من أجل الإصلاح

دفاعاً عن معتقلي الرأي في المملكة

 

السيدة لويز أربور المفوضة السامية لحقوق الإنسان

السيدة ليلى زرغول رئيسة فريق العمل الخاص بالاعتقال التعسفي جنيف

قرأنا ببالغ الاستغراب رسالة الوفد الدائم للمملكة العربية السعودية حول رواد الإصلاح الثلاثة الدكتور متروك الفالح والدكتور عبد الله الحامد والشاعر علي الدميني. إن رداً كهذا يدفعنا لأن نضع أمام حضرتكم والرأي العام مسائل أساسية تتعلق بالوضع الحالي في المملكة العربية السعودية وبكل مبادرات الإصلاح الهادئة والسلمية ومحاولات بناء لبنات صغيرة لدولة قانون تحترم المبادئ الكبرى للعدالة في الإسلام وتنسجم مع الشرعة الدولية لحقوق الإنسان. كونه بالنسبة لهؤلاء، ليس هناك من تناقض أو تعارض بين قيم الدين الإسلامي والشرعة الدولية لحقوق الإنسان بل ثمة تكامل وتعاضد بين هذا وذاك.

نعم لقد عقد الرموز الثلاثة للإصلاح اجتماعات متعددة، لكن هذه الاجتماعات كانت تحت مرأى ومسمع السلطات السعودية، حيث كان عدد منها مع المسئولين أنفسهم. جرى البحث عن أفضل الوسائل للخروج من الوضع الصعب الذي تعيشه المملكة من تصاعد في المواجهة بين جماعات مسلحة محلية وأجهزة الأمن من جهة، وتفاقم الفساد والأزمة الاقتصادية من جهة ثانية. كذلك بدافع انعدام جو الحريات الأساسية الذي يشكل عامل اضطراب كبير للشبيبة التي صارت تجد في العنف وسيلة تعبير عوجاء في غياب وسائل التعبير السلمية المشروعة في البلاد.

كان للجنة العربية لحقوق الإنسان شرف متابعة هذه التحركات واللقاءات. لقد شجعت استمرار الحوار مع كل النوايا الطيبة الساعية للخروج من الطريق المسدود للحل الأمني والتسلطي لمشاكل المملكة. وكان أن حضر الدكتور هيثم مناع أكثر من مرة للبحرين للاستماع لوجهة نظر الإصلاحيين والتعرف عليها من كثب. وجرت نقاشات معمقة مع الإصلاحيين حول فكرة منظمة مستقلة لحقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية أو الانضمام للجنة العربية لحقوق الإنسان.

كان أن تم التوصل لضرورة التحرك الهادئ والحكيم نظرا لحساسية الأوضاع الإقليمية والدولية. كذلك استقر الرأي على تجنب الرد على الاستفزازات التي كانت تصدر من مسئولين، مثل اعتبار العمليات الإرهابية والعرائض المطالبة بالإصلاح وجهان لعملة واحدة، وعدم تشكيل أي هيكل تنظيمي دون إعلام السلطات الرسمية. وفي 2004 جرى التنسيق مع خمسة من المناضلين الإصلاحيين ليكونوا من الكوادر الأساسية للجنة العربية لحقوق الإنسان. هذه المنظمة العالمية التي تحمل الصفة الاستشارية في المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة والمعروفة بنزاهتها واستقلاليتها ومناهضتها لأي شكل من أشكال العنف.

أي إرهاب أو تحريض على الإرهاب هو ما يزعمون؟ ومنذ متى تشكل الكتابة في الإصلاح الدستوري والعمل النقابي السلمي أو الإسلام وحقوق الإنسان جرائم؟ هل نحن بالفعل في القرن الواحد والعشرين؟

للرد على حملة التشويه لسمعة أشخاص عرفت عنهم : النزاهة والحكمة والحرص على السلم الأهلي ورفض التطرف من أية جهة أتى والدفاع عن كرامة كل مواطن في المملكة واحترام حقوق كل وافد من الأجانب، قامت اللجنة العربية بتجميع بعض دراسات الدكتور متروك الفالح في كتاب بعنوان (الإصلاح الدستوري في المملكة العربية السعودية). وهو تحت تصرفكم باللغة العربية ونسعى لترجمته لإحدى اللغات الأوربية. كذلك أصدرت اللجنة العربية لحقوق الإنسان كتاب (نعم في الزنزانة لحن) للشاعر علي الدميني. وهو أيضا تحت تصرفكم باللغة العربية وسنسعى لترجمته، وفيه فصل هام عن النشاط المطلبي السلمي. وسيصدر قريبا كتاب عن الإسلام وحقوق الإنسان للدكتور عبد الله الحامد، يعطي فكرة عن قراءة في غاية الأهمية للعلاقة العضوية بين الإسلام وحقوق الإنسان.

معروف أن الثلاثة جاءوا من خلفيات وطنية وإسلامية ويسارية وهم اليوم في خندق واحد اسمه الدولة الدستورية، الدولة التعاقدية التي ينتقل فيها الأفراد لعالم المواطنة، ويعمم مفهوم المسئولية فيها على الحاكم والمحكوم ويصبح للحقوق والواجبات حدود وتخوم ومعان، تخرجها من مجرد جهاز دمج وطمس للسلطات إلى دولة للقانون والكرامة الإنسانية.

نرفق بهذه الرسالة فكرة شخصية عن كل من رواد الإصلاح الثلاثة ونعتقد بأنها كافية لتفنيد تهم لا تقنع حتى أصحابها.

لنأخذ أدلة المدعي العام السيد عوض بن علي الأحمري على ما سماه الإساءة إلى سمعة الدولة وعصيان ولي الأمر والخروج عليه. نجد أنفسنا أمام عرائض موقعة من نخبة أبناء المملكة عناوينها: (دعوة الإصلاح الدستوري)، (نداء إلى القيادة والشعب معا)، (دفاعا عن الوطن)، (معا في خندق الشرفاء)، (رؤية لحاضر الوطن ومستقبله). كل هذه العرائض تحث على التضامن بين كل أبناء المملكة وعلى مباشرة حوار بنّاء بين الحاكم والمحكوم، مطالبة بالحد الأدنى من الحريات السياسية والمدنية. نضع تحت تصرفكم كل هذه النصوص التي جمعت في كتاب (ربيع السعودية ومخرجات القمع)، الصادر عن دعاة الإصلاح السياسي في المملكة العربية السعودية، لمعرفة المبادئ الحقيقية لدعاة الإصلاح وللوقوف على حقيقة التهم الموجهة لهم.

لم نكن نريد التوقف طويلاً عند نضال الرموز الثلاثة للإصلاح من أجل حقوق الإنسان والسلم الأهلي في المملكة العربية السعودية والعالم العربي. لقد شارك جميعهم في عدة مؤتمرات عربية للدفاع عن حقوق الإنسان والشعوب، وكان للدكتور عبد الله الحامد مداخلة متميزة في مؤتمر العدالة العربي الثاني في القاهرة. ولهم إسهامات نظرية في الطريق الدستوري لإقامة العدل ودور العمل المطلبي في تعزيز المجتمع المدني الأهلي والحوار بين الحضارات ودور حقوق الإنسان في الإصلاح السياسي في العالم العربي.

يقول الوفد الدائم للمملكة العربية السعودية في رسالته لفريق العمل الخاص بالاعتقال التعسفي بأن المتهمين الثلاثة قد تمتعوا بحقوقهم في محكمة عادلة بحضور محامين ومراقبين وصحفيين. من المؤسف أن يتناسى الوفد الدائم وقائع جلسة التاسع من أغسطس الفعلية، حيث تم استبعاد ثلاثة محامين هم :عبد الله الناصري، سليمان الرشودي، عبدالعزيز الوهيبي. كذلك رفضت طلبات المراقبة القضائية من منظمات عالمية وإقليمية كاللجنة العربية لحقوق الإنسان ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان. كما ورفضت السلطات السعودية أي من المحامين غير السعوديين الذين طلبت منهم اللجنة العربية لحقوق الإنسان الدفاع عن الإصلاحيين الثلاثة.

كل هذا لا يعادل ما جرى في جلسة 24 أغسطس التي جاءت بعد رسالة الوفد السعودي الرسمي حيث حضر أكثر من مئتي مواطن ومواطنة من كل أنحاء المملكة. إلا أن القاضي أبى إلا أن يحولها ليوم أسود للقضاء، مانعا الجمهور من الحضور وموقفا الجلسة لأجل غير مسمى sine die. بعدها تعمدت السلطات أسلوب السرية في تحديد التواريخ والجلسات والحضور، في مخالفة منها لكل قوانين المملكة والتزاماتها.

لأن الاجتماع العلني بمعرفة السلطات لا يشكل جريمة في القانون الدولي والقوانين المحلية، ولأن الانتساب للجنة العربية لحقوق الإنسان لا يعتبر تشجيعا للإرهاب أو حضا عليه، ولأن توقيع عريضة من أجل الوفاق الوطني والسلام الأهلي لا يمكن أن يخدم الإرهاب، ولأن المحاكم السرية والمحكومة بالقرارات الإدارية انتهاك فاضح لقرارات الأمم المتحدة بما يتعلق بالمحاكمة العادلة واستقلال القضاء، نطالبكم باعتبار اعتقال النشطاء الثلاثة من أجل حقوق الإنسان والإصلاح الدستوري في المملكة العربية السعودية اعتقالا تعسفيا. ونطلب استخدام كل وسائل الضغط الممكنة من أجل إطلاق سراحهم فورا.

باريس وجنيف، 2/11/2004

المحامي رشيد مصلي: ممثل جمعية الكرامة للدفاع عن حقوق الإنسان في جنيف

الدكتور هيثم مناع: المتحدث باسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان

 ملحق:

 

الدكتور متروك الفالح

متروك بن هايس بن خليف الفالح من مواليـد مدينه سكاكا منطقة الجوف عام 1/7/1372هـ الموافق 17/5/1953. تخرج من جامعة الملـك سعود كلية العلوم الإدارية – قسم العلوم السياسية ـ عام 1977م حصل على درجة الماجستير في السياسة من جامعه كانساس لورنس عام 1981م , والدكتوراه في السياسة من نفس الجامعة بتقدير امتياز عام 1987م، عمل كعضو هيئة تدريس في جامعة الملك سعود وتدرج في السلـك الأكاديمي من أستاذ مشارك إلى أن حصل على الاستاذيه عام 1999م ناشط سياسي وطني، وأستاذ العلاقات الدولية في قسم العلوم السياسية بجامعة الملك سعود بالرياض، منع من التدريس وإن لم يفصل من الوظيفة قبل عام ونصف بعد نشره مقالة حول آثار الإصلاح قبل أن تتفكك المملكة وتنهار نشرته (القدس العربي) وقتئذ كما أصدر كتباً بحثية بالتعاون مع مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت منها المجتمع والديموقراطية والدولة في البلدان العربية. ساهم في كل العرائض الإصلاحية التي قدمت لأقطاب السلطة. التقى وآخرون مع وزير الداخلية في ديسمبر الماضي بعد تقديم العريضة الدستورية، وهدده نايف وزير الداخلية شخصياً بالسجن أمام الآخرين، ولكنه رد عليه بأنه لا يخاف من السجن، وأن غرضه إصلاح البلاد. والفالح شخصية معروفة على مستوى العالم العربي كباحث وكناشط سياسي إصلاحي، كما أن له حضوراً في بعض القنوات العربية التي تناقش مسائل الإصلاح في المملكة وكان من الشخصيات العربية المختارة لقراءة تقرير التنمية العربية حول الحريات ولم يتمكن من حضور الاجتماع في عمان نهاية مارس بسبب اعتقاله في مكتبه في 16/3/2003.

نُشرت لـه عدة بـحـوث قيمه:

1. اليابان: القوة الاقتصادية والقوة السياسية.

2. الصين: الاستقطاب الاجتماعي والسياسي لبرنامج التحديث والإصلاح نشر عام 1989 في مجلة العلوم الاجتماعية جامعة الكويت.

3. نظريات العنف والثورة (دراسة تحليليه وتقويميه).

4. ابن خلدون ونظريات الثورة (نظرية الثورة في مفهوم العصبيه).

5. الثورة الالمانيه (دراسة في التفسيرات).

6. النموذج الصيني للتوحيـد (الدولة الواحدة ذات نظامين دراسة في الأصول والعوامل والدلالات) تم نشرها ي المستقبل العربي عدد 152.

7. الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية 1991 – 1997م دراسة في طبيعة العلاقة واتجاهاتها على ضوء محور الدولة والمجتمع.

8. التحولات في العلاقات العربية – العربية 1996 – 1997م دراسة مقارنه الإدراك للنخب العربية الحاكمة المحورية تم نشرها في المستقبل العربي رقم 220.

9. السياسات الأمريكية المصرية تجاه الدولة والمجتمع.

10. أوروبا ومصر في التسعينات – السياسات والعلاقة تجاه محور الدولة والمجتمع.

11. بريطانيا والسعودية 1994 – 1997م جدل العلاقة في إطار السياسات اتجاه الدولة والمجتمع.

12. المستقبل السياسي في السعودية, نُشر في القدس العربي.

عمل عضواً في المؤتمر القومي العربي 1993م, وعمل أيضاً عضواً في مجلس أمناء مركز دراسات الوحدة العربية منذ 1993م. انضم للجنة العربية لحقوق الإنسان في 2004

نُشـر لـه عدة كـتـب منها:

ـ سكاكا الجـوف في نهاية القرن العشرين (التحديث والتنمية وتحولات النخب في الريف العربي السعودي).

ـ المجتمع والديمقراطية والدولة في البلدان العربية دراسة مقارنة لإشكالية المجتمع المدني في ضوء تريف المـدن.

ـ الغرب والمجتمع والدولة في البلدان العربية.

ـ الإصلاح الدستوري في السعودية

 *

الدكتور عبد الله الحامد

مواليد 12/7/1950، أستاذ سابق للأدب المقارن بجامعة الإمام محمد بن سعود، فصل من عمله واعتقل مدة من الزمن لتأسيسه مع آخرين في 1993 بالرياض، لجنة للدفاع عن الحقوق الشرعية للمواطنين. والحامد إسلامي ليبرالي يدعو للحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وتأسيس منظمات المجتمع المدني شارك في عدة مؤتمرات عربية للدفاع عن استقلال القضاء وحقوق الإنسان، وهو شخصية باحثة يعكف على دراسة الإسلام وحقوق الإنسان منذ سنوات وله عدة مداخلات في استقلال القضاء والملكية الدستورية ومداخلات معروفة، له ظهور إعلامي في التلفزيونات العربية والصحافة العربية. انضم للجنة العربية لحقوق الإنسان في 2004 وقّع الدكتور الحامد على عرائض مطالبة بالإصلاح أهمها وثيقة (الرؤية) والتقى بعدد من الأمراء بينهم ولي العهد ووزير الداخلية. ومن العرائض التي كان فيها لولب الحركة، العريضة التي تقدم بها مع آخرين في ديسمبر الماضي، تطالب بدستور، وبملكية دستورية. اعتقل في مكتبه في 16/3/2004

مؤلفاته: (لكي لا نحول الإسلام إلى طقوس)، (البحث عن عيني الزرقاء)، (صرخة خادم)، (خواطر تلميذ مقموع)، (الحسن البصري)، و(الحجاج)، (تعليم القران الكريم)، (الإسلام وحقوق الإنسان) (تحت الطبع).

 

*

علي الدميني

مواليد 10/5/1948، شاعر وأديب معروف، وناشط سياسي مشهور، وهو أحد أهم مراكز الثقل الأساسية في النشاط الإصلاحي في المملكة، وكان من الأوائل المطالبين بالإصلاح السياسي والثقافي والفكري في البلاد. شخصية وطنية وأدبية معروفة على صعيد المملكة ومنطقة الخليج، له إسهامات واضحة في الصحافة المحلية وكتب منشورة, وكتابات متفرقة في الوسائل السلمية للنضال المطلبي والحقوق المدنية.

انضم للجنة العربية لحقوق الإنسان في 2004 اعتقل بما يشبه الخطف وهو يهم بركوب سيارته بالقرب من مقر عمله في 16/3/2004 أصدر العديد من الدواوين الشعرية منها: (رياح المواقع)، (بياض الأزمنة).

صدر له من وراء القضبان كتاب (نعم في الزنزانة لحن) عن سلسلة براعم في باريس وبيروت ودمشق

أشرف لسنوات على الملحق الثقافي في جريدة اليوم، كما أشرف على إصدار مجلة النص الجديد الثقافية وله رواية (الغيمة الرصاصية).