الانتخابات البلدية.. وجه آخر

 

 

ندرك تماماً بأن الانتخابات تفضي الى دفع التمزقات الاجتماعية للسطح، وتشكل فارزة عملية للقوى الاجتماعية والسياسية، خصوصاً في ظل تمفصل المجتمع سياسياً وفكرياً.. إن الولاءات السياسية تترجم في هيئة أصوات واصطفافات خلف مرشح أو قائمة مرشحين.

تجربة الانتخابات البلدية في الرياض لم تكشف عن مشكلة الاستقطاب السياسي والايديولوجي بدرجة كبيرة بسبب ضعف الاقبال عليها، وربما لهيمنة التيار الديني السلفي، ولكن تجربة الانتخابات البلدية في المنطقة الشرقية كشفت عن مشكلة متعددة الابعاد، فاضافة الى البعد الطائفي الذي بدا وكأنه محرض انتخابي في منطقة الدمام، فإن محافظة القطيف كانت تعيش تجاذباً من نوع آخر، حيث أفضت الحملات الانتخابية وعملية التصويت والنتائج الى تداعيات اجتماعية مربكة الى حد ما، فقد كشفت النتائج عن هيمنة إتجاه سياسي واجتماعي معين، وهو ما أثار حفيظة لدى بعض الجهات التي رأت بأن التكتل الانتخابي قد أدى الى الهيمنة على الشارع.

وبصرف النظر عن مجريات العملية الانتخابية، مع تأكيدنا واصرارناً على أن الانتخابات البلدية لا يجب أن تمنح حجماً كبيراً فهي تظل خطوة ضئيلة للغاية في مسيرة الاصلاح السياسي، فإن الانفرازات الاجتماعية والسياسية في شكلها الانفعالي الخصامي والتي بدأت بوادرها تلوح في الافق تمثل ظاهرة غير صحية على الاطلاق، ولا تشكل بداية صحيحة لعمل اهلي مؤسساتي او تنظيمي مستقبلي، خصوصاً إذا ما نظر اليها وفق مقاسات الانتخابات البلدية والمكاسب المتدنية منها.

ندرك سلفاً بأن الانتخابات ستؤدي غالياً الى بروز التمزقات الاجتماعية والانتماءات السياسية والايديولوجية المتنوعة، وفي هذا المستوى يبدو الأمر عادياً، ولكن أن تتحول الانتخابات الى فرصة لخلق أجواء خصامية تؤسس لتجاذبات سياسية تضرّ بالمشروع الاصلاحي الوطني، ويلبي أغراض السلطة التي تعيش على قسمة المجتمع وتمزقاته، فإن الأمر بحاجة الى وقفة ومواجهة مع الذات حتى لا يقع الجميع منقسمين في أول فرصة للتوحد.