
مازن عبدالرزاق بليلة
أكد الأمير سعود الفيصل أن قيام السعودية بعملية الإصلاح ينبع من
تلمس حاجات الشعب وتلبية لطموحات القيادة في تحسين أداء الحكومة
ليتماشى مع طموحات الشعب قائلا (إن السعودية لا تسعى إلى شهادة
حسن سيرة وسلوك من أحد). مضيفا (نحن نسعى لإصلاحات من الداخل
لتتوافق مع الحاجات الحقيقية للمواطنين)، مؤكدا أن (الإصلاح
يتوقف على ما هو ممكن تحقيقه في سبيل تعزيز الوحدة الوطنية).
الخبر نشرته (الوطن)، الأسبوع الماضي، إبان زيارة كولن باول
للرياض، وسوف أتبوأ موقف موظفي الدولة في التمسك بحرفية متطلبات
ومسوغات القبول الدولي، وهي شهادة حسن السيرة والسلوك، التي لا
يريد وزراء الخارجية أن يطلبوها، ونحن المواطنين بحاجة لها، فقد
استمر تعالي النظام العراقي ضد النصائح الدولية، وقال إنه لا
يحتاج إلى تصحيح أو تقويم من أحد، فاضطر إلى مغادرة بلاده
مصفّداً بالأغلال والحديد، وكلف شعبه ودولته الدماء والأرواح
والثروات دون أن يجد من يترحم عليه، وسرعان ما بادرت ليبيا
للانصياع للإرادة الدولية، لتستسلم سلمياً وتسلم ملف أسلحة
الدمار الشامل للغرب، وتفتح كل أسرارها وملفاتها لهم، وتعوض
ضحايا الطائرات المنكوبة ملايين مضاعفة من أموال الشعب الليبي،
وهي تقول هل من مزيد؟ وإيران أعلنت براءتها من الملف النووي،
وأعلنت أنها ستعلق هذه الأبحاث، والباكستان أطاحت بأبي القنبلة
النووية لإرضاء الغرب، كل ذلك بسبب قولهم إننا لا نحتاج لشهادة
حسن سيرة وسلوك من أحد.
إذا كان الوزراء أو الساسة لا يحتاجون إليها، فنحن كمواطنين نشعر
أننا بحاجة ماسة إليها، ونتمنى أن نحصل عليها، فحسن السيرة
والسلوك الدولي شهادة تنفع المواطنين ولا تضر بالساسة ولا
الوزراء ومن في حكمهم، بل هي من المسوغات الضرورية لنا للانضمام
للمجتمع الدولي:
سياحياً نحن بحاجة لهذه الشهادة، وبشدة، فقد أهدرت كرامة
المواطنين المسافرين إلى الولايات المتحدة، والدول الغربية بعد
أحداث 11/9، وكنا ندخل العديد من الدول بدون تأشيرة، واليوم نحن
بحاجة للبصم بالأصابع كالمجرمين لدخول كثير من الدول، وبعد حملات
الإرهاب التي يقودها الشباب السعودي الذي يكفر الغرب، ويدعو
للجهاد ضد المصالح الغربية، امتنعت الخطوط الأجنبية عن الوصول
إلينا، وكذلك حذرت الدول الغربية رعاياها أكثر من مرة من السفر
إلينا، أليس هذا كافياً ليطلب المواطن شهادة حسن سيرة وسلوك؟
فبعض شبابنا للأسف يؤمن بالقتل والدمار في سبيل تعزيز فكرته
تكفير الغرب، وهذه الشهادة، عندما نحصل عليها، سنقول للعالم: إن
الأصل في الشعب السعودي هو السلام، وإن هذه الفئة عرَض واستثناء،
فالمواطن السعودي تهمه هذه الشهادة في كل مرة يتقدم فيها بطلب
تأشيرة لدولة خارجية.
اجتماعياً: نحن بحاجة لهذه الشهادة، لأنها علامة الجودة
العالمية، فهناك شهادة (الآيزو) للمصانع، التي تعطي مؤشرا مهما
لجودة العمليات، وهناك شهادة (الاستثمار في الإنسان) لتعطي
المنشآت الإدارية علامة الجودة في الإدارة، وهناك هيئة المواصفات
والمقاييس لضمان جودة المنتج، وتسعى الجامعات للحصول على شهادة
(الاعتماد الدولي)، لضمان جودة التعليم، فإذا كانت شهادة حسن
السيرة والسلوك الدولية شرطا لجودة المواطنة العالمية، فمن
الواضح مدى الحاجة الاجتماعية السعودية لهذه الشهادة.
اقتصادياً: نحن بحاجة لشهادة حسن السيرة والسلوك لأن لنا الآن
ثماني سنوات، وهذه التاسعة ونحن نرغب في الانضمام لمنظمة التجارة
الدولية، وما زال هناك العديد من القيود والأنظمة التي تحتاج إلى
إيضاح وتطوير من أجل الانسجام مع الأنظمة الدولية، وما زلنا نسوف
في توقيت موعد الانضمام، ونحن بحاجة لشهادة حسن السيرة والسلوك،
لأن هذه أول ورقة مطلوبة في ملف الهيئة الوطنية للاستثمار
الخارجي بالمملكة، فهناك عامل مؤثر في اقتصاديات الدول وهو أمن
وسلامة انسياب المال والاستثمار بين الدول، وشهادة حسن السيرة
والسلوك أول مسوغاته، فلو كان من صالح المملكة اقتصادياً أن تحصل
على هذه الشهادة، فيجب على كل مسؤول أن يتحمل تبعات هذه
المسؤولية، على الأقل من أجل خاطر توفير فرص وظيفية كافية
للمواطنين، لأن المملكة هي الأقل في دول المنطقة جذباً لرأس
المال الأجنبي، وهذه الشهادة سوف تساعد المستثمر على أخذ القرار
الصحيح للاستثمار في المملكة، فالشهادة بوابة للتنمية الاقتصادية
قبل أن تكون مخرجاً للتعصب السياسي.
قانونياً نحن بحاجة لشهادة حسن سيرة وسلوك، لنرد على اتهامات خرق
حقوق الإنسان في المملكة، فقد ورد اسم المملكة عدة مرات في
التقارير الدولية لهيئة الأمم لانتهاكات حقوق الإنسان، ونحن
بحاجة لتوضيح موقفنا من حقوق الإنسان، نحن عضو في المؤسسة
الدولية، ويجب أن نكون كذلك، ولا عيب أن نطلب شهادة حسن سيرة
وسلوك، لنكون أعضاء صالحين في المجموعة الدولية، بل نحن لا نخشى
أن نطلب هذه الشهادة، لأننا أولى بها، وأحق بها، فهل يمكن أن
تكون بعض الدول البوذية مثل اليابان وسنغافورة والصين، لها شهادة
حسن سيرة وسلوك، وقبول في المجتمع الدولي، وحضور وعضوية، ونحن
الدولة الإسلامية الأولى ما زال هناك من يشكك في رعايتنا لحقوق
الإنسان.
(الوطن 27/3/2004)
|