إنتقام من الإصلاحيين أم من الذات؟

 

يبدو أن مجريات لقاء الأمير نايف مع بعض موقعي العريضة الدستورية كان لها دورٌ أساس في الإعتقالات الأخيرة. فما جرى أقنع وزير الداخلية بأن قمع الأصوات الإصلاحية بات ضرورة، ومن الواضح ونحن نحاول أن نرصد أسباب الإعتقالات، أن الأمير الوزير قد أخفى حنقه حين عجز عن الردّ والنقاش، فارتدّ يستخدم عضلاته ضد الإصلاحيين، حتى وإن كان ذلك يعني فيما يعنيه إضرار بالذات.

نستعيد هنا النقاش الذي دار في مكتب نايف وبطلبه يوم 22 ديسمبر والذي كان آخر لقاء له مع الإصلاحيين قبل أن يعتقلهم، خاصة وأن بعض مادار عبر الوزير الأمير عن غضبه منه في اللقاء التالي الذي حدث بعد الإعتقالات في أواخر مارس الماضي والذي ننشر نصّه في هذا العدد.

وهذا ما حدث في لقاء ديسمبر.

اتصل مدير مكتب وزير الداخلية بمجموعة من الموقعين على العريضة الدستورية للقائه في مكتبه يوم 22/12/2003، بغية تحذيرهم وتهديدهم، ولكنه ووجه بموقف صلب يتناسب مع حدّية الأمير نفسه.

حضر اللقاء بدعوة من نايف 18 عضواً تعاهدوا بأن لا يخذل أحدهم الآخر. وفي اللقاء قال نايف أن الأمير عبدالله مستاء من تقديم هذه المطالب الإصلاحية في هذا الوقت، فالدولة تواجه التهديدات من الداخل والخارج؛ وأضاف بأن هذه المطالب ما هي إلا مطالب الإمريكان وأنتم تحققون أهداف الأمريكان. وقال بالنسبة للملكية الدستورية أنها نظام غربي! وتساءل: أتريدون من الملك ان يملك ولا يحكم؟ لن يحدث هذا!. وبالنسبة للانتخابات رفضها جملة وتفصيلاً وقال: انظروا الى جميع الدول العربية التي فيها انتخابات، هل تعتقدون أنهم حققوا الديمقراطية؟ بالامكان التلاعب في الانتخابات لكننا لا نريد أن نضلل الناس! بعد ذلك وجه بعض الاتهامات للاستاذ محمد سعيد طيب بأنه اجتمع مع نائبة القنصل الأمريكي في جدة، وكذلك بأنه كان ناصرياً في الستينات، وكان يؤيد الناصريين الذين كانت طائراتهم تدك جنوب المملكة، وأنه سمّى ولده (عبد الناصر). ثم لمح بأن غالبية الحاضرين لهم سوابق وأنه يعلم عن كل واحد منهم.

بدأ الاستاذ الطيب بالحديث حيث انكر التهم الموجهة إليه بلغة حاسمة حاول أحد الحاضرين التخفيف منها، فرد عليه بأن يسكت لأنه يريد أن يدافع عن نفسه؛ وقال بأنه لم يطلب الاجتماع مع نائبة القنصل الأمريكي وإنما هي التي أصرت على الحضور لديوانيته. وقال بأن الحاضرين أسمعوها كلاماً قوياً بشأن موقف حكومتها تجاه الأوضاع في المنطقة لم تسمعه من الحكومات العربية ولا ممثليها. ثم قال بأن ناصريته قديمة وأنه سجن لسبع سنين ويطالب بالتعويض، وقال للأمير متهكماً: لم يبقَ إلا ان تتدخلوا في أسماء أبنائي!

ثم أعقبه الدكتور توفيق القصير بكلام مركز ويتشابه مع سابقه في الطرح وأن الموقعين على خطاب المطالب لا يسعون ليس للحصول على مكاسب سياسية أو غيرها وإنما للحفاظ علي وحدة الدولة وحماية قيادتها وحماية حقوق أفراد المجتمع والمشاركة الشعبية وإصلاح الفساد المستشري في مؤسسات الدولة والتي قد تؤدي إلى انهيار الأوضاع وتعجز الحكومة والمجتمع عن إصلاح ذلك.

أما الدكتور عبدالله الحامد، فوضع النقاط على الحروف، وبين بعض أنواع الفساد في القضاء وضياع المال العام ونهب الأراضي والفتاوي التي تصدر عند الطلب. وأضاف إنه أحد المظلومين من أعضاء اللجنة التي قامت بتكوين لجنة حقوق الإنسان القديمة والتي من أسبابها طرد من عمله وسجن ظلماً، وبعد عشر سنوات وعدت الدولة بتشكيل لجنتين لحقوق الإنسان. وتابع: ما أخشاه أن هذه المطالب التي تقدمنا بها الآن والتي ترفضونها سوف (تفرض) عليكم بعد فترة وتقومون بتنفيذها. وتابع: إننا من خلال مطالبنا هذه نحاول الحفاظ على الكرسي الذي تجلس عليه، ليس حباً في شخصكم، ولكن حفاظاً على الوحدة الوطنية والكيان الذي يجمعنا.

وأخيراً فجر الدكتور متروك الفالح عدداً من القنابل ومن بين ما قاله: إن الموقعين لا يهتمون بالتهديد بالسجن، فرد نايف بأنك تريد أن تسجن، فقال إن كان هذا حلّكم للأوضاع فمرحباً به!