العدد 17
يونيو 2004
قد
لا تكون رسالة متأخرة
الى محمد سعيد الطيّب وزملائه من دعاة الإصلاح
لقد
تألمنا لما حصل لكم.
وكنا نتوقع ذلك ولا نستبعده.
كنا على قناعة تامة بأن آل سعود كانوا ـ وسيظلون ـ ضد الإصلاح
والتغيير، ولم يكونوا، ولن يكونوا في يوم من الأيام مع أي توجه
حقيقي للإصلاح. وإن مقولتهم بأن الإصلاح: واجب مشترك ومسؤولية
مشتركة بين المواطنين وبينهم، إنما هي لأغراض التضليل والتغرير،
تماماً مثل مقولة: إن الأمن واجب مشترك، وأن كل مواطن رجل أمن.
أي أن يتحول كل مواطن الى رجل أمن لحماية السلطة والدفاع عن
العائلة المالكة، وليس عن (الوطن) بالمفهوم الذي يهدف اليه
الإصلاحيون.
**
لقد نبهناكم منذ أول عريضة قدمتموها لولي العهد (رؤيا لحاضر
الوطن ومستقبله) بأنكم كنتم واهمين وحالمين عندما صدقتم ما قيل
لكم آنذاك من أن (توجهاتكم هي توجهاتنا، وأن مطالبكم هي
مطالبنا)!
ثم عدنا.. ونبهناكم عندما قدمتم عريضة (الملكية الدستورية) بأن
جهل الأمراء ومن معهم وأمّيتهم السياسية المعهودة سوف تعجز عن
استيعاب مصطلح (الملكية الدستورية) وبناء (دولة المؤسسات) التي
قد تكفل بقاء آل سعود في الحكم لمائة عام قادم في وطن آمن مستقر.
ولكن يأبى الله إلا ما يريد! إنهم لا يريدون أن يبقوا ـ فيما
يبدو ـ أكثر من عامين أو خمسة، لينهار الوطن بعدها على رؤوسنا،
وليفرّوا هم والأزلام المحيطة بهم بطائراتهم الخاصة الى منتجعات
أوروبا والمغرب وتونس.
**
وها أنتم تتجرعون ـ مع كل الأسى والحزن ـ نتائج أوهامكم من أن
أمراء آل سعود يريدون الإصلاح أو يتعاطفون مع دعاته (سجون
ومعتقلات ومنع من السفر، وحظر للإجتماعات أو التحدث لوسائل
الإعلام، وترويع لأهاليكم وذويكم).
وكل هذا تم لأنكم تجرّأتم وطالبتم بالإصلاح، وأنتم تعلنون
تمسّككم بقيادة تجاوزها الزمن وتخطاها التاريخ. وما زالت تعيش ـ
ونحن في مطلع القرن الحادي والعشرين ـ بعقلية (نحن أخذناها
بالسيف)!. هذا رغم أنكم لا تزالون تؤكدون حرصكم على بقاء الأسرة
الحاكمة واستمرارها لأنها ـ حسب رأيكم ـ تمثل رمز الوحدة
الوطنية، بل بلغ بكم الحلم أنكم تؤكدون في عريضة (الملكية
الدستورية) تأييدكم لأي توجه إصلاحي للدولة!
أي توجه إصلاحي للدولة هذا الذي تتخيلونه، وتحلمون به؟!
**
لقد طالبناكم بأن تنزلوا الى الشارع، وأن تحركوا الجمهور، بل
وتوجهوا الضغوط الخارجية الحقوقية والدولية على الأمراء كيما
يرعووا، ويبادروا الى الإصلاح. طالبناكم بهذا من أول يوم
للعريضة، وقلنا لكم أن العرائض لا تحل مشكلة ما لم تكن معها
أسنان شعبية تعضدها. ولكنكم أبقيتم الجمهور بعيداً رغم أنه معكم
قلباً وقالباً، وحذفتم من خياراتكم قوة الجماهير، بحجة أنكم لا
تريدون استثارة السلطات، فإذا بها تذبحكم من الوريد الى الوريد،
وتشنّع عليكم وتتهمكم بالعمالة للأجنبي، وتأتي بدعاة التطرف
الديني من جديد لتواجهكم بهم، وتتمترس من خلف تطرّفهم.
**
أردنا ان نقول: لقد أخطأتم عندما اعتقدتم واهمين بأن الأمراء
الحاكمين يريدون أو حتى ينوون القيام بإصلاحات. فلتراجعوا ما
كتبناه لكم!
إنهم مع الفساد الذي يجرفهم ولا يستطيعون حتى لو أرادوا إيقافه.
إنهم مع الإستعلاء والتسلط واستمرار سياسة القمع وافساح المجال
واسعاً لكل الفاسدين والمنافقين واللصوص والتافهين.
اما الأحرار ودعاة الإصلاح من المخلصين والوسطيين (غير الأدعياء
كصاحبكم صاحب الوسطية)، والمعتدلين أمثالكم، فمصيرهم السجون
والمعتقلات والمنع من السفر، ورصد تحركاتهم، والصاق التهم
والإفتراءات بحقهم، وحرمانهم من حق الكتابة، بل وحتى حق الكلام!
**
إنها كوميديا سوداء حقاً!
فالذين تمدّون أيديكم إليهم، يقابلونكم بالإستعلاء والصلف والغدر
والتخوين والإخراج من الملّة!
والذين تتمسكون بهم، وتزعمون ـ واهمين ـ بأنهم القيادة والشرعية،
يتهمونكم بالتحريض وإثارة البلبلة والعنف!!
والذين تصرّون على التعامل معهم مباشرة، يلصقون بكم تهمة العمالة
والتعاون مع (الأميركان) وهم ـ كما يعلم القاصي والداني ـ خدمهم
الحقيقيون وعملاؤهم المعروفون!
والذين تصرّون على أنهم رمز الوحدة الوطنية، يتهمونكم الإضرار
بها، وهم من مزّق المجتمع طائفياً ومناطقياً وقبلياً ولازال
يمزّق المجتمع من أجل أن يستمر في احتكار السلطة.
لم يبق إلا أن يلصقوا بكم تهمة السرقة والنهب والإعتداء على
الأموال الحكومية والأراضي العامة!
لم يبق إلا أن يقولوا أن في حساباتكم مئات المليارات المسروقة،
وأنكم تشفطون النفط وتوزعونه حصصاً بينكم!
فهل بعد هذا ستصرون ـ وقد لحق بكم ما لحق ـ على استمرار التعامل
مع هذه الوحوش الضارية بنفس العقلية السابقة، وبنفس السذاجة
والطيبة السياسية؟!
|