العدد 17
يونيو 2004
أوهام الحلول السريعة لأزمة العنف في السعودية
مرتضى السيد
لأن العنف نتاج بيئة صنعت على مدى عقود، فإن الحلّ الأمثل لن
يكون إلا بالقضاء على تلك البيئة وصناعة بيئة أخرى متسامحة، وهذا
يتطلّب زمناً طويلاً. لكن المشكلة هنا، أن الحلول السريعة جاذبة
ومغرية وقد لا يكون هناك من غنى عن استخدامها، ونقصد بها الحلول
الأمنية، بالتوازي مع الحلول الأخرى.
بصريح العبارة، ليس هناك من حل سريع ـ سواء كان أمنياً أم
سياسياً ـ لأزمة العنف في المملكة. فالظاهرة العنفية هي محصلة
وخلاصة لأزمة مستترة لمدة عقود، تشكلت خلالها البيئة المناسبة
لتفريخ العنف، وليصبح ظاهرة فاجأت العالم وكثيراً من المواطنين،
لكنها لم تفاجأ الحصيف الذي قرأ المؤشرات واستنطق التاريخ
واستوعب ما تعنيه الأيديولوجيا الرسمية وآثارها بعيدة المدى.
والسؤال الذي يواجه المسؤول والمواطن هذه الأيام: هل الحل الأمني
هو بالفعل حلّ سريع لمعضلة العنف؟
لقد بدا كذلك بالفعل في بداية الأمر، أو صوّر كذلك لدى المواطن
العادي، فظهر كثيرمن المتملقين والمتحمسين والمزايدين المطالبين
بالحلول الإستئصالية الدمويّة، رداً على التفجيرات البشعة التي
أصابت العاصمة الرياض والتي أودت بحياة الكثيرين من الأجانب
والمواطنين. الحكومة قد لا تكون ضللت نفسها، وإنما أخطأت في
التحليل الإستراتيجي، وكان انجذابها للحل الأمني مسألة طبيعية
باعتبارها حكومة تسلّط لم تجرّب من قبل حلولاً لمشكلاتها غير
العصا.. ولذلك تصورت أنها قادرة فعلاً على استئصال العنف بطريقين
اعتادت القيام بهما على مرّ تاريخها الحديث: تجريد العدو من
الشرعية الدينية باختطاف رجال الدين الرسميين الى جانبها
فيكافحون العنف بالفتاوى ويحشدون الشارع خلف صانع القرار. ومن
جهة أخرى تتولى أجهزة الحكم الأمنية اقتلاع العنفيين ومواجهتهم
بالسلاح.
كانت هذه الخطط تنجح على الدوام. لقد نجحت مع جهيمان، ونجحت مع
أسلافه من الإخوان في نهاية العشرينيات الميلادية، ونجحت في
منتصف الستينيات الميلادية في قمع الإحتجاج على البث التلفزيوني
وغيره. فلماذا لا تنجح هذه المرة إذن وبالسرعة ذاتها؟!
المسألة هنا ليست معركة واحدة يحسم فيها المتصارعان النتيجة،
كمعركة السبلة في 1928، ولا كمعركة جهيمان الثورية التي قوّضها
جهيمان نفسه بتمركزه في الحرم في 1979، فحوصر هناك وقضي على
حركته.. اننا أمام مواجهات متواصلة من خلايا صغيرة تقوم بحرب غير
تقليدية، أشبه ما تكون بحرب مدن، تتخللها عمليات انتحارية، وهذه
الحرب لا تفيد معها القوى النظامية التقليدية، وبالتالي فإن
معارك طويلة وعديدة يجب أن تخاض قبل أن يتم حسم الموقف.
يوماً بعد آخر يفقد الحلّ الأمني ألقه، ويتضاءل الشعور بقدرة
الحكومة على مواجهة موجات العنف كلما تجددت الإشتباكات، وقد بدأت
تتشكل بالفعل لدى الشارع نفسية التعايش مع سرطان العنف، إذ لا
قبل للدولة وأجهزتها النجاح فيه بصورة ساحقة.
المعارك كما بدت خلال المدة الماضية كرٌّ وفرّ، تبدو فيه الغلبة
في أكثر الأحيان لدعاة العنف، الذين يفاجئون الحكومة بضربات قوية
في مواقع غير متوقعة. العنف اتسع جغرافيا، وتعمّق، وازداد من حيث
العدد. وكل هذا يثبت أن دورة العنف آخذة في التصاعد وأن مشروع
الحكومة الأمني يميل الى الفشل. ومما يزيد في القناعة بهذا، أن
محصلة الخسائر بين المتصارعين تميل لغير صالح الحكومة، فقتلى
رجال الأمن أكثر (ولا نقول من المدنيين) وكثيراً ما يفلح رجال
العنف في الفرار من قبضة الحكومة، الأمر الذي يشير الى فشلها
العملياتي، في حين تتسع دائرة السخط على الحكومة من قبل الجمهور
في فشلها، وتزداد المطالب الحبيسة بتجربة الحلول الأخرى.
لاتزال المبادرة بيد العنفيين، فهم من يقرر مكان المعركة
وزمانها، وقد أخرجوا معركتهم من إطارها المحلي الى بعدها الدولي
والإستراتيجي من خلال العمليتين الأخيرتين في ينبع والخبر، حيث
دخل عامل الإقتصاد والنفط كضاغط على الحكومة أكثر من أي وقت مضى،
وارتفعت أسعار النفط الى أعلى مستوياتها في التاريخ!
لا شيء يوحي بأن نمط المواجهات وردود الأفعال بين المتصارعين
سيتغير في المستقبل. هجمات مسلحة، وتهديد حكومي بعد لملمة أشلاء
الضحايا، وخطابات وعظ من المنابر يقودها مشايخ السلفية الذين
بفكرهم يتغذى دعاة العنف، ودعوات الى السكان بالتعاون مع رجال
الأمن الذين ينفخ الإعلام في قدراتهم الخارقة في الإستبسال
والشجاعة!
بناء على هذا، يمكننا القول بأن الحل الأمني الحكومي هو أيضاً حل
طويل المدى، وليس حلاً سريعاً كما تمّ تصويره من قبل. لماذا؟
عاملان أساسيان يدفعان لتأجيل حسم معركة العنف عبر الخيارات
الأمنية:
الأول:
نقص الإحتراف وضعف البنية الأمنية
من خلال مراقبة المصادمات الماضية بين جماعات العنف والقوى
الأمنية تبيّن، ان الأخيرة ليست بمستوى مواجهة هذا النوع من
العنف أو هذا النوع من الحرب. لقد بدا أن القوات الأمنية غير
مؤهلة لخوض مواجهة حرفية مع جهات تلقت تدريبات مكثفة على خطط
المواجهة المختلفة. فمن جهة هناك قفزة لدى جماعات العنف من حيث
الأداء والمناورة، في حين أن القوى الأمنية لم تتطور خلال
السنوات الماضية لمواجهة التحدّي المفاجئ. والغريب أن ضعف
الإحتراف كان واضحاً حتى في مواجهة جهيمان في المسجد الحرام عام
1979م، إذ كثرت أعداد القتلى بين قوى الأمن، التي عجزت عن تحرير
المسجد الحرام لنحو ثلاثة أسابيع، ولولا استنجاد الحكومة
السعودية بالقوى الأجنبية المتخصصة (وبالذات من فرنسا ـ كما هو
معلوم) لكانت الخسائر مضاعفة.
حين بدأت المواجهات والمصادمات الأخيرة، بدت قوات الأمن والشرطة
في حالة من السذاجة غير مألوفة، فالكثير منهم قتلوا لأنهم لم
يرتدوا دروعاً واقية من الرصاص، أو خوذات، فضلاً عن أن التكتيكات
في الحصار فاشلة في معظمها، الأمر الذي أدى على الدوام هرب
المطاردين. وفي حادثة الخبر، توقع كثيرون أن تستنجد الحكومة
السعودية بقوى خارجية تعينها في تحرير الرهائن الغربيين، وما
نشرته جريدة الوطن الكويتية يوم 30/5/2004 من مساهمة قوات
المارينز الأميركي في المواجهات لهو دليل على شعور لدى المراقبين
بأن القوات الخاصة السعودية لا تمتلك الحدّ الأدنى من الكفاءة.
ينبغي ان نشير هنا الى حقيقة أن مواجهات الخبر والطريقة والمساحة
المكانية والمدة الزمنية التي استغرقتها الهجمات الثلاث قبل ان
تتدخل القوات الأمنية توضح جانباً من هذا الضعف الأمني، خاصة
وأننا نعلم أن قاعدة الحرس الوطني تبعد أقل من ميل واحد عن موقع
الهجوم، في حين لا يبعد موقع القوات الخاصة سوى بضع دقائق لا
تتجاوز الخمس.. ومع هذا لم تتدخل القوات الا متأخرة بنحو ساعة ـ
حسب بعض المصادر ـ ولم تقم بعمل مفيد إلا بعد انسحاب المهاجمين.
يبدو أيضاً ان المشكلة لا تتعلق فحسب بشحة المعلومات، وهي مشكلة
قابلة للحل بشكل أسرع من خلال توظيف المزيد من رجال المباحث، وهو
أمرٌ تقوم به وزارة الداخلية بشكل واضح خلال الفترة الماضية
والتي توظف أكبر عدد بين مؤسسات الدولة تصل الى مائة ألف شخص على
الأقل، وأيضاً من خلال ابتداع وسائل تحقيق بمساعدة الأردن وضباط
الإف بي آي العاملين في المملكة بشكل معلن ورسمي منذ عام.. وإنما
المشكلة في التدريب واستخدام تقنية عسكرية حديثة. في قسم التقنية
استوردت المملكة خلال الأشهر الماضية معدّات وأجهزة أمنية
أميركية خاصة لمكافحة الإرهاب، قيل أن كلفتها بلغت ملياري
دولار.. ولكن المشكلة تبقى في التدريب والتأهيل وهذا يحتاج الى
زمن طويل لتخريج دفعات كفوءة من رجال قوات الأمن الخاصة تستطيع ـ
في الحد الأدنى ـ تقليص الأخطاء والإستفادة من تجارب الماضي. كل
هذا يدفعنا الى القول بأن القوات الأمنية بحاجة الى مدة زمنية
غير قصيرة حتى تقلص حجم الفارق بينها وبين العنفيين من حيث
التدريب والمناورة.
من جهة أخرى ينبغي الإشارة أيضاً الى حقيقة أن اتساع رقعة
المواجهة على مساحة المملكة شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً
ووسطاً، وتزايد التهديد لكل مؤسسات الدولة والمؤسسات المالية
ومواقع الأجانب السكنية، إضافة الى حماية آبار النفط وطرق
إمداداته المحلية.. كل هذا، فرض على القوى الأمنية ضغوطاً كبيرة
لتلبية زيادة الطلب في الرجال المدربين وفي هذا الصدد هناك توظيف
جارٍ، ونقاش بين أمراء العائلة المالكة لإقحام الحرس الوطني أكثر
وأكثر في الشارع، الأمر الذي قد يفضي الى تغيير موازين السلطة
بين الأجنحة الحاكمة.
2
ـ نقص الأيديولوجيا الوطنية
تحاول أجهزة الإعلام ترقيع الأداء الباهت لرجال الأمن في مكافحة
العنف، والإلتفاف على الفشل الذريع الذي تتحمله وزارة الداخلية
ووزيرها في ذلك. الإعلام يمتدح بصورة مبالغٌ فيها أداء رجال
الأمن، وقدراتهم الخارقة، وشجاعتهم منقطعة النظير، وتسلط الضوء
على بعض النجاحات المحدودة التي حققوها في القبض على عناصر تدخل
ضمن دائرة (المتهمين) وليس المنفذين للعمليات.
أيضاً فإن أجهزة الإعلام تشير بمبالغة شديدة الى (الإلتحام منقطع
النظير بين القيادة والقاعدة في مواجهة الإرهاب) وتدعو دون ملل
الى أن يقوم الأهالي بالإبلاغ عن أبنائهم (المتطرفين) لدى سلطات
الأمن، ووضعت حوافز مالية كبيرة بالملايين من الريالات لمن يدلي
بمعلومات. لكن هذه الأساليب وهذا الخطاب الإعلامي البائس أظهرا
فشلاً ذريعاً، ولهذا ينبغي الإعتراف بأن الحكومة تخسر الأرض
مقابل حركة العنف، وأنه لا بد لها من إعادة النظر في
استراتيجياتها الأمنية، كما عليها أن تتلمس موقع الجمهور من
المعركة، والذي يتخذ (دور المتفرج) وفي بعض الأحيان (دور الداعم
للعنف) في بعض الأوساط الشعبية، الأمر الذي يوفر الحماية
للعنفيين، ويعوق عمل الحكومة.
ومن الأمور المرتبطة بالفشل، حقيقة أن رجال الأمن بشكل عام، ليس
فقط لا يمتلكون الأهلية لمواجهة العنف، بل لا يمتلكون قدراً
موازياً من الدوافع الدينية والوطنية ولا الحوافز المادية للقيام
بعملهم على أحسن وجه.
ففي الوقت الذي نرى فيه العنفيين المؤدلجين شديدي الإيمان
بقضيتهم وأوفياء لقناعاتهم الدينية، الأمر الذي يحفزهم على
الإستبسال والإنتحار، واقتحام الأهوال دونما رهبة أو خوف، نرى في
المقابل ضعفاً واضحاً في إيمان قوى الأمن بعدالة الحرب التي
يخوضونها، وبالقضية التي يراد لهم التضحية من أجلها.
مقابل الأيديولوجية الدينية لدى العنفيين، تحاول الحكومة
الإستنجاد بذات الأيديولوجيا الدينية وإعادة تفسيرها بشكل مضادّ،
وتصوّر لقواتها الأمنية أن عملهم في مكافحة (الإرهابيين) جهاد،
بل هو من أعظم الجهاد، كما قال المفتي الرسمي. ومن جهة أخرى،
تتوارى الشعارات الوطنية باهتة وهي تحث وتدعو الى قتال (الخوارج)
دفاعاً عن الوطن والمجتمع. ولكن هذه الإيديولوجيا التي يفترض انه
تمّ تزريقها لرجال الأمن منذ دخولهم السلك الأمني والعسكري لم
تؤت بنتائجها المرجوة، نظراً لضعف مصداقيتها واستقرارها في
النفوس.
في دواخل المواطن العادي كما رجل الأمن، شعور يفيد بأنه يقاتل من
أجل (عائلة مالكة) يراد لها الإستمرار في الحكم، وهو في قناعته
يدافع عن جماعة حاكمة لا عن (وطن) و(مجتمع) وأنه مجرد عنصر رخيص
لا قيمة له ويجري التضحية به بأيّ صورة كانت في المواجهات دون أن
يعدّ لها أو توفر له الحماية الكافية، او يؤمن مستقبل أبنائه
فيما لو تعرض ـ لا قدر الله ـ الى الإصابة او الموت. ولهذا تساءل
الكثيرون على صفحات الإنترنت السعودية عن التضحية الساذجة بعناصر
الأمن في المواجهات، وعن جدوائية الموت دفاعاً عن عائلة مالكة
يدور الجدل عالياً حول صدق وطنيتها ونزاهة أهدافها ومدى التزامها
بالشرع. أما الشعور الديني، فإن المبالغة فيه يجعل من بعض رجال
الأمن أكثر قرباً من جماعات العنف ومنطقها، بالنظر الى الإشتراك
في نفس الأيديولوجيا، وبالنظر الى أن التفسير العنفي أقرب الى
الصدق مع معطيات النص السلفي السائد. ولهذا يبدو من الصعب أن
تكافح رجال العنف بنفس أيديولوجيتهم، أو على أرضية فهم مختلف
لنفس الأيديولوجيا، وفي حال فعل ذلك ـ كما هو حاصل ـ يضطرب
الذهن، كما اضطرب المجتمع نفسه، فيمن يقف على الجادّة الصحيحة،
ومن يمتلك التفسير الأمين للنص الديني، وفيمن يلتزم به.. وقد
تقوده التساؤلات الى استقراء الوضع من حوله، من كثرة المظالم
والفساد بين أمراء العائلة المالكة، فيزداد اقتناعاً بمنطق
العنفيين، أو على الأقل يزداد شعوره بأنه لا يجب أن يقاتل في
معركة لا ناقة له فيها ولا جمل. معركة ضاع فيها اليقين الديني،
وضاعت معها مصالح المجتمع على مذبح السياسة.
من نافلة القول أن النزعة الوطنية في الأساس ضعيفة لدى المواطنين
السعوديين، وبالتالي فإن مقولات الدفاع عن الوطن والوحدة الوطنية
وما أشبهها لا تمتلك الجاذبية مقابل ما يطرحه الآخر من قتال
للكفار وإخراجهم من جزيرة العرب والإستشهاد من أجل الهدف الأسمى
والحور العين المنتظرة للنعوش الملائكية! أما ما يقدمه الأمراء،
في حالة القتل، فهو أن يأخذ الضحية صفة الشهيد، شأنه شأن قاتله،
وإن أصابته الجراح فإنه لا يحظى إلا بشهادة الوطنية الباهتة
يوزعها أمير في مستشفى، أو يلقيها أمير آخر في خطبة!
باختصار يمكن القول بأن المحفّز الديني والوطني ضعيف عند رجال
الأمن، نظراً لأن المعركة الأمنية اليوم هي معركة (أيديولوجيا)
لا يستطيع الأمراء معها حشد الشارع على أسس وطنية تناسوها منذ
عقود، كما لا يستطيعون إقناع الناس بها وهم على حالهم الذي
نعرفه. وإن الإتكاء على ذات الأيديولوجية الدينية، يعلم الكثيرون
أنها أساس المشكل العنفي، لا يقنع الكثيرين بالموت من أجلها.
تبقى الحوافز المادية المرادفة للحشد الإعلامي ذي التأثيرات
المؤقتة والخطب الملكية العصماء المنفّرة. ففي الوقت الذي لا يعد
فيه دعاة العنف أتباعهم إلا بالجنة والحور العين اللاتي
ينتظرنهم، فإن الحكومة السعودية انتبهت متأخرة الى تحاشي عناصر
الشرطة والأمن المواجهة. فقد قتل الكثيرون من زملائهم وتمّ
تناسيهم، كما تم تناسي عوائلهم الفقيرة، فضلاً عن أن الكثيرين
يتسلمون رواتب ضئيلة للغاية (2000-3000) ريال لا تغريهم بالقتال،
وهم ما دخلوا أجهزة الأمن والجيش والحرس الوطني إلا من أجل لقمة
العيش، وليس رصاصة الهلاك.
هنا، أعلنت الحكومة قبل بضعة أسابيع زيادة رواتب موظفي الأمن
بنسبة 25% سمتها (علاوة مكافحة الإرهاب) ووضعت نظاماً يرعى عوائل
قتلى رجال الأمن، في محاولة لإشعارهم باهتمام الحكومة ورعايتها
وتقديرها لجهودهم. بيد أن هذا الزيادة المالية لا تمثل إغراءً
للجميع، فالهدف الأسمى الكبير الذي يحتاج الى تضحية بحاجة الى
أيديولوجيا متغلغلة في الوجدان، دينية كانت او وطنية، والى أن
يصار الى زرع هذه الروح، سيبقى الأداء الامني ضعيفاً مع احتمال
كبير أن يتطور في المجال التقني والمالي، وسيبقى أمد المعركة
طويلاً بعيداً عن الحسم، نظراً لتساوي الطرفين (الحكومي والعنفي
المعارض) في حجم القوة المادية والمعنوية. بمعنى آخر، فإن
الحكومة تمتلك قوى امنية ضعيفة التدريب وضعيفة الإخلاص لمبدئها،
في حين أن المعارضين رغم ضعفهم المادي والبشري يمتلكون المبادرة
والتدريب العالي والروحية الإنتحارية الوثّابة.
|